4 تحديات تواجه صناعة البتروكيميائيات الخليجية

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: الأحداث الوبائية والجيوسياسية والتباطؤ العالمي سبب تراجع نموها

موقع تابع لشركة «سابك» السعودية في جيلين (الشركة)
موقع تابع لشركة «سابك» السعودية في جيلين (الشركة)
TT

4 تحديات تواجه صناعة البتروكيميائيات الخليجية

موقع تابع لشركة «سابك» السعودية في جيلين (الشركة)
موقع تابع لشركة «سابك» السعودية في جيلين (الشركة)

في السنوات الخمس الأخيرة، تواجه شركات البتروكيميائيات الخليجية تحديات كبيرة نتيجة تسارع الأحداث الوبائية والجيوسياسية، وتباطؤ النمو في أغلب الاقتصادات العالمية التي كانت تمثل الوجهة الأولى لشركات البتروكيميائيات الخليجية، بالإضافة إلى تحديات أخرى تؤثر على ربحيتها وقدرتها التنافسية.

وأشار مختصون ومحللون خلال حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى 4 تحديات رئيسية تواجهها شركات القطاع، وتتمثل في ضعف النهج الابتكاري في استراتيجياتها وانخفاض إنفاقها على الأبحاث والتطوير، ومحدودية القدرات الإنتاجية للصناعات التحويلية في الأسواق المحلية، وكذلك الظروف الجيوسياسية والتحالفات التجارية التي أثرت على سلاسل الإمداد، والقيود البيئية العالمية على المنتجات الهيدروكربونية، وما تواجهه صناعة البتروكيميائيات العالمية من تحديات بسبب السياسات البيئية التي يتبناها كثير من الدول.

أحد المواقع التابعة لشركة الخليج لصناعة البتروكيميائيات «جيبك» (الشركة)

التحول الاستراتيجي والابتكار

ويرى خبير الشراكات الاستراتيجية الدولية، عضو «جمعية الاقتصاد» السعودية، المهندس فارس القضيبي، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن مستقبل شركات البتروكيميائيات الخليجية يعتمد على قدرتها على تجاوز مرحلة التحول التي تمر بها الأسواق منذ جائحة كورونا. ولفت إلى أن تسارع الأحداث الوبائية والجيوسياسية خلال السنوات الخمس الماضية، أثّر بشكل واضح على أداء العديد من شركات القطاع، ودفعها لإعادة بناء استراتيجياتها لمواكبة التغير الملحوظ في الأسواق، خصوصاً في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين ودول آسيوية أخرى، والتي تعد الوجهة المفضلة للمنتجات البتروكيميائية الخليجية.

وأشار القضيبي إلى أن «نجاحات شركات البتروكيميائيات في المنطقة اعتمدت لعقود من الزمن على الميزة التنافسية لأسعار اللقيم المدعومة من الحكومات، ولم تكن هناك استراتيجيات نمو واضحة لمرحلة ما بعد الدعم، وأصبح من الواضح أن مستقبل هذه الشركات سيكون مرهوناً بقدرتها على التحول الاستراتيجي من التركيز على المنتجات الأساسية الموجهة للأسواق الاستهلاكية إلى الدخول في منتجات ذات قيمة مضافة موجهة لصناعات واعدة واستراتيجية لمواكبة التغير المستمر والسريع في العديد من الأسواق».

وحدّد القضيبي 4 تحديات رئيسية تواجه شركات البتروكيميائيات الخليجية:

- ضعف النهج الابتكاري في الاستراتيجيات: أشار إلى أن التقارير المالية لبعض الشركات تظهر ضعفاً في الإنفاق على البحث والتطوير.

- محدودية القدرات الإنتاجية للصناعات التحويلية المحلية: على الرغم من الاستراتيجيات الداعمة للتوطين، لا يزال القطاع الصناعي الخاص في دول الخليج دون المأمول من حيث القدرات الإنتاجية. هذا الاعتماد على الأسواق الخارجية، خصوصاً الصين والهند، يجعل من الصعب إعادة توجيه المنتجات للأسواق المحلية، ما أدى إلى إغلاق العديد من وحدات الإنتاج. وتبقى آفاق النمو متاحة في حال كانت الطلب المحلي مدفوعاً باستراتيجية مبتكرة لتصدير منتجات تحويلية نوعية.

