الاتفاق التجاري الأميركي - الصيني يرطب العلاقات ويلوّن الأسواق العالمية بالأخضر

ترمب تحدث عن «علاقة جيدة للغاية» بعد هدنة الأيام الـ90 لخفض الرسوم الجمركية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في المكتب البيضوي بواشنطن (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في المكتب البيضوي بواشنطن (إ.ب.أ)
TT

الاتفاق التجاري الأميركي - الصيني يرطب العلاقات ويلوّن الأسواق العالمية بالأخضر

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في المكتب البيضوي بواشنطن (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في المكتب البيضوي بواشنطن (إ.ب.أ)

شهدت بورصة نيويورك وغيرها من الأسواق العالمية ارتفاعات كبيرة، في رد فعل إيجابي واضح على توصل الولايات المتحدة والصين إلى توافق على خفض موقت للتعريفات والرسوم الجمركية، في ما يرقى إلى هدنة في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه قد يتحادث مع نظيره الصيني شي جينبينغ في نهاية الأسبوع الجاري.

وأعلن البلدان في بيان مشترك تعليق رسومهما الجمركية لمدة 90 يوماً ومواصلة المفاوضات بينهما في نهاية هذا الأسبوع. وبموجب الاتفاق، ستخفض الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية من 145 في المائة إلى 30 في المائة، مقابل أن تخفض الصين رسومها الجمركية على السلع الأميركية من 125 في المائة إلى 10 في المائة، على أن يبدأ سريان هذه التنزيلات الأربعاء.

وفي ضوء هذا التطور الإيجابي، أعلن الرئيس ترمب أنه قد يتحادث هاتفياً مع نظيره الصيني في نهاية الأسبوع الجاري. وقال للصحافيين: «أمس قمنا بإعادة ضبط كاملة بعد مباحثات إيجابية مع الصين في جنيف»، مضيفاً أن «العلاقة جيدة للغاية. سأتحدث إلى الرئيس شي، ربما في نهاية الأسبوع».

وفور إعلان الاتفاق، تلونت مؤشرات الأسهم بالأخضر وارتفعت بنحو 3 في المائة في كل أنحاء العالم تقريباً، بما في ذلك السوق المالية في نيويورك ومؤشر «ستاندرد أند بورز» وأسواق آسيا، وسط ترقب المستثمرين لتفاصيل المحادثات، علماً بأن المحللين بقوا على حذر لأن الإعلان لم يرق إلى مستوى اتفاق تجاري، وأنه مجرد بداية لجولات أخرى من المفاوضات.

وتعقد الجولة الثانية من المحادثات في نهاية الأسبوع الجاري بمشاركة وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت والممثل التجاري الأميركي جاميسون مع نائب رئيس الوزراء الصيني للسياسة الاقتصادية هي ليفنغ، الذي قاد محادثات نهاية الأسبوع الماضي ممثلا لبلده.

وأفاد بيان مشترك صادر عن البيت الأبيض ووزارة التجارة الصينية أن البلدين اتفقا على تعليق لمدة 90 يوماً «بروح الانفتاح المتبادل، والتواصل المستمر، والتعاون، والاحترام المتبادل». واتفقا على آلية لمواصلة المحادثات التجارية الأميركية - الصينية.

لتجارة «متوازنة»

أعضاء الوفد الصيني يتجهون سيراً إلى مقر إقامة المندوب السويسري الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف (أ.ف.ب)

وقال بيسنت في مؤتمر صحافي من جنيف، حيث عقدت الجولة الأولى من المحادثات خلال عطلة نهاية الأسبوع: «خلصنا إلى أن لدينا مصلحة مشتركة»، مضيفاً أن البلدين «توافقا على أن أياً من الجانبين لا يريد فك الارتباط، وأن ما حدث مع هذه الرسوم الجمركية المرتفعة للغاية كان بمثابة حظر تجاري، ولا يريد أي من الجانبين ذلك». وزاد: «نريد تجارة. نريد تجارة أكثر توازناً، وأعتقد أن كلا الجانبين ملتزم تحقيق ذلك»، موضحاً أن إدارة الرئيس دونالد ترمب ستدفع الصين إلى الانفتاح أكثر على السلع الأميركية، علماً أن الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة تجاوز 100 مليار دولار العام الماضي.

