ماكرون محذراً الأوروبيين: التهديد الروسي على الأبواب

«الوثيقة الاستراتيجية الفرنسية الجديدة» ترسم صورة شاملة عن المخاطر المحدقة

الرئيس الفرنسي ورئيس أركان الجيش الفرنسي ينزلان جادة الشانزليزيه بمناسبة العرض العسكري التقليدي يوم 14 يوليو (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي ورئيس أركان الجيش الفرنسي ينزلان جادة الشانزليزيه بمناسبة العرض العسكري التقليدي يوم 14 يوليو (أ.ف.ب)
TT

ماكرون محذراً الأوروبيين: التهديد الروسي على الأبواب

الرئيس الفرنسي ورئيس أركان الجيش الفرنسي ينزلان جادة الشانزليزيه بمناسبة العرض العسكري التقليدي يوم 14 يوليو (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي ورئيس أركان الجيش الفرنسي ينزلان جادة الشانزليزيه بمناسبة العرض العسكري التقليدي يوم 14 يوليو (أ.ف.ب)

ما بين خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «التعبوي» مساء الأحد أمام أركان الدولة الفرنسية من عسكريين ومدنيين في حدائق وزارة الدفاع بمناسبة العيد الوطني ونشر «الوثيقة الاستراتيجية الوطنية» في اليوم التالي ثم الاستعراض العسكري الكبير في جادة الشانزليزيه والحديث الرئاسي عن القوات المسلحة الفرنسية «الجاهزة للذهاب إلى ساحة المعركة»، خيمت على فرنسا أجواء التعبئة العسكرية حتى كاد يتخيل البعض أن الحرب قادمة أو أن الدبابات الروسية قد وصلت إلى الحدود الفرنسية التي تبعد 2000 كلم عن روسيا.

ولاحظ مراقبون أن ثمة حملة تعبوية معدة بشكل جيد انطلقت منذ منتصف الأسبوع الماضي عبر مستشاري الإليزيه ومن خلال المؤتمر الصحافي «الاستثنائي» لرئيس الأركان الجنرال تييري بروكهارد الذي خصصه للحديث عن الأخطار والتهديدات التي تحيق بفرنسا ومعها بالقارة الأوروبية، وكل ذلك من أجل تهيئة الأجواء لما كان الرئيس ماكرون يتحضر لإعلانه من مقررات من شأنها «حماية فرنسا من الأخطار الوجودية» التي تهددها. وقبل ذلك، اصطبغت زيارة الدولة التي قام بها ماكرون لبريطانيا بطابع عسكري بارز من خلال توافق الطرفين على العمل معا وتنسيق جهودهما الدفاعية، بما في ذلك استخدام قوتهما النووية وتوفير «مظلة نووية» لأوروبا تكون بديلا عن المظلة الأميركية ــ الأطلسية إذا قررت إدارة الرئيس دونالد ترمب ترك أوروبا لمصيرها.

الخطر الروسي القادم

في بداية يناير (كانون الثاني) الماضي، طلب ماكرون تقريرا جديدا من وزارة الدفاع عن الوضع الاستراتيجي لفرنسا وعما يتعين عليها القيام بها لدرء المخاطر التي استجدت منذ عام 2022، أي منذ انطلاق الحرب الروسية على أوكرانيا التي تعدها باريس «علامة فارقة» في النقلة الاستراتيجية التي استجدت، والتي تتحكم إلى حد كبير بمستقبل البلاد لا بل بمصيرها. وتعكس مقدمة الوثيقة الحالة الذهنية العامة التي تهيمن راهنا على الأجواء في فرنسا. وجاء في مقدمة «الوثيقة» الموسعة (90 صفحة) أن «تسارع تدهور البيئة الأمنية الدولية بسبب تزامن النزاعات وتسارعها وتداخلها، كما في أوكرانيا والشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، وبسبب التزامن غير المسبوق للتهديدات العابرة للحدود كالإرهاب والجريمة المنظمة وتداخل التحديات المتمثلة بأزمات الهجرات والأزمات المناخية وفي قطاعي الطاقة والتجارة العالمية».

