ترمب متمسك بالدبلوماسية مع إيران ويرفض خطة اغتيال خامنئي

حذر طهران من مغبة استهداف المصالح الأميركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى كاناناسكيس في كندا للمشاركة في اجتماعات مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى كاناناسكيس في كندا للمشاركة في اجتماعات مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى (أ.ب)
TT

ترمب متمسك بالدبلوماسية مع إيران ويرفض خطة اغتيال خامنئي

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى كاناناسكيس في كندا للمشاركة في اجتماعات مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى وصوله إلى كاناناسكيس في كندا للمشاركة في اجتماعات مجموعة السبع للدول الصناعية الكبرى (أ.ب)

كشف مسؤول أميركي أن الرئيس دونالد ترمب رفض خطة إسرائيلية لاغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي، وسط اعتقاد في واشنطن بأن الدبلوماسية لا يزال في إمكانها وقف اشتداد الحرب الدائرة مند الجمعة بين إيران وإسرائيل، وإيجاد تسوية للبرنامجين النووي والصاروخي الإيرانيين.

وبينما اعتبرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن «الحرب هي دبلوماسية بوسائل أخرى» مع ضرورة عدم استبعاد إمكان استئناف المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه أن «الإسرائيليين أبلغوا إدارة ترمب في الأيام الأخيرة أنهم وضعوا خطة موثوقة لاغتيال خامنئي»، مضيفاً أنه بعد الاطلاع على الخطة «أوضح البيت الأبيض للمسؤولين الإسرائيليين أن ترمب يعارض قيام الإسرائيليين بهذه الخطوة».

وتجهد إدارة ترمب لمنع العمليات العسكرية الإسرائيلية الهادفة إلى القضاء على البرنامج النووي الإيراني من التسبب في حرب أوسع نطاقاً، معتبرة أن اغتيال خامنئي: «خطوة من شأنها إشعال الصراع وزعزعة استقرار المنطقة». وعندما سألته شبكة «فوكس نيوز» الأميركية للتلفزيون، لم يُشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى رفض البيت الأبيض للخطة. لكنه قال: «أعتقد أننا نفعل ما يجب علينا القيام به، وسنقوم بما يجب علينا القيام به. أعتقد أن الولايات المتحدة تعرف ما هو الجيد للولايات المتحدة»، مضيفاً أن تغيير النظام «قد يكون بالتأكيد نتيجة» للحرب «لأن النظام الإيراني ضعيف للغاية».

متظاهرون يرفعون صور المرشد الإيراني علي خامنئي في طهران (أ.ف.ب)

تسوية شاملة

وبدا أن ترمب لا يزال يعقد الأمل على تسوية دبلوماسية ما مع الجانب الإيراني رغم أنه يواصل تحذيراته الشديدة لطهران من مغبة استهداف المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، مكرراً أن الولايات المتحدة «لا علاقة لها بالهجوم على إيران». وكتب في منشور لاحق على منصته «تروث سوشال» للتواصل الاجتماعي أن «على إيران وإسرائيل توقيع صفقة، وستوقعانها قريباً»، من دون أن يوضح طبيعة الاتصالات التي يقوم بها لهذا الغرض. وأمل في تصريحات منفصلة في أن «يكون هناك اتفاق، وسنرى ما سيحصل». وأكد أنه سيدفع إسرائيل وإيران إلى وقف الأعمال العدائية «تماماً كما دفع الهند وباكستان إلى ذلك» بعد المواجهة الحدودية الأخيرة بين البلدين. كما أشار إلى الجهود التي بذلتها إدارته خلال ولايته الأولى للتوسط في النزاعين بين صربيا وكوسوفو، وبين مصر وإثيوبيا. وكتب: «وبالمثل، سيكون لدينا سلام قريباً بين إسرائيل وإيران! تُعقد الآن العديد من الاتصالات والاجتماعات. أفعل الكثير، ولا أنال أي تقدير، لكن لا بأس، فالشعب يتفهم ذلك. لنجعل الشرق الأوسط عظيماً مرة أخرى!».