- الظروف الجيوسياسية والتحالفات التجارية: أثرت الظروف الجيوسياسية خلال السنوات الأربع الماضية، على سلاسل الإمداد للعديد من الشركات في المنطقة، كما أثرت على التزامات الشركات تجاه زبائنها في مختلف أنحاء العالم نظراً للتهديدات اللوجيستية المتكررة تجاه شركات الشحن، الأمر الذي جعل أسعار التوريد غير مستقرة، ما يتيح خيارات أخرى للمشترين في البحث عن منتجين آخرين بعيداً عن مناطق التوترات الجيوسياسية، وما قد يؤثر تماماً على مستقبل علاقات الشركات تجاه عملائها. كما أن التحالفات التجارية والرسوم الحمائية الأميركية تدفع الشركات الخليجية لإعادة تقييم استراتيجياتها تجاه الأسواق الأميركية، والنظر في إمكانية بناء تحالفات لنقل جزء من عمليات التصنيع إلى الولايات المتحدة.

- القيود البيئية العالمية على المنتجات الهيدروكربونية والتي تفرض على القطاع زيادة الإنفاق لتطوير منتجات تقنية وتجارية منخفضة الكربون لتكون أكثر توافقاً مع البصمة الحالية والإسهام في التوازن البيئي، الأمر الذي يزيد من تكلفة التطوير والإنتاج ويزيد من تعقيدات الوصول للأسواق المستهدفة.

وحول إمكانية تغلب شركات القطاع على هذه التحديات، يرى خبير الشراكات الاستراتيجية الدولية أنها «تحتاج إلى حل هجيني يضع صنّاع السياسات الخليجية والشركات الكبرى في القطاع في قالب واحد من أجل وضع خريطة طريق لمواجهة التحديات التي تواجهها شركات البتروكيميائيات الخليجية في الأسواق العالمية، ومنها وفرة الإنتاج في الصين والولايات المتحدة والمشاكل البيئية في أوروبا وقضايا الإغراق في أسواق الهند».

عضو «جمعية الاقتصاد» السعودية المهندس فارس القضيبي

واقترح أن «تتحد الشركات الخليجية، على غرار (أوبك بلس)، لتوجيه منتجاتها نحو الأسواق المحتملة والتوافق على التوسعات المستقبلية لقدراتها الإنتاجية، سواء لأعمالها في دول الخليج أو عالمياً، وأن يصل هذا التوافق إلى مستوى التخصص في المنتجات لتشكيل تكتل أمام القدرات الأميركية والصينية وكذلك الأوروبية، بالإضافة إلى ربط أسعار اللقيم وأي مزايا نسبية أخرى للشركات الخليجية في كفاءة استراتيجيات الأبحاث والتطوير للشركات، وكذلك وضع معايير واضحة لمتابعة أعمال البحث والتطوير وتقييمها بشكل مستمر».

بناء التحالفات

من جهته، قال المحلل المالي طارق العتيق خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن قطاع البتروكيميائيات الخليجي لا يزال يمر بتحديات كبيرة في السنوات الأخيرة، وسجل معظم شركاته مستويات منخفضة في هوامش ربحيتها، في ظل تراجع بوادر للانتعاش، سواء في الاقتصاد العالمي أو في الاقتصاد الصيني بشكل خاص.

وأشار إلى أن أي انتعاش مقبل قد يستغرق وقتاً أطول لعودة شركات القطاع إلى المسار الصحيح، كما يتطلب خطوات كبيرة وحاسمة من هذه الشركات في إعادة هيكلة نفسها واستراتيجياتها والتركيز على الاستثمار في التقنيات الجديدة بالتقاط الكربون، وكذلك الدخول في تحالفات استراتيجية واندماج بين شركات القطاع لخفض التكاليف التشغيلية، بالإضافة إلى التوجه نحو الأسواق الناشئة، ذات النمو المتوقع على الطلب على منتجات البلاستيك والأسمدة والمبيدات، للخروج من حالة التباطؤ والانكماش، والنهوض من جديد.

وأشار العتيق إلى أن نحو 85 في المائة من إنتاج شركات البتروكيميائيات الخليجية يُصدر إلى أسواق عالمية تتجاوز أكثر من 100 دولة على مستوى قارات العالم، كما يبلغ حجم القيمة الإجمالية لصادراتها أكثر من 85 مليار دولار سنوياً، إلا أنها تواجه في الفترة الحالية تحديات وصعوبات كبيرة ستؤثر على مستقبل شركات القطاع، من أبرزها الحرب التجارية والرسوم الحمائية، والتي يتوقع أن تأخذ زخماً كبيراً بين الصين والولايات المتحدة، وبقية الدول المستهلكة لسوق البتروكيميائيات والمتأثرة بهذه الحرب الحمائية التجارية، والتي ستشكل عبئاً إضافياً على القطاع، بالإضافة إلى الفائض في المعروض من المنتجات البتروكيميائية.