وصرح غرير بأن الجانبين اتفقا على تعليق موقت للرسوم بغية مواصلة المفاوضات بين الصين والولايات المتحدة، مؤكداً التزام الطرفين ذلك، من دون أن يقدم أي مؤشرات حول كيفية معالجة القضايا الأساسية.

في المقابل، صاغت الصين مشاركتها في مفاوضات جنيف بعناية، لا كتنازلٍ أمام رسوم ترمب الجمركية، بل كخطوة ضرورية لتجنب المزيد من التصعيد. وأكدت وزارة التجارة الصينية في بيان أن الاجتماع كان «خطوة أولى مهمة» لحل الخلافات، مطالبة الولايات المتحدة بـ«تصحيح خطأ فرض الرسوم الجمركية الأحادية بشكل كامل، والعمل سويا لتعزيز الثقة والاستقرار في الاقتصاد العالمي». وأكدت أن الاتفاق «يصب في مصلحة البلدين والمصالح المشتركة للعالم»، آملة في أن «تواصل الولايات المتحدة العمل مع الصين للوصول إلى حل وسط».

قضية الفانتانيل

وبموجب الاتفاق، ستعلق بكين أيضاً أو تلغي بعض الإجراءات الانتقامية غير الجمركية، مثل قيود التصدير وإدراج عشرات الشركات الأميركية على القائمة السوداء. ولكن الرسوم الجمركية الأخرى التي فرضها الرئيس ترمب على الصين خلال ولايته الأولى ستبقى، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 20 في المائة فرضها في فبراير (شباط) الماضي بسبب ما اعتبره ترمب فشل الصين في منع وصول المواد الكيماوية المرتبطة بمخدر الفانتانيل إلى الولايات المتحدة. كما ستبقى الرسوم الجمركية الصينية على المنتجات الزراعية الأميركية، رداً على الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب على الفانتانيل.

وأكد بيسنت وغرير أنهما أجريا مناقشات جوهرية حول مطالب واشنطن لبكين باتخاذ إجراءات حازمة ضد تهريب مكونات صناعة الفانتانيل، معتبراً أن الصينيين «يدركون حجم» أزمة الفانتانيل في الولايات المتحدة، وأن هناك «مساراً إيجابياً للمضي قدماً».

وفي البداية، فرض ترمب تعريفة جمركية بنسبة 20 في المائة على الصادرات الصينية، متهماً إياها بالتقصير في وقف تدفق الفانتانيل إلى الولايات المتحدة. ولا تزال هذه التعريفة العقابية سارية. كما لا تزال التعريفة الجمركية الأساسية البالغة 10 في المائة سارية على كل شركاء الولايات المتحدة التجاريين تقريباً، وكذلك على الصين.

وأفاد غرير بأن المفاوضات اتسمت بـ«التفاهم والاحترام المتبادلين». بيد أنه لفت إلى أن الصين كانت الدولة الوحيدة التي ردت على الولايات المتحدة بعدما فرض ترمب التعريفات الجمركية على عشرات الدول الشهر الماضي. ولكن ترمب عاد ليعلن تعليقاً لمدة 90 يوماً للرسوم على معظم الشركاء التجاريين، باستثناء الصين. ويجهد البيت الأبيض لتوقيع صفقات تجارية قبل انتهاء المهلة المحددة في أوائل يوليو (تموز) المقبل.

