دوروثي بارون جندية من الحرب العالمية الثانية تُعلّم اليوغا رغم بلوغها المائة

دوروثي بارون تمارس تمارين التمدد أثناء تدريس فصل يوغا في قاعة القرية بالقرب من منزلها شمال لندن يوم 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)
دوروثي بارون تمارس تمارين التمدد أثناء تدريس فصل يوغا في قاعة القرية بالقرب من منزلها شمال لندن يوم 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)
TT

دوروثي بارون جندية من الحرب العالمية الثانية تُعلّم اليوغا رغم بلوغها المائة

دوروثي بارون تمارس تمارين التمدد أثناء تدريس فصل يوغا في قاعة القرية بالقرب من منزلها شمال لندن يوم 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)
دوروثي بارون تمارس تمارين التمدد أثناء تدريس فصل يوغا في قاعة القرية بالقرب من منزلها شمال لندن يوم 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)

رغم بلوغها سن المائة عام، لا تزال المحاربة القديمة البريطانية دوروثي بارون تحافظ على لياقتها البدنية، إلى درجة أن المرأة التي كانت في صفوف البحرية وساهمت في إنزال يوم النصر، أصبحت اليوم مدرّبة لليوغا.

وبينما تستعد أوروبا لإحياء الذكرى الثمانين لانتصار الحلفاء على ألمانيا النازية في الثامن من مايو (أيار) الحالي، باتت بارون من قلّة آخذة في التناقص من المحاربين القدامى الذين لا يزالون قادرين على أن يرووا تجاربهم في الحرب.

دوروثي بارون امرأة تبلغ من العمر 100 عام تمارس تمارين التمدد أثناء تدريس فصل يوغا في قاعة القرية بالقرب من منزلها شمال لندن يوم 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وتقول المرأة المعمرة النابضة بالحيوية إنها شعرت بأن «ثقلاً أزيح» عن كتفيها عندما سُرِّحت من الخدمة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وتضيف: «قالوا لنا: يمكنكم الاحتفاظ ببزّاتكم العسكرية. هذه قسائم لشراء الملابس والطعام. يمكنكم العودة إلى دياركم».

كانت دوروثي بارون يومها تبلغ العشرين تقريباً، ولم يكن لديها مكان تذهب إليه، ولم تكن تدرك أن مرحلة ما بعد الحرب ستظل تتسم بالحرمان في بريطانيا المدمرة والمنهكة اقتصادياً. وتصف هذه الحقبة بأنها كانت «صعبة جداً».

وبعد ثمانين عاماً، تشهد دوروثي بارون بفخر في المدارس ووسائل الإعلام على سنوات الحرب وإعادة الإعمار هذه.

دوروثي بارون تمارس تمارين التمدد أثناء تدريس فصل يوغا في قاعة القرية بالقرب من منزلها شمال لندن يوم 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وستشارك المحاربة القديمة في الاحتفالات التي تُنظّم في هولندا ثم في المملكة المتحدة، حيث تقام طوال أربعة أيام مسيرات وعروض جوية، تحضرها العائلة المالكة، بالإضافة إلى حفلات في الشوارع.

وتعطي هذه المرأة المعمرّة التي تتمتع بطاقة غير عادية، درساً في اليوغا صباح كل يوم اثنين في قريتها بالقرب من هارلو، في شمال لندن.

ولا تحول سنّها دون تمتعها بليونة يحسدها عليها ممارسو اليوغا الثلاثينيون. وتعطي دوروثي طالباتها الاثنتي عشرة اللواتي تتراوح أعمارهن بين 20 و95 عاماً، تعليمات وتوجيهات، وتعلمهنّ وضعيات صعبة ومنهكة.

وتواظب دوروثي على إعطاء دروس في اليوغا منذ ستين عاماً. وتقول وهي تسير إلى منزلها ممسكة بذراع مساعِدتها المنزلية: «أشعر بأن وضعي جيد، وبأني مرتاحة ونشيطة».

وتشير سوزي، وهي إحدى طالباتها، إلى أن معلّمتها «تحب لقاء الناس، ويمكن أن تبقى على قيد الحياة لسنوات عدة مقبلة». وتضيف: «لقد استمتعت العام المنصرم بالأنشطة التي أقيمت للمحاربين القدامى» بمناسبة الذكرى السنوية لإنزال نورماندي.

