الولايات المتحدة تستعد لإلغاء القواعد المصرفية المفروضة عقب أزمة 2008

عرض المؤتمر الصحافي لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول على شاشة في بورصة نيويورك (أ.ب)
عرض المؤتمر الصحافي لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول على شاشة في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

الولايات المتحدة تستعد لإلغاء القواعد المصرفية المفروضة عقب أزمة 2008

عرض المؤتمر الصحافي لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول على شاشة في بورصة نيويورك (أ.ب)
عرض المؤتمر الصحافي لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول على شاشة في بورصة نيويورك (أ.ب)

تستعدُّ السلطات الأميركية لإعلان واحد من أكبر التخفيضات في متطلبات رأسمال المصارف، منذ أكثر من عقد من الزمان، في أحدث علامة على أجندة تحرير القيود التنظيمية لإدارة ترمب.

ويستعدُّ المنظِّمون في الأشهر القليلة المقبلة لخفض نسبة الرافعة المالية التكميلية، وفقاً لكثير من الأشخاص المطلعين على الأمر لصحيفة «فاينانشيال تايمز».

تتطَّلب هذه القاعدة من المصارف الكبرى أن يكون لديها قدر محدد مسبق من رأس المال عالي الجودة مقابل إجمالي الرافعة المالية، التي تشمل الأصول؛ مثل القروض والتعرضات خارج الميزانية العمومية مثل المشتقات. وقد تمَّ تأسيسها في عام 2014 بوصفها جزءاً من الإصلاحات الشاملة في أعقاب الأزمة المالية التي حدثت في عامَي 2008 و2009.

تقوم جماعات الضغط المصرفية بحملات ضد هذه القاعدة منذ سنوات، قائلة إنها تعاقب المقرضين على الاحتفاظ حتى بالأصول منخفضة المخاطر، مثل سندات الخزانة الأميركية، وتعوق قدرتهم على تسهيل التداول في سوق الديون الحكومية، التي تبلغ قيمتها 29 تريليون دولار، وتضعف قدرتهم على تقديم الائتمان.

رجل يمر أمام علامة «وول ستريت» خارج مبنى بورصة نيويورك (رويترز)

وقال غريغ باير، الرئيس التنفيذي لمجموعة الضغط، التابعة لمعهد السياسات المصرفية: «إن معاقبة المصارف على الاحتفاظ بأصول منخفضة المخاطر مثل سندات الخزانة الأميركية تقوِّض قدرتها على دعم سيولة السوق في أوقات الضغط عندما تكون هناك حاجة ماسة إليها. يجب على الجهات التنظيمية أن تتصرَّف الآن بدلاً من انتظار الحدث التالي».

وتتوقَّع جماعات الضغط أن تقدِّم الجهات التنظيمية مقترحات إصلاحية بحلول الصيف. يأتي تخفيف قواعد رأس المال الذي يتم الحديث عنه في وقت تقوم فيه إدارة ترمب بخفض اللوائح التنظيمية في كل شيء، بدءاً من السياسات البيئية إلى متطلبات الإفصاح المالي.

ومع ذلك، يقول المنتقدون إن الوقت الحالي مقلق لخفض متطلبات رأس المال المصرفي نظراً لتقلبات السوق الأخيرة، والاضطرابات السياسية في ظل إدارة الرئيس دونالد ترمب.

وقال نيكولاس فيرون، الزميل البارز في «معهد بيترسون للاقتصاد الدولي»: «بالنظر إلى حالة العالم، هناك جميع أنواع المخاطر - بما في ذلك دور الدولار واتجاه الاقتصاد بالنسبة للمصارف الأميركية - لا يبدو أن الوقت مناسب لتخفيف معايير رأس المال على الإطلاق».

ويقول محللون إن أي خطوة للتراجع عن الحد من معدل الحد الأدنى لرأس المال ستكون بمثابة نعمة لسوق الخزانة، مما قد يساعد ترمب على تحقيق هدفه المتمثل في خفض تكاليف الاقتراض، من خلال السماح للمصارف بشراء مزيد من الديون الحكومية.