ويُنهي الاتفاق، على الأقل حالياً، حال الجمود التي أوقفت حركة التجارة بين الولايات المتحدة والصين. وعلقت العديد من الشركات الأميركية طلباتها، على أمل التوصل إلى اتفاق بين البلدين لخفض معدلات الرسوم الجمركية. وحذر اقتصاديون من أن النزاع التجاري سيبطئ النمو العالمي، ويفاقم التضخم، ويسبب نقصاً في المنتجات، ما قد يدخل الولايات المتحدة في حال من الركود.

عمال قرب ميناء يانتيان في شينزن بمقاطعة غوانغدونغ الصينية (رويترز)

اللوم على بايدن

وقال بيسنت عبر شبكة «سي إن بي سي»: «حاولنا تحديد المصالح المشتركة. جئنا بقائمة من المشاكل التي كنا نسعى إلى حلها، وأعتقد أننا أبلينا بلاء حسناً في ذلك». ولام إدارة الرئيس جو بايدن لفشلها في الوفاء بالتزاماتها تجاه الاتفاق التجاري الذي توصل إليه ترمب مع الصين خلال ولايته الأولى، مضيفاً أن الاتفاق الجديد سيكون نقطة انطلاق لجولة المحادثات الحالية، التي يتوقع أن تستمر في الأسابيع المقبلة نحو «اتفاق أكثر شمولاً».

وكذلك شهدت المصانع الصينية انخفاضاً حاداً في طلبات التصدير إلى الولايات المتحدة، ما رفع الضغوط على الاقتصاد المتباطئ، في الصين، حيث سعى المنتجون إلى توسيع تجارتهم إلى جنوب شرق آسيا ومناطق أخرى للالتفاف على الرسوم الجمركية الأميركية.

ورأى بيسنت أن الرسوم الجمركية أوجدت حظراً فعلياً، وهو أمر لم يرغب فيه أي من الطرفين.

وفي حين أدى الإعفاء الموقت والصادم من الرسوم إلى احتفال الشركات في كلا البلدين، إلا أن تداعياته ستستمر. ويرجح أن تواجه الشركات طوفاناً من الطلبات المؤجلة، ما سيؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النقل، حيث تسارع الشركات لجدولة شحناتها خلال فترة التفاوض التي تبلغ 90 يوماً للاستفادة من انخفاض معدلات التعريفات الجمركية.

وفي بيان لها، قالت غرفة التجارة الأوروبية في الصين إنها «مشجعة» لهذا الإعلان، لكن «حالة عدم اليقين لا تزال قائمة» لأن الرسوم الجمركية معلقة موقتاً فقط. وأمل رئيس الغرفة ينس إسكيلوند في أن «يواصل الجانبان الحوار لحل الخلافات، وتجنب اتخاذ إجراءات من شأنها تعطيل التجارة العالمية وإلحاق أضرار جانبية بالمتضررين».


مقالات ذات صلة

عقوبات أميركية على إيران وفنزويلا بسبب تجارة الطائرات المسيرة

الولايات المتحدة​ العلم الأميركي يرفرف فوق مبنى وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز) play-circle

عقوبات أميركية على إيران وفنزويلا بسبب تجارة الطائرات المسيرة

كشفت وزارة الخزانة الأميركية، الثلاثاء، أنها أضافت 10 أفراد وكيانات مقرها في إيران وفنزويلا إلى قائمة العقوبات لديها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد حفارة تعمل بالقرب من احتياطي النفط الخام في حوض بيرميان بالقرب من ميدلاند بتكساس (رويترز)

النفط يرتفع بفعل تصاعد التوترات الجيوسياسية

ارتفعت أسعار النفط، خلال جلسة يوم الاثنين، بداية تعاملات الأسبوع، مع ترقب المستثمرين تصاعد التوترات بالشرق الأوسط التي قد تؤثر ​على الإمدادات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 29 يونيو 2019 (رويترز)

2025... عام التصعيد المحسوب والرهانات الكبرى بين أميركا والصين

على امتداد أشهَر عامٍ اتسم بالتقلبات، حافظت واشنطن وبكين على نهج «التصعيد المحسوب»، بحيث ارتفعت وتيرة الإجراءات من دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة.

