بسبب حرب ترمب التجارية... مجلس «الفيدرالي» منقسم حول مستقبل الفائدة

رئيس الاحتياطي الفيدرالي يتحدث خلال مؤتمر بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيس قسم التمويل الدولي بمجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (أ.ف.ب)
رئيس الاحتياطي الفيدرالي يتحدث خلال مؤتمر بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيس قسم التمويل الدولي بمجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

بسبب حرب ترمب التجارية... مجلس «الفيدرالي» منقسم حول مستقبل الفائدة

رئيس الاحتياطي الفيدرالي يتحدث خلال مؤتمر بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيس قسم التمويل الدولي بمجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (أ.ف.ب)
رئيس الاحتياطي الفيدرالي يتحدث خلال مؤتمر بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيس قسم التمويل الدولي بمجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (أ.ف.ب)

يواجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي انقساماً داخلياً حول مسار أسعار الفائدة، حيث تتأرجح الآراء بين الإبقاء على المعدلات الحالية لفترة أطول، أو الاستعداد لخفضها في وقت لاحق من هذا العام.

يأتي هذا الانقسام مع سعي المسؤولين لتحديد ما إذا كان أي تضخم ناتج عن الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس ترمب سيثبت أنه طويل الأجل أم عابر.

تباين في الرؤى

يُجادل بعض صانعي السياسات بضرورة «تجاوز» تأثير الرسوم الجمركية واعتباره مؤقتاً، وهو موقف من شأنه أن يفتح الباب أمام خفض محتمل لأسعار الفائدة. ومع ذلك، يعتقد العديد من أعضاء لجنة تحديد أسعار الفائدة أن هناك خطراً من أن يصبح التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية أكثر استمرارية، وفق «ياهو فاينانس».

ويقف محافظ الاحتياطي الفيدرالي كريس والر بقوة في المعسكر الأول. ففي خطاب ألقاه في سيول بكوريا الجنوبية، أكد والر على اعتقاده بأن أي تضخم ناجم عن الرسوم الجمركية لن يكون مستمراً، وأن توقعات التضخم مستقرة. وقال: «بناءً على اعتقادي بأن أي تضخم ناتج عن الرسوم الجمركية لن يكون مستمراً وأن توقعات التضخم مستقرة، فإنني أدعم تجاهل أي تأثيرات للرسوم الجمركية على التضخم في المدى القريب عند تحديد سعر الفائدة».

محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر يلقي كلمة رئيسة خلال مؤتمر دولي في بنك كوريا في سيول (إ.ب.أ)

يتوافق هذا الرأي مع وجهة نظر البيت الأبيض أن أي زيادات في الأسعار ستكون عابرة. وقد دعا ترمب نفسه مراراً الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه جيروم باول إلى خفض أسعار الفائدة.

وشدد والر على أن سوق العمل القوي والتقدم المحرز في احتواء التضخم حتى أبريل (نيسان) يوفران وقتاً إضافياً لمعرفة كيفية تطور المفاوضات التجارية والاقتصاد. ومع ذلك، يرى سيناريو يدعم فيه خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام إذا استمر التضخم في إحراز تقدم نحو هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة، وظل سوق العمل قوياً، واستقر معدل الرسوم الجمركية الفعلي بالقرب من توقعاته الجديدة البالغة 15 في المائة.

من جانبه، ذكر رئيس الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أوستان غولسبي يوم الاثنين أن حالة عدم اليقين حول الرسوم الجمركية تخلق ما وصفه بـ«الضباب»، لكنه لا يزال يعتقد أن «المسار الأساسي» هو نحو أسعار فائدة أقل. وأضاف: «إذا تمكنا من تجاوز هذه الفترة المضطربة، فإن التفويض المزدوج لا يزال يبدو جيداً جداً بالنسبة لي».

رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو أوستن غولسبي يتحدث في القمة الاقتصادية لمعهد ستانفورد في كاليفورنيا (رويترز)

دعوات للحفاظ على أسعار الفائدة

في المقابل، كان أعضاء آخرون في الاحتياطي الفيدرالي، بمن في ذلك رئيس الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس نيل كاشكاري ورئيسة الاحتياطي الفيدرالي في دالاس لوري لوغان، أكثر صراحة بشأن الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة.

قال كاشكاري الأسبوع الماضي إنه يعتقد أن المحادثات التجارية قد تستغرق شهوراً أو سنوات لحلها، وأن زيادات الرسوم الجمركية قد تحدث بشكل متبادل مع رد فعل الشركاء التجاريين على بعضهم البعض. ولذلك، يريد الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة «حتى تتضح الرؤية بشكل أكبر بشأن مسار الرسوم الجمركية، وتأثيرها على الأسعار». وأضاف: «أجد هذه الحجج أكثر إقناعاً نظراً للأهمية القصوى التي أوليها للدفاع عن توقعات التضخم على المدى الطويل».