بيد أن التهديد الأهم، بحسب القراءة الفرنسية، تمثله روسيا التي تقول عنها الوثيقة إنها تعد «التهديد الأكثر مباشرة اليوم وفي السنوات القادمة للمصالح الفرنسية ولشركائها وحلفائها وللاستقرار في الفضاء الأوروبي والأوروبي ــ الأطلسي». وتضيف «الوثيقة» أن موسكو «تواصل حربا من غير وازع تسببت بمقتل وجرح حوالي مليون شخص واستعانت بقوات من كوريا الشمالية للمحاربة على الأرض الأوروبية واعتمدت على إيران للتزود بالعتاد العسكري، كما أنها تلجأ للتهديد باستخدام السلاح النووي بشكل غير مسؤول ومن دون ضوابط». وتشير الوثيقة إلى أن موسكو تواصل تعزيز جيشها وتطور قدرات عسكرية إضافية في إطار أفق زمني قريب لا يتعدى عام 2030. وتستكمل «الوثيقة مضبطة الاتهامات» بحق روسيا التي تعمل على تغيير النظام العالمي الراهن ونسف النموذج الديمقراطي الغربي الليبرالي والإنسانوي من خلال «هجمة آيديولوجية شاملة».

وبشأن إيران، تقول «الوثيقة» إن ممارسات طهران «المزعزعة للاستقرار توفر الظروف لقيام حرب شاملة في الشرقين الأدنى والأوسط» فيما الصين تخطط للتحول لأول قوة عالمية بحلول عام 2050، وهي بذلك تساهم في إحداث تغييرات رئيسية في البيئة الجيوــسياسية والتكنولوجية العالمية». ولأن الوضع على هذه الحال، فإن باريس ترى أن العالم يدخل في عصر جديد حيث «اندلاع حرب واسعة خارج التراب الوطني الفرنسي ولكن في أوروبا، ومن شأنها أن تجر إليها فرنسا وشركاءها الأوروبيين بحلول عام 2030».

صورة للعرض العسكري وتظهر فيها خيالة الحرس الجمهوري بباريس الاثنين (أ.ف.ب)

الاستعداد لحرب قادمة

وإزاء هذا الوضع، ترى فرنسا أنه «من الضروري التحضر لهذه الحرب ويتعين على الأوروبيين أن يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم وردع أي اعتداء روسي على قارتهم». والطريق إلى ذلك، فرنسيا، يمر عبر تعظيم قدرات الجيوش الفرنسية وقاعدة الصناعات الدفاعية والتكنولوجية على المستويين الوطني والأوروبي، بحيث نحدث ثورة حقيقية، إن على صعيد الإنتاج أو على صعيد التمويل. وتعد «الوثيقة» أن الوصول إلى هذا الهدف «يتطلب تعبئة كاملة للأمة بأسرها» لتدارك تبعات أي نزاع يحصل على الأراضي الأوروبية على فرنسا. ومن جانب آخر، تعتبر الوثيقة أن تركيز السياسة الأميركية على الصين وما يعنيه من «التخلي» عن أوروبا هو بمثابة «تحد استراتيجي حقيقي» للقارة القديمة لأن من شأنه أن يوجد «حالة من انعدام اليقين»، وهو ما تعكسه تحولات المواقف الأميركية من حرب أوكرانيا. وخلاصة «الوثيقة» أن أوروبا تقف اليوم على «مفترق تاريخي رئيسي»، إذ تقع عليهم مسؤولية الدفاع عن أمن القارة وردع أي اعتداء {روسي} جديد مهما تكن التحولات الأميركية. وتشدد «الوثيقة» على أهمية بناء الجناح الأوروبي للحلف الأطلسي والارتقاء بزيادة المخصصات الدفاعية وتعزيز قاعدتها الصناعية وكذلك التضامن والتكافل بين الأوروبيين.