لمياء نبيل (القاهرة)
الاقتصاد حفارات تعمل في حقل نفط بتكساس الأميركية (رويترز)

النفط يرتفع بفضل نمو اقتصاد أميركا القوي ومخاطر الإمدادات

ارتفعت أسعار النفط، الأربعاء، لتواصل مكاسبها التي حققتها في الجلسة السابقة مدعومة بالنمو الاقتصادي القوي في الولايات المتحدة ومخاوف تعطل الإمدادات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد حفارات تعمل في حقل نفطي (رويترز)

النفط يتراجع مع تطورات «حصار فنزويلا» و«الحرب الروسية»

انخفضت أسعار النفط، يوم الثلاثاءـ إذ وازن المتعاملون بين المخاطر الجيوسياسية وبعض تطورات العوامل السلبية في السوق.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«لوسد»: السعودية محور استراتيجيتنا للتصنيع والبحث والتصدير عالمياً

استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)
استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

«لوسد»: السعودية محور استراتيجيتنا للتصنيع والبحث والتصدير عالمياً

استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)
استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)

شدّد مارك وينترهوف، الرئيس التنفيذي لشركة «لوسد» للسيارات بالإنابة، على أن السعودية باتت في قلب استراتيجية الشركة للنمو والتوسع عالمياً، عادَّاً أن افتتاح صالة عرض جديدة في المنطقة الشرقية «خطوة مهمة» لتعزيز حضور «لوسد» في سوق السيارات الكهربائية التي تشهد نمواً متسارعاً في السعودية.

وقال وينترهوف في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الشركة، التي بدأت حضورها من الرياض ثم جدة، «لم تكن قد غطّت بعدُ المنطقة الشرقية»، مضيفاً: «سمعنا كثيراً من المستخدمين يقولون إن هناك مناطق في المملكة لسنا موجودين فيها بعد، سواء من حيث صالات البيع أو خدمات ما بعد البيع، وافتتاح هذه الصالة في الشرقية هو خطوة إضافية على طريق النمو في المملكة والمنطقة وفي مسيرة (لوسد) نفسها».

السعودية قاعدة محورية

وأشار إلى أن أهمية هذه الخطوة لا تتعلق بالمبيعات فقط، بل بتأكيد التزام الشركة بتحويل السعودية قاعدةً محورية لعملياتها الصناعية والتقنية، موضحاً: «مهمتنا في المملكة ليست مجرد بيع السيارات، بل أيضاً تصنيعها، وجلب أنشطة البحث والتطوير إلى هنا حيثما أمكن، حتى تكون السعودية شريكاً في صناعة مستقبل التنقل الكهربائي».

وفي هذا السياق، تطرق وينترهوف إلى خطط «لوسد» لتعزيز أعمال البحث والتطوير في المملكة، وقال إن المركز المزمع إنشاؤه سيركّز على «المحاكاة المتقدمة والمواد، إلى جانب تقنيات القيادة الذاتية»، مع تعاون وثيق مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، إلى جانب جهات أخرى في السعودية»، مضيفاً: «لا نريد فقط الاستفادة من البنية التحتية هنا، بل أيضاً رد الجميل عبر الإسهام في تعليم الكفاءات المحلية، ومنح الباحثين وطلبة الجامعات موضوعات عملية للعمل عليها، بما يخدم (لوسد) والسعودية في آن واحد».

مارك وينترهوف الرئيس التنفيذي لشركة «لوسد» بالإنابة (الشرق الأوسط)

مضاعفة الإنتاج

وحول أداء الشركة وخططها الإنتاجية، أوضح وينترهوف أن «لوسد» تستهدف هذا العام إنتاجاً يتراوح بين 18 و20 ألف سيارة، أي «نحو ضِعف ما تم إنتاجه في العام الماضي تقريباً»، مضيفاً أن الشركة حدّثت توجيهاتها مؤخراً باتجاه الحد الأدنى من هذا النطاق «في ظل التغيّرات الاقتصادية العالمية»، لكنه شدّد على أن «هذا المستوى من الإنتاج ليس سوى خطوة على الطريق»، وقال: «نواصل زيادة إنتاج طراز (لوسد غرافِتي Lucid Gravity) عالمياً، وكذلك في المملكة، ونتوقع نمواً إضافياً في العام المقبل، لا نعتزم التوقف عند 18 ألف سيارة؛ فهناك ما هو أكبر بكثير في الخطة».