الرئيس التنفيذي لبنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس نيل كاشكاري في مقابلة مع «رويترز» (رويترز)

وأرسلت لوغان من جهتها رسالة قوية وغير مباشرة الأسبوع الماضي حول الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة في مواجهة دعوات ترمب لخفضها. وقالت إن أسعار الفائدة في «مكان جيد» الآن، وقد يستغرق الأمر «بعض الوقت لمعرفة ما إذا كان توازن المخاطر يتحول في اتجاه أو آخر». وأضافت أن تأثيرات تغييرات أسعار الفائدة تستغرق وقتاً لتظهر، ولتحقيق التوازن الصحيح، يحتاج الاحتياطي الفيدرالي إلى التفكير في اتجاه الاقتصاد، وليس فقط وضعه الحالي.

وأوضحت لوغان: «على المدى القصير، يمكن للبنك المركزي دائماً تعزيز التوظيف عن طريق خفض أسعار الفائدة. قد يستمتع الناس بذلك لفترة قصيرة. لكن بمرور الوقت، فإن الخفض المفرط لأسعار الفائدة سيؤدي إلى دوامة من التضخم». وكررت يوم الاثنين في دالاس أن هناك مخاطر على جانبي تفويض الاحتياطي الفيدرالي لاستقرار الأسعار، والتوظيف الكامل، وأن «السياسة النقدية في وضع جيد حقاً لكي ننتظر، ونكون صبورين، ونراقب البيانات، مع العلم أنه إذا تغيرت المخاطر بشكل جوهري على أي من الجانبين، فإننا في وضع جيد للتحرك».

رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في دالاس لوري لوغان تتحدث في مؤتمر للجمعية الوطنية لاقتصاديات الأعمال في دالاس (رويترز)

مخاوف من استمرار التضخم

وفقاً لمحاضر اجتماع السياسة النقدية الأخير للبنك المركزي في مايو، والتي صدرت الأسبوع الماضي، اعتقد بعض المسؤولين أن الرسوم الجمركية على السلع الوسيطة –الأجزاء المستخدمة في صناعة المنتجات، مثل الصلب أو الألمنيوم– يمكن أن تساهم في زيادة أكثر استمرارية في التضخم. وقد أعلن ترمب يوم الجمعة أنه سيضاعف الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50 في المائة من 25 في المائة.

اعتقد عدد قليل من المسؤولين في الاجتماع الأخير أن اضطرابات سلسلة التوريد الناجمة عن الرسوم الجمركية يمكن أن تكون لها أيضاً تأثيرات طويلة الأمد على التضخم، فهي تذكرنا بمثل هذه التأثيرات خلال الجائحة. ومع ذلك، قال العديد من المسؤولين إن عدداً من العوامل يمكن أن تعوض الارتفاع واستمرارية التضخم، بما في ذلك التخفيضات في زيادات الرسوم الجمركية من خلال المفاوضات التجارية، وانخفاض رغبة المستهلكين في زيادة الأسعار، واحتمال ضعف الاقتصاد، أو إذا سعت الشركات إلى زيادة حصتها في السوق بدلاً من رفع الأسعار.

قال والر يوم الأحد إنه يتوقع أن تكون تأثيرات التضخم مؤقتة، وأكثر وضوحاً في النصف الثاني من عام 2025. وأشار إلى أن ذلك سيعتمد على الحجم النهائي للزيادة، وعلى كيفية استجابة المصدرين والمستوردين. ويعتقد والر أن أي تضخم ناجم عن الرسوم الجمركية سيثبت أنه عابر، لأنه لا يوجد نقص في العمال كما كان الحال خلال الجائحة، ولا يوجد مؤشر حالياً على أن الرسوم الجمركية تسبب اضطرابات كبيرة في سلاسل التوريد، ولا توجد حزمة تحفيز حكومية ضخمة كما كانت خلال جائحة كوفيد-19.

ولاحظ أنه كان هناك القليل جداً من الأدلة على تأثيرات السياسات التجارية على التضخم، أو الاقتصاد حتى أبريل، لكن ذلك قد يتغير في الأسابيع المقبلة. واختتم والر قائلاً: «حتى اليوم، أرى مخاطر سلبية على النشاط الاقتصادي، والتوظيف، ومخاطر صعودية على التضخم في النصف الثاني من عام 2025، ولكن كيفية تطور هذه المخاطر ترتبط ارتباطاً وثيقاً بكيفية تطور السياسة التجارية».


