في اليوم العالمي لكلمات المرور: أمن الهوية الرقمية مهدد في عصر الأجهزة الذكية

هل المستقبل من دون كلمات مرور يعد ممكناً؟

لا تزال كلمات المرور نقطة ضعف رئيسة في البنية الرقمية للمؤسسات (شاترستوك)
لا تزال كلمات المرور نقطة ضعف رئيسة في البنية الرقمية للمؤسسات (شاترستوك)
TT

في اليوم العالمي لكلمات المرور: أمن الهوية الرقمية مهدد في عصر الأجهزة الذكية

لا تزال كلمات المرور نقطة ضعف رئيسة في البنية الرقمية للمؤسسات (شاترستوك)
لا تزال كلمات المرور نقطة ضعف رئيسة في البنية الرقمية للمؤسسات (شاترستوك)

أصبحت الهويات الرقمية أساساً للعمل والحياة والأمن، وتظل كلمة المرور أداة الحماية الأولى، لكنها أيضاً نقطة الضعف الأكبر.

في اليوم العالمي لكلمات المرور، الذي يُصادف أول خميس من شهر مايو (أيار) من كل عام، نتذكر أن حماية الحسابات لم تُحل بعدُ، خصوصاً في عصر الأجهزة الذكية والاتصال الفائق والهجمات السيبرانية المستمرة.

ومع توسّع استخدام أجهزة xIoT (الإنترنت الممتد للأشياء) داخل المؤسسات، تزداد التحديات المرتبطة بكلمات المرور تعقيداً. يقول أسامة الزعبي، نائب رئيس شركة «فوسفوريس» للأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وهي شركة متخصصة في حماية أجهزة xIoT بشكل استباقي، إن تلك الأجهزة تطرح مخاطر كبيرة تتعلق بكلمات المرور بسبب تنوعها الكبير وغياب المعايير الأمنية الموحدة، حيث لا تزال أجهزة كثيرة تُشحن بكلمات مرور افتراضية من المصنع. ويضيف خلال لقاء خاص مع «الشرق الأوسط» أنه «من دون إدارة تلقائية لتلك البيانات، تصبح هذه الأجهزة بوابات مكشوفة أمام هجمات الفدية وسرقة البيانات، وحتى تعطيل العمليات التشغيلية».

أسامة الزعبي نائب رئيس شركة «فوسفوريس» للأمن السيبراني في الشرق الأوسط وأفريقيا متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (فوسفوريس)

آلاف نقاط الدخول وكلمة مرور واحدة

على عكس أنظمة تكنولوجيا المعلومات التقليدية، غالباً ما تأتي أجهزة xIoT مثل الحساسات الصناعية والطابعات والأجهزة الطبية والكاميرات الذكية مزوّدة بكلمات مرور جاهزة لا يتم تغييرها بعد التثبيت.

يوضح الزعبي أنه عادة ما يتم شحن كثير من هذه الأجهزة بكلمات مرور افتراضية لتسهيل الإعداد، لكن الراحة تتغلب على الأمان، ومؤسسات كثيرة لا تدير هذه البيانات بشكل جيد أو لا تُجري تغييراً دورياً لها، ما يفتح المجال للمهاجمين لفترة طويلة بعد النشر. وعلى الرغم من أن المستخدمين يتحملون جزءاً من المسؤولية، فإن الزعبي يرى أن «العبء الأكبر يقع على المصنعين وفرق الأمن السيبراني لتطبيق معايير قوية افتراضياً، والاعتماد على الأتمتة لتقليل احتمالات الخطأ البشري».

هجمات أسرع وأكثر ذكاءً وخطورة

في الوقت الذي تحاول فيه المؤسسات تعزيز أمنها، لا يتوقف المهاجمون عن تطوير أدواتهم، بل باتوا يعتمدون على الأتمتة لاختراق كلمات المرور.

يعد الزعبي أن البرمجيات الخبيثة باتت تُستخدم لمسح آلاف أجهزة xIoT بحثاً عن كلمات مرور ضعيفة أو افتراضية. ويضيف: «عند النجاح، يُباع الوصول لمجموعات فدية، أو يتم استخدامه للانتقال إلى أنظمة أكثر حساسية». ويتابع أن الأخطر من ذلك هو أن أدوات عامة مثل «شودان» (Shodan) تتيح لأي شخص البحث عن هذه الأجهزة المكشوفة بسهولة، ما يحوّل كاميرا بسيطة أو نقطة وصول مهملة إلى تهديد كامل للبنية المؤسسية.

