ليو الرابع عشر... البابا الذي أراده فرنسيس

الوحيد الذي كان قادراً على جمع نحو ثلثي أعضاء المجمع البابوي

ليو الرابع عشر في أول ظهور له بعد انتخابه. سبع مرات كرر عبارة "السلام" في كلمته(رويترز)
ليو الرابع عشر في أول ظهور له بعد انتخابه. سبع مرات كرر عبارة "السلام" في كلمته(رويترز)
TT

ليو الرابع عشر... البابا الذي أراده فرنسيس

ليو الرابع عشر في أول ظهور له بعد انتخابه. سبع مرات كرر عبارة "السلام" في كلمته(رويترز)
ليو الرابع عشر في أول ظهور له بعد انتخابه. سبع مرات كرر عبارة "السلام" في كلمته(رويترز)

للمرة الرابعة على التوالي خسرت إيطاليا رهانها كي «تستعيد» احتكارها طيلة قرون للسدة الرسولية، بعد أن قرر الروح القدس اختيار أسقف أميركي المولد، لكن متحدر من أصول إيطاليا وإسبانية وفرنسية ويحمل أيضاً جنسية البيرو، حيث أمضي عشرين عاماً، ليخلف البابا فرنسيس الذي هزّ شجرة الكنيسة ونفخ في ضلوعها رياح التغيير والعودة إلى الجذور من غير أن يتسنّى له إيصال إصلاحاته إلى خواتيمها.

روبرت فرنسيس بريفوست له من العمر 69 عاماً، ولد في شيكاغو، لكنه أمضى أكثر من نصف حياته خارج الولايات المتحدة، بين البيرو التي ذهب إليها مرسلاً من أتباع القديس أغسطينوس قبل أن يصبح أسقفاً، ثم في روما، حيث استدعاه البابا الراحل ليشرف على المجلس الأسقفي العالمي الواسع الصلاحيات ويعيّنه كاردينالاً أواخر عام 2023.

روبرت بريفوست المعروف الآن بإسم البابا ليو الرابع عشر يظهر برفقة البابا بنديكتوس السادس عشر الراحل (رويترز)

لم يكن بريفوست على قائمة الكرادلة الأوفر حظاً لخلافة فرنسيس الذي تعرّف عليه في البيرو وقرّبه منه في السنوات الأخيرة من حبريته، فهو ذو طبع هادئ، لا يحب الظهور والتفرد بالقرار، وتعرف عنه قدرة مميزة للاستماع والحوار. وهو أقل الكرادلة الأميركيين أميركية، حتى في ملامحه التي توحي بأصوله وتذكّر بأن ارتفاع عدد الكاثوليك في الولايات المتحدة يعود في المقام الأول لازدياد المتحدرين من أصول لاتينية.

البابا ليو الرابع عشر (أ.ف.ب)

يوم الأربعاء الفائت ذكرت «الشرق الأوسط» أنه في حال عدم انتخاب الإيطالي بيترو بارولين في جلسة الخميس الصباحية للمجمع البابوي، تكون قد تأكدت المعلومات التي تحدثت عن تحالف ضمني واسع يتشكّل منذ سنوات ضد وصول كاردينال إيطالي إلى السدة الرسولية، إذ يسود الاعتقاد بأن المجموعة الإيطالية في «الموريا» هي المسؤولة عن الفساد المالي الذي ينخر الكنيسة منذ عقود، وأن الكاردينال بريفوست، مرشح الظل للتيار التقدمي، هو الذي يمكن أن يستقطب أصواتاً من جهات كثيرة نظراً لوسطيته ومواصفاته المعتدلة.

المحافظون يرتاحون لمهاراته الإدارية واتزانه العقائدي وقدرته على الحوار والتهدئة في ظروف الانقسام الحاد الذي تشهده الكنيسة. والتقدميون يطمئنون لقربه من البابا الراحل ولمسيرته الرعوية ومواقفه من معظم القضايا التي كانت موضع اهتمام فرنسيس. وهو الأميركي الوحيد الذي كان قادراً أن يجمع حوله ثلثي أعضاء المجمع البابوي. يضاف إلى ذلك أن بريفوست كان الخيار الأمثل أمام الخشية التي سادت من انتخاب بابا أفريقي أو آسيوي لا يملك الخبرة الكافية ويضع الكنيسة أمام مجازفات محتملة.