دوروثي بارون تساعد أحد الطلاب على تمديد ظهره أثناء حصة لليوغا في قاعة القرية بالقرب من منزلها شمال لندن يوم 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)

طلعة في «سبيتفاير»

احتفلت دوروثي بعيد ميلادها المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 بطلعة في طائرة «سبيتفاير» التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، التي أدّت دوراً حاسماً في معركة بريطانيا عام 1940 ضد القوات الجوية الألمانية. وتصف التجربة ضاحكةً بأنها كانت «مثيرة جداً».

عندما كانت في الثامنة عشرة، أظهرت دوروثي بارون تصميماً قوياً. فهي أرادت بشدة الانضمام إلى البحرية، كما فعلت شقيقتها قبلها. وتقول: «لم يكن وارداً ترك النازيين يسيطرون على بلدنا».

لكنها كانت صغيرة جداً للانضمام إلى نساء البحرية اللواتي تُطلق عليهنّ تسمية «رينز» Wrens. لذلك لجأت إلى الغشّ، على ما تقرّ. وتروي أنها أدخلت كعباً من الورق المقوى في حذائها و«نفخت» شعرها لتبدو أطول.

دوروثي بارون تمارس تمارين التمدد أثناء تدريس فصل يوغا في قاعة القرية بالقرب من منزلها شمال لندن يوم 31 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وتولّت دوروثي تعليم عناصر البحرية كيفية التواصل مع السفن باستخدام الإشارات البصرية وإشارات مورس. ساعدت في اختبار مواني مالبيري المصنعة سلفاً في بريطانيا قبل استخدامها في عمليات الإنزال على ساحل نورماندي الفرنسي.

ولم تكن تعلم حينها لأي غرض ستُستخدم هذه الهياكل. وتقول: «كنا نعرف أن من غير الجائز لنا طرح أي أسئلة».

ولم تعرف إلاّ بعد الحرب أن هذه المواني استُعملت في عمليات الإنزال يوم النصر. وتعلّق: «كنت مسرورة جداً، وشعرت بأنني فعلت شيئاً مفيداً».

وخلال الحرب، تعرّفت بزوجها أندرو الذي كان في القوات الجوية الملكية، ولاحقاً رُزقا ابنتين. وهي الآن جدة لجيلين، وكانت معلمة فنون في مدرسة ابتدائية حتى تقاعدها في ثمانينات القرن العشرين.

ومع أن أندرو توفي عام 2021، لا تزال دوروثي تستذكره بقدر كبير من الحنان.

ومع أن الابتسامة لا تفارق ثغرها، تزعجها الأحداث الجارية. وتقول: «لا أحد ينتصر في الحرب على الإطلاق»، معربة عن قلقها إزاء الحرب في أوكرانيا، ومن التوترات في مختلف أنحاء العالم.


مقالات ذات صلة

انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

تحليل إخباري المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز) play-circle

انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

يتعاظم القلق الأوروبي من النهج الأميركي في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو. فالتسارع عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة.

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم زيادة الطلب في أوروبا مرتبطة بالحرب في أوكرانيا (أ.ف.ب)

بسبب حربَي غزة وأوكرانيا... شركات تصنيع الأسلحة تسجل إيرادات قياسية

بلغت مبيعات أكبر مائة شركة لتصنيع الأسلحة في العالم رقماً قياسياً، بلغ 679 مليار دولار العام الماضي؛ حيث عززت الحروب في غزة وأوكرانيا الطلب.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
أوروبا مركبة مدرّعة من طراز «أجاكس» في نموذج أولي عام 2016 (وزارة الدفاع البريطانية)

بريطانيا توقف استخدام مركبات «أجاكس» المدرّعة بعد إصابة 30 جندياً بوعكات صحية

أوقف الجيش البريطاني استخدام مركباته المدرّعة من طراز «أجاكس» (Ajax) بعد إصابة نحو 30 جندياً بوعكات صحية بسبب الضوضاء والاهتزاز خلال تدريب عسكري.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين يُدليان ببيان بعد المحادثات غير الرسمية بين رؤساء حكومات الاتحاد الأوروبي بشأن أوكرانيا في قمة الاتحاد الأوروبي وأفريقيا في لواندا بأنغولا 24 نوفمبر 2025 (د.ب.أ)

فون دير لاين: أوروبا وأفريقيا تحتاجان إلى بعضهما أكثر من أي وقت مضى

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الاثنين إن أوروبا وأفريقيا «تحتاجان إلى بعضهما أكثر من أي وقت مضى».

