هبة حيدري لـ«الشرق الأوسط»: المذيعة تحتاج إلى الكاريزما والمعرفة والقدرة على التواصل

تعدُّ بناء الثقة مع ضيوف برنامجها «منّا وفينا» أساسياً

تُلامسها الحوارات التي يتقاطع فيها الشخصي مع العام (إنستغرام)
تُلامسها الحوارات التي يتقاطع فيها الشخصي مع العام (إنستغرام)
TT

هبة حيدري لـ«الشرق الأوسط»: المذيعة تحتاج إلى الكاريزما والمعرفة والقدرة على التواصل

تُلامسها الحوارات التي يتقاطع فيها الشخصي مع العام (إنستغرام)
تُلامسها الحوارات التي يتقاطع فيها الشخصي مع العام (إنستغرام)

تلفت المذيعة السورية هبة حيدري انتباهك بأسلوبها وأدائها السهل الممتنع في برنامجها الرقمي «منّا وفينا» عبر منصة «المشهد». تترك أثراً بجمالها وذكائها الإعلامي الراقي. مهارتها في الحوار تمنحها هوية فريدة ترتكز على العفوية واحترام مساحة الضيف. وفي أحيان كثيرة تُفاجئك بأسئلة تخرج عن إطار الحوارات الكلاسيكية. مسلّحة بسلاسة وذكاء عاطفي، تُطمئن الضيف وفي الوقت ذاته تكون صوت المُشاهد وأفكاره، فتنهض قوتها من تفاعل الجمهور. لذا، حين تنتهي الحلقة، تشعر أنك تودّ مزيداً منها.

كسرت هبة حيدري مقولة «كوني جميلة واصمتي» حتى ألغتها من قاموس الإعلام، واستبدلت بها بعبارة «كوني ذكية ليبرز جمالك». وعن هدفها من ذلك تقول: «عملتُ لأكون مثالاً للمذيعة التي تجمع بين الحضور والجمال والثقافة. فالجمال يجذب الانتباه، لكن الذكاء والثقافة والحضور تترك الأثر الحقيقي عند المُشاهد».

تصف نفسها بالمرأة الطموح (إنستغرام)

وعمّا إذا بات الجمال ضرورة لاكتمال صورة المذيعة الناجحة؟ تردّ: «في عالم الإعلام، المذيعة تحتاج إلى مزيج من الكاريزما والمعرفة والقدرة على التواصل الفعّال. فهذه العناصر مجتمعة تصنع مذيعة كاملة الأوصاف».

استضافت حيدري عشرات نجوم الإعلام في «منّا وفينا»، دخلت إلى أفكارهم وكشفت عن هواجسهم، وأخرجت منهم ما لم يتوقعوا الحديث عنه علناً. وتقول عن اختيار الضيوف: «أختار ضيوفي بناءً على قدرتهم على تقديم قيمة مُضافة للمُشاهد. أبحثُ عن شخصيات مُلهمة تمتلك قصصاً تستحق أن تُروى، وتتناول موضوعات تهمّ المجتمع. حتى لو كان اسم الضيف معروفاً، ينبغي على المحتوى أن يكون صادقاً وخارجاً عن المألوف».

طوال نحو 50 حلقة، استضافت حيدري إعلاميين منهم مي شدياق، وكارلا حداد، وراغدة شلهوب، ومعتز الدمرداش، والراحل صبحي عطري. كما قابلت زياد نجيم، ودانا أبو خضر، ولميس الحديدي، وفاديا الطويل، وطوّرت معهم حلقات «بودكاست» مميزة بأسلوب مختلف. وعن أكثر الحلقات تأثيراً عليها، تجيب: «كل حلقة تترك بصمتها بأسلوبها، لكن تلك التي يلتقي فيها الشخصي بالعام تُلامسني أكثر. اللحظات التي يظهر فيها ضيف هشاشته أو يستعيد تجاربه من منظور جديد، تترك عندي بصمة لا تُنسى. أؤمن بأنّ الصدق العفوي هو ما يبقى في ذاكرة المستمع».

