الجمعية الدولية للفيلم التسجيلي توزع جوائزها.. واختيار قائمة بأفضل الأعمال للأوسكار

(«الشرق الأوسط») في موسم الجوائز (2)

لقطة من فيلم «نظرة الصمت»
لقطة من فيلم «نظرة الصمت»
TT

الجمعية الدولية للفيلم التسجيلي توزع جوائزها.. واختيار قائمة بأفضل الأعمال للأوسكار

لقطة من فيلم «نظرة الصمت»
لقطة من فيلم «نظرة الصمت»

تواصل السينما التسجيلية تحقيق مكاسب إعلامية وفنية، وتجارية حين يتسنى لها، وذلك بعد عقود من القحط وعدم الاهتمام الفعلي بها خلال القرن الماضي. المهرجانات الكبرى باتت تعزز وضع السينما التسجيلية عبر دمجها في المسابقات الدولية أو تخصيص مسابقات خاصة بها، مما يجعلها عرضة لتجاذب شركات التوزيع وحاضرة بقوة في السوق السينمائي العام.
في العام 1982 تم تأسيس «الجمعية الدولية للفيلم التسجيلي» الذي يبلغ عدد المنتمين إليها 20 ألف سينمائي محترف وهاو حول العالم، وهي تبعث بالأفلام التي تنتخبها لجنة مصغّرة من بين مئات الأفلام المرشّحة لكل الأعضاء ويتم الاختيار بالتصويت كما هي عادة جميع المؤسسات المماثلة.
والمناسبة التي تمّت في صالة تابعة لأستوديوهات باراماونت، شرقي هوليوود، في الخامس من هذا الشهر، هي المناسبة الـ31 في تقليد يزداد أهمية عامًا بعد عام مع غزارة المنتج من الأفلام غير الروائية (تسجيلي، وثائقي، وإخباري الخ…) ومع تولي أكاديمية العلوم والفنون السينمائية الأميركية (مانحة الأوسكار) عملية انتخاب قائمة قصيرة من بين كل ما تقدّم إليها من أفلام تسجيلية مرشّحة ليصار لاحقًا انتخاب الخمسة التي تجمع أكبر عدد من أصوات أعضائها (أكثر من 6 آلاف عضو حاليًا).
وهذه القائمة أعلنت في مطلع هذا الشهر واحتوت على بضعة أفلام مرشحة الآن للقائمة الرسمية وهي ذاتها من بين الأفلام التي فازت بجوائز «الجمعية الدولية للفيلم التسجيلي». من بينها فيلم جوش أوبنهايمر «نظرة الصمت» وفيلم «استمع لي يا مارلون» لستيفن رايلي و«أفضل الأعداء» لمورغن نيفيل.
عيون الآخرين
تحمّس عدد كبير من أعضاء الجمعية لفيلم جوشوا أوبنهايمر «نظرة الصمت» من بعد أن كان فيلمه السابق «فعل القتل» رُشّح لجائزة الجمعية في العام الماضي، لكنه لم يحصل عليها. كل من «نظرة الصمت» و«فعل القتل» وجهان لعملة واحدة تتناول (وتتداول) حقبة الستينات التي قام فيها الحكم العسكري بإعدام مئات ألوف الإندونيسيين بتهمة الانتساب إلى الحزب الشيوعي أو مناصرته وذلك بعد حركة انقلابية فاشلة وقعت في سبتمبر (أيلول) سنة 1965.
حجم الضحايا مخيف وكذلك الطريقة الوحشية التي رصدها المخرج لا عبر وثائقيات، بل عبر الاستعانة بعدد من أفراد القيادة العسكرية السابقة والفريق المسلّح الذي أنشأته تلك القيادة لإبادة المعارضة لتمثيل ما كانوا يقومون به وكيفيته. في الفيلمين إعادة تشخيص لا يكفي للإحاطة بحجم عمليات القتل الفردي التي تمّت (ذبحًا وتقطيع جثث عبر ربطها بسيارتين كل تمشي في اتجاه الخ…) لكنها تعكس الحدث الماثل وتنقل تأنيب ضمير بعض الفاعلين وغياب التأنيب عند بعضهم الآخر معتبرين أنهم نفّذوا الأوامر ولم يصدروها.
«نظرة الصمت» يختلف بعض الشيء عن «فعل القتل» من حيث إنه لا يمضي طويلاً في إظهار المواقف العنيفة، بل يحنو إلى قدر من التناول العاطفي والإنساني حين يتابع ابن أحد الضحايا وهو يقابل من بقي حيًا يرزق من القتلة أو أبنائهم في محاولة منه لفهم ما حدث. الفيلم هو عن نظرته الصامتة وهو ينظر في عيون الآخرين وهم يتولون الكشف عن أفعالهم ودوافعهم.
نافس هذا الفيلم خمسة أفلام تسجيلية مهمة أخرى هي «وودبيكر الروسي» لتشاد غارسيا و«ما الذي حدث، آنسة سايمون» لليز غاربوس و«أنصت لي يا مارلون» لستيفن رايلي و«آمي» لعاصف كابادايا و«الفهود السود: طليعة الثورة» لستانلي نلسون.
هذا الأخير جال الصالات والمناسبات الأميركية منذ تقديمه في مطلع السنة في مهرجان «صندانس» ولاحقًا في مهرجان سان فرانسيسكو، كلاهما من أهم المحافل السينمائية الأميركية. وعروضه لا تزال تتوالى وسيعرض في نطاق مهرجان «هوت دوكس» في تورنتو من التاسع من هذا الشهر.