مقالات ذات صلة

العلاقات السعودية - الأميركية... عام تعزيز المصالح السياسية والتعاون الدفاعي

خاص من مراسم استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الحديقة الجنوبية بالبيت الأبيض نوفمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

العلاقات السعودية - الأميركية... عام تعزيز المصالح السياسية والتعاون الدفاعي

كرّست الشراكة السعودية الأميركية في 2025 موقع الرياض كوسيط دولي موثوق انعكس أيضاً في حزمة اتفاقيات شملت الدفاع الاستراتيجي والذكاء الاصطناعي والطاقة وغيرها.

غازي الحارثي (الرياض)
تحليل إخباري أعلام دول مجلس التعاون الخليجي معلقة في سوق المباركية بمدينة الكويت (رويترز)

تحليل إخباري كيف أصبح الخليج ملاذاً للاستثمارات الآسيوية وسط اضطرابات الأسواق الكبرى؟

شهدت سندات وقروض الخليج العربي تدفقاً كبيراً من المستثمرين الآسيويين هذا العام، ما يعكس تعميق العلاقات التجارية والمالية مع المنطقة سريعة النمو.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي - سنغافورة)
عالم الاعمال «فولكس واغن» تؤكد أهمية أسواق الخليج في استراتيجيتها العالمية

«فولكس واغن» تؤكد أهمية أسواق الخليج في استراتيجيتها العالمية

تعزّز شركة «فولكس واغن» الألمانية حضورها في أسواق الخليج، والسعودية بوصفها ركيزة رئيسية في استراتيجيتها العالمية

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الولايات المتحدة​ متظاهرون يحملون العلم السوري أمام البيت الأبيض في 10 نوفمبر الماضي (رويترز)

الكونغرس لإلغاء «قيصر» من دون شروط

بعد عملية شد حبال طويلة توصل الكونغرس إلى اتفاق من شأنه أن يلغي عقوبات قيصر على سوريا نهائياً.

رنا أبتر (واشنطن)
الخليج ولي العهد السعودي وأمير قطر خلال جلسة المباحثات في قصر اليمامة بالرياض (واس) play-circle 00:39

أسبوع من النشاط الدبلوماسي في تعزيز العلاقات السعودية - القطرية

سجّلت العلاقات السعودية - القطرية نشاطاً لافتاً مؤخّراً، وتعزّز خلال أقل من الأسبوع عبر مجموعة مجريات تُوّجت عبر جلسة المباحثات الرسمية، واجتماع مجلس التنسيق.

غازي الحارثي (الرياض)

مساهمو «إلكترونيك آرتس» يوافقون على صفقة بيع بـ55 مليار دولار لتحالف «الاستثمارات العامة»

مقر شركة «إلكترونيك آرتس» الأميركية (رويترز)
مقر شركة «إلكترونيك آرتس» الأميركية (رويترز)
TT

مساهمو «إلكترونيك آرتس» يوافقون على صفقة بيع بـ55 مليار دولار لتحالف «الاستثمارات العامة»

مقر شركة «إلكترونيك آرتس» الأميركية (رويترز)
مقر شركة «إلكترونيك آرتس» الأميركية (رويترز)

وافق مساهمو شركة «إلكترونيك آرتس» الأميركية - إحدى أبرز شركات ألعاب الفيديو وناشرة سلاسل شهيرة مثل «إي إيه سبورتس إف سي» و«باتلفيلد» - على صفقة الاستحواذ النقدية البالغة 55 مليار دولار، التي يقودها «صندوق الاستثمارات العامة» السعودي ضمن تحالف استثماري يضم أيضاً شركتَي «سيلفر ليك» و«أفينيتي بارتنرز»، وفقاً لما نقلته وكالة «بلومبرغ» للأنباء.

ووفق ما أعلنته الشركة في وقت سابق، فإن العرض يمنح مساهمي «إلكترونيك آرتس» 210 دولارات نقداً لكل سهم، وهو ما يمثل علاوة مقارنة بسعر السهم قبل الإعلان عن الصفقة، على أن تتحول الشركة إلى كيان خاص بعد إتمام الاستحواذ.

وتُعدّ الصفقة محطة مفصلية في مسيرة «إلكترونيك آرتس» الممتدة على مدار 4 عقود، في وقت يكثف فيه «صندوق الاستثمارات العامة» حضوره في قطاع الألعاب والترفيه التفاعلي ضمن توجهات تنويع الاقتصاد، وبناء منظومة عالمية للألعاب والرياضات الإلكترونية.