«الشرق الأوسط» (لواندا)
الاقتصاد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح متحدثاً في قمة «اليونيدو» (الشرق الأوسط)

الفالح: المنطقة تستقطب 3 % فقط من الاستثمار الأجنبي رغم غناها بالموارد

أكد وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في ضعف جذبها للاستثمار الأجنبي المباشر مقارنة بحجم الفرص.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
TT

كريتي سانون تروي رحلتها من دروس شاروخان إلى شجاعة الاختيار

الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)
الفنانة الهندية تحدثت عن تجربتها في السينما (مهرجان البحر الأحمر)

في واحدة من أكثر الجلسات جماهيرية في مهرجان البحر الأحمر السينمائي هذا العام، حلّت الممثلة الهندية كريتي سانون في ندوة حوارية تحوّلت سريعاً من حوار تقليدي إلى عرض كامل تفاعل خلاله الجمهور بحماسة لافتة، حتى بدا المشهد وكأنه لقاء بين نجمة في ذروة تألقها وجمهور وجد فيها مزيجاً من الذكاء والعفوية والثقة.

منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أن الجمهور جاء محملاً بأسئلته، فيما شجع التفاعل الجماهيري الممثلة الهندية على أن تجيب بصراحة عن كل ما يتعلق بمسيرتها، ومن بين كل أسماء الصناعة، لم يلمع في حديثها كما لمع اسم شاروخان. توقفت عند ذكره كما يتوقف شخص أمام لحظة صنعت في داخله تحولاً، وصفته بأنه «الأكثر ذكاءً وخفة ظل» ممن قابلتهم، ومثال حي على أن الفروسية والذوق الرفيع لا يزالان ممكنَين في صناعة صاخبة.

واستعادت كريتي كيف كان شاروخان ينظر إلى من يتحدث معه مباشرة، وكيف يمنح الجميع احتراماً متساوياً، حتى شعرت في بداياتها بأنها تلميذة تقع فجأة في حضرة أستاذ يعرف قواعد اللعبة من دون أن يستعرضها، ومع أن كثيرين يرون أن سانون دخلت عالم السينما من باب الجمال والأزياء، فإنها أكدت أن دراستها للهندسة لعبت دوراً في دخولها مجال الفن باعتبار أنها تعلمت منها أن كل شيء يجب أن يكون منطقياً وقائماً على أسئلة لماذا؟ وكيف؟

وأوضحت أن تحليل الأمور ومراجعتها منحتاها أدوات لم يمتلكها ممثلون آخرون، مروراً بتجارب وورشات تمثيل طويلة، فيما كانت هي تتعلم على أرض الواقع عبر طرح الأسئلة، حتى تلك التي قد يضيق منها البعض أو يعدها دليلاً على التردد.

الممثلة الهندية خلال جلستها الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

توقفت أيضاً في حديثها عند واحدة من أكثر محطاتها صعوبة، شخصية الروبوت «سيفرا» في فيلم «لقد وقعت في شرك كلامك»، شارحة أنها كانت لعبة توازن دقيقة بين أن تكون آلة بما يكفي ليصدّقها المشاهد، وإنسانة بما يكفي ليُصدّقها شريكها في الفيلم، مشيرة إلى أنها لم ترمش في أثناء الحوارات، وضبطت كل حركة لتكون دقيقة ومحسوبة، ورغم أنها معروفة بخفة الحركة و«العثرات الطريفة» كما وصفت نفسها، فإن أكثر ما أسعدها في الفيلم كان مشهد «الخلل» الذي ابتكرته بنفسها، لتمنح الشخصية ملمساً أكثر واقعية.