إلى هذه الجائزة منحت الجمعية جوائز أخرى في مجالات متعددة. من أهمها الأفلام التسجيلية القصيرة حيث فاز عنها «آخر يوم من الحرية» وهو نوع جدير بالاهتمام إذ يمزج التسجيلي بالرسمي (32 ألف رسمة) متحدثًا عن الرجل الذي اكتشف أن شقيقه ارتكب جريمة قتل فعايش اختيارا صعبًا بين أن يتصل بالبوليس ويكشف اللثام عنه، أو يتجاهل الأمر طالما أن البوليس لم يكتشف هوية الفاعل بعد.
ومن أهمها أيضًا جوائز في التصوير ذهبت إلى الفيلم الروسي «ووديوودبيكر روسي» وفي التوليف «كيرت كوبين» لجو بيرشنكوفسكي وبرت مورغن وفي الكتابة «أنصت لي يا مارلون» لستيفن رايلي وهذا الأخير تسجيلي طويل عن حياة وأعمال وأفكار مارلون براندو طوّعها في فيلم نال جائزة مهرجان سان فرانسيسكو الأخير كاشفًا عن كيف عاش ومتى هوى التمثيل وكيف درسه ثم كيف جعله حرفة حياته وبنجاح منقطع النظير.
فيلم من الإمارات
«أنصت لي يا مارلون» هو أيضًا أحد الأفلام التي تشكل القائمة الرسمية الأولى لأكاديمية العلوم والفنون السينمائية لنيل أوسكار أفضل فيلم تسجيلي.
الواقع في هذا الإطار هو أن لجنة اختيار من أعضاء الأكاديمية شاهدت 124 فيلمًا مما تم تقديمه واختارت، لهذه المرحلة تحديدًا، خمسة عشر فيلمًا منها «أنصت لي يا مارلون» و«آمي» و«أفضل الأعداء» و«نظرة الصمت» وهي الأفلام التي تداولتها جمعية IDA لتنتخب «نظرة الصمت» كرابح لجائزتها الأولى.
لكن الأفلام الأخرى الواردة في قائمة الأكاديمية الأولى لدخول سباق أوسكار أفضل فيلم تسجيلي لا تقل أهمية، ومن بينها ذلك الفيلم النابش في الوضع على طرفي الحدود الأميركية - المكسيكية حول تجارة المخدرات وعصاباتها «كارتل لاند» لماثيو هاينمان، وفيلم «التوضيح: سيانتولوجي وسجن الإيمان» لأليكس غيبني (عن الكنيسة السرية المعروفة) و«3 دقائق ونصف، عشر رصاصات» لمارك سيلفر عن حادثة نجم عنها قتلى وجرحى وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 2012 في الولايات المتحدة وتداولنها الصحف لفترة.
لكن الفيلم اللافت فعلاً بينها ينتمي إلى إنتاج إماراتي قامت به مؤسسة «إيماج ناشن أبوظبي» وعنوانه «سماني مالالا» وهو عن مالالا يوسفزاي، الطالبة التي ألّبت حركة طالبان عليها فاستباحت دمها لأنها وقفت تعارض التفرقة التي تعاني منها المرأة في البلاد بدءًا من نظام التعليم ذاته.
وهناك فيلم آخر يتعلّق بالأوضاع السياسية/ الاجتماعية في بلاد إسلامية هو «جئنا كأصدقاء» وهو إنتاج فرنسي - نمساوي مشترك تم تصويره في جنوب السودان قبل أكثر من عام بقليل حول زيارة مخرجه (هيوبرت سوبر) إلى البلاد التي دمرتها الحروب وتركت أهلها فقراء ومعدمين حتى ما بعد الانفصال. سياسة الفيلم تفضي إلى أن الحال الجديد أفضل من سابقه، لكن إثبات حسن النية شيء والواقع يبقى شيء آخر.
يتبدّى أن الموضوع السياسي، سواء أكان داخليًا أم خارجيًا يسود هذه الاختيارات فعلاً خصوصًا إذا ما أضفنا إلى هذه الحصيلة فيلم «شتاء على نار: معركة أوكرانيا» لإيفجني أفينيفسكي وهو فيلم من شغل أوكرانيا حول التداعيات التي أدت إلى الحرب الروسية - الأوكرانية. معظم وقته يدور في المظاهرات التي انتشرت سريعًا ضد حكم الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش وكيف تمادت وتعرضت لهجمة البوليس والجيش قبل أن ينحازا إلى الشعب ويؤديا إلى إقالة الرئيس السابق. إلى كل ذلك، هناك فيلم مايكل مور الجديد «أين نغزو تاليًا؟» Where to Invade Next الذي يسبر فيه غور السياسة الأميركية الخارجية من منطلقاته النقدية. الفيلم لجانب نقده هذا هو عمل ساخر. في أحد مشاهده يدخل على عائلة فرنسية ووضعه العلم الأميركي في وسط غرفة الاستقبال قائلاً: «أريد أن أزرع العلم الأميركي هنا، هل هذا أوكي؟».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.