الحق في التخصيب

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متحدثاً مع أحد القادة العسكريين خلال اجتماع تقررت فيه الضربات الاستباقية ضد إيران

وتفيد تقديرات أميركية مختلفة بأنه من غير المُرجح أن تحقق إسرائيل هدف تدمير البرنامج النووي الإيراني من دون تدخل أميركي، وهو ما قاومه حتى الآن ترمب، الذي يواصل تأكيد رغبته في إنجاح المفاوضات، ولكنه يعتقد أن هجوم إسرائيل سيُعيد إيران إلى طاولة المفاوضات في موقف أضعف وأكثر تصالحاً، واستعداداً لقبول مطلبه وقف كل نشاطات تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية. لكن إيران تُصر على حقها في التخصيب للاستخدامات المدنية بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي.

ويبدو أن ترمب أيضاً يرى الحرب شكلاً من أشكال الدبلوماسية، بالاستناد إلى ما كتبه الجمعة: «قبل شهرين، منحت إيران مهلة 60 يوماً للتوصل إلى اتفاق. كان عليهم فعل ذلك! اليوم هو اليوم الحادي والستون. أخبرتهم بما يجب عليهم فعله، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك. الآن، ربما لديهم فرصة ثانية!».

وقال ترمب هذا الكلام بينما لا تزال المفاوضات متوقفة في ظل حرب يتوقع أن تستمر لأيام أو حتى لأسابيع. وقابلته من طهران تصريحات مشابهة لمسؤولين إيرانيين يؤكدون أنهم لا يزالون يتطلعون إلى اتفاق. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لدبلوماسيين في طهران: «نحن مستعدون لأي اتفاق يهدف إلى ضمان عدم سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية». لكنه استدرك أن بلاده لن تقبل أي اتفاق «يحرم إيران من حقوقها النووية»، بما في ذلك حقها في تخصيب اليورانيوم، وإن كان بمستويات منخفضة يمكن استخدامها لأغراض مدنية. واعتبر أن إسرائيل لم تهاجم لمنع إيران من السعي نحو امتلاك قنبلة نووية، بل لعرقلة المفاوضات بشأن اتفاق يعارضه نتنياهو. واعتبر أن الهجمات «محاولة لتقويض الدبلوماسية وعرقلة المفاوضات»، وهي وجهة نظر يتشاطرها عدد من المحللين الغربيين. وقال: «من الواضح تماماً أن النظام الإسرائيلي لا يريد أي اتفاق بشأن القضية النووية. لا يريد مفاوضات، ولا يسعى إلى الدبلوماسية».

نقطة تحوّل

وأدت الهجمات التي بدأتها إسرائيل، رغم جدولة جولة سادسة من المحادثات، إلى تقويض جهود إيران للحصول على سلاح نووي، بحسب ادعاءات نتنياهو، علماً بأن التقديرات الأميركية والأوروبية تُشير إلى أن إيران لا تزال على بُعد أشهر عديدة من بناء قنبلة نووية، وأنها لم تُقرر ذلك على أي حال. وأدت الحرب إلى إلغاء الجولة السادسة التي كانت مقررة الأحد الماضي في مسقط. ويعتقد أن نتنياهو ارتأى أن اتفاقاً أميركياً - إيرانياً سيمنعه من تحقيق هدفه المتمثل في تدمير البرنامج النووي الإيراني، وربما، إطاحة النظام الإيراني.

صورة بالأقمار الاصطناعية لمنشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم بعد استهدافها من إسرائيل (رويترز)

ويواجه ترمب انقساماً في تحالفه حول المدى الذي ينبغي أن يصل إليه في دعم إسرائيل. فالنائبة الجمهورية مارجوري تايلور غرين ومؤسس منظمة «نقطة تحول الولايات المتحدة الأميركية» تشارلي كيرك ومقدم البرامج تاكر كارلسون بين أبرز الداعمين لترمب الذين جادلوا بأن الناخبين دعموا ترمب لأنه لن يورط البلاد في حروب خارجية. وأشاد السناتور الجمهوري راند بول بترمب لضبطه للنفس.