لكن اللحظة الأكثر دفئاً كانت عندما تحدثت عن الموسيقى، وعن دورها في مسيرتها؛ حيث روت كيف كانت غرف التسجيل التي تعمل فيها مع الملحّنين تشبه «متجر حلوى»، وكيف كان اللحن يُولد من جلسة ارتجال بسيطة تتحول بعد دقائق إلى أغنية جاهزة، ومع أن الجلسة كانت مليئة بالضحك واللحظات الخفيفة، فإنها لم تخفِ الجانب العميق من تجربتها، خصوصاً عندما تحدثت عن انتقالها من الإعلانات والصدفة إلى البطولة السينمائية.

وروت كيف أن فيلم «ميمي» منحها مساحة أكبر مما حصلت عليه في أي عمل سابق، وغيّر نظرتها إلى نفسها بوصفها ممثلة، مؤكدة أن ذلك العمل حرّرها من الحاجة الدائمة إلى إثبات ذاتها، وأعطاها الشجاعة لاختيار أدوار أكثر مجازفة. ومنذ ذلك الحين -كما تقول- لم تعد في سباق مع أحد، ولا تبحث عن لائحة إيرادات، بل عن أن تكون أفضل مما كانت عليه أمس.

وحين سُئلت عن فيلمها الجديد «تيري عشق مين» وعن موجة النقاشات التي أثارها على مواقع التواصل، أكدت أنها تتابع الآراء بشغف، لأن السينما تشبه اللوحة الفنية التي يراها كل شخص من زاوية مختلفة، مشيرة إلى أن الناس يتفاعلون مع قصة الفيلم، لأنهم قد عرفوا في حياتهم شخصاً مثل الممثلين.

وأكدت أن جزءاً من التفاعل يرجع إلى كون العمل يعرض الحب السام من جهة، لكنه يتيح للشخصية النسائية أن تُسمّيه وتواجهه، وهذا ما تعدّه تطوراً مهماً في كتابة الشخصيات النسائية، فلم تعد المرأة مجرد ضحية أو محبوبة مثالية، «فالمرأة المعاصرة على الشاشة يمكن أن تكون معقدة، متناقضة، واقعية، ومحبوبة رغم كل ذلك»، حسب تعبيرها.


جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
TT

جيسيكا ألبا تكشف عن مشروع سينمائي مع هيفاء المنصور

جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)
جيسيكا ألبا خلال حضورها مهرجان البحر الأحمر (إدارة المهرجان)

كشفت الفنانة الأميركية جيسيكا ألبا عن ملامح مشروع سينمائي جديد يجمعها بالمخرجة السعودية هيفاء المنصور، مشيرة خلال ندوتها في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي» إلى أن هذا التعاون لم يتشكل بين ليلة وضحاها، بل جاء نتيجة نقاشات طويلة امتدت على مدار سنوات.

وأوضحت في اللقاء الذي أقيم، الجمعة، أن الفكرة التي استقرتا عليها تدور حول قصة إنسانية عميقة تتناول علاقة ابنة بوالدها المتقدّم في العمر، ضمن سردية تقترب من تفاصيل العائلة وتحولاتها، وتسلّط الضوء على هشاشة العلاقات حين تواجه الزمن، وما يتركه ذلك من أسئلة مفتوحة حول الذاكرة والواجب العاطفي والمسؤولية المتبادلة.

وأضافت أن ما شدّها إلى المشروع ليس موضوعه فقط، بل الطريقة التي تقارب بها هيفاء المنصور هذه العلاقات الحسّاسة وتحولها إلى لغة بصرية تتسم بالهدوء والصدق، لافتة إلى أن «هذا التعاون يمثّل بالنسبة لي مرحلة جديدة في اختياراتي الفنية، خصوصاً أنني أصبحت أكثر ميلاً للأعمال التي تمنح الشخصيات النسائية مركزاً واضحاً داخل الحكاية، بعيداً عن الأنماط التقليدية التي سيطرت طويلاً على حضور المرأة في السينما التجارية».

وأشارت إلى أنها تبحث اليوم عن قصص تستطيع فيها المرأة أن تظهر بوصفها شخصية كاملة، تملك مساحتها في اتخاذ القرارات والتأثير في مسار الحكاية، وهو ما تراه في مشروعها مع المنصور، الذي وصفته بأنه «قريب من قلبها»؛ لأنه يعيد صياغة علاقة الأم والابنة من منظور مختلف.

