«غود سايف ذا كوين» تُحيي روح فريدي ميركوري في لبنان وتستحضر جنون الروك

مهرجان «أعياد بيروت» يُضيء السماء بمشهدية تُضاهي مسارح العالم

يُستعاد صوت فريدي ميركوري فتُضاء الذاكرة (الشرق الأوسط)
يُستعاد صوت فريدي ميركوري فتُضاء الذاكرة (الشرق الأوسط)
TT

«غود سايف ذا كوين» تُحيي روح فريدي ميركوري في لبنان وتستحضر جنون الروك

يُستعاد صوت فريدي ميركوري فتُضاء الذاكرة (الشرق الأوسط)
يُستعاد صوت فريدي ميركوري فتُضاء الذاكرة (الشرق الأوسط)

تحت سماء بيروت التي لطالما عرفت كيف تُنجِب من جراحها مواسم فرح، بدا القمر بدراً كاملاً، مُشرِّعاً نوره على مدينة لم تكسرها الأيام. على مسافة قريبة من بحر يُعانق الأرصفة وأضواء تتراقص فوق المياه، اجتمع آلاف من مُحبّي موسيقى «الروك آند رول» ليستعيدوا بصوت واحد وزمن واحد وأمل مُشترك، إرثاً موسيقياً يتخطّى حدود الذاكرة ويخترق أعمق طبقات الوجدان.

صوتٌ واحد نبضٌ واحد وسماءٌ تردّد صدى «كوين» (الشرق الأوسط)

لم يشهد ليل الخميس مجرَّد حفل موسيقي. فما تقدَّم كان طَقْساً روحياً تدفَّقت فيه المشاعر مع كلّ نغمة وكلّ ضربة إيقاع، واستيقظت فيه الروح، وانتفضت القلوب، وتوحَّد الجمهور في حالة جماعية من النشوة والاندفاع. هناك، على مسرح مهرجان «أعياد بيروت»، حضرت فرقة «غود سايف ذا كوين» للمرّة الأولى إلى لبنان من بعيد؛ من أرض الأرجنتين، لتؤدّي ما هو أبعد من أغنيات قديمة. شمَلَ الأداء استحضار روح فريدي ميركوري وأسطورة فرقة «كوين»، فأحيت في بيروت ذكرى صاخبة وصادقة، عاشتها أجيال وما زالت تتوارثها القلوب.

في بيروت تردَّدت تلك الأغنيات الخالدة (الشرق الأوسط)

وُلدت فرقة «غود سايف ذا كوين» في مدينة روزاريو الأرجنتينية، ومنذ تأسيسها عام 1998، تبنَّت إحياء روح «كوين» بكلّ ما فيها من جنون وأناقة وحضور طاغٍ. أرادت من هذا الالتحام أن يُشكّل مشروعاً فنّياً استعاد أدق تفاصيل العروض الحيّة التي اشتهرت بها الفرقة البريطانية، من الملابس والصوت، إلى الإيماءات المسرحية التي طبعت فريدي ميركوري، وجعلته أيقونة لا تتكرّر. وسرعان ما خطفت الأنظار في بلادها وخارجها، لتُصبح واحدة من أبرز الفرق في العالم التي تُجيد النفخ في رماد الأساطير لتُعيدها حيّة على المسرح.

في حضرة الروك تتهاوى الأقنعة وتعلو الحقيقة (الشرق الأوسط)

في الليلة البيروتية، أطلَّ المُغنّي بابلو بادين مُحمَّلاً بالرموز والإشارات، كما لو أنه يوزّع أسراراً ورسائل خفيةً على الجمهور. فالصاعقة التي زيَّن بها ملابسه ليست اختياراً عفوياً. كانت رمزاً يُعلن من خلاله تمرّد الروح وطاقة الإنسان الخام؛ وينتصر لذلك المزيج من الألم والقوة، ومن الضجيج والتأمُّل، ومن الحضور المُفاجئ الذي يستحيل تجاهله. كانت الصاعقة اختزالاً لنبض الصدمة التي تُحدثها موسيقى «الروك آند رول» في الوجدان، وللصوت الداخلي الذي يهزّ الإنسان ليوقظه ويُحرّضه على أن يكون نفسه، من دون أقنعة ومساومات.