الآلاف يستمعون لأول كلمة من البابا ليو الرابع عشر (رويترز)

لكن بغض النظر عن المناورات والحسابات التي أثمرت وصول أول أميركي إلى السدة البابوية في مثل هذه الظروف الجيوسياسية المعقدة، والانقسام الذي يعتمل ويتفاعل منذ سنوات داخل الكنيسة، يبقى أن بريفوست هو البابا الذي أراده فرنسيس لإكمال الإصلاحات التي مهّد لها من غير مواجهة صدامية مع التيار المحافظ ومن يقف وراءه. ويقال إن كل التعيينات التي قام بها البابا الراحل في السنوات الأخيرة من حبريته كانت تهدف إلى إيصال بريفوست إلى الكرسي الرسولي من بعده.

وعلى غرار برغوليو عندما اختار القديس فرنسيس نصير الفقراء عنواناً لحبريته، يحمل اختيار بريفوست اسم ليو الرابع عشر رسالة واضحة أيضاً تذكّر بالحبر الأعظم الذي سبقه إلى هذا الاختيار، البابا ليو الثالث عشر الذي كان أول من فتح الكنيسة على الحوار والحداثة وتبنّي القضايا الاجتماعية والعمالية في عز الثورة الصناعية أواخر القرن التاسع عشر.

البابا ليو الرابع عشر (أ.ب)

أما الكلمة المقتضبة التي ألقاها البابا الجديد عند ظهوره أمام المحتشدين في ميدان القديس بطرس، فهي تكاد تكون من بنات أفكار سلفه، وبالأسلوب نفسه الذي كان فرنسيس يستخدمه لمخاطبة الناس. سبع مرات كرر ليو الرابع عشر عبارة «السلام» في كلمته التي بدأها بالإيطالية وأنهاها بالإسبانية متوجهاً إلى إبرشيته في البيرو ، لكن من غير أن يستخدم اللغة الإنجليزية.

«La pace disarmata e disarmante» (سلام منزوع السلاح ونازع له)... هو العنوان الذي أطلقه ليو الرابع عشر لسفينة حبريته التي تبحر في أجواء مضطربة من الحروب والنزاعات الدامية، الذي يحمل رسالة واضحة إلى العواصم التي تعيش على وقع التسلّح وتأجيج الصراعات وتجاوز قواعد التعايش السلمي وانتهاك الأعراف الأخلاقية والإنسانية.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب كان أول المهنئين لمواطنه بالوصول إلى السدة الرسولية معرباً عن شديد رغبته في لقائه قريباً. لكن بريفوست لا يشبه الرئيس الأميركي بشيء، ولا نائبه جي دي فانس الكاثوليكي الذي سبق للبابا الجديد أن انتقد مواقفه من المهاجرين. وثمة من يؤكد بين الذين يعرفون جيداً الكاردينال بريفوست أنه ربما أكثر تشدداً من فرنسيس في الدفاع عن المهاجرين واعتراضاً على المعاملة التي يلقونها في مسقط رأسه، لأنه عاين تلك المآسي وعايشها عن قرب طيلة سنوات.


مقالات ذات صلة

البابا يدعو لوضع حد للعنف القائم على معاداة السامية بعد اعتداء سيدني

العالم البابا ليو الرابع عشر (إ.ب.أ)

البابا يدعو لوضع حد للعنف القائم على معاداة السامية بعد اعتداء سيدني

صلّى البابا ليو الرابع عشر، الاثنين، من أجل ضحايا اعتداء سيدني الذي أودى بحياة 15 شخصاً، ودعا إلى وضع حد للعنف القائم على معاداة السامية.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا البابا ليو بابا الفاتيكان (إ.ب.أ)

بابا الفاتيكان يطالب المخابرات الإيطالية بعدم تشويه سمعة السياسيين والصحافيين

حث البابا ليو (بابا الفاتيكان) أجهزة المخابرات الإيطالية على تجنب «تشويه سمعة الشخصيات العامة والصحافيين».

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي كنيسة المهد في بيت لحم (أ.ب)

إضاءة شجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد ببيت لحم للمرة الأولى منذ عامين

أضيئت شجرة عيد الميلاد، السبت، في ساحة كنيسة المهد بمدينة بيت لحم في الضفة الغربية بحضور عدد من رجال الدين والمسؤولين والدبلوماسيين والمواطنين.