وخلال الندوة، قدّمت ألبا قراءة موسّعة لتغيّر مسارها المهني خلال السنوات الأخيرة، فهي، كما أوضحت، لم تعد تنظر إلى التمثيل بوصفه مركز عملها الوحيد، بل بات اهتمامها الأكبر موجّهاً نحو الإنتاج وصناعة القرار داخل الكواليس.

وأكدت أن دخولها عالم الإنتاج لم يكن مجرد انتقال وظيفي، وإنما خطوة جاءت نتيجة إحساس عميق بأن القصص التي تُقدَّم على الشاشة ما زالت تعكس تمثيلاً ناقصاً للنساء وللأقليات العرقية، خصوصاً للمجتمع اللاتيني الذي تنتمي إليه.

وتحدثت ألبا عن تجربة تأسيس شركتها الإنتاجية الجديدة، معتبرة أن الهدف منها هو خلق مساحة لصناع المحتوى الذين لا يجدون غالباً فرصة لعرض رؤاهم، موضحة أن «غياب التنوّع في مواقع اتخاذ القرار داخل هوليوود جعل الكثير من القصص تُروى من زاوية واحدة، ما أدّى إلى تكريس صور نمطية ضيّقة، خصوصاً فيما يتعلّق بالجاليات اللاتينية التي غالباً ما تظهر في الأعمال ضمن أدوار مرتبطة بالعنف أو الجريمة أو الأعمال الهامشية».

وشددت على أنها تريد أن تساهم في معالجة هذا الخلل، ليس عبر الخطابات فقط، بل من خلال إنتاج أعمال تظهر فيها الشخصيات اللاتينية والعربية والنساء بصورة كاملة، إنسانية، متنوّعة، لافتة إلى أن تنوّع التجارب الحياتية هو العنصر الذي يجعل صناعة السينما أكثر ثراء، وأن غياب هذا التنوع يجعل الكثير من الكتّاب والمخرجين عاجزين عن تخيّل شخصيات خارج ما اعتادوا عليه.

وأضافت أن مهمتها اليوم، من موقعها الجديد، هي فتح المجال أمام أصوات غير مسموعة، سواء كانت نسائية أو تنتمي إلى أقليات ثقافية واجتماعية، لافتة إلى أنها تعمل على تطوير فيلم جديد مع المخرج روبرت رودريغيز، يعتمد على مزيج من الكوميديا العائلية وأجواء أفلام السرقة، مع طاقم تمثيل لاتيني بالكامل.

وأوضحت أن هذا العمل يأتي امتداداً لرغبتها في دعم المواهب اللاتينية، وفي الوقت نفسه تقديم أعمال جماهيرية لا تُختزل في سرديات العنف أو الهوامش الاجتماعية، واصفة المشروع بأنه خطوة مختلفة على مستوى بنية الحكاية؛ لأنه يجمع بين الترفيه والأسئلة العائلية، ويقدّم الشخصيات اللاتينية في إطار طبيعي وغير مصطنع.

وتوقفت جيسيكا عند مشاركتها المرتقبة في فيلم «الشجرة الزرقاء»، ويتناول علاقة أم بابنتها التي تبحث عن استقلاليتها رغم حساسية ظروفها موضحة أن ما جذبها لهذا العمل هو طبيعته الهادئة، واعتماده على بناء علاقة حميمة بين شخصيتين، بعيداً عن الصراعات المفتعلة، معتبرة أن هذا النوع من الحكايات يمثّل مرحلة أصبحت قريبة جداً منها في هذه الفترة من حياتها.


«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
TT

«الآثار المسترَدة»... محاولات مصرية لاستعادة التراث «المنهوب»

جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)
جهود مصرية متواصلة لاسترداد الآثار المهرَّبة إلى الخارج (وزارة السياحة والآثار)

في إطار الجهود المصرية المستمرة للحفاظ على التراث وحمايته واستعادة الآثار المصرية المنهوبة من الخارج وصيانتها، تعدَّدت الجهود الرسمية والأهلية والبحثية والأكاديمية للعمل على حفظ التراث واستعادة الآثار المُهرَّبة، واستضافت مكتبة الإسكندرية مؤتمراً علمياً، بالتعاون مع مؤسسة ألمانية، تناول استرداد الآثار المصرية من الخارج، وحفظ وصيانة التراث.