من الأرجنتين إلى بيروت... الروح واحدة حين تنفجر الموسيقى (الشرق الأوسط)

بالتوازي مع رمز الصاعقة، حمل بابلو بادين أيضاً إشارة «الرجل الخارق» (سوبرمان)، ليُذكّر الجميع بأنّ الإنسان يمكنه أن يتحدَّى عجزه، وأنّ في داخله رغبة عميقة في تجاوز جراحه والتحليق فوق ألمه، والاستمرار في التوهُّج حتى في لحظات الانكسار. بدت الرموز رسائل غير مباشرة من المُغنّي إلى الجمهور، ومن الموسيقى إلى الروح الإنسانية. نداء يُردّد بصوت مسموع: لا تخجلوا من جراحكم ولا تتراجعوا أمام ضعفكم. احتفلوا بها وامنحوها معنىً، فهي التي تجعل منكم بشراً حقيقيين.

تلك الليلة لم نُصفّق فحسب... بل تنفّسنا بصوتٍ مرتفع (الشرق الأوسط)

وجاءت الإضاءة في الأمسية لتكون عنصراً أساسياً في رَسْم معالم الروح الموسيقية، فشكَّلت الأنوار الملوَّنة انعكاساً مباشراً للأصوات، وانسياباً بصرياً يُعادل في تأثيره عزف الغيتار، وهدير الطبول، وهمس البيانو، وحشرجة الصوت. تراقصت هذه الأضواء بتناغمٍ مدهش، وعانقت الجمهور مثل يدٍ دافئة تُعانق كل روحٍ وتُلامس معها إحساساً عميقاً بالاندماج مع اللحظة والآخرين. وما شهده الجمهور من تفاعل بين الإضاءة والموسيقى في هذه الليلة، لم يكن أقلّ إبهاراً من حفلات الروك العالمية الكبرى.

الصاعقة ترجمة لجمر الداخل (الشرق الأوسط)

راح بابلو بادين يتجلَّى على المسرح بأداءٍ حرّ مُتفلّت من الجاذبية التقليدية للحركة. تنقَّل بجسد خفيف كأنه مصنوع من الهواء، يسرق من اللحظة حركات مستوحاة من روح ميركوري، لكنه يُعيد خلقها وفق إحساسه ومزاجه الفنّي. أغمض عينيه كأنه ينادي أصواتاً خفيّة من داخله، ثم فتح ذراعيه بكلّ سخاء وامتنان، فمنح الجمهور كلّ ما لديه من شغف وانفعال.

وبين الأغنية والأخرى، وبين الضوء والصوت، شعر الحاضرون بتجربة روحية خاصة. فالآتون إلى «أعياد بيروت» حضروا حفلاً تجاوز كونه استعادة لفرقة موسيقية عظيمة. الحقيقة أنه استعادة للذات وللهوية المتفلّتة من الانتماءات الضيّقة، واحتفاء بالتناقضات البشرية التي تجعل الحياة ممكنة. كانت ليلة للتمرُّد، وللحبّ بكلّ ما فيه من هشاشةٍ وقوة، وللحرّية بتعقيداتها وتحدّياتها. كما كانت لحظة اعترافات علنية جماعية، احتفالاً بالضعف والصلابة، بالألم والأمل، بالسقوط والنهوض.

«غود سايف ذا كوين» أعادت خلق الحلم (الشرق الأوسط)

ففي الأمسية، أعادت «غود سايف ذا كوين» ولادة روح «كوين» في بيروت من جديد. ففرقة «كوين»؛ تلك الثورة الوجودية، والظاهرة الإنسانية والفنّية، أرادت التأكيد دائماً على أنّ الموسيقى حين تكون صادقة، تستطيع أن تُصبح جناحاً يُحرّر الروح من قيودها، فتمنح الإنسان شعوراً بالحرّية والانتماء في آنٍ واحد.