«الشرق الأوسط» (بيت لحم )
أوروبا البابا ليو الرابع عشر يتحدث في الفاتيكان (أ.ب) play-circle

البابا: لن نقف مكتوفي الأيدي أمام انتهاكات حقوق الإنسان

أكد البابا ليو الرابع عشر أمام سفراء جدد، اليوم (السبت)، أن الفاتيكان لن يقف مكتوف الأيدي أمام انتهاكات حقوق الإنسان في أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (روما)
العالم البابا ليو الرابع عشر يتحدث إلى الصحافيين حول انتخابه والعلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا على متن رحلة متجهة إلى روما (رويترز)

البابا يحث أميركا على عدم محاولة الإطاحة برئيس فنزويلا بالقوة العسكرية

حث البابا ليو الثلاثاء إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على عدم محاولة الإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو باستخدام القوة العسكرية

«الشرق الأوسط» (روما - واشنطن)

موسكو تعلن تقديم «اقتراح» لباريس بشأن باحث فرنسي سجين

الباحث الفرنسي لوران فيناتييه المسجون في روسيا (أ.ب)
الباحث الفرنسي لوران فيناتييه المسجون في روسيا (أ.ب)
TT

موسكو تعلن تقديم «اقتراح» لباريس بشأن باحث فرنسي سجين

الباحث الفرنسي لوران فيناتييه المسجون في روسيا (أ.ب)
الباحث الفرنسي لوران فيناتييه المسجون في روسيا (أ.ب)

أعلنت موسكو، الخميس، أنها قدمت لباريس «اقتراحاً» بشأن الباحث الفرنسي لوران فيناتييه المسجون في روسيا منذ يونيو (حزيران) 2024، الذي يواجه احتمال المحاكمة بتهمة التجسس.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، يأتي الإعلان بشأن فيناتييه في وقت تتبادل روسيا وفرنسا تصريحات علنية بشأن الحاجة إلى حوار مباشر بين الرئيسين فلاديمير بوتين وإيمانويل ماكرون، بعدما بلغت العلاقة بين البلدين أدنى مستوياتها عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا مطلع عام 2022.

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في مؤتمره الصحافي اليومي الذي حضرته «وكالة الصحافة الفرنسية»: «جرت اتصالات ملائمة بيننا وبين الفرنسيين».

وأضاف: «قدمنا لهم اقتراحاً بشأن فيناتييه... الكرة الآن في ملعب فرنسا»، ممتنعاً عن تقديم تفاصيل إضافية لأن «هذا مجال شديد الحساسية».

وفي باريس، قال مكتب ماكرون إن الرئيس «يبذل قصارى جهده» مع بقية أجهزة الدولة المعنيّة لتأمين الإفراج عن فيناتييه «في أسرع وقت ممكن»، مشدداً على أن الباحث محتجز «بشكل تعسفي».

وأعربت عائلة الباحث على لسان محاميها، عن أملها أن يُفرج عنه خلال فترة الأعياد التي تنتهي في السابع من يناير (كانون الثاني)، يوم تحيي الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي عيد الميلاد.

وقال المحامي فريدريك بولو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن العائلة «متفائلة بحذر»، مضيفاً «لدينا ملء الثقة بالدبلوماسية الفرنسية التي تقوم بكل ما في وسعها».

وأمل أن يُبحث مصير فيناتييه في أي اتصال قد يجري بين بوتين وماكرون.

وكان بوتين قال خلال مؤتمره الصحافي السنوي الأسبوع الماضي، إنه ليس مطلعاً على القضية ويسمع بها للمرة الأولى، وذلك رداً على سؤال من مراسل فرنسي.

وأضاف: «أعدكم بأنني سأستوضح الأمر. وإذا توافرت أدنى فرصة لحل هذه المسألة إيجاباً وإذا أجازت القوانين الروسية ذلك، فسنفعل ما في وسعنا».

وقضت محكمة روسية في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بسجن فيناتييه ثلاثة أعوام لعدم تسجيل نفسه كـ«عميل أجنبي»، بينما كان يجمع «معلومات عسكرية» قد تستخدم ضد «أمن» روسيا.

وأقر المتهم بالوقائع، لكنه دفع بجهله بما كان يتوجب عليه القيام به.

