تركيا ترفض اتهامات إيران لها بدعم «داعش».. و«استفزاز» روسي في البوسفور

ولايتي يعرض وساطة طهران في الخلاف بين أنقرة وموسكو

طفل يبكي بعد تأثره بغاز مسيل للدموع أطلقته الشرطة التركية ضد متظاهرين أكراد في ديار بكر أمس (أ.ف.ب)
طفل يبكي بعد تأثره بغاز مسيل للدموع أطلقته الشرطة التركية ضد متظاهرين أكراد في ديار بكر أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا ترفض اتهامات إيران لها بدعم «داعش».. و«استفزاز» روسي في البوسفور

طفل يبكي بعد تأثره بغاز مسيل للدموع أطلقته الشرطة التركية ضد متظاهرين أكراد في ديار بكر أمس (أ.ف.ب)
طفل يبكي بعد تأثره بغاز مسيل للدموع أطلقته الشرطة التركية ضد متظاهرين أكراد في ديار بكر أمس (أ.ف.ب)

امتدت الحرب الكلامية التركية - الروسية، على خلفيه إسقاط سلاح الجو التركي مقاتلة روسية انتهكت المجال الجوي التركي على الحدود مع سوريا، إلى إيران التي دخلت على الخط وكررت مزاعم روسية عن تورط أنقرة في تجارة النفط مع المتطرفين في سوريا والعراق.
وفي هذا السياق أعربت تركيا أمس عن «دهشتها» للاتهامات الإيرانية لأنقرة بدعم تنظيم داعش والتورط في تجارة النفط مع المتطرفين في سوريا والعراق. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانجو بيلغيتش في بيان إنه لا شيء في الاتهامات الإيرانية يؤخذ «على محمل الجد».
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان كشف الخميس أنه حذر نظيره الإيراني حسن روحاني بشأن تقارير في وسائل إعلام إيرانية تتهم إردوغان وأسرته بالتورط في عمليات تجارة النفط مع متطرفي «داعش». وقال إردوغان إنه تحادث هاتفيا مع روحاني وأبلغه: «ستدفعون ثمنا باهظا إذا استمر الوضع على هذا النحو»، مضيفا أن الإيرانيين أزالوا هذا الكلام من المواقع الإلكترونية لاحقا.
وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أكد بيلغيتش حصول المكالمة الهاتفية بين الرئيسين، وقال إن أي محاولات لتحوير مضمونها ليس «غير أخلاقي فحسب، بل يوازي أيضًا إخفاء الحقيقة عن الشعب الإيراني».
وردا على إردوغان، دعت وزارة الخارجية الإيرانية الجمعة إلى «مراعاة اللياقة ومبدأ الاحترام المتبادل في العلاقات»، وفقا لوسائل الإعلام الإيرانية. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حسين جابر أنصاري قوله إن «استمرار السياسات والمواقف التي تسهم في دعم الإرهاب في سوريا والعراق سيؤدي إل تفاقم الأزمة في المنطقة واستفحال مشكلات الدول التي تواصل مثل هذه السياسات».
وتدعم كل من روسيا وإيران نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بينما تدعم أنقرة مقاتلي المعارضة، وانضمت في وقت سابق من هذا العام إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في حملة القصف التي يشنها ضد تنظيم داعش في سوريا.
وقال بيلغيتش إن لتركيا «سياسات مبدئية» للتوصل إلى حل سلمي للمشكلات في منطقتها. وأضاف أن أنقرة لا تأخذ «على محمل الجد اتهامها بالإرهاب من قبل الدول التي أسهمت في تصاعد الأزمات بسبب تعاونها مع نظام دمشق»، في إشارة إلى إيران وروسيا.
وثمة أزمة خطيرة بين تركيا وروسيا بعد أن أسقطت أنقرة مقاتلة روسية على الحدود السورية في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) ما أغضب موسكو ودفعها إلى فرض عقوبات على أنقرة. كما اتهمت روسيا الرئيس التركي وعائلته بالتورط في تجارة النفط مع تنظيم داعش، وهو ما نفاه إردوغان.
وفي تطور آخر ذي صلة، انتقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس صورا لمقاتل روسي يحمل منصة صواريخ أثناء مروره في مضيق البوسفور التركي على متن سفينة روسية، ووصف ذلك بأنه «استفزاز». وقال الوزير في كلمة بثها تلفزيون «إن تي في» إن «إظهار السفن الحربية الروسية لأسلحة هو استفزاز». وذكر تلفزيون «إن تي في» أن سفينة «قيصر كونيكوف» التابعة لأسطول البحرية الروسية في البحر الأسود عبرت مضيق البوسفور صباح أمس، إلا أن وسائل الإعلام ذكرت أن ذلك جرى الجمعة. وعرض التلفزيون صورا لعسكري روسي على متن تلك السفينة وهو يحمل منصة إطلاق صواريخ على كتفه في وضعية الإطلاق.
وفي محاولة لاحتواء التوتر بينها وبين أنقرة، وبين الأخيرة وبين موسكو، ذكرت طهران أمس أن من «واجبها» التوسط في الخلاف بين روسيا وتركيا. ونقلت وكالة «إيرنا» الإيرانية الرسمية للأنباء عن علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي قوله إن «على إيران واجب خفض التوترات بين روسيا وتركيا، فليس من الجيد وجود خلاف آخر يضاف إلى الخلافات الحالية التي تشهدها المنطقة». وحول الوثائق التي نشرتها موسكو عن التورط المزعوم لعائلة إردوغان في تجارة النفط مع «داعش»، قال ولايتي: «أرى أنه لم يعد هناك من حاجة لإبراز وثائق أخرى تثبت بيع (داعش) النفط لتركيا، بعد الوثائق التي قدمتها روسا بهذا الشأن»، إلا أنه أكد: «يجب أن لا ننحاز إلى طرف ضد الآخر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».