كانت بيروت شاهدة على كلّ هذا، وكان الجمهور شريكاً حقيقياً في صناعة هذا الجمال، في ليلة أثبتت مرّة أخرى أنّ المدينة التي لا تستسلم، قادرة دائماً على إعادة إنتاج لحظات من الفرح الحقيقي، مهما تعاظمت الأزمات وبدت السماء لا تُطال.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة (الشرق الأوسط)

«أسبوع الرياض الموسيقي» يحتفي بالمواهب الإبداعية في الفضاءات العامة

يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات Fringe وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة خلال الفترة من 7 إلى 10 ديسمبر

يوميات الشرق شعار مسابقة الأغنية الأوروبية 2025 يظهر على لافتة (د.ب.أ)

مع التصويت على مشاركة إسرائيل... مسابقة «يوروفيجن» تواجه اختباراً كبيراً

تواجه مسابقة الأغنية الأوروبية «لحظة فاصلة» يوم الخميس عندما يصوت أعضاء الهيئة المنظمة للمسابقة على ما إذا كان بإمكان إسرائيل المنافسة في نسخة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (جنيف)
«ذا فويس 6» والمدرّبون ناصيف زيتون وأحمد سعد ورحمة رياض (إنستغرام)

مدرّبو «ذا فويس»: الموسم السادس يحمل مواهب استثنائية

كانت لـ«الشرق الأوسط» لقاءات مع المدرّبين الثلاثة خلال تسجيل إحدى حلقات الموسم السادس، فأبدوا رأيهم في التجربة التي يخوضونها...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق فكرة عقد المؤتمر جاءت استجابة لاحتياجات المشهدين الفني والبحثي في العالم العربي (هيئة الترفيه)

أول مؤتمر للموسيقى العربية في الرياض يوصي بتوثيق وصون التراث الشرقي

أوصى أول مؤتمر للموسيقى العربية عُقد في الرياض بأهمية تنفيذ مشروع عربي شامل، لتوثيق المقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية، وفق منهجيات علمية دقيقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
TT

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)

ساعات من الطرب والحماسة شهدتها أولى حفلات برنامج «صدى الوادي» في وادي صفار، مع صقر الأغنية الخليجية رابح صقر، والفنان ناصر نايف، ضمن فعاليات موسم الدرعية.

وانطلقت، الخميس، أولى حفلات برنامج «صدى الوادي»، في مشهد جمع بين القيمة التاريخية للمكان والإيقاع الفنّي الذي يُقدّمه موسم الدرعية 25-26، ضمن برامجه التي تمزج بين التاريخ والتراث والسياحة والترفيه.

وبدأت الأمسية على المسرح المفتوح بتصميمه الذي ينسجم مع الطبيعة الآسرة لوادي صفار شمال غربي مدينة الرياض، مع الفنان السعودي الشاب ناصر نايف الذي تفاعل معه الجمهور وهو يؤدّي أغنياته المُحبَّبة.

وتصاعدت حماسة الحضور مع ظهور صقر الأغنية الخليجية رابح صقر الذي لفت الأنظار بأدائه في عدد من أغنياته، أبرزها: «يوم ما أنا ضحّيت ما أقصد جحود»، و«حبيبي اللي همّه رضاي»، إلى جانب أداء ناصر الاستثنائي في «نسايم نجد»، و«خلي الليالي سعادة»، ومجموعة أخرى من الأغنيات التي أشعلت شتاء وادي صفار في أولى حفلات موسم الدرعية هذا العام.