مقالات ذات صلة

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

الاقتصاد يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

وول ستريت تتسم بالهدوء والترقب قبيل قرار الاحتياطي الفيدرالي

تذبذبت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت بين مكاسب وخسائر طفيفة، يوم الخميس، حيث قام المستثمرون بتحليل مجموعة من البيانات لتحديد توقعاتهم بشأن الفائدة.

«الشرق الأوسط» (نيويوك)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

عوائد سندات منطقة اليورو ترتفع قبل بيانات الوظائف الأميركية

ارتفعت عوائد السندات الحكومية في منطقة اليورو يوم الخميس، متأثرة بحركة سندات الخزانة الأميركية، في ظل تركيز المستثمرين على توقعات سياسة الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

توقعات خفض الفائدة تدفع الدولار لأدنى مستوياته في أسابيع

انخفض الدولار الأميركي، يوم الخميس، بعدما عزَّزت البيانات الاقتصادية الضعيفة مبررات خفض الفائدة المتوقع من جانب «الاحتياطي الفيدرالي»، الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد متداولون يعملون أمام شاشات المراقبة ببنك هانا في سيول (إ.ب.أ)

الأسهم الآسيوية تتباين وسط توقعات خفض الفائدة الأميركية

افتتحت الأسهم الآسيوية تداولات يوم الخميس بأداء متباين، بعد أن دعمت البيانات الاقتصادية الأضعف من المتوقع توقعات خفض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

العراق يصف تقلبات السوق الموازية الأخيرة بـ «التذبذب الطارئ»

رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)
رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)
TT

العراق يصف تقلبات السوق الموازية الأخيرة بـ «التذبذب الطارئ»

رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)
رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)

أكد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، يوم السبت، أن سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار ثابت عند 1320 ديناراً، مشدداً على أن التقلبات الأخيرة التي شهدتها السوق الموازية لا تمثل تأثيراً جوهرياً على الاستقرار الاقتصادي العام.

وكانت أسواق الصرف في العراق شهدت يوم الجمعة تحركات واضحة، بينما ازداد بحث المواطنين حول سعر الدولار في العراق.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن صالح وصفه هذه التقلبات بأنها «تذبذب طارئ ومؤقت» ناتج عن تأثيرات معلوماتية «غير دقيقة» أسماها في التحليل الاقتصادي بـ«الضوضاء الملوّنة». وأوضح أن هذه المعلومات المشوشة، التي تعتمد غالباً على الإشاعة، تؤدي إلى سلوك مضاربات قصيرة الأجل في السوق النقدية غير المنظمة.

الإصلاحات الحكومية تحمي استقرار الأسعار

أشار المستشار المالي إلى أن مثل هذه التحركات السعرية تُعد نموذجية في الفترات الانتقالية، خاصة مع استمرار البلاد في مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية، وبالتزامن مع تطبيق الحكومة لنظام الحوكمة الجمركية، وإجراءاتها الرقمية. وتتضمن هذه الإجراءات أنظمة التتبع الجمركي، والتطبيقات الرقمية الحديثة التي تهدف إلى تعزيز الشفافية، والانضباط في البيئة التجارية، والمالية.

وأكد صالح أن هذا التذبذب في سعر الدولار في السوق الموازية لم يترك أي أثر جوهري على استقرار المستوى العام للأسعار، حيث نجحت السياسة النقدية في تحقيق هدفها المتمثل في تثبيت الأسعار، والحفاظ على ثبات سعر الصرف الرسمي.

كما أكد صالح أن سياسة ثبات سعر الصرف مدعومة بـ«أسس جوهرية»، أبرزها كفاءة الاحتياطيات الأجنبية الكافية لدعم سعر الصرف الرسمي.

وفي سياق متصل، أشار إلى أن المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها البنك الدولي، ومؤسسات التمويل العالمية متعددة الأطراف، تنظر «بعين الارتياح» إلى الخطوات الإصلاحية التي تتخذها الحكومة العراقية في نطاق القطاع المصرفي، والاقتصادي.

وتُعد هذه الخطوات، وخاصة التوجه نحو تعزيز الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، ركائز أساسية لبناء اقتصاد متنوع، وداعم لـ«رؤية العراق 2050» للتنمية المستدامة.