تتألّق هبة حيدري في حواراتها ضمن برنامجها الرقمي «منّا وفينا» (إنستغرام)

عملت هبة حيدري في مجالات إعلامية متنوّعة. درست إدارة الأعمال في جامعة دمشق، ثم انتقلت إلى الإمارات لدراسة دبلوم في تحرير الأخبار والتقديم التلفزيوني من أكاديمية «فوكس» بدبي. وانضمت إلى قناة «إم بي سي» في 2017.

تُعرِّف عن نفسها: «أنا امرأة طموح، مثابرة، مقاتلة مهما كانت الظروف. أسعى دائماً إلى التطوّر، وأحب أن أكون صوتاً للناس وأترك بصمة في الحياة». وعند سؤالها: لو لم تدخل الإعلام، ماذا كانت ستختار؟ تردّ: «ربما كنتُ سأصبح طبيبة أطفال. لطالما تمنيت خلال الحرب أن أساعد أطفال سوريا».

وهل تفكر في التمثيل؟ «راودتني الفكرة، وتلقيتُ عروضاً عدة. لكن وجدتُ شغفي الحقيقي في الإعلام، حيث أكون على طبيعتي وأوصل رسالتي بصدق. قد يأتي اليوم الذي أجد فيه الدور المناسب لي فأخوض التجربة».

تتابع هبة كل حلقات «منّا وفينا»، لأنها تؤمن بأهمية التقييم الذاتي: «يساعدني على تحسين أدائي وتقديم محتوى يليق بالجمهور». وعن قاعدتها الأساسية في الحوارات، توضح: «احترام الآخر، فلا أتعامل مع الضيف على أنه مادة إعلامية، وإنما على أنه شخص له تجربة تستحق أن تُروى بكرامة».

أجرت مع الراحل صبحي عطري آخر حواراته الإعلامية (إنستغرام)

وعن البودكاست، هل هو ظاهرة مؤقتة؟ تُجيب: «لا، إنه تطوّر طبيعي في الإعلام. قد يتغيَّر الشكل، لكن الحاجة إلى الحوار العميق والتواصل الإنساني الصادق ستبقى. والبودكاست من أجمل تجليات ذلك». تتابع: «الناس متعطشّون للصدق، وجاء البودكاست عندما كنا بحاجة إلى صوت مختلف، بعيداً عن الضجيج الإعلامي المعتاد. منحنا فرصة للاستماع بلا تسرّع، لإعادة التفكير في رحلة نُشكل فيها ضيوفاً في عمق تجربة إنسانية، لا مجرّد متلقّين لمعلومة. نجاحه الحقيقي يكمن في بساطته وعمقه معاً».

برأيها، يجب أن يتمتّع المُحاور الجيد بصفات عدّة: «مهمته لا تقتصر على طرح الأسئلة فقط، وإنما أيضاً الاستماع بصدق، بفضول حقيقي وذكاء عاطفي لقراءة الصمت كما الكلمات. في البودكاست تحديداً، حيث لا وجود لضغط الزمن التلفزيوني، مهارة بناء الثقة مع الضيف تصبح أساسية، إلى جانب الإلمام والسلاسة واحترام مساحة الآخر».

تختم: «الساحة الإعلامية اليوم مليئة بالتحدّيات والفرص. ومع تطوّر التكنولوجيا وتغيُّر اهتمامات الجمهور، أصبح من الضروري أن نكون مرنين، مبتكرين، وملتزمين بالصدقية. الإعلام لم يعد مجرّد نقل أخبار، وإنما مسؤولية ورسالة».


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض يخصص قِسماً على موقعه الرسمي لانتقاد وسائل الإعلام

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب)

البيت الأبيض يخصص قِسماً على موقعه الرسمي لانتقاد وسائل الإعلام

أطلق البيت الأبيض قسماً جديداً على موقعه الرسمي يوم الجمعة، ينتقد علناً المنظمات الإعلامية والصحافيين الذين يدَّعي أنهم «يشوهون التغطية الإعلامية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة سعودية وزير الرياضة الفيصل يتحدث بحضور وزير الإعلام سلمان الدوسري (وزارة الرياضة)

«جزيرة شورى» تحتضن لقاء الإعلام الرياضي السعودي

احتضنت جزيرة شورى، المركز الرئيس لمشروع البحر الأحمر في السعودية، أمس فعاليات «لقاء الإعلام الرياضي» الذي أطلقته وزارة الرياضة.