وفي أغسطس (آب)، مثل فيناتييه أمام محكمة روسية ليواجه تهم «تجسس» قد تؤدي في حال إدانته، إلى تشديد عقوبته. وقال في حينه إنه لا يتوقع «أي أمر جيد، ولا أي أمر إيجابي».

وقال والداه لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» في حينه إن نجلهما «سجين سياسي» تستخدمه روسيا بمثابة «بيدق» من أجل «الضغط».

وألقت روسيا القبض على عدد من الرعايا الأجانب لأسباب شتى منذ بدأت الحرب في أوكرانيا مطلع عام 2022، وأجرت خلال الأشهر الماضية عمليات تبادل أسرى مع الولايات المتحدة.

وفيناتييه البالغ 49 عاماً، باحث متخصص في ملف الفضاء ما بعد الحقبة السوفياتية، وكان يعمل على الأراضي الروسية مع مركز الحوار الإنساني، المنظمة السويسرية غير الحكومية التي تتوسط في النزاعات خارج الدوائر الدبلوماسية الرسمية.


محكمة روسية تصدر حكماً بالسجن 6 سنوات ضد ناشط مؤيد للحرب ومعارض لبوتين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)
TT

محكمة روسية تصدر حكماً بالسجن 6 سنوات ضد ناشط مؤيد للحرب ومعارض لبوتين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

أدانت محكمة روسية، اليوم الخميس، ناشطاً مؤيداً للحرب ومعارضاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بتهمة تبرير الإرهاب، وحكمت عليه بالسجن ست سنوات.

ووفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، كان قد جرى اعتقال سيرغي أودالتسوف، زعيم حركة الجبهة اليسارية المعارِضة لبوتين والمرتبط بالحزب الشيوعي، العام الماضي.

ووفق موقع «ميديا زونا» الروسي الإخباري المستقل، فإن التهم الموجهة ضد أودالتسوف جاءت نتيجة مقالٍ نشره على الإنترنت دعماً لمجموعة أخرى من النشطاء الروس المتهمين بتشكيل منظمة إرهابية.

وجرت إدانة هؤلاء النشطاء، في وقت سابق من هذا الشهر، وحُكم عليهم بالسجن لمُدد تتراوح بين 16 و22 عاماً.

ونفى أودالتسوف التُّهم الموجهة إليه وعَدَّها مُفبركة. وأفاد موقع «ميديا زونا» بأن أودالتسوف ندَّد، اليوم الخميس، بالحكم ووصفه بأنه «مُخزٍ» وأعلن إضرابه عن الطعام.

ووفق حكم المحكمة، سيقضي الناشط عقوبته في مستعمرة عقابية شديدة الحراسة.

وكان أودالتسوف شخصية معارِضة بارزة، خلال الاحتجاجات الجماهيرية في روسيا في عاميْ 2011 و2012، والتي اندلعت نتيجة تقارير عن تزوير واسع للانتخابات البرلمانية.


الشرطة السويدية تحقق في حادث أوقع إصابات ببودين شمال البلاد

عَلم السويد بأحد شوارع ستوكهولم (رويترز)
عَلم السويد بأحد شوارع ستوكهولم (رويترز)
TT

الشرطة السويدية تحقق في حادث أوقع إصابات ببودين شمال البلاد

عَلم السويد بأحد شوارع ستوكهولم (رويترز)
عَلم السويد بأحد شوارع ستوكهولم (رويترز)

أعلنت الشرطة السويدية، اليوم الخميس، أنها تُحقق في حادث خطير وقع في بلدة بودين شمال البلاد. وذكرت صحيفة «أفتونبلادت» اليومية أن عدداً من المصابين نُقلوا إلى المستشفى.

ووفقاً لـ«رويترز»، قال متحدث باسم الشرطة: «نتخذ عدداً من الإجراءات التحقيقية»، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل. وذكرت صحيفة «أفتونبلادت» أنها تلقت معلومات تفيد بوقوع جريمة عنيفة، وأن الشرطة أطلقت النار على الجاني. وأشارت الصحيفة، نقلاً عن السلطات المحلية، إلى أنه جرى نقل عدد من الأشخاص إلى المستشفى. وتقع بودين على بُعد نحو 80 كيلومتراً (50 ميلاً) جنوب الدائرة القطبية الشمالية، وهي مقر الفوج التاسع عشر للمشاة السويدي.