تُعدّ لعبة «ديث ستراندينغ 2: أون ذا بيتش» Death Stranding 2: On the Beach إنجازاً عظيماً يرتقي بالسلسلة إلى مستويات جديدة وغير مسبوقة، حيث تجمع ببراعة فائقة بين السرد المعقد للخيال العلمي وآليات التسلل والقتال المتطور التي باتت سمة مميزة لأعمال مخرج الألعاب المعروف «هيديو كوجيما».

معنى الوجود البشري
ونجحت هذه اللعبة في بناء تجربتها على الأسس التجريبية الفريدة التي وضعها الإصدار الأول، مقدمة تحسينات كبيرة وعميقة تأخذ اللاعب عبر رحلة عميقة وشخصية تتناول قضايا سياسية واجتماعية وإنسانية بجرأة، مستكشفة مواضيع تشمل التواصل البشري في زمن الانعزال والحزن العميق والتحديات الهائلة التي تواجه محاولة بناء عالم جديد من رماد الخراب بعد كارثة شاملة.
وتستعرض اللعبة عالمَ ما بعد الكارثة بأسلوب فني فريد ومذهل، مقدمة للاعبين تجربة تفاعلية غامرة لا تقتصر على مجرد القتال وحل الألغاز، بل تمتد لتشمل التأمل العميق والتفكير في معنى الوجود البشري والروابط التي تجمعنا.
في جوهرها، تبرز اللعبة نموذجاً رائداً لتطور الألعاب بصفتها وسطاً فنياً، حيث لم تكتفِ بتعزيز ما أحبه اللاعبون في الإصدار الأول فحسب، بل أضافت طبقات جديدة ومتعددة من التعقيد والمتعة إلى كل جانب من جوانب التجربة. واستطاع مطورو اللعبة صقل كل تفصيل في اللعبة، من القصة المحبوكة والمعقدة إلى آليات اللعب المتجددة، وصولاً إلى الجودة البصرية والسمعية التي لا مثيل لها، لتقديم تجربة متكاملة ومؤثرة للغاية تترك بصمة عميقة ودائمة في نفوس اللاعبين وتدفعهم للتفكير فيما وراء الشاشة. واختبرت «الشرق الأوسط» اللعبة قبل إطلاقها عالمياً، ونذكر ملخص التجربة.
أساطير تتكشف وشخصيات عميقة
وتتسم قصة اللعبة بكونها أكثر تركيزاً وتأثيراً وعُمقاً من سابقتها، حيث توسع نطاق الأساطير الغامضة المحيطة بعالمها الذي دمره حدث «الشاطئ» الكارثي، كاشفة عن أبعاد جديدة لم تكن واضحة من قبل. ويتم تكليف شخصية «سام بورتر بريدجز» مهمة أكثر خطورة وأهمية: ربط قارة أستراليا الشاسعة بالشبكة الـ«كيرالية» المتنامية في رحلة تتجاوز مجرد التوصيل الجغرافي لتصبح بحثاً عن المعنى والانتماء. ويتعمق السرد بذكاء في مواضيع التواصل ليس فقط بين الأشخاص المنعزلين، بل أيضاً مع ماضي الفرد المؤلم وذكرياته؛ ما يعكس الطبيعة التأملية والفلسفية التي باتت سمة مميزة لأعمال مخرج اللعبة.

وتنكشف الأحداث في حبكة تتسم بالغرابة المطلقة والجاذبية الشديدة في آن واحد. ويلتقي «سام» حلفاء قدامى لم يتوقع رؤيتهم مرة أخرى ويواجه خصوماً من ماضيه المؤلم؛ ما يضيف طبقات من الصراع الشخصي إلى المهمة العالمية. وتتصاعد الأحداث بشكل درامي ومفاجئ عندما يقوم العدو اللدود «هيغز» باحتجاز شخصية «لو» رهينة. هذا الحدث الكبير جداً يأخذ «سام» في رحلة محمومة لا تقتصر على الانتقام فحسب، بل تتضمن أيضاً اكتشافاً عميقاً للذات ولمعنى الروابط الإنسانية في عالم ينهار في كل يوم. ونظراً لغرابة القصة وتشويقها، تعمدنا عدم شرح أي تفاصيل حولها ونتركها للاعب ليكتشفها بنفسه ويستمتع بها.