أوروبا شعار هيئة الإذاعة والتلفزيون الهولندية (متداولة)

هيئة الإذاعة والتلفزيون الهولندية توقف النشر على منصة «إكس» جرّاء «معلومات مضللة»

قالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الهولندية (إن أو إس)، الثلاثاء، إنها توقفت عن النشر على منصة «إكس» بسبب نشر المنصة معلومات مضللة.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
إعلام مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)

الشارقة تكشف عن حزمة مشروعات إعلامية كبرى تعزّز تنافسية القطاع

أُعلن في مدينة الشارقة إطلاق حزمة مشروعات إعلامية كبرى في «مدينة الشارقة للإعلام (شمس)».

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
شؤون إقليمية رابطة الصحافة الأجنبية تقدم التماساً إلى المحكمة العليا تطالب فيه بالسماح بدخول الصحافيين الأجانب إلى غزة فوراً (أ.ف.ب)

الصحافة الأجنبية تنتقد إرجاءً إسرائيلياً جديداً لقرار السماح بدخول غزة

انتقدت رابطة الصحافة الأجنبية في القدس، الاثنين، إرجاء المحكمة العليا الإسرائيلية مجدداً اتخاذ قرار بشأن السماح للصحافيين الأجانب بدخول غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
TT

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات، اليوم (الجمعة)، أنها استعادت القلادة المزعومة.

وقال متحدث باسم الشرطة إن القلادة البالغة قيمتها 33 ألف دولار نيوزيلندي ( 19 ألف دولار أميركي)، تم استردادها من الجهاز الهضمي للرجل مساء الخميس، بطرق طبيعية، ولم تكن هناك حاجة لتدخل طبي.

يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي لم يكشف عن هويته، محتجز لدى الشرطة منذ أن زعم أنه ابتلع قلادة الأخطبوط المرصعة بالجواهر في متجر بارتريدج للمجوهرات بمدينة أوكلاند في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتم القبض عليه داخل المتجر بعد دقائق من السرقة المزعومة.

وكانت المسروقات عبارة عن قلادة على شكل بيضة فابرجيه محدودة الإصدار ومستوحاة من فيلم جيمس بوند لعام 1983 «أوكتوبوسي». ويدور جزء أساسي من حبكة الفيلم حول عملية تهريب مجوهرات تتضمن بيضة فابرجيه مزيفة.

وأظهرت صورة أقل بريقاً قدمتها شرطة نيوزيلندا يوم الجمعة، يداً مرتدية قفازاً وهي تحمل القلادة المستعادة، التي كانت لا تزال متصلة بسلسلة ذهبية طويلة مع بطاقة سعر سليمة. وقال متحدث إن القلادة والرجل سيبقيان في حوزة الشرطة.

ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام محكمة مقاطعة أوكلاند في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقد مثل أمام المحكمة لأول مرة في 29 نوفمبر.

ومنذ ذلك الحين، تمركز الضباط على مدار الساعة مع الرجل لانتظار ظهور الدليل.


إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
TT

إزالة غامضة لـ«جدار الأمل» من وسط بيروت... ذاكرة المدينة مُهدَّدة بالمحو!

كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)
كان الجدار يقول إنّ العبور ممكن حتى في أصعب الأزمنة (صور هادي سي)

اختفت من وسط بيروت منحوتة «جدار الأمل» للفنان هادي سي، أحد أبرز أعمال الفضاء العام التي وُلدت من انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول). العمل الذي استقرّ منذ عام 2019 أمام فندق «لوغراي»، وتحوَّل إلى علامة بصرية على التحوّلات السياسية والاجتماعية، أُزيل من دون إعلان رسمي أو توضيح. هذا الغياب الفجائي لعمل يزن أكثر من 11 طناً يفتح الباب أمام أسئلة تتجاوز الشقّ اللوجستي لتطول معنى اختفاء رمز من رموز المدينة وواقع حماية الأعمال الفنّية في فضاء بيروت العام. وبين محاولات تتبُّع مصيره، التي يقودها مؤسِّس مجموعة «دلول للفنون» باسل دلول، يبقى الحدث، بما يحيطه من غموض، مُشرَّعاً على استفهام جوهري: بأيّ معنى يمكن لعمل بهذا الوزن المادي والرمزي أن يُزال من عمق العاصمة من دون تفسير، ولمصلحة أيّ سردية يُترك هذا الفراغ في المكان؟