وفي خطابه مساء الأحد، انطلق الرئيس ماكرون من الرؤية الشاملة التي توفرها «الوثيقة» ليقنع الفرنسيين بأن عليهم مواجهة الخطر القادم وعدم التردد في بذل التضحيات «دفاعا عن حريتهم» في كافة المجالات. وبنظره، فإن «حريات الشعوب تهاجمها (الدول ذات النزعات) الإمبريالية وتلك الساعية لضم أراضي (الآخرين، فيما قواعد الحرب يتم محوها بالقفز فوق القانون الدولي والقضاء على آمال السلام في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا...». وتوجه ماكرون إلى الأوروبيين قائلا: «لنكن واضحين: يتعين علينا نحن الأوروبيين، من الآن فصاعدا، أن نضمن أمننا بأنفسنا». ومفهوم الأمن، وفق ماكرون، مأخوذ بمعناه الشامل: السياسي، النظامي، الديمقراطي، القيمي، الاقتصادي... كذلك، فإنه يستخدم التهديد بالحرب بمعناه الواسع بحيث يضم الحرب بالمفهوم الكلاسيكي والأخرى الهجينة والدعائية والآيديولوجية وحرب المعلومات والشائعات. بيد أنه يركز على «التهديد الروسي على حدود أوروبا ومن القوقاز وحتى القطب الشمالي، وهو تهديد جاهز ومنظم ودائم ويجب أن نكون قادرين على التعامل معه لأنه يحدد مستقبلنا الأوروبي مع الحاجة إلى تنظيم أنفسنا للرد عليه وردعه من أجل الحفاظ على السلام». ولا ينسى ماكرون تهديد السباق التكنولوجي والذكاء الاصطناعي والحرب الإلكترونية وحرب الفضاء وقعر المحيطات، وكلها تشكل تحديات رئيسية بالنسبة لفرنسا ومعها لأوروبا.

الرئيس الفرنسي يلقي خطاباً بحضور رئيس الحكومة ووزير الدفاع في باريس بمناسبة العيد الوطني (أ.ف.ب)

وإزاء هذا المشهد، يؤكد ماكرون أنه يتعين على فرنسا أن تكون قوية وهي قادرة على ذلك. وقال: «إذا أردت أن تكون حرا في هذا العالم، فعليك أن تكون مهابا. ولكي تكون مهابا، عليك أن تكون قويا». ولكي تكون فرنسا حرة، فإنه يتعين عليها اتخاذ «قرارات تاريخية لمواجهة التهديدات الوجودية ولدرء المخاطر التي تهدد حريتها وحرية مواطنيها». والطريق إلى ذلك تمر عبر «التعبئة العامة» التي تعني أن «تقوم الأمة بكاملها بجهد من أجل الدفاع عن جميع الفرنسيين»، مذكرا بما يتوجب على كل قطاع {عسكري وسياسي واقتصادي ومجتمعي ورسمي وخاص} مع لحظ دور خاص لشريحة الشباب في الدفاع عن الوطن مصالح الأمة.

بيد أن ذلك كله يحتاج إلى تمويلات إضافية. وحرص ماكرون على التذكير بأن الميزانية الدفاعية التي كانت بحدود 32 مليار يورو في عام 2017، أي سنة وصوله إلى قصر الإليزيه، سوف تتضاعف قيمتها مع خروجه منه في عام 2027 بحيث تصل إلى 64 مليار يورو وهي السقف الذي كان مقررا سابقا لعام 2030. لكن ماكرون قرر تسريع الهدف من خلال تخصيص مبلغ إضافي من 3.5 مليار يورو لميزانية الدفاع في عام 2026 و3 مليارات للعام التالي. لكن السؤال يبقى: كيف الحصول على هذه المبالغ فيما الحكومة برئاسة فرنسوا بايرو تجهد للحصول على توفير 40 مليار يورو من ميزانية العام المقبل؟