الفنان ناصر نايف خلال الحفل (موسم الدرعية)

الفنان رابح صقر خلال الحفل (موسم الدرعية)

ويأتي اختيار وادي صفار لتنظيم الأمسية لما يمثّله من قيمة تاريخية وموقع حيوي كان على مدى العصور مَعْبراً للمسافرين وقوافل التجارة، وملتقى اجتماعياً لأهالي الدرعية، قبل أن يتحوَّل اليوم إلى مسرح مفتوح يحتضن فعاليات ثقافية وفنية تعكس حضور الموسم وتنوّع عروضه. ويندرج هذا الحفل ضمن برنامج موسيقي واسع يشارك فيه فنانون من أبرز الأسماء العربية؛ من بينهم: فنان العرب محمد عبده، وقيثارة العرب نوال، وراشد الفارس، وأميمة طالب، وفنانو حفل اليوم، الجمعة، عايض يوسف، وزينة عماد، بالإضافة إلى مجموعة من المواهب السعودية الممّيزة.

أجواء تراثية وطربية في ليالي «صدى الوادي» (موسم الدرعية)

ويُقدّم برنامج «صدى الوادي» سلسلة من الحفلات التي تستضيف أبرز الفنانين في العالم العربي، عبر إثراء التجربة الفنية لزوار موسم الدرعية من خلال عروض موسيقية متنوّعة تشمل السامري وفنون الأداء الجماعي، وتُبرز جماليات المكان بتكوينه الطبيعي وشواهده التاريخية.

وتشمل تفاصيل «صدى الوادي» تجربة متكاملة تبدأ باستقبال الزوار بطابع الضيافة السعودية، مروراً بعروض شعرية وغنائية، وصولاً إلى مرافق فنّية ومعارض تفاعلية، من بينها معرض السامري الذي يُقدّم سرداً بصرياً وثقافياً لتراث فنون الأداء النجدية عبر تقنيات رقمية وآلات موسيقية معروضة، بما يعزّز دور البرنامج في الحفاظ على الفنون التقليدية وإبرازها بأسلوب معاصر.


أداة مبتكرة تُساعد ضعاف البصر على البرمجة

الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
TT

أداة مبتكرة تُساعد ضعاف البصر على البرمجة

الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)
الأداة الجديدة تمنح المبرمجين من ضعاف البصر استقلالية في التصميم (جامعة تكساس)

طوّر فريقٌ بحثي دولي، بقيادة جامعة تكساس الأميركية، أداةً مدعومة بالذكاء الاصطناعي تُساعد المبرمجين من ضعاف البصر على إنشاء النماذج ثلاثية الأبعاد وتحريرها والتحقق منها بشكل مستقل.

وأوضح الباحثون أن هذه الدراسة تفتح الباب أمام إتاحة أدوات الإبداع التكنولوجي للأشخاص ضعاف البصر، وهو مجال لا يزال محدوداً جدّاً حتى الآن. وقد قُدّمت النتائج، الخميس، خلال مؤتمر «ASSETS 2025» الدولي للحوسبة في دنفر بالولايات المتحدة.

ويعاني المبرمجون ضعاف البصر تحديات كبيرة في العمل على الأكواد والنماذج الرقمية، إذ تعتمد أدوات برمجة تقليدية عدّة على الرؤية المباشرة للشاشات والنماذج ثلاثية الأبعاد.

ووفقاً للفريق، فإن نحو 1.7 في المائة من المبرمجين يعانون ضعف البصر، ويستخدمون أدوات مثل قارئات الشاشة وشاشات برايل التي تتيح لهم قراءة الأكواد بطريقة «برايل».

وجاء اهتمام الفريق في تطوير الأداة بعد ملاحظتهم التحديات التي واجهها زميلهم الكفيف أثناء دراسة النمذجة ثلاثية الأبعاد، إذ كان يحتاج دائماً إلى مساعدة الآخرين للتحقّق من عمله.