ومن شأن ذلك أيضاً أن يشجِّع المصارف على البدء في القيام بدور أكبر في تداول سندات الخزانة بعد أن تخلَّى القطاع أمام المتداولين ذوي التردد العالي وصناديق التحوط؛ نتيجةً للقواعد التي وُضعت بعد الأزمة المالية.

وقد أعرب كبار صانعي السياسة في الولايات المتحدة عن دعمهم لتخفيف قاعدة حقوق السندات الحكومية.

وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الأسبوع الماضي، إن مثل هذا الإصلاح كان «أولوية قصوى» بالنسبة للجهات التنظيمية المصرفية الرئيسية: «الاحتياطي الفيدرالي»، ومكتب المراقب المالي للعملة، والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع.

وقال رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول في فبراير (شباط): «نحن بحاجة إلى العمل على هيكل سوق الخزانة، وجزء من هذه الإجابة يمكن أن يكون، وأعتقد أنه سيكون، تقليل معايرة نسبة الرافعة المالية التكميلية».

تحتاج المصارف الأميركية الثمانية الكبرى في الوقت الحالي إلى أن يكون لديها ما يسمى «رأس المال من الفئة الأولى» - أي حقوق الملكية المشتركة والأرباح المحتجزة وغيرها من العناصر الأخرى التي تكون أول مَن يمتص الخسائر - بقيمة لا تقل عن 5 في المائة من إجمالي الرافعة المالية. أما أكبر المصارف الأوروبية والكندية واليابانية والصينية فتلتزم بمعيار أقل، حيث يتطَّلب معظمها رأسمال يتراوح بين 3.5 في المائة و4.25 في المائة فقط من إجمالي أصولها.

متداول في بورصة نيويورك (أ.ب)

وتأمل جماعات الضغط المصرفية في أن تجعل الولايات المتحدة متطلبات نسبة الرافعة المالية متماشيةً مع المعايير الدولية.

ومن الخيارات الأخرى التي يدرسها المنظِّمون استبعاد الأصول منخفضة المخاطر؛ مثل سندات الخزانة، وودائع المصارف المركزية من حساب نسبة الرافعة المالية، كما حدث مؤقتاً لمدة عام في أثناء الجائحة. وقدّر محللون أخيراً أن إعادة تطبيق هذا الاستثناء من شأنه أن يحرِّر نحو تريليونَي دولار من الميزانية العمومية لكبار المقرضين الأميركيين.

لكن هذا من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة دولة شاذة على المستوى الدولي، ويخشى المُنظِّمون في أوروبا من أن يدفع المقرضين إلى الضغط من أجل تخفيف مماثل لرأس المال على حيازات الديون السيادية في منطقة اليورو وسندات الدين البريطانية.

غالبية البنوك الأميركية الكبرى مُقيدة بقواعد أخرى، مثل اختبارات الإجهاد التي يُجريها بنك الاحتياطي الفيدرالي، ومتطلبات رأس المال المُعدّل حسب المخاطر، مما قد يحد من استفادتها من إصلاح نسبة السيولة النقدية.

وقد قدّر محللو «مورغان ستانلي» أخيراً أن بنك «ستيت ستريت» هو الوحيد «المُقيد» فعلياً بنسبة السيولة النقدية. وقال شون كامبل، كبير الاقتصاديين في جماعة الضغط «منتدى الخدمات المالية»، التي تمثل أكبر 8 مصارف أميركية، إن «مواءمة القواعد الأميركية مع المعايير الدولية من شأنها أن تمنح المصارف الكبرى مساحة أكبر لرأس المال مقارنة بإعفاء سندات الخزانة وودائع البنوك المركزية من حسابات نسبة الرفع المالي التكميلية».