وكشف الرئيس التنفيذي بالإنابة، عن أن الخطة الكبرى تتمثل في بدء إنتاج المنصة المتوسطة الجديدة للشركة نهاية العام المقبل من السعودية، موضحاً: «نخطط لبدء إنتاج منصتنا المتوسطة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، مع أحجام أكبر بكثير، على أن تُصدّر السيارات من هنا إلى أسواق أخرى حول العالم؛ ما يعزز مكانة المملكة مركزاً للتصدير والصناعة في قطاع السيارات الكهربائية».

سيارة «لوسد» من إنتاج مصنعها في السعودية (الشرق الأوسط)

شركة سيارات كهربائية

وشدد وينترهوف على أن «لوسد» متمسكة بهويتها بصفتها شركة سيارات كهربائية بالكامل، قائلاً رداً على سؤال حول أي خطط لتطوير محركات تقليدية أو هجينة: «نحن شركة كهربائية 100 في المائة، وسنبقى كذلك 100 في المائة».

توطين التصنيع التجميعي

من جانبه، عدّ فيصل سلطان، رئيس «لوسد» في الشرق الأوسط، أن افتتاح صالة العرض الجديدة في المنطقة الشرقية «خطوة تأخرت»، لكنها ضرورية لاستكمال انتشار الشركة في «كل ركن من أركان السعودية»، على حد تعبيره.

وتطرّق سلطان إلى جهود «لوسد» في تعميق مسار التوطين داخل السعودية، مشيراً إلى أن الشركة «أنهت بالفعل مرحلة توطين التصنيع التجميعي» لطرازات «لوسد إير Lucid Air» و«لوسد غرافِتي Lucid Gravity» في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية قرب جدة، ضمن مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات.

وأضاف أن الخطوة التالية «الطبيعية» كانت تأسيس قدرات بحث وتطوير داخل المملكة؛ «لأن الظروف المحلية مختلفة من حيث الطقس والرطوبة والجفاف وحالة الطرق، وكل ذلك يستدعي حلولاً هندسية خاصة».

وقال إن الشراكة مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تمنح «لوسد» القدرة على تنفيذ جزء كبير من الأبحاث والاختبارات داخل المملكة، «مع إتاحة الفرصة للكوادر الوطنية للتعلم والمشاركة»، لافتاً إلى أن هذه البنية البحثية الجديدة تختصر الوقت والتكلفة؛ إذ «لم نعد مضطرين إلى شحن القطع إلى الولايات المتحدة وانتظار النتائج، بل نستطيع إنجاز الكثير هنا والحصول على نتائج أسرع».

فيصل سلطان رئيس «لوسد» في الشرق الأوسط

وأكد سلطان أن أثر هذا المركز لن يقتصر على السوق السعودية فقط، بل سيمتد إلى المنطقة والعالم، موضحاً: «الهدف الأساسي هو تلبية احتياجات السعودية بطبيعة الحال، لكن الكثير من الدروس يمكن تعميمها عالمياً، سواء في الحرارة الشديدة أو ظروف التشغيل المختلفة، ما يجعل المملكة مختبراً حقيقياً لحلول السيارات الكهربائية».

خطط التصنيع

وفيما يتعلق بخطط التصنيع، جدد سلطان التأكيد على أن «لوسد» ستبدأ نهاية العام المقبل تصنيع وحدات مكتملة (CBU) من منصتها المتوسطة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية «بأكثر من تصميم (Top Hats) للتلبية شرائح مختلفة من المستهلكين»، على أن تكون هذه السيارات «مُعدّة للاستهلاك العالمي وليست مخصصة للسعودية فقط».