دبابات «لوكلير» في العرض العسكري (أ.ف.ب)

السؤال يثير الحيرة. فماكرون يرفض الاستدانة ويراهن على النمو الاقتصادي لزيادة مداخل الدولة. وإذا كان يتحاشى الحديث المباشر عن فرض ضرائب جديدة، إلا أنه يوحي بذلك من خلال قوله إنه «مطلوب من الجميع جهد محدود ومؤقت للمحافظة على أمننا واستقلالنا»، ما يوحي بأنه يتحدث عن ضرائب إضافية سيتم فرضها.

هل نجح ماكرون في إقناع مواطنيه؟ السؤال مطروح. والإجابة تختلف من جهة إلى أخرى. لكن الثابت أن ماكرون يجهد ليزرع في أذهان مواطنيه أن زمن السلام المؤكد الذي عرفته أوروبا منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية قد اندثر بلا رجعة وأنه يتعين التكيف مع المعطيات الجديدة. ولذا ثمة ثمن يجب أن يدفع وواجب الجميع أن يساهم فيه.


مقالات ذات صلة

ماكرون يمضي يومين من عطلة الميلاد مع القوات الفرنسية في الإمارات

أوروبا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (إ.ب.أ)

ماكرون يمضي يومين من عطلة الميلاد مع القوات الفرنسية في الإمارات

يتوجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى دولة الإمارات الأحد لقضاء يومين من عطلة الميلاد مع القوات الفرنسية الموجودة هناك وللقاء المسؤولين في هذا البلد.

«الشرق الأوسط» (باريس )
أوروبا بريجيت ماكرون زوجة الرئيس الفرنسي تصل إلى مراسم إحياء الذكرى العاشرة لهجمات إرهابية في باريس... 13 نوفمبر 2025 (أ.ب)

«قذرات غبيات»… بريجيت ماكرون تأسف إذا آذت نساءً ضحايا عنف جنسي

قالت بريجيت ماكرون، زوجة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنها تشعر بـ«الأسف» إذا كانت تصريحاتها قد آذت نساءً تعرّضن للعنف الجنسي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا صورة جماعية للقادة الأوروبيين المجتمعين في برلين لإجراء محادثات حول كيفية إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية (أ.ف.ب)

باريس تطالب بضمانات أمنية قوية لكييف قبل بحث مسألة الأراضي

جدّدت باريس مطالبتها بتوفير «ضمانات أمنية قوية» لكييف قبل البحث في مسألة الأراضي الأوكرانية التي تطالب موسكو بالتنازل عنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء (واس)

محمد بن سلمان يبحث مع ماكرون مستجدات الأوضاع الإقليمية والتعاون الثنائي

بحث ولي العهد السعودي مع الرئيس الفرنسي تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة للتعامل مع المستجدات بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أفريقيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب) play-circle

فرنسا ستعزز دعمها لنيجيريا في مواجهة «التحديات الأمنية»

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستعزز «الشراكة» مع نيجيريا «في مواجهة مختلف التحديات الأمنية، وخصوصاً التهديد الإرهابي في شمال البلاد».

«الشرق الأوسط» (باريس)

كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي

صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
TT

كييف تنقل معركة المسيرات إلى البحر المتوسط وتستهدف ناقلة للنفط الروسي

صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)
صورة نشرها جهاز الأمن الأوكراني للحظة استهداف ناقلة في البحر الأسود (أ.ف.ب)

في ضربة هي الأولى من نوعها، نقلت كييف معركة المسيرات إلى «المياه المحايدة» في البحر الأبيض المتوسط. وأفاد مصدر أوكراني أن «جهاز الأمن استخدم طائرات مسيرة لاستهداف ناقلة نفط تابعة لما يُسمى الأسطول الشبح الروسي، هي الناقلة قنديل». وأكد أن «روسيا كانت تستخدم هذه الناقلة للالتفاف على العقوبات» وتمويل «حربها ضد أوكرانيا».

