بينما تنتعش الأغنية الدينية في مواسم محددة في مصر، ويتكرر بثها عبر الشاشات وأثير الإذاعة بأصوات أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وليلى مراد ومحمد فوزي وشادية وياسمين الخيام، فإنها ظهرت خلال السنوات الأخيرة بشكل شحيح.
وأعلن الفنان المصري بهاء سلطان عن إطلاقه أغنية دينية جديدة بالتزامن مع موسم الحج بعنوان «جد الحسين» بالتعاون مع الفنان محمد السيسي.
وكان سلطان قدم خلال رمضان الماضي أغنية «صاحبي» في مسلسل «ولاد الشمس»، وحظيت بتفاعل وانتشار كبيرين.
وأبدى الناقد الفني المصري، أحمد سعد الدين، حماسه للأغنية الجديدة التي أعلن عنها بهاء سلطان تحت عنوان «جد الحسين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تأتي هذه الأغنية في وقت نعاني فيه من قلة وجود الأغاني الدينية، وارتباطها بالمناسبات، خصوصاً في مناسبة الحج، دائماً ما تتكرر أغنية ليلى مراد (يا رايحين للنبي الغالي)».
وأضاف: «توجه بهاء سلطان لتقديم أغنية دينية جديدة أمر مبشر، خصوصاً أن صوته جميل ومحبوب للغاية، وأتمنى أن تكون هذه الأغنية بداية لمجموعة من الأغنيات الدينية الجديدة التي تثري المجال الفني».

ارتبطت الأغنية الدينية بأسماء معينة في السابق، وكان أكثر من اشتهر بكتابتها عبد الفتاح مصطفى، وقام بتلحينها محمد الموجي، في مجموعة أدعية قدمها عبد الحليم حافظ في رمضان تحت عنوان «يا رب»، وقدم بليغ حمدي مع سيد النقشبندي مجموعة من الأدعية والابتهالات اشتهرت كإحدى العلامات البارزة مثل دعاء «مولاي».
ويرى المتخصص في الموسيقى العربية بأكاديمية الفنون المصرية، الدكتور محمد شبانة، أن «الوسائط الجديدة يمكن أن تمنح الأغنية الدينية على تنوعها مجالاً زمنياً يجعلها تتجاوز ارتباطها بالمناسبات».
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يعتمد الأمر على قدرة هذه الأغاني على الانتشار وتحقيق الربح فيما يعرف بالأغنية التجارية، وهو أمر يعتمد على شهرة المطربين الجدد الذين يقدمونها، وقدرتهم على ترويجها».
ولفت شبانة إلى ارتباط الأغاني الدينية بالمناسبات منذ بدايات القرن العشرين، مستشهداً بأغانٍ عديدة لأم كلثوم، خصوصاً أغنيتها الأخيرة «القلب يعشق كل جميل» والتي ارتبطت أيضاً بموسم الحج.
وأشار إلى أغانٍ قدمتها أسمهان وليلى مراد ومحمد فوزي وغيرهم من الأجيال التالية، ومجموعة الأدعية التي قدمها عبد الحليم حافظ، لافتاً إلى المحاولة التي قام بها عمرو دياب لإعادة هذه التجربة بمجموعة أدعية أيضاً خلال شهر رمضان.

وأكد شبانة أن «الأمر مرهون دائماً بوسائط الميديا، وقدرتها على حمل الأغنية إلى آفاق الشهرة»، موضحاً أن «المنشدين الحقيقيين لهم جمهور كبير، خصوصاً في الصعيد»، واعتبر أن هذا المستوى من الأغاني الدينية لا يرتبط بمواسم أو مناسبات، ولا يتسم بالشح مثل الأغاني التجارية في هذا المجال.
واشتهرت شادية في آخر مشوارها الغنائي بتقديم عدد من الأغاني الدينية، وكذلك ياسمين الخيام، كما قدم الفنان محمد منير ألبوماً كاملاً للأغنية الدينية بعنوان «الأرض والسلام» واشتهر بأغنية «مدد يا رسول الله» عام 2002، كما انطلق الفنان أحمد سعد في بداياته بوصف أنه مطرب ابتهالات وتواشيح، قبل أن يتجه للأغاني العاطفية.
ومن بين الفنانين الذين اهتموا بتقديم الأغنية الدينية خلال الفترة الأخيرة، الفنان تامر حسني الذي قدم عدداً من الأغاني الدينية من كلماته وألحانه، ونشرها بالتزامن مع حلول شهر رمضان الماضي، ومن بينها أغنيات «شهر رمضان» و«الجنة في بيوتنا» و«يا رب أنا تعبان» و«يا أرحم الراحمين».

ويعزو الشاعر الغنائي المصري فوزي إبراهيم قلة الأغاني الدينية عموماً إلى ارتباطها بالمناسبات، موضحاً: «عندما كانت هيئة الإذاعة والتلفزيون تتولى إنتاج الأغاني الدينية، كانوا ينتجونها في المناسبات، لكنها كانت تبيع هذه الأغاني لمحطات وقنوات متعددة تذيعها كثيراً، فنشعر أنها موجودة طوال الوقت».
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتباط هذه الأغنية بأسماء بعينها، مثل محمد الكحلاوي وزينب يونس وغيرهما، جعلها محصورة في إطار شعبي، مؤكداً أن «تطور وسائل الميديا ووسائط عرض الأغاني شكل بديلاً مهماً للقنوات الرسمية التي كانت تنتج هذه الأغاني، والآن هذه الأغاني الدينية يمكنها أن تحقق مكسباً في الديجيتال ووسائل الميديا الجديدة، مما قد يشجع مطربين وجهات إنتاج على تقديمها لتحقيق الربح».