من هنا عَبَر الأمل (صور هادي سي)

ليست «جدار الأمل» منحوتة جيء بها لتزيين وسط بيروت. فمنذ ولادتها خلال انتفاضة 17 أكتوبر، تحوَّلت إلى نقطة التقاء بين الذاكرة الجماعية والفضاء العام، وعلامة على رغبة اللبنانيين في استعادة مدينتهم ومخيّلتهم السياسية. بدت كأنها تجسيد لما كان يتشكّل في الساحات. للحركة، وللاهتزاز، وللممرّ البصري نحو مستقبل أراده اللبنانيون أقل التباساً. ومع السنوات، باتت المنحوتة شاهدة على الانفجار الكبير في المرفأ وما تبعه من تغيّرات في المزاج العام، وعلى التحوّلات التي أصابت الوسط التجاري نفسه. لذلك، فإنّ إزالتها اليوم تطرح مسألة حماية الأعمال الفنّية، وتُحيي النقاش حول القدرة على الاحتفاظ بالرموز التي صنعتها لحظة شعبية نادرة، وما إذا كانت المدينة تواصل فقدان معالمها التي حملت معنى، واحداً تلو الآخر.

في هذا الركن... مرَّ العابرون من ضيقهم إلى فسحة الضوء (صور هادي سي)

ويأتي اختفاء «جدار الأمل» ليعيد الضوء على مسار التشكيلي الفرنسي - اللبناني - السنغالي هادي سي، الذي حملت أعماله دائماً حواراً بين الذاكرة الفردية والفضاء المشترك. هاجس العبور والحركة وإعادة تركيب المدينة من شظاياها، شكّلت أساسات عالمه. لذلك، حين وضع عمله في قلب بيروت عام 2019، لم يكن يضيف قطعة إلى المشهد بقدر ما كان يُعيد صياغة علاقة الناس بالمدينة. سي ينتمي إلى جيل يرى أنّ الفنّ في الفضاء العام مساحة نقاش واحتكاك، ولهذا يصعب عليه أن يقرأ ما جرى على أنه حادثة تقنية، وإنما حدث يُصيب صميم الفكرة التي يقوم عليها مشروعه.

يروي باسل دلول ما جرى: «حين أُعيد افتتاح (لوغراي) في وسط بيروت، فضّل القائمون عليه إزالة المنحوتة». يُقدّم تفسيراً أولياً للخطوة، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «قبل 2019، كانت المنحوتة تستمدّ الكهرباء اللازمة لإضاءتها من الفندق وبموافقته. ثم تعاقبت الأحداث الصعبة فأرغمته على الإغلاق. ومع إعادة افتتاحه مؤخراً، طلب من محافظ بيروت نقل المنحوتة إلى مكان آخر». يصف دلول اللحظة قائلاً إنّ العملية تمّت «بشكل غامض بعد نزول الليل، إذ جِيء برافعة لإزالة العمل بلا إذن من أحد». أما اليوم، فـ«المنحوتة موجودة في ثكنة مُغلقة بمنطقة الكارنتينا».

كأنّ المدينة فقدت أحد أنفاسها (صور هادي سي)

دلول الذي يتابع مسارات فنانين، من بينهم هادي سي، لا يتردَّد في الإجابة بـ«نعم» حين نسأله إن كان يرى الحادثة «محاولة محو للذاكرة». يخشى أن تصبح الأعمال الفنّية في بيروت مهدَّدة كلّما حملت رمزية جماعية أو امتداداً لذاكرة سياسية لا ترغب المدينة في مواجهتها. يرفض أن يتحوَّل الفضاء العام إلى مساحة بلا سردية، ويُحزنه، كما يقول، صدور هذا الارتكاب عن فندق «يُطلق على نفسه أوتيل الفنّ»، حيث تتوزَّع اللوحات في أروقته ويتميَّز تصميمه الداخلي بحسّ فنّي واضح. ومع ذلك، يُبدي شيئاً من التفاؤل الحَذِر حيال مصير المنحوتة: «نُحاول التوصّل إلى اتفاق لإيجاد مكان لائق بها، ونأمل إعادتها إلى موقعها».