وتحمل الأداة المبتكرة اسم «A11yShape»، وتهدف إلى تمكين ضعاف البصر من تحرير النماذج والتحقّق منها دون الحاجة إلى مساعدة أشخاص مبصرين، ما يفتح أمامهم فرصاً أوسع للمشاركة في المشروعات التقنية والإبداعية بشكل مستقل.

وتعتمد الأداة على التقاط صور رقمية متعددة الزوايا للنماذج التي يُنشئها المبرمجون في محرر الأكواد «OpenSCAD»، ومن ثمَّ يستخدم النظام نموذجَ الذكاء الاصطناعي «GPT-4o» لتحويل الأكواد والصور إلى وصفٍ نصّي دقيق يمكن للمستخدم فهمه بسهولة.

كما تقوم الأداة بمزامنة التغييرات بين الكود والوصف والنموذج ثلاثي الأبعاد، وتوفّر مساعداً ذكياً شبيهاً بـ«روبوت دردشة» للإجابة عن أسئلة المستخدم المتعلّقة بالتصميم والتحرير.

وبذلك تتيح الأداة للمبرمجين من ضعاف البصر العملَ بشكل مستقل على تصميم النماذج ثلاثية الأبعاد من دون الحاجة إلى مساعدة شخص مبصر، ما يُعزّز فرصهم في الإبداع والمشاركة الفعلية في المشروعات التقنية.

واختبر الباحثون الأداة مع 4 مبرمجين من ضعاف البصر، وتمكّنوا بفضلها من إنشاء وتعديل نماذج ثلاثية الأبعاد لروبوتات وصواريخ وطائرات هليكوبتر بشكل مستقل.

وقال الدكتور ليانغ هي، الأستاذ المساعد في علوم الحاسوب بجامعة تكساس والباحث الرئيسي في الدراسة: «هذه خطوة أولى نحو تمكين الأشخاص ضعيفي البصر من الوصول إلى أدوات الإبداع، بما في ذلك النمذجة ثلاثية الأبعاد».

وأضاف، عبر موقع الجامعة، أن فريقه سيواصل تطوير الأدوات لدعم المبرمجين ضعيفي البصر في مهام إبداعية أخرى، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد وتصميم الدوائر الإلكترونية، بهدف تمكينهم من العمل بشكل مستقل في هذه المجالات.


الرياض تجمع 60 متحدّثاً عالمياً بمنصة فلسفية تبحث جذور الفكر بين الشرق والغرب

مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
TT

الرياض تجمع 60 متحدّثاً عالمياً بمنصة فلسفية تبحث جذور الفكر بين الشرق والغرب

مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)
مدارس واتجاهات فلسفية عدّة ضمن برنامج متنوّع (هيئة الأدب)

أكد الدكتور عبد اللطيف الواصل، رئيس هيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية، أنّ المرحلة الراهنة تتطلَّب استعادة دور الفلسفة في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتقدَّم فيه المادية، لتُعيد طرح الأسئلة الكبرى، وتُقدّم قراءة أعمق للتحوّلات التي يشهدها العالم.

وتابع الواصل، خلال افتتاح أعمال «مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025» في نسخته الخامسة، أنّ الرياض باحتضانها هذا الحدث المعرفي تُرسّخ مكانتها فضاءً حيّاً يتقاطع فيه عمق الفكرة مع حيوية التجديد، وتمنح الفكر موقعاً فاعلاً في صياغة الرؤى والأسئلة المعاصرة.

يشارك في المؤتمر 60 متحدّثاً عالمياً من الفلاسفة والمفكرين والباحثين (هيئة الأدب)

وتتواصل، منذ الخميس، نقاشات غنيّة ضمن أعمال المؤتمر الذي تُنظّمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في مكتبة الملك فهد الوطنية، تحت عنوان «الفلسفة بين الشرق والغرب: المفاهيم، والأصول، والتأثيرات المتبادلة».

