ما إن وصلت أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان إلى انفراجة نسبية، حتى عادت إلى التعقيد والتوتر بعد أن أثار وزير الخارجية الأسبق، هوشيار زيباري، غضب التحالف الحاكم؛ إذ لوّح بـ«عقوبات على بغداد».
وكتب زيباري على منصة «إكس»: «إن قرار حكومة (محمد شياع) السوداني، و(تحالف) الإطار التنسيقي (الحاكم)، بإيقاف تمويل رواتب موظفي إقليم كردستان، وفي توقيت سيئ للغاية، يمثل محاولة للعقوبة الجماعية وتجويع المواطنين من خلال التذرع بحجج مالية وإدارية».
وأضاف زيباري: «هذه السياسات لن تمر مرور الكرام؛ فالتاريخ السياسي العراقي يؤكد أن المعتدي سيُعاقَب».
وقبل ساعات من منشور زيباري، كانت تقارير صحافية تفيد بأن رئيس الحكومة العراقية يخطط لإرسال أحد قادة «الإطار التنسيقي» إلى أربيل بهدف تخفيف التوتر، بينما كان الحزب الديمقراطي، الذي ينتمي إليه زيباري، قد أكد تلقيه «إشارات إيجابية» من السلطات السياسية والقانونية في بغداد.
وانهالت على زيباري مواقف سياسية من أحزاب متنفذة في بغداد؛ ما أثار مخاوف من إمكانية عدم حل الأزمة قبل عيد الأضحى.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن رئاسة وزراء إقليم كردستان عقدت، الأربعاء، اجتماعاً لبحث قضية الرواتب بوصفها «واحدة من أكثر القضايا حساسية في هذه الأيام»، حيث تترقب أوساط شعبية في الإقليم حسم الأمر.

أزمة ثقة... وتدويل
وفي سياق الجدل المستمر بين بغداد وأربيل حول الأزمة وما يمكن أن يترتب عليها من آثار مستقبلية، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي، إن «التهديدات الأخيرة بين المركز والإقليم ناتجة من أزمة الثقة بين الطرفين».
وأضاف الفيلي: «هناك مؤشرات بأن الكرد يعوّلون على قرار المحكمة الاتحادية الصادر عام 2024، والذي ألزم الحكومة الاتحادية والإقليم بدفع رواتب موظفي الإقليم، خصوصاً أن الخلاف بين الطرفين يعود إلى غياب علاقة وفق النظام المؤسساتي».
وأوضح الفيلي أن «المركز يطرح فكرة مفادها أن على الإقليم تسليم واردات النفط، بينما ليس هناك حالياً نفط يُصدَّر من الإقليم، بل هناك إنتاج متفق عليه يُسلَّم إلى شركة (سومو) الوطنية».
ورجّح الفيلي أن تلجأ السلطات في إقليم كردستان إلى «تدويل القضية في المحاكم الخارجية، خاصةً أنها ترى موقفها قوياً بقرار المحكمة الاتحادية».
وقال الفيلي: «بعد التدويل، هناك إجراءات يمكن أن تترتب على ذلك، حيث يبدو أن زيارة رئيس حكومة الإقليم، مسرور بارزاني، إلى واشنطن وتوقيعه عقوداً نفطية، يعطي الإقليم الدافع للمضي بالتدويل».

مكاشفة في مكتب السوداني
إلى ذلك، كشف النائب الثاني لرئيس البرلمان العراقي، شاخوان عبد الله، عن فحوى اجتماعٍ جمعه مع رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، في بغداد بشأن أزمة الرواتب.
وأشار عبد الله، في منشور على «فيسبوك»، إلى أنه التقى، برفقة وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، ووزير الإعمار، بنكين ريكاني، مع السوداني، الأحد الماضي؛ لمناقشة المشكلة. وقال: «كان اجتماعاً شفافاً، ونقلنا خلاله رسالة مسعود بارزاني، بأنه لا يمكن قطع رواتب المواطنين تحت أي ذريعة، لا سيما ونحن على مقربة من حلول العيد».
وأضاف: «وزارة المالية قطعت رواتب مواطني كردستان، وسيكون لهذه القضية رد فعل سيئ في كردستان». وتابع: «أحد الأعذار كان انخفاض الإيرادات المحلية، فذكرت أن السبب في بغداد؛ نظراً إلى نقاط التفتيش والجباية المفروضة بين إقليم كردستان وبغداد».
ولفت عبد الله إلى تفاصيل حوار دار مع السوداني، بقوله: «طلبت من رئيس الوزراء إزالة العقبات أمام تصدير النفط والسماح باستئناف عملية التصدير، حينها يُغلَق هذا الملف، ويجري تصدير النفط من قِبل الحكومة العراقية، وتُؤمَّن الحاجة المحلية للإقليم أيضاً. وهو قال بعد هذه المناقشات: (حسناً، دع المحكمة تُصدر أمراً ولائياً بناءً على شكوى، وأنا سأرسل الرواتب)».