وبموجب الاتفاق، فسيستحوذ التحالف على 100 في المائة من أسهم «إلكترونيك آرتس»، مع تدوير «صندوق الاستثمارات العامة» حصته القائمة (9.9 في المائة) ضمن هيكل الملكية الجديد. وتتوقف الصفقة على استكمال الإجراءات المعتادة، في مقدمتها الموافقات التنظيمية، مع توقع إتمامها خلال الربع الأول من السنة المالية 2027.

وكان تركي النويصر، نائب المحافظ رئيس «الإدارة العامة للاستثمارات الدولية» في «صندوق الاستثمارات العامة»، قد قال إن «الصندوق» يتمتع بمكانة ريادية في قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية عالمياً عبر بناء منظومات متكاملة، مؤكداً أن الشراكة تستهدف دعم نمو «إلكترونيك آرتس» على المدى الطويل وتحفيز الابتكار في صناعة الألعاب عالمياً.


وزارة الكهرباء العراقية: توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل

وزارة الكهرباء العراقية (إكس)
وزارة الكهرباء العراقية (إكس)
TT

وزارة الكهرباء العراقية: توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل

وزارة الكهرباء العراقية (إكس)
وزارة الكهرباء العراقية (إكس)

ذكرت وكالة الأنباء العراقية أن وزارة الكهرباء أعلنت، ‌اليوم ‌(الثلاثاء)، «‌توقف (⁠إمدادات) الغاز ​الإيراني ‌بالكامل» إلى البلاد، دون الكشف عن أسباب ذلك.

وأوضحت ⁠الوزارة أن ‌انقطاع ‍إمدادات ‍الغاز الإيراني ‍أدى إلى «خسارة المنظومة الكهربائية ما ​بين 4000 و4500 ⁠ميغاواط» من الطاقة الكهربائية في الشبكة.

وأشارت الوزارة إلى اتخاذ إجراءات بديلة لتجاوز الأزمة بمحطات الإنتاج لحين معاودة عملها.

وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى، في بيان، إن «ضخ الغاز الإيراني متوقف بالكامل، وخسارة المنظومة الكهربائية ما بين (4000 و4500 ميغاواط)، نتيجة توقف بعض الوحدات التوليدية وتحديد أحمال وحدات أخرى بمحطات الإنتاج، مما أثر على ساعات التجهيز». وأضاف أن «الجانب الإيِراني أرسل برقية أشعر فيها وزارة الكهرباء بتوقف ضخ الغاز بشكل كامل لظروف طارئة»، مبيناً أن «الوزارة لجأت إلى الوقود البديل المحلي بالتنسيق مع وزارة النفط لتجهيز محطات الكهرباء».

وأكد أن «الإنتاج تحت السيطرة، ولا تزال المحطات عاملة رغم تأثر بعضها بنقص الغاز»، موضحاً أن «الكهرباء استعدَّت لذروة الأحمال الشتوية من خلال عمليات الصيانة والتأهيل والتوسعة الجارية في محطات توليد الكهرباء»، فيما أشار إلى أن «هناك تنسيقاً مع وزارة النفط لسد الحاجة المحلية لحين عودة ضخ الغاز المستورد».


جنون الفضة يكسر حاجز 70 دولاراً للأونصة

سبائك فضية في مصفاة بإسطنبول في تركيا (رويترز)
سبائك فضية في مصفاة بإسطنبول في تركيا (رويترز)
TT

جنون الفضة يكسر حاجز 70 دولاراً للأونصة

سبائك فضية في مصفاة بإسطنبول في تركيا (رويترز)
سبائك فضية في مصفاة بإسطنبول في تركيا (رويترز)

سجّلت الفضة قفزة تاريخية جديدة، متجاوزة حاجز 70 دولاراً للأونصة يوم الثلاثاء، مدفوعة بمزيج من الطلب القوي من القطاعَين الصناعي والاستثماري، وتراجع المخزونات العالمية، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، إلى جانب رهانات متزايدة على مزيد من خفض أسعار الفائدة الأميركية.

وارتفعت الأسعار الفورية للفضة بنسبة 1.5 في المائة لتبلغ 70.06 دولار للأونصة بحلول الساعة 13:14 بتوقيت غرينتش، بعد أن لامست أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 70.18 دولار للأونصة، في إشارة واضحة إلى زخم صعودي قوي في سوق المعادن النفيسة.

الطلب يفوق المعروض

يشير الخبراء إلى أن قيمة الفضة ارتفعت أيضاً نتيجة الطلب القوي من صناعة التكنولوجيا الذي تجاوز المعروض المتاح. وقد ساعد هذا على مضاعفة قيمة الفضة أكثر من مرة خلال هذا العام، إذ تفوقت على المعادن الثمينة الأخرى، بما في ذلك الذهب.