أما هادي سي، فلا يُخفي صدمته لحظة تلقّي الخبر: «شعرتُ كأنّ ولداً من أولادي خُطف منّي». نسأله: هل يبقى العمل الفنّي امتداداً لجسد الفنان، أم يبدأ حياته الحقيقية حين يخرج إلى العلن؟ فيُجيب: «بعرضه، يصبح للجميع. أردته رسالة ضدّ الانغلاق وكلّ ما يُفرّق. في المنحوتة صرخة تقول إنّ الجدار لا يحمينا، وإن شَقَّه هو قدرُنا نحو العبور».

كان الجدار مفتوحاً على الناس قبل أن تُغلق عليه ليلة بيروت (صور هادي سي)

ما آلَمَه أكثر هو غياب أيّ إشعار مُسبَق. فـ«منحوتة ضخمة تُزال بهذه الطريقة» جعلته يشعر بأنّ «الفنان في لبنان غير مُحتَرم ومُهدَّد». يؤكد أنّ «الفعل مقصود»، لكنه يمتنع عن تحديد أيّ جهة «لغياب الأدلّة».

يؤمن سي بأنّ الفنّ أقرب الطرق إلى الإنسان، والذاكرة، وإنْ مُحيَت من المكان، لا تُنتزع من أصحابها. كثيرون تواصلوا معه تعاطفاً، وقالوا إنهم لم يتعاملوا مع المنحوتة على أنها عمل للمُشاهدة فقط، وإنما مرّوا في داخلها كأنهم يخرجون من «رحم أُم نحو ولادة أخرى». لذلك يأمل أن تجد مكاناً يسمح بقراءتها من جديد على مستوى المعنى والأمل: «إنها تشبه بيروت. شاهدة على المآسي والنهوض، ولم تَسْلم من المصير المشترك».

من جهتها، تُشدّد مديرة المبيعات والتسويق في «لوغراي»، دارين مدوّر، على أنّ الفندق «مساحة لاحتضان الفنّ واستضافة المعارض ومواكبة الحركة الثقافية البيروتية». وتنفي لـ«الشرق الأوسط» أيّ علاقة للفندق بقرار إزالة المنحوتة: «الرصيف الذي وُضعت عليه لا يعود عقارياً لنا، ولا نملك سُلطة بتّ مصيرها. بُلِّغنا، كما الجميع، بتغيير موقعها، لا أكثر ولا أقل».


بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
TT

بشعار «في حب السينما»... انطلاق عالمي لمهرجان البحر الأحمر

جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)
جمانا الراشد رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي تتوسط أعضاء لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام (إدارة المهرجان)

تحت شعار «في حب السينما»، انطلقت فعاليات الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في جدة، وسط حضور كبير لنجوم وصنّاع السينما، يتقدمهم الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة، وجمانا الراشد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة البحر الأحمر السينمائي، إلى جانب أسماء سعودية بارزة في مجالات الإخراج والتمثيل والإنتاج.

ويواصل المهرجان، الذي يمتد من 4 إلى 13 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، ترسيخ موقعه مركزاً لالتقاء المواهب وصناعة الشراكات في المنطقة. وشهدت سجادة المهرجان الحمراء حضوراً مكثفاً لشخصيات سينمائية من مختلف دول العالم. وجذبت الجلسات الحوارية الأولى جمهوراً واسعاً من المهتمين، بينها الجلسة التي استضافت النجمة الأميركية كوين لطيفة، وجلسة للممثلة الأميركية كريستن دانست، وجلسة لنجمة بوليوود إيشواريا راي. وافتُتح المهرجان بفيلم «العملاق»، للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، في عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو فيلم يستعرض سيرة الملاكم البريطاني اليمني الأصل نسيم حميد بلقبه «ناز».

ويسعى المهرجان هذا العام إلى تقديم برنامج سينمائي متنوع يضم عروضاً عالمية مختارة، وأعمالاً من المنطقة تُعرض للمرة الأولى، إضافة إلى مسابقة رسمية تستقطب أفلاماً من القارات الخمس. كما يُقدّم سلسلة من الجلسات، والحوارات المفتوحة، وبرامج المواهب، التي تهدف إلى دعم الأصوات الجديدة وتعزيز الحضور العربي في المشهد السينمائي الدولي.