وفي مقابلة عبر شبكة «سي بي إس»، قال السناتور الجمهوري ليندسي غراهام إنه يُفضل الجهود الدبلوماسية، ولكن إذا لم تُجدِ الدبلوماسية، فعلى ترمب أن «يُكرّس كل جهوده» لتدمير البرنامج النووي الإيراني.


مقالات ذات صلة

استراتيجية الأمن القومي الأميركي و«المعجزة» الأوروبية المنشودة

تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث قبل حفلة لمغني الأوبرا الإيطالي الضرير أندريا بوتشيللي في البيت الأبيض (أ.ب)

استراتيجية الأمن القومي الأميركي و«المعجزة» الأوروبية المنشودة

ستثير الوثيقة التي صدرت الجمعة عن البيت الأبيض استياء الحلفاء التقليديين لواشنطن في أوروبا، لما تتضمّنه من انتقادات لاذعة لسياسات قادة «القارة العجوز».

أنطوان الحاج
يوميات الشرق المغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي يقدم عرضاً خلال قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 (أ.ف.ب)

«صوت ملاك»... ترمب يشيد بأندريا بوتشيلي

أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مساء الجمعة بالمغني الأوبرالي الإيطالي أندريا بوتشيلي وقال إن لديه «صوت ملاك».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف (أ.ب)

الولايات المتحدة وأوكرانيا تؤكدان أن أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا

يعقد مفاوضون أوكرانيون ومبعوثو الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوماً ثالثاً من المحادثات في ميامي السبت، مؤكدين أن إحراز أي تقدم نحو السلام يعتمد على روسيا.

«الشرق الأوسط» (ميامي)
رياضة عالمية أميركيون يتابعون مراسم القرعة على شاشة عملاقة في التايمز سكوير (رويترز)

ترمب مدفوعاً بحمى المونديال: كرة القدم الأميركية يجب إعادة تسميتها!

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إن رياضة كرة القدم الأميركية (أميريكان فوتبول) يجب أن تُعاد تسميتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

المحكمة العليا ستنظر في مرسوم ترمب حول إلغاء حق المواطنة بالولادة

وافقت المحكمة العليا الأميركية على مراجعة دستورية المرسوم الذي أصدره الرئيس دونالد ترمب ويلغي حق المواطنة بالولادة لأطفال المهاجرين غير النظاميين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
TT

مصر تدعو إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»

جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)
جانب من محطة «الضبعة النووية» في مصر نهاية الشهر الماضي (هيئة المحطات النووية المصرية)

تواصل مصر اتصالاتها لخفض التصعيد وتعزيز الاستقرار في المنطقة. ودعت، السبت، إلى «حلول دبلوماسية» للملف «النووي الإيراني»، جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي.

وتناولت المحادثات «التعاون الثنائي بين مصر و(الوكالة) في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية دعماً لجهود التنمية الوطنية، لا سيما مشروع المحطة (النووية) بالضبعة، الذي يعد نموذجاً للتعاون والتنسيق بين مصر و(الوكالة)».

وشهد الرئيسان؛ المصري عبد الفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، افتراضياً عبر تقنية الفيديو كونفرانس، الشهر الماضي، مراسم وضع «وعاء الضغط» لمفاعل الوحدة الأولى بمحطة «الضبعة النووية»، وتوقيع أمر شراء الوقود النووي اللازم للمحطة.