وقال كوزماس ماريناكيس، من جامعة «سنغافورة الإدارية»: «الفضة ليست مجرد أداة استثمارية، بل هي أيضاً مورد مادي»، مضيفاً أن المزيد من الشركات المصنعة بدأت تجد حاجة متزايدة إلى هذه المادة.

ويُستخدم هذا المعدن النفيس الذي يتمتع بقدرة عالية على توصيل الكهرباء أفضل من الذهب أو النحاس، في إنتاج منتجات مثل السيارات الكهربائية (EVs)، والألواح الشمسية.

ويتوقع الخبراء أن تؤدي المبيعات المتزايدة للسيارات الكهربائية إلى زيادة الطلب على الفضة، في حين ستتطلب البطاريات المتقدمة لهذه السيارات كميات أكبر من المعدن. ومع ذلك، من الصعب زيادة معروض الفضة بسرعة، إذ إن أغلب الإنتاج العالمي يأتي بوصفه مُنتَجاً ثانوياً من مناجم تستخرج أساساً معادن أخرى مثل الرصاص أو النحاس أو الذهب.

كما أن سعر الفضة يتعزّز بسبب المخاوف من أن تفرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية عليها، بوصفه جزءاً من سياسات التجارة للرئيس دونالد ترمب.

وقد أدت المخاوف من فرض تعريفات محتملة إلى تخزين كميات كبيرة من الفضة في الولايات المتحدة، مما نتج عنه نقص في المعروض بمناطق أخرى من العالم. وتستورد الولايات المتحدة نحو ثلثَي حاجتها من الفضة التي تُستخدم في التصنيع وكذلك في صناعة المجوهرات والاستثمار.

وأوضح البروفسور ماريناكيس أن الشركات المُصنّعة تتسابق لتأمين الإمدادات لضمان استمرار عملياتها دون انقطاع بسبب النقص، وهو ما أسهم في دفع الأسعار إلى الارتفاع في الأسواق العالمية.

وأضاف أنه يتوقع استمرار ارتفاع أسعار الفضة خلال الأشهر المقبلة، مع بقاء الطلب متفوقاً على المعروض.

هل يمكن للفضة أن تتفوق على الذهب في 2026؟

قفز سعر الفضة الفوري بأكثر من 140 في المائة منذ بداية العام، متجاوزاً مكاسب الذهب التي فاقت 70 في المائة، بدعم من الطلب الاستثماري القوي، وإدراجها ضمن قائمة المعادن الحيوية في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الزخم القوي لعمليات الشراء.

ويقول مدير التسويق في بورصة المعادن الثمينة الأميركية، بريت إليوت: «لقد تفوّقت الفضة على الذهب بفارق كبير هذا العام».

ويشير إليوت إلى أنه على الرغم من أن الذهب حقق مكاسب كبيرة منذ بداية العام، فإن ارتفاع الفضة كان أكثر وضوحاً وكبيراً.

ويضيف: «لكي يكرر الذهب أداءه، عليه أن يتجاوز 6300 دولار للأونصة. أما الفضة فيجب أن تصل إلى 86 دولاراً للأونصة. وإذا كان الذهب سينافس الفضة تحت هذه الظروف فسيحتاج حينها إلى تجاوز 7000 دولار للأونصة».

ويُظهر محلل المعادن الثمينة، مؤسس موقع «ذا غولد أدفايزر»، جيف كلارك، تفاؤله تجاه كلا المعدنَين.

ويقول كلارك: «استناداً إلى الاتجاهات التاريخية وأبحاثنا، نحن واثقون بأن أسعار الذهب والفضة سترتفع في 2026. تحديد الأسعار بدقة صعب، وهذا ينطبق على أي أصل. لكن كلا المعدنين يمر حالياً بمرحلة تراكم، وعندما يخرج كل منهما فلن يكون من المفاجئ أن يصل الذهب إلى 5000 دولار والفضة إلى 75 دولاراً. وإذا لم يحدث ذلك في 2026 فقد يكون في 2027».

كما يرى إليوت أن كلا المعدنين قد يواصل الصعود العام المقبل.

ويقول: «يبدو أن احتمال تجاوز الذهب 5000 دولار للأونصة وارد، خصوصاً بعد أن سجل رقماً قياسياً عند 4400 دولار. أما الفضة فمرشحة لتخطي 60 دولاراً وربما تحدي 70 دولاراً، وهو أمر مبرر بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الكلية التي تخلق ندرة وزيادة في الطلب».