وبالنسبة لمعنى اسم اللعبة Death Stranding «حبل الموت»، فهو يشير إلى ظاهرة غامضة تتسبب بخلل في التوازن بين عالمي الأحياء والأموات وظهور كائنات من العالم الآخر تُعرف باسم «بي تي» Bleached Things BT وانفجارات مضادة للمادة Voidout تحدث عند تفاعل هذه الكائنات مع الأحياء، إضافة إلى تعطيل البنية التحتية وقطع الروابط بين البشر؛ ما أدى إلى عزلة المدن. ويعكس معنى الاسم المفهوم العميق ومتعدد الأوجه للظاهرة في اللعبة، حيث إن الموت فيها ليس نهاية طبيعية، بل هو حدث يؤدي إلى انحراف خطير في نظام العالم يتسبب بحدوث اضطراب كبير في حياة البشر ليصبح قوة مدمرة ومسببة للعزلة.
أسلوب اللعب: تطور مثير وتحديات متجددة
وفيما يتعلق بآليات اللعب، تحافظ اللعبة بذكاء على الإيقاع المألوف والمحبوب من التحضير الدقيق للمهام والتغلب على التهديدات الجغرافية والطبيعية والبشرية التي تعترض طريق «سام»، ولكنها في الوقت نفسه تقدم مرونة أكبر بكثير في القتال وتجعله أكثر إثارة وتشويقاً من أي وقت مضى. وتتضمن الميزات الجديدة التي تغير قواعد اللعبة بندقية قنص مهدئة متطورة تفتح آفاقاً تكتيكية جديدة، وطائرة ذاتية القيادة للاستكشاف وتقديم الدعم، وأنواعاً متطورة ومبتكرة من الأعداء تتطلب مقاربات متنوعة ومختلفة للقضاء عليهم.
وتتيح اللعبة نهجاً أكثر متعة وتنوعاً في القتال؛ ما يسمح للاعب بتنفيذ هجمات مخططة بدقة متناهية أو الانخراط في اشتباكات مثيرة ومفاجئة تتطلب سرعة بديهة. وتم تعزيز نظام تقدم الشخصية بشكل ملحوظ بفضل إضافة نقاط المهارة التي تسمح بفتح أدوات جديدة قوية وتعزيز الإحصائيات الأساسية؛ ما يوفر تنوعاً أكبر في كيفية لعب «سام» وتكيفه مع أسلوب اللاعب المفضل. ويتم فتح الأدوات والأسلحة الجديدة باستمرار طوال اللعبة، بما في ذلك عناصر فريدة ومبتكرة مثل ألواح التزلج المحلقة والكلاب الميكانيكية ذات الصواريخ الموجهة، مما يحافظ على شعور الاكتشاف والتجديد.
كما تتضمن اللعبة أنظمة توصيل جديدة مبتكرة ومتطورة مثل سكة حديد أحادية بست مركبات توفر وسيلة نقل جماعي فعالة. هذا، وسيحصل اللاعب على المركبات الأساسية في وقت أبكر بكثير مما كان عليه الحال في الجزء الأصلي؛ ما يقلل بشكل كبير من الرتابة ويجعل الرحلات الطويلة أكثر سلاسة ومتعة. وبالإضافة إلى ذلك، تظل الآلية الأساسية لتوصيل الطرود حاضرة بقوة ومركزية؛ ما يعزز المواضيع السردية للاتصال ويبني شعوراً بالهدف في كل رحلة يقوم بها «سام».