الأتمتة الذكية في إدارة كلمات المرور تسهم في تقليل المخاطر دون التأثير على تجربة المستخدم (شاترستوك)

ثغرات أمنية صامتة

لا تقتصر المشكلة في أجهزة xIoT على ضعف كلمات المرور فقط، بل تكمن أيضاً في تصميمها غير الآمن. يشرح الزعبي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنه في قطاعات مثل التصنيع والرعاية الصحية، أنظمة xIoT كثيرة تعمل بإصدارات قديمة ولا يمكن تحديثها دون توقف العمليات، وأن أجهزة لا تملك القدرة التقنية لتشغيل برامج حماية حديثة. وفي البيئات الصناعية، تمثل الأجهزة ثغرات مادية أيضاً، إذ يمكن الوصول إليها جسدياً واستغلالها دون الحاجة إلى اتصال عن بُعد. وفي الوقت ذاته، تفتقر التشريعات في كثير من الدول إلى قواعد صارمة لتنظيم أمن أجهزة إنترنت الأشياء.

هل المستقبل من دون كلمات مرور؟

رغم التوجه العالمي نحو المصادقة البيومترية، مثل بصمة الإصبع أو التعرف على الوجه، يرى الزعبي أن التبني الشامل لا يزال بعيد المنال. ويقول إن تلك التقنيات بدأت تنتشر في الأجهزة الحديثة، لكن مؤسسات كثيرة تعتمد على بنى تحتية قديمة لا تدعم هذه البروتوكولات. ويتابع أن بعض الأجهزة مثل الكاميرات والأنظمة الصوتية منخفضة الطاقة لا يمكنها دعم التوثيق المتقدم. ووفقاً للزعبي تشمل القطاعات المتقدمة في هذا المجال البنوك وشركات التكنولوجيا وأجزاء من قطاع الرعاية الصحية، حيث الأنظمة محدثة ومهيأة لاعتماد أدوات الهوية الذكية.

يستخدم المهاجمون أدوات مؤتمتة لاختراق آلاف الأجهزة الضعيفة بكلمات مرور متكررة أو افتراضية (شاترستوك)

الأخطاء المتكررة

حتى اليوم، لا تزال المؤسسات ترتكب أخطاء بسيطة لكنها كارثية، أبرزها الإبقاء على كلمات المرور الافتراضية. ويردف الزعبي أنه تم رؤية بيئات كاملة لا تزال تستخدم كلمة المرور نفسها على جميع الأجهزة، دون تحديث أو مراقبة منذ سنوات. ويواصل قائلاً: «الأخطر أن الأجهزة الهامشية مثل الطابعات أو أنظمة الدخول تُترك منسية، رغم أنها بوابات خلفية مثالية للمهاجمين».

التوازن بين الأمان وسهولة الاستخدام

أحد أكبر التحديات هو تحقيق الحماية دون تعقيد تجربة المستخدم. ويرى الزعبي أن الحل يكمن في الأتمتة الذكية. ويوضح أنه من خلال تدوير كلمات المرور تلقائياً، وتعطيل الخدمات غير المستخدمة وفرض كلمات مرور قوية، يمكن تقليل المخاطر دون إثقال كاهل الفرق التقنية أو المستخدمين. ويشدّد على أن الأمن لا يجب أن يكون مزعجاً، بل يجب أن يكون استباقياً.

استمرار استخدام كلمة مرور واحدة لجميع الأجهزة يعد من أخطر الممارسات الأمنية (شاترستوك)

دور العامل البشري

رغم أهمية الأنظمة والسياسات، يؤكد الزعبي أن الإنسان يبقى الحلقة الأكثر حساسية، ويعد أن الخطأ البشري هو الثغرة الأكبر في الأمن السيبراني، ويشدد على أهمية التوعية والتدريب المستمر. وينصح الزعبي بتطبيق محاكاة لهجمات التصيّد، وتوضيح سياسات كلمات المرور، وتثقيف الموظفين حول أدوات المصادقة الجديدة قائلاً إن «الموظف الواعي قد يكون جهاز الإنذار الأول ضد الهجمات».

وعندما سُئل الزعبي عن الخطوات العاجلة لتحسين أمان كلمات المرور، قدم استراتيجية مبنية على ثلاثة محاور: الأشخاص والعمليات والتقنية. وعد بأن الخطوة الأولى هي اكتساب رؤية شاملة لجميع الأصول المتصلة، بما في ذلك أجهزة xIoT ومن ثم فرض المسؤولية والمساءلة في الوصول وتطبيق سياسات كلمات مرور قوية. وأخيراً، الاستفادة من الأتمتة لتدوير كلمات المرور، ومراقبة الدخول غير المصرح به، وتطبيق استجابات سريعة عند وقوع الحوادث. وأشار إلى اعتماد أطر مثل قاعدة «15 - 30 - 60» وهي الاستجابة للتنبيه خلال 15 دقيقة، واحتواء الحادث خلال 30 دقيقة، والمعالجة الكاملة خلال 60 دقيقة.