مقالات ذات صلة

الأرجنتين تتفاوض مع بنوك للحصول على قرض بقيمة 7 مليارات دولار

الاقتصاد الواجهة القديمة للبنك المركزي الأرجنتيني بعد ترميمها في بوينس آيرس  (رويترز)

الأرجنتين تتفاوض مع بنوك للحصول على قرض بقيمة 7 مليارات دولار

أعلن وزير الاقتصاد الأرجنتيني لويس كابوتو، يوم الأربعاء، أن بلاده تجري مفاوضات مع بنوك للحصول على قرض يصل إلى 7 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس )
الاقتصاد أشخاص يمرون بجوار بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

«بنك إنجلترا» يخفض متطلبات رأس المال لأول مرة منذ الأزمة المالية

خفض «بنك إنجلترا»، الثلاثاء، متطلبات رأس المال التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها، في أول خفض لمتطلبات رأس المال منذ الأزمة المالية العالمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص رئيس الحكومة اللبناني مجتمعاً مع رئيس وأعضاء جمعية مصارف لبنان (رئاسة الحكومة)

خاص الحكومة اللبنانية تنجز قريباً مشروع قانون «الفجوة» المالية

بلغ مشروع قانون استرداد الودائع مرحلة الصياغة القانونية النهائية بعد جولات طويلة من النقاشات داخل اللجنة الوزارية، التي يرأسها نوّاف سلام.

علي زين الدين (بيروت)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يحث بنوك اليورو على تعزيز سيولتها لمواجهة ضغوط الدولار

دعا البنك المركزي الأوروبي، يوم الأربعاء، المقرضين في منطقة اليورو الذين لديهم تعاملات كبيرة بالدولار، إلى تعزيز سيولتهم ورفع احتياطياتهم الرأسمالية.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد شعار بنك يو بي إس السويسري في زيوريخ (رويترز)

«يو بي إس» يواجه خسائر محتملة في صناديق الائتمان بسبب إفلاس «فيرست براندز»

ذكرت صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية، يوم الأربعاء، نقلاً عن مصادر، أن «يو بي إس» قد يضطر إلى خفض قيمة صناديق الائتمان التي تديرها وحدة صندوق التحوط «أوكونور».

«الشرق الأوسط» (زيوريخ )

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
TT

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدث، سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المائة خلال العامين المقبلين، ومع التنويه بأنّ هذه الأرقام «قابلة للتحسّن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع».

وتتلاقى مبرّرات الوكالة ضمنياً، مع تقديرات صندوق النقد الدولي التي تلاحظ أن التقدم المسجّل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان، لا يزال «بطيئاً للغاية»، ويتعرض لانتكاسات تشريعية وقانونية، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، وقابلة للزيادة أيضاً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال اجتماعه مع وفد من صندوق النقد الدولي (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ورغم التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلّصت نسبياً من مخاوف توسّع الأعمال الحربية، وأنعشت بالتالي، بحسب مسؤول مالي معني تواصلت معه «الشرق الأوسط»، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المائة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، بعد 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال «عدم اليقين» سياسياً واقتصادياً. ثم تُوّجت باندلاع حرب تدميرية طاحنة، أودت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية، والمعزّزة بإشهار الحكومة الأسبق بتعليق دفع مستحقات الديون العامة، قبل أن يستعيد الاقتصاد حيوية هشّة دفعت أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار، وفق تقرير مصرفي محلي، بدفع من مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، ولا سيما من المغتربين والعاملين في الخارج.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إعادة هيكلة القطاع المالي

لكن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد، والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي، حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي، واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الاستدامة المالية، فضلاً عن أولويات معالجة ضعف الحوكمة وتعزيز إطار مكافحة الفساد، وإجراء عمليات تدقيق موثوقة لمجمل المؤسسات والحسابات العامة.

وليس خافياً في هذا السياق، ملاحظة إدارة الصندوق أن موازنة الحكومة للعام المقبل، لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة، والاستجابة لضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات «اليوروبوندز» المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار، كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون. في حين تنبّه إلى أن الحكومة تستمر في الاعتماد على سياسة التقشف القاسي بغية فائض تشغيلي جزئي في الخزينة، بدلاً من التركيز على الإصلاح الهيكلي، والنظر في إصلاح السياسة الضريبية لإتاحة الحيز المالي اللازم للإنفاق على الأولويات مثل إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية.

كما تبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية ستظل عائقاً محورياً على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد، خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار، حيث تعلو التحذيرات والانتقادات الحادة لمنحى «الاقتراحات المسرّبة» من اللجنة الحكومية التي تعكف على إعداد مشروع القانون الرامي إلى تغطية عجز القطاع المالي، والمتضمنة صراحة أو مواربة شطب ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي المدخرات لدى المصارف، وحصر الضمانة للسداد بمبلغ 100 الف دولار، وإصدار سندات «صفرية» الفوائد لمدة تتعدى 20 عاماً للمبالغ الأكبر.