«سبيس إكس» تطرح أسهماً داخلية بتقييم تاريخي يقترب من 800 مليار دولار

إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)
إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)
TT

«سبيس إكس» تطرح أسهماً داخلية بتقييم تاريخي يقترب من 800 مليار دولار

إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)
إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)

تستعد شركة «سبيس إكس» (SpaceX)، عملاق الصواريخ والأقمار الاصطناعية المملوكة لإيلون ماسك، لإجراء صفقة داخلية لبيع حصص من أسهمها، وهي الصفقة التي قد تدفع بتقييم الشركة إلى مستوى تاريخي غير مسبوق.

ووفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، قد يصل تقييم «سبيس إكس» إلى ما يناهز 800 مليار دولار، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق الذي سجلته شركة «أوبن إيه آي» المالكة لـ«تشات جي بي تي» والذي بلغ 500 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

هذا التقييم، الذي ناقشه مجلس إدارة الشركة مؤخراً، من شأنه أن يعيد «سبيس إكس» إلى صدارة الشركات الخاصة الأعلى قيمة عالمياً.

قفزة هائلة نحو التريليون وانتظار الطرح العام

يُتوقع أن يتم بيع الأسهم بسعر يزيد عن 400 دولار للسهم الواحد، مما يضع تقييم الشركة بين 750 و800 مليار دولار. ويمثل هذا التقييم زيادة هائلة، ومضاعفة للتقييم السابق للشركة الذي بلغ 400 مليار دولار في يوليو (تموز)، عندما باعت أسهماً بسعر 212 دولاراً للسهم.

وفي حال تأكيد هذا الرقم، فإن «سبيس إكس» ستنضم إلى مجموعة نادرة من أكبر 20 شركة عامة في العالم، متفوقة على العديد من عمالقة السوق، ومحتلة مرتبة أدنى بقليل من «تسلا»، الشركة الأخرى التي يملكها ماسك.

وتشير التكهنات إلى أن «سبيس إكس» قد تتجه نحو طرح عام أولي بحلول أواخر العام المقبل، وإذا تم الطرح بقيمة 800 مليار دولار، وبيع 5 في المائة من أسهمها، فإنه سيكون أكبر طرح عام على الإطلاق.

ريادة الفضاء والإنترنت

يعود هذا التقييم القياسي إلى هيمنة «سبيس إكس» على قطاع الفضاء، حيث تُعد الشركة الأكثر إطلاقاً للصواريخ في العالم بفضل صاروخها «فالكون 9» الذي ينقل الأقمار الاصطناعية والأشخاص إلى المدار. كما تُعد الشركة رائدة في توفير خدمات الإنترنت من المدار الأرضي المنخفض عبر مشروع «ستارلينك»، الذي يضم أكثر من 9000 قمر اصطناعي، متفوقة بفارق كبير على منافسيها، مثل مشروع «أمازون ليو» التابع لشركة «أمازون». وقد أدت هذه الأخبار إلى ارتفاع أسهم الشركات الشريكة، مثل «إيكو ستار»، بنسبة وصلت إلى 18 في المائة.

خيارات الطرح العام والتحول الاستراتيجي

رغم قدرة «سبيس إكس» على جمع التمويل بتقييمات تتجاوز 100 مليار دولار، مع تأجيل خطط الطرح العام، فإن فكرة الانفصال لا تزال قائمة. فقد طفت على السطح مجدداً مقترحات لفصل نشاط «ستارلينك» في شركة مطروحة للاكتتاب العام بشكل منفصل، وهي فكرة سبق أن اقترحتها الرئيسة جوين شوتويل في عام 2020. ومع ذلك، شكك ماسك علناً في هذا الاحتمال على مر السنين، بينما أشار المدير المالي بريت جونسن في عام 2024 إلى أن طرح «ستارلينك» سيكون شيئاً يحدث على الأرجح «في السنوات القادمة». وفي الوقت نفسه، تستمر «سبيس إكس» في تطوير مركبة «ستارشيب»، الصاروخ الأقوى على الإطلاق، والمصمم لحمل أعداد هائلة من أقمار «ستارلينك»، ونقل البضائع والأشخاص إلى القمر، ثم إلى المريخ في نهاية المطاف.


حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)
شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)

شهدت هوليوود واحدة من أهم لحظات التحول الاستراتيجي في تاريخها، بعد أن أعلنت شركة «نتفليكس» يوم الجمعة عن إبرام صفقة ضخمة للاستحواذ على استوديوهات الأفلام، والتلفزيون، ووحدة البث التدفقي التابعة لـ«وارنر براذرز ديسكفري» (WBD) بقيمة بلغت 72 مليار دولار.