وأعلن المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لـ«فرانس برس»، أن «عملية جديدة خاصة لا سابق لها» نفّذت على مسافة نحو ألفي كيلومتر من أوكرانيا. ولم يقدّم أيّ تفاصيل إضافية بشأن الموقع الذي نفّذت منه العملية والبلدان التي حلّقت فوقها المسيرات.

مجموعة من الأشخاص يقفون بجوار طائرة مسيرة يعتقد أنها روسية من نوع «أورلان 10» سقطت في قوجه إيلي بشمال غربي تركيا (وكالة الأنباء التركية - أ.ف.ب)

وانطلقت هذه السفينة، التي ترفع علم سلطنة عمان، من سيكا في الهند باتّجاه أوست - لوغا في روسيا، بحسب بيانات «بلومبرغ». ويشير مسارها الذي يتطابق وصور الأقمار الاصطناعية التي اطلعت عليها وكالة «فرانس برس» إلى أنها التفت لتعود أدراجها، ليل الخميس - الجمعة، عندما كانت على مسافة أكثر من 250 كيلومتراً من السواحل اليونانية والليبية. وصباح الجمعة، بدا أن السفينة كانت تتّجه شرقاً. وكانت السفينة فارغة وقت الضربة، التي لم تشكّل أيّ تهديد للبيئة، بحسب المصدر الذي أشار إلى تعرّضها «لأضرار جسيمة» حالت دون «مواصلتها أهدافها».

النيران تتصاعد من ناقلة نفط بعد أن هزت انفجارات سفينتين من أسطول الظل الروسي في البحر الأسود بالقرب من مضيق البوسفور التركي (رويترز)

وقال المصدر: «ينبغي للعدوّ أن يفهم أن أوكرانيا لن تتوقّف، وستوجّه إليه الضربات أينما كان في العالم». وأضاف مسؤول في ‌جهاز الأمن ‌الأوكراني، ⁠الجمعة، ​إن ‌طائرات مسيرة وجّهت ضربة أخرى لمنصة نفط روسية ⁠مملوكة ‌لشركة «لوك أويل» في بحر قزوين. وقال إن هذه ​ثالث منصة نفطية ⁠تهاجمها أوكرانيا في بحر قزوين خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وكانت تركيا قد حذّرت روسيا وأوكرانيا بضرورة توخي مزيد من الحذر بشأن أمن البحر الأسود، بعدما أسقطت قواتها الجوية مسيرة دخلت المجال الجوي التركي، بحسب ما أعلنته وزارة الدفاع التركية، الخميس. ودفعت هذه الهجمات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى التحذير الأسبوع الماضي، من تحول البحر الأسود إلى «منطقة مواجهة».

وذكرت تقارير إعلامية أن السلطات التركية فتحت تحقيقاً الجمعة بشأن طائرة غير مأهولة تحطمت شمال غربي تركيا بعد أيام من إسقاط البلاد لمسيرة أخرى دخلت المجال الجوي من البحر الأسود. وأوضحت قناة «إن تي في» الإخبارية أن سكان ولاية قوجه إيلي اكتشفوا طائرة غير مأهولة في أحد الحقول، ما دفع إلى فتح تحقيق رسمي بشأن الحطام. وما زال مصدر المسيرة غير واضح إلا أن بعض التقارير الإعلامية أشارت إلى أنها روسية الصنع.