ويواجه اللاعبون عالماً مفتوحاً شاسعاً وصعب الاجتياز بشكل استثنائي بسبب التنوع الهائل في المناخات القاسية والارتفاعات الشاهقة؛ ما يتطلب تخطيطاً دقيقاً ومهارة في التنقل. وتُعزز الهياكل والمرافق التي يبنيها اللاعبون عبر الإنترنت (مثل الملاجئ الآمنة والسلالم التي لا غنى عنها) التجربة بشكل كبير من خلال تعزيز اتصال غير مرئي وتكافلي بين اللاعبين حول العالم. وأخيراً، تحتوي اللعبة على غرفة خاصة توفر مهام الواقع الافتراضي المبتكرة وخيارات تخصيص متعددة؛ ما يضيف عُمقاً وتفاعلاً إلى التجربة الكلية ويمنح اللاعبين مساحة للاسترخاء والتجريب.
مواصفات تقنية تأسر الحواس
بصرياً، اللعبة جميلة بجودة تتجاوز الواقع وتلامس الفن الخالص في تصوير أستراليا والمكسيك، حيث تظهر الأقمار العملاقة المذهلة والصحاري الحمراء القاتمة بتفاصيل لا تصدق ودقة متناهية. هذه المتعة البصرية الفائقة مدعومة بموسيقى تصويرية رائعة ومؤثرة تتضمن مقاطع صوتية مؤثرة وموسيقى جميلة تعزز التأثير العاطفي العميق للرحلة وتجعل كل لحظة في اللعبة تجربة حسية متكاملة.
وتعمل اللعبة بسلاسة تامة وبأداء لا تشوبه شائبة على جهاز «بلايستيشن 5 برو» الذي تمت تجربة اللعبة عليه؛ ما يبرز الإمكانات التقنية الهائلة لمحرك الألعاب «ديسيما» Decima ويسمح للفن والإبداع أن يتألقا بشكل كامل دون أي عوائق. كما أن الوصف الدقيق والمفصل للبيئات الشاسعة والمتنوعة يشير إلى جودة بصرية عالية للغاية، ويشير التأثير العاطفي القوي للقصة إلى الاستخدام الفعال والمتقن للعناصر الصوتية والبصرية في نقل مشاعر الأمل والوحدة؛ ما يجعل التجربة متكاملة وغنية بالمعاني.
وتُعدّ جودة الصوتيات وأداء المحادثات في اللعبة منقطعة النظير، حيث يضيف طاقم الممثلين البارز عُمقاً هائلاً للشخصيات والتفاعلات. كل كلمة وهمسة وصرخة تتم تأديتها ببراعة تزيد من الانغماس في عالم اللعبة. ويمتزج هذا الأداء الصوتي المميز مع التصميم الصوتي للبيئة والصوتيات المحيطة لإيجاد جو عام يشد اللاعب إلى أعماق التجربة، سواء كان ذلك صوت الرياح في الصحراء القاحلة أو أصوات المخلوقات الغامضة التي تتربص في الظلام.
وتتميز اللعبة بطاقم متنوع ومذهل من الشخصيات ذات التفكير الدقيق والمعقد بشكل لا يُصدق، تم إحياؤها ببراعة فائقة بفضل تقنيات التقاط الحركة والأداء المذهلة التي تضع معايير جديدة. ويضم طاقم التمثيل أسماء لامعة ومشهورة عالمياً مثل الممثلين نورمان ريدس، وليا سيدو، وإيل فانينغ، وتروي بيكر وديبرا ويلسون؛ ما يضمن جودة عالية وغير مسبوقة في الأداء الصوتي وتصوير الشخصيات ويضفي عمقاً وواقعية لا مثيل لها على التفاعلات المعقدة والمؤثرة داخل اللعبة؛ ما يجعل كل شخصية تبدو حقيقية وملموسة.

معلومات عن اللعبة
• الشركة المبرمجة: «كوجيما بروداكشنز» Kojima Productions www.KojimaProductions.jp
• الشركة الناشرة: «سوني إنترآكتيف إنترتينمنت» Sony Interactive Entertainment www.SonyInteractive.com
• موقع اللعبة: www.KojimaProductions.jp
• نوع اللعبة: قتال ومغامرات Action-adventure
• أجهزة اللعب: «بلايستيشن 5»
• تاريخ الإطلاق: 26 يونيو (حزيران) 2025
• تصنيف مجلس البرامج الترفيهية ESRB: للبالغين أكبر من 17 عاماً «M17 Plus»
• دعم للعب الجماعي: لا