هذه الصفقة، التي بدأت بمجرد «مهمة استطلاعية»، لم تكن متوقعة علناً من عملاق البث التدفقي الذي كان يقلل من شائعات شراء استوديو كبير في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لتنتهي بـ«نتفليكس» وهي تفوز بأثمن جائزة في هوليوود، متفوقة على منافسين عمالقة، مثل «باراماونت» و«كومكاست».

صورة جوية لشعار «وارنر براذرز» معروض على برج المياه في استوديو «وارنر براذرز» في باربنك كاليفورنيا (أ.ف.ب)

من الفضول إلى الاستحواذ

بدأت مساعي «نتفليكس» نحو «وارنر براذرز» بدافع الفضول لمعرفة المزيد عن أعمالها، لكن التنفيذيين سرعان ما أدركوا الفرصة الاستراتيجية الهائلة التي يوفرها الاستوديو.

تتجاوز الصفقة مجرد إضافة مكتبة محتوى عمرها قرن من الزمان إلى منصة «نتفليكس» (وهي مكتبة تشكل 80 في المائة من مشاهدات البث التدفقي)، حيث أدركت «نتفليكس» أن وحدات أعمال «وارنر براذرز»، خاصة التوزيع المسرحي، والوحدة الإنتاجية، تُعد مكمّلة بشكل مثالي لنماذج أعمالها.

وقد تصاعد الاهتمام بالاستحواذ بعد أن أعلنت «وارنر براذرز ديسكفري» في يونيو (حزيران) عن خططها للانقسام إلى شركتين عامتين، فصلت بموجبها الشبكات التلفزيونية التقليدية عن الأصول الرئيسة، مثل استوديوهات «وارنر براذرز» و«HBO» وخدمة «HBO Max».

سباق المزايدة يشتد

دخلت «نتفليكس» منافسة شرسة للاستحواذ على الأصول، واضعة نفسها في مواجهة مباشرة مع «باراماونت» وشركة «إن بي سي يونيفرسال» الأم «كومكاست». وقد بدأ المزاد علنياً في أكتوبر بعدما قدمت «باراماونت» أول عرض غير مرغوب فيه في سبتمبر (أيلول)، بهدف استباق الانقسام المخطط له.

تواصل العمل بوتيرة محمومة، حيث عقد فريق «نتفليكس» الاستشاري، الذي ضم بنوكاً استثمارية، مثل «مويلس آند كومباني»، و«ويلز فارغو»، مكالمات يومية صباحية على مدى الشهرين الماضيين، بل وعقدوا مكالمات متعددة في يوم عيد الشكر ذاته للتحضير للعرض النهائي في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

على الجانب الآخر، اجتمع مجلس إدارة «وارنر براذرز» يومياً خلال الأيام الثمانية الأخيرة التي سبقت اتخاذ القرار. وفضّل المجلس عرض «نتفليكس»، لأنه كان الوحيد الذي وُصف بأنه «ملزم وكامل»، كما أنه سيحقق فوائد فورية للشركة.

وعلى النقيض، تم رفض عرض «كومكاست» لدمج قسم الترفيه الخاص بها مع «وارنر براذرز»، لكونه سيستغرق سنوات عديدة للتنفيذ. ورغم أن «باراماونت» رفعت عرضها لتبلغ القيمة الإجمالية للشركة 78 مليار دولار، فقد أعرب مجلس إدارة «وارنر براذرز» عن قلقه بشأن تمويل هذا العرض.

صورة جوية لشعار «نتفليكس» معروض في استوديوهات «نتفليكس» مع لافتة هوليوود في الأفق (أ.ف.ب)

ثقة «نتفليكس» في اجتياز العقبات التنظيمية

لتأكيد إيمانها بنجاح الصفقة، خاصة في ظل توقعات مراجعة تنظيمية كبيرة، أرفقت «نتفليكس» عرضها بواحد من أكبر رسوم الإنهاء في تاريخ صفقات الاندماج والاستحواذ، بلغ 5.8 مليار دولار.

وقد وصف أحد المستشارين هذا الضمان بأنه دليل على قناعة «نتفليكس» المطلقة بقدرتها على الحصول على الموافقات اللازمة، قائلاً: «لا أحد يحرق 6 مليارات دولار دون اقتناع».

لم تكن «نتفليكس» متأكدة من الفوز حتى اللحظات الأخيرة، حيث اعترف أحد التنفيذيين بأنهم كانوا يعتقدون أن فرصتهم لا تتجاوز 50/50. لكن مع إعلان قبول العرض في وقت متأخر من ليلة الخميس، ساد التصفيق والتهليل على مكالمة جماعية بين فريق «نتفليكس»، إيذاناً ببدء عصر جديد سيعيد تشكيل المشهد الترفيهي العالمي بالكامل.