وأكدت وزارة الداخلية التركية، الجمعة، أنها ‌عثرت ‌على ‌طائرة مسيرة ⁠روسية ​المنشأ ‌من طراز «أورلان-10» في ولاية قوجه ⁠إيلي، بشمال غربي ‌البلاد. وذكرت الوزارة أن التقييمات ‍الأولية تشير إلى أن الطائرة المسيرة ​كانت تستخدم لأغراض الاستطلاع والمراقبة، ⁠مضيفة أن التحقيق في الواقعة لا يزال جارياً.

وجاء هذا الإسقاط عقب سلسلة من الضربات الأوكرانية ضد ناقلات «أسطول الظل» الروسي قبالة الساحل التركي، ما زاد من المخاوف في تركيا بشأن خطر امتداد الحرب في أوكرانيا إلى المنطقة.

ناقلة نفط روسية تابعة لشركة «روسنفت» تعبر مضيق البوسفور في إسطنبول (أرشيفية - رويترز)

وتم إرسال طائرات مقاتلة من طراز «إف-16»، يوم الاثنين الماضي، بعدما اقتربت مسيرة «خارجة عن السيطرة» آتية من البحر الأسود، من المجال الجوي التركي. وأفاد مسؤولون بإسقاط المسيرة في منطقة آمنة لحماية المدنيين وحركة الطيران. وحضّت الحكومة التركية بعد ذلك روسيا وأوكرانيا على الالتزام بأكبر قدر من الحذر فوق البحر الأسود.

ويأتي الحادث في أعقاب غارات شنّتها أوكرانيا مؤخراً على ناقلات تابعة لـ«أسطول الظل» الروسي قبالة السواحل التركية، إلى جانب تحذيرات من مسؤولين أتراك بشأن خطر وصول حرب أوكرانيا إلى المنطقة. وقالت وزارة الدفاع التركية: «نظراً للحرب القائمة بين أوكرانيا وروسيا، تم تحذير نظرائنا بضرورة توخي مزيد من الحذر من الجانبين، بشأن الوقائع التي قد تؤثر سلباً على أمن البحر الأسود». ولم تكشف السلطات التركية عن مصدر المسيرة.

وفي الأسابيع الأخيرة، أعلنت أوكرانيا مسؤوليتها عن هجمات بمسيّرات بحرية ضد ناقلات نفط مرتبطة بروسيا في البحر الأسود. كما هاجمت مواني روسية، بما فيها نوفوروسييسك، ما أجبر محطة نفطية رئيسية تقع قربه على تعليق عملياتها في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني). من جهتها، تقصف روسيا بانتظام ميناء أوديسا الأوكراني حيث تضررت سفن نقل تركية في الأيام الأخيرة.


أوكرانيا تقصف بالمُسيرات ناقلة نفط روسية للمرة الأولى في البحر المتوسط

يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
TT

أوكرانيا تقصف بالمُسيرات ناقلة نفط روسية للمرة الأولى في البحر المتوسط

يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)
يعمل رجال الإنقاذ الأوكرانيون بموقع غارة روسية استهدفت مبنى خاصاً في زابوروجيا (إ.ب.أ)

أعلن مسؤول في جهاز الأمن الأوكراني، اليوم الجمعة، أن أوكرانيا قصفت بالطائرات المُسيرة ناقلة نفط ضِمن ما يسمى ​أسطول الظل الروسي في البحر المتوسط، وذلك في أول هجوم من نوعه، مما يعكس ازدياد حدة هجمات كييف على شحنات النفط الروسية.

وقال المسؤول، في بيان، إن الناقلة (قنديل) لم تكن محملة بالنفط عندما أصابتها طائرات مُسيرة في المياه المحايدة على بُعد أكثر من 2000 ‌كيلومتر من أوكرانيا، ‌وأن الهجوم ألحق بها ‌أضراراً جسيمة.

وأظهرت ⁠بيانات ​موقع ‌«مارين ترافيك» رصد ناقلة النفط قبالة الساحل الليبي، الساعة 13:30 بتوقيت غرينتش. ولم يفصح المسؤول الأوكراني، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، عن الموقع الدقيق للناقلة عند الهجوم أو توقيته.