وركز المؤتمر على تجارب مصر في استرداد القطع الأثرية التي خرجت من البلاد بطرق غير قانونية، سواء عبر المتاحف الأجنبية أو الأسواق غير المشروعة. وشارك فيه عدد من المسؤولين والخبراء المصريين والدوليين، وتم عرض نماذج بارزة من الآثار المسترَدة حديثاً، مثل التوابيت المذهبة والقطع الخشبية النادرة، مع مناقشة الإجراءات القانونية والدبلوماسية التي اعتمدتها مصر لاستعادة هذه القطع الأثرية وحمايتها بوصفها جزءاً من التراث العالمي.

وأكد عالم الآثار المصرية، الدكتور حسين عبد البصير، أن هذه الجهود تمثل رسالةً قويةً للعالم حول أهمية حماية التراث الثقافي المصري والعربي والعالمي، وأن استعادة كل قطعة أثرية هي خطوة نحو الحفاظ على الهوية الوطنية وإعادة حق الأجيال القادمة في التراث الحضاري لمصر، والعالم العربي، والعالم.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن دور المجتمع المدني والجمعيات الأثرية مهم في دعم هذه الجهود، من خلال التوعية، والبحث العلمي، والتعاون مع المنظمات الدولية؛ لتقوية موقف مصر القانوني في مواجهة التجارة غير المشروعة بالآثار.

جانب من المؤتمر الذي ناقش الآثار المسترَدة وحفظ التراث (الشرق الأوسط)

وتحت عنوان «الاتجار بالآثار سرقة للتاريخ وطمس للهوية»، تحدَّث الدكتور شعبان الأمير، أستاذ ترميم الآثار ومواد التراث بكلية الآثار بجامعة الفيوم، وتناول التنقيب والاتجار بالآثار وتقارير اليونيسكو حول هذه العمليات، التي تُقدَّر بنحو 10 مليارات دولار سنوياً، وهي ثالث أكبر عملية تجارية بعد المخدرات والسلاح على مستوى العالم.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «حماية التراث واجب وطني ومجتمعي، والاتجار بالآثار يعدّ سرقةً للتاريخ وطمساً ومحواً وفقداناً للهوية». وأشار إلى أن المؤتمر تناول أبحاثاً حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والهندسة، والكيمياء، والوعي المجتمعي، وغيرها من الموضوعات التي اهتمت بكيفية حماية التراث والآثار، والحد من عمليات التنقيب غير الشرعي، وعمليات التسجيل والتوثيق والفحص والتحليل تمهيداً لعمليات الترميم والصيانة والحفظ والعرض المتحفي أو بالمواقع الأثرية.

وفي ورقة بحثية بالمؤتمر، تناولت الدكتورة منى لملوم، قوة الميديا ووسائل الإعلام المختلفة في المطالبة باسترداد الآثار، مشيرة إلى الحملات التي تقوم بها وسائل الإعلام من أجل الضغط لاسترداد الآثار المُهرَّبة من مصر بطرق غير مشروعة. وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنها «تناولت كثيراً من النماذج، منها استعادة تمثال من أميركا عام 2019 بجهود رسمية كبيرة، بالإضافة إلى قوة الإعلام، وكذلك الضغط من خلال حملات صحافية وأهلية، إلى جانب الجهود الحكومية لاستعادة آثار مصرية مهمة مثل رأس نفرتيتي من ألمانيا، وجدارية (الزودياك) أو الأبراج السماوية من متحف اللوفر، فضلاً عن استعادة حجر رشيد من المتحف البريطاني».

ولفتت د. منى إلى دور الدراما والسينما في التعامل مع الآثار والتاريخ مثل فيلم «المومياء» من إخراج شادي عبد السلام الذي لعب دوراً إيجابياً وصُنِّف من أهم 100 فيلم مصري في القرن الـ20، وهناك نماذج سلبية مثل مسلسل «كليوباترا» الذي أنتجته «نتفليكس» وقوبل بهجوم شديد لتجسيد الملكة المصرية بممثلة سوداء، و«اضطرت الشبكة إلى تغيير تصنيف الفيلم من (وثائقي) إلى (درامي) تحت ضغط (الميديا)» على حد تعبيرها.