يختتم الزعبي بقوله: «علينا أن ننتقل من التعامل مع كلمات المرور كشرّ لا بد منه، إلى بناء أنظمة تحمي الهويات بشكل افتراضي. عندها، لن نحتاج إلى الاعتماد على الحلقة الأضعف».

كلمات المرور لن تختفي قريباً، لكنها بالتأكيد تحتاج إلى إعادة تصميم ذكية... بدءاً من الآن.


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا خاصية إشعارات ارتفاع ضغط الدم في «أبل ووتش» تستند إلى مستشعر نبضات القلب البصري في الساعة (الشرق الأوسط)

«أبل ووتش» تتيح خاصية التنبيه المبكر لارتفاع ضغط الدم في السعودية والإمارات

قالت شركة «أبل» إنها أتاحت خاصية إشعارات ارتفاع ضغط الدم على ساعات «أبل ووتش» لمستخدميها في السعودية والإمارات.

«الشرق الأوسط» (دبي)
تكنولوجيا أطلقت «يوتيوب» أول ملخص سنوي يمنح المستخدمين مراجعة شخصية لعادات المشاهدة خلال عام 2025

«ملخص يوتيوب»: خدمة تعيد سرد عامك الرقمي في 2025

يقدم الملخص ما يصل إلى 12 بطاقة تفاعلية تُبرز القنوات المفضلة لدى المستخدم، وأكثر الموضوعات التي تابعها، وكيفية تغيّر اهتماماته على مدار العام.

نسيم رمضان (لندن)
علوم الصين تبني أول جزيرة عائمة مقاومة للأسلحة النووية في العالم

الصين تبني أول جزيرة عائمة مقاومة للأسلحة النووية في العالم

مشروع مثير للإعجاب لا مثيل له في العالم

جيسوس دياز (واشنطن)
تكنولوجيا الأوتار الاصطناعية قد تصبح وحدات قابلة للتبديل لتسهيل تصميم روبوتات هجينة ذات استخدامات طبية واستكشافية (شاترستوك)

أوتار اصطناعية تضاعف قوة الروبوتات بثلاثين مرة

الأوتار الاصطناعية تربط العضلات المزروعة بالهياكل الروبوتية، مما يرفع الكفاءة ويفتح الباب لروبوتات بيولوجية أقوى وأكثر مرونة.

نسيم رمضان (لندن)

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».


دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
TT

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «كاسبرسكي» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، ونُشرت نتائجها خلال معرض «بلاك هات 2025» في الرياض، واقعاً جديداً في بيئات العمل السعودية.

فقد كشف الاستطلاع، الذي حمل عنوان «الأمن السيبراني في أماكن العمل: سلوكيات الموظفين ومعارفهم»، أن نصف الموظفين فقط في المملكة تلقّوا أي نوع من التدريب المتعلق بالتهديدات الرقمية، على الرغم من أن الأخطاء البشرية ما زالت تمثل المدخل الأبرز لمعظم الحوادث السيبرانية.

وتشير هذه النتائج بوضوح إلى اتساع فجوة الوعي الأمني، وحاجة المؤسسات إلى بناء منظومة تدريبية أكثر صرامة وشمولاً لمختلف مستويات الموظفين.

تكتيكات تتجاوز الدفاعات التقنية

تُظهر البيانات أن المهاجمين باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الأساليب المستهدفة التي تستغل الجانب النفسي للأفراد، وعلى رأسها «الهندسة الاجتماعية».

فعمليات التصيّد الاحتيالي ورسائل الانتحال المصممة بعناية قادرة على خداع الموظفين ودفعهم للإفصاح عن معلومات حساسة أو تنفيذ إجراءات مالية مشبوهة.

وقد أفاد 45.5 في المائة من المشاركين بأنهم تلقوا رسائل احتيالية من جهات تنتحل صفة مؤسساتهم أو شركائهم خلال العام الماضي، فيما تعرّض 16 في المائة منهم لتبعات مباشرة جراء هذه الرسائل.

وتشمل صور المخاطر الأخرى المرتبطة بالعنصر البشري كلمات المرور المخترقة، وتسريب البيانات الحساسة، وعدم تحديث الأنظمة والتطبيقات، واستخدام أجهزة غير مؤمنة أو غير مُشفّرة.