ويشارك في المؤتمر 60 متحدّثاً من الفلاسفة والمفكرين والباحثين من مختلف دول العالم، يمثّلون مدارس فلسفية متعددة، مما يمنح البرنامج تنوّعاً معرفياً يُعزّز مكانته منصةً دوليةً للحوار وتبادل الخبرات.

نقاشات مُعمَّقة ضمن ورشات العمل المُصاحبة للمؤتمر (هيئة الأدب)

وتشهد الفعالية أكثر من 40 جلسة حوارية تتناول جذور الفلسفة الشرقية والغربية، وطرائق التفكير، ومسارات التأثير المتبادل بين المدارس الفكرية، إلى جانب مناقشة قضايا معاصرة تتعلَّق بالمعنى الإنساني، والتحوّلات الثقافية، ودور الفلسفة في قراءة الواقع.

هذا الزخم العلمي يمنح الباحثين والمهتمّين رؤى متنوّعة ومقاربات موسَّعة، تُعمّق النقاشات الفلسفية وتُطوّر فهماً أوسع للأسئلة الكبرى في الفكر الإنساني.

مؤتمر الرياض عزَّز مكانته منصةً دوليةً للحوار وتبادل الخبرات (هيئة الأدب)

الروابط المشتركة بين الشرق والغرب

وأشار الواصل إلى أنّ اختيار عنوان المؤتمر يعكس حقيقة أنّ الفلسفة لم تُولد من الجغرافيا بقدر ما تشكّلت من السؤال. وأضاف أن تناول ثنائية الشرق والغرب ليس هدفه تكريس الانقسام، بل إبراز الروابط المشتركة بين التجارب الفكرية وما يجمعها من ميراث إنساني قائم على البحث عن المعنى وصناعة الوعي.

وأوضح أنّ انعقاد المؤتمر في نسخته الخامسة هو امتداد لمشروع فكري انطلق قبل 5 أعوام، وتحوَّل إلى مبادرة راسخة تُعزّز حضور الفلسفة وتُثري حوار الثقافات، وتُرسّخ موقع المملكة منصةً عالميةً في مجالات الإنتاج المعرفي وصناعة الفكر.

وأوضح الواصل أنّ المؤتمر بات اليوم مشروعاً يتنامى أثره عاماً بعد عام، ويتّسع حضوره محلّياً ودولياً، بما يعكس الثقة التي اكتسبها ودوره في دعم الحوارات الفلسفية بين الشرق والغرب.

يشهد المؤتمر أكثر من 40 جلسة حوارية تتناول جذور الفلسفة الشرقية والغربية (هيئة الأدب)

وأكّد أنّ الحاجة المتزايدة لاستعادة دور الفلسفة تنبع من واقع عالمي سريع التحوّل، تتقاطع فيه الأزمات والأسئلة الوجودية. وترى الرياض في هذا الحدث مساحة تتفاعل فيها الفكرة العميقة مع التجديد الفكري، في فضاء مفتوح يعكس المكانة المتنامية للمملكة في المشهد الفلسفي العالمي.

ويُعدّ «مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة» من أبرز الفعاليات الفكرية السنوية في المنطقة، إذ يُسهم منذ انطلاقته الأولى في تعزيز التواصل الثقافي العالمي، وإعادة تقديم الفلسفات بمختلف مدارسها في سياق دولي، وترسيخ الدور السعودي في دعم الإنتاج الفكري وبناء الجسور المعرفية بين الشرق والغرب، بما يخدم مسارات التنمية الثقافية والفكرية التي تشهدها المملكة.

مناقشة قضايا معاصرة تتعلَّق بالمعنى الإنساني والتحوّلات الثقافية (هيئة الأدب)

ويأتي انعقاد المؤتمر هذا العام امتداداً لمسيرته المعرفية التي بدأت قبل 5 أعوام، ليواصل دوره منصةً عالميةً تجمع المفكرين والباحثين والخبراء من مختلف دول العالم، وتُرسّخ مكانة السعودية مركزاً دولياً لإنتاج المعرفة وتعزيز الحوار بين الثقافات.