ومحطة «الضبعة» النووية، هي أول محطة للطاقة النووية في مصر، وتقع في مدينة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط. وكانت روسيا ومصر قد وقعتا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 اتفاقية للتعاون المشترك لإنشاء المحطة، ثم دخلت عقودها حيّز التنفيذ في ديسمبر (كانون الأول) 2017. وتضم المحطة 4 مفاعلات نووية بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط، بواقع 1200 ميغاواط لكل مفاعل، حسب وزارة الكهرباء المصرية.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، أعرب عبد العاطي خلال الاتصال الهاتفي مع غروسي، الذي جرى مساء الجمعة، عن «دعم مصر الكامل للدور المهم الذي تضطلع به الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إطار نظام التحقق بموجب معاهدة منع الانتشار النووي ونظامها الأساسي»، مؤكداً أن «مصر تولي أهمية كبيرة للحفاظ على مبدأ عالمية المعاهدة، ومنع الانتشار النووي، ومصداقية المعاهدة بوصفها ركيزة أساسية لنظام منع الانتشار النووي»، معرباً عن «التطلع لمواصلة التنسيق والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية».

وزير الخارجية المصري ونظيره الإيراني ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال التوقيع على «اتفاق القاهرة» في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وتناول الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية المصري والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية الملف «النووي الإيراني»، حيث أكد الوزير عبد العاطي «أهمية مواصلة الجهود الرامية إلى خفض التصعيد وبناء الثقة وتهيئة الظروف اللازمة لاستمرار التعاون القائم، بما يتيح فرصة حقيقية للحلول الدبلوماسية واستئناف الحوار بهدف التوصل إلى اتفاق شامل للملف النووي الإيراني، يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، ويسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي».

وأعلن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، نهاية نوفمبر الماضي، انتهاء «اتفاق القاهرة» رسمياً، عقب تبني مجلس محافظي «الوكالة الذرية»، قراراً يطالب طهران بأن تبلغ الهيئة التابعة للأمم المتحدة (دون تأخير) بحالة مخزونها من اليورانيوم المخصب ومواقعها الذرية التي تعرضت للقصف من جانب إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو (حزيران) الماضي.

وكان عراقجي وغروسي قد وقَّعا، في التاسع من سبتمبر (أيلول) الماضي، في القاهرة، اتفاقاً لاستئناف التعاون بين الجانبين، بما يشمل إعادة إطلاق عمليات التفتيش على المنشآت النووية الإيرانية.


وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
TT

وسط توتر بسبب حرب غزة... ميرتس في أول زيارة لإسرائيل لتعزيز العلاقات

المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس يصل إلى مطار براندنبورغ في برلين (أ.ب)

يسعى المستشار الألماني فريدريش ميرتس خلال زيارته الأولى إلى إسرائيل، السبت، التي تستمر حتى الأحد، إلى تعزيز العلاقة «الخاصة» بين البلدين، رغم تحفظات برلين الأخيرة بشأن الهجوم الإسرائيلي في قطاع غزة والعنف في الضفة الغربية المحتلة، وفق ما نشرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبعد زيارة قصيرة لمدة ساعتين إلى العقبة في الأردن؛ حيث سيلتقي بالملك عبد الله الثاني، سيقضي ميرتس أمسية ويوماً في القدس؛ إذ من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد.

ويُعد هذا حدثاً بارزاً في ظل العزلة الدولية التي يعانيها نتنياهو منذ بدء الحرب في غزة قبل أكثر من عامين.

ورغم الحرب وتداعياتها، أكد سيباستيان هيل، المتحدث باسم المستشار، الجمعة، أن «العلاقات الألمانية الإسرائيلية سليمة ووثيقة ومبنية على الثقة».

وتدعم ألمانيا إسرائيل بشدة، وتُبرر ذلك بمسؤوليتها التاريخية عن محرقة اليهود. ومن المقرر أن يزور فريدريش ميرتس الأحد مؤسسة «ياد فاشيم» التذكارية التي تخلّد ذكرى الضحايا اليهود لألمانيا النازية.