الأخطاء البشرية مثل كلمات المرور الضعيفة وتسريب البيانات وعدم تحديث الأنظمة تشكل أبرز أسباب الاختراقات (شاترستوك)

التدريب... خط الدفاع الأول

ورغم خطورة هذه السلوكيات، يؤكد الاستطلاع أن الحد منها ممكن بدرجة كبيرة عبر برامج تدريب موجهة ومستمرة.

فقد اعترف 14 في المائة من المشاركين بأنهم ارتكبوا أخطاء تقنية نتيجة نقص الوعي الأمني، بينما أشار 62 في المائة من الموظفين غير المتخصصين إلى أن التدريب يعدّ الوسيلة الأكثر فاعلية لتعزيز وعيهم، مقارنة بوسائل أخرى مثل القصص الإرشادية أو التذكير بالمسؤولية القانونية.

ويبرز هذا التوجه أهمية بناء برامج تدريبية متكاملة تشكل جزءاً أساسياً من الدفاع المؤسسي ضد الهجمات.

وعند سؤال الموظفين عن المجالات التدريبية الأكثر أهمية لهم، جاءت حماية البيانات السرية في صدارة الاهتمامات بنسبة 43.5 في المائة، تلتها إدارة الحسابات وكلمات المرور (38 في المائة)، وأمن المواقع الإلكترونية (36.5 في المائة).

كما برزت موضوعات أخرى مثل أمن استخدام الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة، وأمن الأجهزة المحمولة، والبريد الإلكتروني، والعمل عن بُعد، وحتى أمن استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واللافت أن ربع المشاركين تقريباً أبدوا رغبتهم في تلقي جميع أنواع التدريب المتاحة، ما يعكس حاجة ملحة إلى تعليم شامل في الأمن السيبراني.

«كاسبرسكي»: المؤسسات بحاجة لنهج متكامل يجمع بين حلول الحماية التقنية وبناء ثقافة أمنية تُحوّل الموظفين إلى خط دفاع فعّال (شاترستوك)

تدريب عملي ومتجدد

توضح النتائج أن الموظفين مستعدون لاكتساب المهارات الأمنية، لكن يُشترط أن تكون البرامج التدريبية ذات طابع عملي وتفاعلي، وأن تُصمَّم بما يتناسب مع أدوار الموظفين ومستوى خبراتهم الرقمية. كما ينبغي تحديث المحتوى بانتظام ليتوافق مع تطور التهديدات.

ويؤدي تبني هذا النهج إلى ترسيخ ممارسات يومية مسؤولة لدى الموظفين، وتحويلهم من نقطة ضعف محتملة إلى عنصر دفاعي فاعل داخل المؤسسة، قادر على اتخاذ قرارات أمنية واعية وصد محاولات الاحتيال قبل تصعيدها.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد هاشم، المدير العام لـ«كاسبرسكي» في السعودية والبحرين، أن الأمن السيبراني «مسؤولية مشتركة تتجاوز حدود أقسام تقنية المعلومات».

ويشير إلى أن بناء مؤسسة قوية يتطلب تمكين جميع الموظفين من الإدارة العليا إلى المتدربين من فهم المخاطر الرقمية والتصرف بوعي عند مواجهتها، وتحويلهم إلى شركاء حقيقيين في حماية البيانات.

تقوية دفاعات المؤسسات

ولتقوية دفاعاتها، تنصح «كاسبرسكي» أن تعتمد المؤسسات نهجاً متكاملاً يجمع بين التكنولوجيا والمهارات البشرية واستخدام حلول مراقبة وحماية متقدمة مثل سلسلة «Kaspersky Next» وتوفير برامج تدريبية مستمرة مثل منصة «كاسبرسكي» للتوعية الأمنية الآلية، إضافة إلى وضع سياسات واضحة تغطي كلمات المرور وتثبيت البرمجيات وتجزئة الشبكات.

وفي الوقت نفسه، يساعد تعزيز ثقافة الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة ومكافأة السلوكيات الأمنية الجيدة في خلق بيئة عمل أكثر يقظة واستعداداً.

يذكر أن هذا الاستطلاع أُجري في عام 2025 بواسطة وكالة «Toluna»، وشمل 2,800 موظف وصاحب عمل في سبع دول، بينها السعودية والإمارات ومصر، ما يقدم صورة إقليمية شاملة حول مستوى الوعي والتحديات المرتبطة بالأمن السيبراني في أماكن العمل.


تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».