وقد حافظت «موديز» على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة «سي»، وعلى النظرة المستقبليّة «المستقرّة» في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانيّة، مؤكدة أن هذا التصنيف يعكس احتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة. في حين يتم تداول هذه السندات حالياً في الأسواق الدولية بأسعار تقارب 25 في المائة من قيمتها الدفترية، بعدما انحدرت خلال الحرب الأخيرة إلى 6 في المائة فقط.

ولم يفت الوكالة الإشارة إلى أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله، إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وتحسين القدرة على تحصيل الإيرادات وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة موازية، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.


«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
TT

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات، سواء كانت من مصدر فلكي، أو من خلل في الصناعة الأساسية. بعد أيام فقط من اضطرار العملاق الأوروبي لسحب 6 آلاف طائرة من طراز «إيه 320» بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهدافها لتسليم الطائرات لهذا العام بسبب اكتشاف عيوب في بعض ألواح جسم الطائرات (الفيوزلاج).

تؤكد هاتان النكستان المترابطتان -إحداهما متجذرة في الفيزياء الفلكية، والأخرى في مشكلات معدنية بسيطة- مدى هشاشة النجاح لشركة طيران تهيمن على أهم جزء في قطاع الطيران، وتتجه لتفوق «بوينغ» للعام السابع على التوالي في عدد التسليمات.

وقد علق الرئيس التنفيذي لـ«إيرباص»، غيوم فوري، لـ«رويترز» قائلاً: «بمجرد أن نتجاوز مشكلة، تظهر لنا مشكلة أخرى»، وذلك في معرض حديثه عن عدد الطائرات المحتمل تأثرها بمشكلات سمك الألواح.

جاءت هذه النكسات بعد أسابيع من تجاوز سلسلة «إيه 320»، بما في ذلك الطراز الأكثر مبيعاً «إيه 321»، لطائرة «بوينغ 737 ماكس» المضطربة بوصفها أكثر طائرة ركاب تم تسليمها في التاريخ.

خطأ برمجي مرتبط بالرياح الشمسية

بدأت أزمة الأسبوع الماضي عندما أصدرت «إيرباص» تعليمات مفاجئة لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من البرنامج في جهاز كمبيوتر يوجه زاوية مقدمة الطائرة في بعض الطائرات، وذلك بعد أسابيع من حادثة ميلان طائرة «جيت بلو» من طراز «إيه 320» نحو الأسفل، ما أدى لإصابة نحو 12 شخصاً على متنها. أرجعت «إيرباص» المشكلة إلى ضعف في البرنامج تجاه الوهج الشمسي، والذي يمكن نظرياً أن يتسبب في انحدار الطائرة، في إشارة إلى الأسطورة اليونانية، حيث أطلق خبراء على الخلل اسم «علة إيكاروس». ورغم أن التراجع عن تحديث البرنامج تم بسرعة، فإن «إيرباص» واجهت بعد أيام قليلة مشكلة «أكثر رتابة» هددت بتقليص عمليات التسليم في نهاية العام: اكتشاف عيوب في ألواح الفيوزلاج.

تقليص الأهداف المالية

أدى اكتشاف الخلل في ألواح جسم الطائرة إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة، حيث تراجعت أسهم «إيرباص» بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع بعد أن انخفضت بنسبة 11 في المائة في يوم واحد. وفي غضون 48 ساعة، اضطرت «إيرباص» إلى خفض هدفها السنوي للتسليم بنسبة 4 في المائة.

تخضع «إيرباص» حالياً لضغوط من المحققين لتقديم المزيد من البيانات حول تعليق البرامج، بالإضافة إلى تردد بعض شركات الطيران في تسلم الطائرات المتأثرة دون ضمانات جديدة. كما تواجه الشركة أسئلة مستمرة حول سلاسل التوريد.