ورغم ذلك، شدّدت برلين في الأشهر الأخيرة من نبرتها تجاه إسرائيل، مع تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة بشكل كبير.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أحدث المستشار الألماني عاصفة سياسية، عندما قرر فرض حظر جزئي على صادرات الأسلحة من بلاده إلى إسرائيل، ردّاً على تكثيف الهجوم الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمر.

«تباعد خطابي»

أتاحت الهدنة في قطاع غزة لألمانيا رفع العقوبات بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني).

وأكّد المتحدث باسم ميرتس أن «الأهمية الخاصة» للعلاقات بين ألمانيا وإسرائيل «لا تمنع إمكانية انتقاد جوانب معينة» من سياسة بنيامين نتنياهو.

ومن المتوقع أن يبحث المستشار ورئيس الوزراء صباح الأحد الجهود المبذولة للانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد نحو شهرين من دخوله حيّز التنفيذ.

يظل هذا الاتفاق غير مستقر، مع تبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بانتهاكه بشكل شبه يومي، وهو ما يُثير التساؤلات حول استكمال تنفيذ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب وإعادة إعمار غزة.

الجمعة، أدان سيباستيان هيل مجدداً «الزيادة الهائلة في عنف المستوطنين»، وكرر دعوته للحكومة الإسرائيلية «لوقف بناء المستوطنات».

وأثار إعلان حظر الأسلحة في أغسطس (آب) رداً قوياً من جانب حكومة نتنياهو، التي اتهمت حليفها التقليدي بـ«مكافأة إرهاب (حماس)».

وقد «احتدم النقاش» عندما أبلغ ميرتس رئيس الوزراء الإسرائيلي بقراره عبر الهاتف، وفق ما أكد المستشار لقناة «إيه آر دي».

لكن جيل شوحط، مدير مكتب تل أبيب لمؤسسة «روزا لوكسمبورغ» المرتبطة بحزب اليسار الراديكالي الألماني «دي لينكه»، رأى في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن ذلك ليس أكثر من «تباعد خطابي» بين الزعيمين.

وقد أظهر تشغيل الجيش الألماني، الأربعاء، القسم الأول من منظومة الدرع الصاروخية «آرو» (حيتس)، التي نُشرت لأول مرة خارج إسرائيل، مدى اعتماد ألمانيا على الدولة العبرية لضمان أمنها على المدى البعيد.

وقد سلّطت برلين الضوء مؤخراً أيضاً على المساعدة التي قدمتها لها إسرائيل لتحسين دفاعاتها ضد الطائرات المسيّرة.

«انتظارات عالية»

على صعيد آخر، قوبل قرار إشراك إسرائيل في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) المقبلة، الذي اتخذ الخميس، بترحيب حار في ألمانيا، في حين قاد دولاً أخرى لإعلان مقاطعة المسابقة.

ويرى شوحط أن زيارة المستشار الألماني لبنيامين نتنياهو، المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بشبهة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، تُشكل «بادرة سلبية للتطبيع في وضع لا ينبغي التطبيع معه».

وكان فريدريش ميرتس قد أكد مباشرة بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية نهاية فبراير (شباط)، أن نتنياهو يمكنه زيارة ألمانيا، رغم مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية.

لكن المستشارية عادت وأكدت مؤخراً أن هذا «ليس موضوعاً للنقاش في الوقت الراهن».

ويرى مايكل ريميل، مدير مكتب القدس لمؤسسة «كونراد أديناور» المرتبطة بالحزب «الديمقراطي المسيحي» الذي يتزعمه ميرتس، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن نتنياهو لديه الآن «انتظارات عالية»، ويأمل في «إشارة دعم مستمرة» من برلين.

من ناحية أخرى، تبدو نداءات برلين في الأشهر الأخيرة غير فعّالة مقارنة مع «النفوذ الأكبر» لترمب، الذي أظهر أنه الوحيد القادر على دفع إسرائيل نحو وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفق ريميل.


موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.