وفي جانب البنية التحتية، رأى سلطان أن انتشار محطات الشحن يعد «أحد أهم الممكّنات» لنمو سوق السيارات الكهربائية، مشيراً إلى أن «لوسد» تدعم عملاءها بتوفير شواحن منزلية وتركيبها مجاناً في منازلهم، بالتوازي مع عملها «بشكل وثيق» مع شركة البنية التحتية للمركبات الكهربائية (EVIQ) وعدد من الشركات والمشغّلين، مثل «إلكترومن» و«ترنينغ بوينت» و«الدريس» و«ساسكو»، بالإضافة إلى سلاسل الفنادق والوجهات السياحية مثل «هيلتون» و«آي إيه جي» و«فور سيزونز».

تركيب شواحن

وأردف: «نقوم بتركيب شواحن تيار متناوب بقدرة 22 كيلوواط في الفنادق والمجمعات التجارية والمنتجعات وبعض مجمعات المكاتب، وهذه الشواحن مفتوحة ليس فقط لمستخدمي (لوسد)، بل لكل مستخدمي السيارات الكهربائية، بحيث يشحن العميل سيارته أثناء استمتاعه بيومه على الشاطئ أو في الفندق أو المركز التجاري».

وكشف سلطان عن توسع متسارع في شبكة الخدمة، موضحاً أن الشركة وسّعت قدراتها في الرياض بصالة خدمة أكبر، ووقّعت شراكات خدمة في الإمارات، إلى جانب الاستثمار في الخدمة المتنقلة «التي تمكّننا من إنجاز 70 إلى 80 في المائة من أعمال الصيانة في موقع العميل، سواء في مكتبه أو في مرآب منزله».

وحول الخطط الجغرافية المقبلة، قال سلطان إن «لوسد» تدرس التوسع في مناطق الجنوب والشمال داخل السعودية، إلى جانب تعزيز حضورها في الرياض بوصفها أكبر أسواقها في المملكة، مع التوسع في المدن التي تشهد نمواً في أعداد سيارات «لوسد» من خلال صالات عرض إضافية ونقاط خدمة أو صالات مؤقتة.

كما أكد أن العام المقبل سيشهد دخول الشركة إلى «دول خليجية جديدة قريبة من السعودية»، إلى جانب حضورها الحالي في الإمارات.

مركز ابتكار للسيارات الكهربائية الذي أقيم بالشراكة بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية «كاكست» ومجموعة «لوسد» (الشرق الأوسط)

مركز ثقل

وأكد رئيس «لوسد» في الشرق الأوسط على أن التوسع الصناعي والبحثي والتجاري لـ«لوسد» في السعودية «ليس مجرد استثمار تجاري قصير الأجل، بل رهان طويل الأمد على سوق تشهد تحولاً سريعاً نحو التنقل الكهربائي»، مضيفاً: «نقدّر كثيراً ثقة القيادة السعودية ودعمها، ونعمل في المقابل على تقديم منتج عالمي المستوى، وفرص عمل وتدريب، واستثمارات في البنية التحتية، بما يجعل من السعودية مركز ثقل لصناعة السيارات الكهربائية في المنطقة والعالم».


ضخ الغاز الروسي عبر الأنابيب لأوروبا عند أدنى مستوياته منذ عقود

عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)
عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)
TT

ضخ الغاز الروسي عبر الأنابيب لأوروبا عند أدنى مستوياته منذ عقود

عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)
عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)

انخفضت صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، عبر خطوط الأنابيب، ​44 في المائة، خلال عام 2025، إلى أدنى مستوياتها منذ منتصف السبعينات، وفق ما أظهرت حسابات «رويترز» الثلاثاء، وذلك بعد إغلاق طريق العبور الأوكراني ومع إلغاء الاتحاد الأوروبي تدريجياً لواردات الوقود الأحفوري من روسيا.

وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيتوقف عن استيراد الغاز الروسي بحلول نهاية عام 2027، ‌في إطار ‌جهوده لإنهاء اعتماده على ‌الطاقة الروسية، ⁠ومن ​أجل ‌حرمان روسيا من الأموال التي يمكن استخدامها في حربها بأوكرانيا.

وفي السابق، كانت أوروبا أكبر مصدر لإيرادات الميزانية الروسية عن طريق مبيعات النفط والغاز، معتمدة على خطوط الأنابيب التي بناها الاتحاد السوفياتي إلى أوروبا ⁠الغربية في الستينيات والسبعينيات.

وبلغت صادرات الغاز الروسي عبر ‌خطوط الأنابيب إلى أوروبا ذروتها عندما تجاوزت 175-‍180 مليار متر مكعب سنوياً في عاميْ 2018 و2019، وقادت لضخ عشرات المليارات لشركة غازبروم والدولة الروسية التي تمتلك حصة مسيطِرة فيها.

ووفقاً لحسابات ​«رويترز» التي تستند إلى بيانات مجموعة نقل الغاز الأوروبية «إنتسوج»، بلغت إمدادات «غازبروم» 18 مليار متر مكعب فقط، هذا العام، وجرى ضخها عبر خط أنابيب ترك ستريم البحري، مسجلة أدنى مستوى منذ أوائل السبعينات.

وخط ترك ستريم هو طريق عبور الغاز الروسي الوحيد المتبقي إلى أوروبا، بعد أن اختارت أوكرانيا عدم تمديد اتفاق عبور مدته خمس سنوات مع موسكو، وانتهى أجل ‌العمل به في أول يناير (كانون الثاني).


روسيا تخفف قواعد الاحتياطي للبنوك لدعم الشركات المثقلة بالديون

يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

روسيا تخفف قواعد الاحتياطي للبنوك لدعم الشركات المثقلة بالديون

يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

أعلن البنك المركزي الروسي، يوم الثلاثاء، تخفيف متطلبات الاحتياطي المفروضة على القروض المعاد هيكلتها، في خطوة تهدف إلى مساعدة الشركات المثقلة بالديون، وفي مقدمتها شركة السكك الحديدية الروسية، على تخفيف أعباء التمويل.

وتواجه شركة السكك الحديدية الروسية، أكبر جهة توظيف في البلاد، ضغوطاً متزايدة نتيجة تراجع أحجام الشحن وارتفاع أسعار الفائدة، ما دفعها إلى الدخول في محادثات مع البنوك والحكومة، لإعادة هيكلة ديونها التي تبلغ نحو 4 تريليونات روبل (51.22 مليار دولار).

وقال أندريه كوستين، الرئيس التنفيذي لبنك «في تي بي» -الدائن الرئيسي للشركة- في مقابلة مع «رويترز»، إن البنوك مستعدة لتأجيل سداد القروض، شريطة ألا يفرض البنك المركزي متطلبات احتياطي أعلى على هذه التسهيلات.

وأوضح البنك المركزي أنه مدّد توصياته إلى البنوك بإعادة هيكلة قروض الشركات ورواد الأعمال الأفراد الذين يواجهون صعوبات مؤقتة، لتشمل النصف الأول من عام 2026، مشيراً إلى أنه خفّف متطلبات الاحتياطي بهدف تشجيع المصارف على الالتزام بهذه التوصيات.

وأضاف أن هذه الإجراءات تنطبق على الشركات ذات الأعباء التمويلية المعتدلة، التي واظبت على سداد التزاماتها خلال الأشهر الستة الماضية، وقدمت «خطط أعمال واقعية» للسنوات الثلاث المقبلة. وأكد أن على البنوك متابعة التزام المقترضين بهذه الخطط بشكل منتظم، وتكوين مخصصات إضافية في حال الإخفاق في تحقيق الأهداف.