ويؤكد هذا الخلل، الذي اكتُشف لدى مورد إسباني، على التحديات التي تواجهها شركات الهياكل الجوية، ويبرز المخاوف المستمرة بشأن سلاسل التوريد التي اضطربت بسبب جائحة كوفيد-19. وأشار خبراء إلى أن حادثة الإشعاع الكوني هي تذكير بمدى تعرض الطيران للإشعاعات القادمة من الفضاء، أو الشمس، وهي مسألة أصبحت أكثر أهمية مع اعتماد الطائرات الحديثة على المزيد من الرقائق الإلكترونية. ودعا خبير الإشعاع الكوني جورج دانوس إلى ضرورة عمل المجتمع الدولي على فهم هذه الظاهرة بشكل أعمق.


وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
TT

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)

شكلت تصريحات وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد الكعبي، خلال «منتدى الدوحة 2025»، نقطة محورية في مناقشات المنتدى الذي افتتحه أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في نسخته الثالثة والعشرين تحت شعار: «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس». وأكد الكعبي على رؤية متفائلة للغاية لمستقبل الغاز، مشدداً على أنه «لا قلق لديه على الإطلاق» بشأن الطلب المستقبلي بفضل الحاجة المتزايدة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي.

وأكد الكعبي أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيظل قوياً بفضل تزايد احتياجات الطاقة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ما بين 600 و700 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035. وأبدى في الوقت نفسه، قلقه من أن يؤثر نقص الاستثمار على الإمدادات المستقبلية للغاز الطبيعي المسال والغاز.

وقال الكعبي: «لا أشعر بأي قلق على الإطلاق بشأن الطلب على الغاز في المستقبل»، مُضيفاً أن الطاقة اللازمة للذكاء الاصطناعي ستكون مُحرّكاً رئيسياً للطلب. عند بلوغه كامل طاقته الإنتاجية، من المتوقع أن يُنتج مشروع توسعة حقل الشمال 126 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بحلول عام 2027، مما سيعزز إنتاج قطر للطاقة بنحو 85 في المائة من 77 مليون طن متري سنوياً حالياً.

وأضاف أن أول قطار من مشروع «غولدن باس» للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع مشترك مع «إكسون موبيل» في تكساس، سيبدأ العمل بحلول الربع الأول من عام 2026.

وأكد الكعبي أن أسعار النفط التي تتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل ستوفر إيرادات كافية للشركات للاستثمار في احتياجات الطاقة المستقبلية، مضيفاً أن الأسعار التي تتجاوز 90 دولاراً ستكون مرتفعة للغاية.

كما حذّر من كثرة العقارات التي تُبنى في الخليج، ومن احتمال «تشكُّل فقاعة عقارية».

الاتحاد الأوروبي

كما أبدى الكعبي أمله أن يحل الاتحاد الأوروبي مخاوف الشركات بشأن قوانين الاستدامة بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول).

وكانت دول مجلس التعاون الخليجي، أعربت يوم الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية. وأكّدت دول المجلس أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

كما أعربت قطر عن استيائها من توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات الصادر عن الاتحاد الأوروبي، وهدّدت بوقف إمدادات الغاز. ويتمحور الخلاف حول إمكانية فرض توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات غرامات على المخالفين تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية. وقد صرّح الوزير مراراً بأن قطر لن تحقق أهدافها المتعلقة بالانبعاثات الصفرية.

من جهة أخرى، أطلق الكعبي تحذيراً بشأن النشاط العمراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك «بناءً مفرطاً للعقارات في منطقة الخليج»، ما قد يؤدي إلى «تشكُّل فقاعة عقارية».

استراتيجية مالية منضبطة

من جهته، أكد وزير المالية القطري، علي أحمد الكواري، خلال المنتدى، قوة ومتانة المركز المالي للدولة. وأوضح أن التوسع المخطط له في إنتاج الغاز الطبيعي المسال سيعمل كعامل تخفيف رئيسي يقلل من تأثير أي انخفاض محتمل في أسعار النفط مستقبلاً. وأضاف أن السياسة المالية «المنضبطة» التي تتبعها قطر تمنحها مرونة كبيرة، مما يعني أنها لن تضطر إلى «اللجوء إلى أسواق الدين» لتلبية احتياجاتها من الإنفاق في أي مرحلة.