وأظهرت لقطات من أعلى قدَّمها المصدر انفجاراً صغيراً على سطح الناقلة. وتحققت «رويترز» ⁠من أن السفينة التي ظهرت في المقطع المصوَّر هي الناقلة ‌قنديل، لكن لم يتسنّ بعدُ التحقق من توقيت أو موقع الهجوم.

ودأبت أوكرانيا على مهاجمة مصافي النفط الروسية على مدى عاميْ 2024 و2025، لكنها وسّعت حملتها، بشكل واضح، في الأسابيع القليلة الماضية، إذ قصفت منصات نفط في بحر قزوين، وأعلنت مسؤوليتها عن هجمات بطائرات ​مُسيرة على ثلاث ناقلات نفط في البحر الأسود.

وتلك الناقلات، بالإضافة إلى الناقلة قنديل ⁠التي ترفع عَلم سلطنة عمان، من بين ما يسمى أسطول الظل الروسي، وهي سفن غير خاضعة للرقابة تقول كييف إنها تساعد موسكو على تصدير كميات كبيرة من النفط وتمويل حربها في أوكرانيا رغم العقوبات الغربية.

وشهدت موانٍ روسية سلسلة من الانفجارات الغامضة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2024.

ولم تؤكد أوكرانيا أو تنفِ تورطها في هذه الانفجارات، لكن مصادر أمنية بحرية تشتبه في وقوف كييف وراءها. وجرى تنفيذ بعض ‌الهجمات باستخدام ألغام لاصقة على متن سفن في البحر المتوسط.


الجيش الألماني يفتح تحقيقاً في تشغيل مقطع محظور من نص النشيد الوطني

جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)
جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)
TT

الجيش الألماني يفتح تحقيقاً في تشغيل مقطع محظور من نص النشيد الوطني

جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)
جنود ألمان في برلين (أرشيفية - رويترز)

أطلق الجيش الألماني تحقيقاً بعد قيام منسق أغانٍ (دي جيه) بعزف المقطع الأول من النشيد الوطني لألمانيا والمعروف بـ«أغنية ألمانيا» خلال حفلة عيد الميلاد في ثكنة بمدينة دليتسيش.

وقال متحدث باسم الجيش لوكالة الأنباء الألمانية إن «تحقيقات تأديبية شاملة» بدأت وستشمل مقدم الخدمة المدني. وأوضح أن «تشغيل نص المقطع الأول من النشيد الألماني لا يتوافق بأي شكل من الأشكال مع قيمنا».

وكان الشاعر أوغوست هاينريش هوفمان فون فالرسليبن (1798 - 1874) قد كتب نص «أنشودة الألمان» في عام 1841، واستخدم النازيون في القرن العشرين المقطع الأول من النشيد «ألمانيا، ألمانيا فوق كل شيء».

ويقتصر النشيد الوطني المعتمد اليوم على المقطع الثالث الذي يتضمن كلمات «الوحدة والعدل والحرية». ومع ذلك، فإن المقاطع الأخرى ليست محظورة قانونياً.

وأضاف المتحدث باسم القوات البرية: «في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2025، وخلال حفلة عيد الميلاد في ثكنة مدرسة صف الضباط التابعة للقوات البرية في دليتسيش، خالف منسق موسيقي مدني التكليف وشغّل المقطع الأول من (أنشودة الألمان)».

وأوضح أن قائد مدرسة صف الضباط أمر فور وقوع الحادث بتشغيل النشيد الوطني، كما أنه أوضح على نحو لا لبس فيه الخطأ في تشغيل المقطع الأول، وأنه أبلغ رؤساءه بالواقعة في المساء نفسه.

وحضر الاحتفال الذي أقيم في المدينة الواقعة في ولاية سكسونيا بشرق ألمانيا أكثر من ألف ضيف.