أوليفييه روا: المشكلة هي «أسلمة» الراديكالية.. لا راديكالية الإسلام

قدم عالم السياسة أطروحته حول الشباب العدمي والإرهاب في فرنسا بالتشكيك في وجهة نظر الرئيس

فرنسي أثناء تقديمه باقة ورود لضحايا العمليات الإرهابية في باريس الشهر الماضي (أ. ب)
فرنسي أثناء تقديمه باقة ورود لضحايا العمليات الإرهابية في باريس الشهر الماضي (أ. ب)
TT

أوليفييه روا: المشكلة هي «أسلمة» الراديكالية.. لا راديكالية الإسلام

فرنسي أثناء تقديمه باقة ورود لضحايا العمليات الإرهابية في باريس الشهر الماضي (أ. ب)
فرنسي أثناء تقديمه باقة ورود لضحايا العمليات الإرهابية في باريس الشهر الماضي (أ. ب)

أفرزت العمليات الإرهابية التي كانت العاصمة الفرنسية باريس مسرحًا لها يوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015. ردود فعل متباينة وسط النخبة الفرنسية. ففي الوقت الذي سارعت النخب السياسية الحزبية لاستغلال الأحداث المؤلمة وجعلها جزءًا من التعبئة الانتخابية ضد الخصوم السياسيين؛ سارعت النخب الاقتصادية للتنبيه إلى تأثير الإرهاب على الاقتصاد الوطني، مسجلة أن خسائر هذا المجال وصلت لملياري يورو، وأن القطاع السياحي مس بشكل كبير. وفي ظل التعبئة العامة التي سجلت في الوسط النخبوي الفرنسي، ظهر مرة أخرى عالم السياسة الفرنسي أوليفييه روا الأستاذ الجامعي في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا بإيطاليا، بأطروحته المتميزة؛ وقد ساعده في ذلك ما راكمه من خبرة بحثية كبيرة، جعلت منه أكبر متخصص فرنسي في الحركات الإرهابية.

في ظل الصراع السياسي المحتدم في فرنسا كان من الطبيعي أن تثير العمليات الإرهابية التي شهدتها باريس يوم 13 نوفمبر 2015 الشارع الفرنسي، بأوساطه كافة، وأن تخصص صحيفة «لوموند» الرصينة المرموقة بتاريخ 24 نوفمبر 2015، صفحة كاملة طرح عبرها الأكاديمي الفرنسي أوليفييه روا (Olivier Roy)، تفسيره لطبيعة العمليات الإرهابية الباريسية من حيث المنفذين، وكيفية التعامل مع الإرهاب في فرنسا خصوصًا.
ولقد بدأ عالم السياسة روا أطروحته بالتشكيك في وجهة نظر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند المبنية على كون فرنسا في «حالة حرب». وسارع للتساؤل ووضع علامة التعجب بخصوص حقيقة هذا الزعم السياسي، طارحًا إشكالاً منطلقيًا يقول: «فرنسا في حرب! لكن ضد من وضد ماذا»؟ إذ لم يهاجم السوريون فرنسا حتى تعلن باريس شن هجومها على هذا البلد، ثم إن الذين ارتكبوا الفعل الإرهابي هم جزء من الكينونة الفرنسية الغربية، وليسوا من الشرق الأوسط. وتمرّدهم وراديكاليتهم ناتجة عن أزمة الثقافة في عصر العَلمنة والعولمة وارتدادات الدين والتدين.
وعليه فإن تفسير ما عاشته باريس بتاريخ 13 نوفمبر 2015، لا يمكن فهمه بربطه ربطًا مباشرًا بتاريخ «القاعدة» وما جرى في أفغانستان؛ وظهور «داعش» في العراق وسوريا، وقبلها الجماعة الإسلامية المسلحة بالجزائر. إن روا باعتباره متخصّصًا في الحركات التي تطلق على نفسها مسمى «الجهادية»، يسجل أن هناك تحوّلاً جوهريًا طرأ على البنية الثقافية والسلوكية للشباب المسلم الأوروبي، حيث أخذ جانبه المعرفي والسلوكي يقترب ويتشابه بشكل كبير مع المنطلقات الفاشية واليسارية الجذرية المتطرفة. وفي الوقت نفسه يجد الشباب المسلم من الجيل الثالث نفسه في مجتمع لا يخلو من «الإسلاموفوبيا»، وهو يعيش في قطيعة مع آبائهم من حيث فهمهم للدين، ودور هذا الأخير في المجتمع، وعلاقته بالهوية. ومن جانب آخر، يجد هذا الجيل نفسه أمام تحدّي تأثيرات الصراع العربي الإسرائيلي.
بهذه الخطاطة المتشابكة يرسم روا، الأستاذ الجامعي في معهد الجامعة الأوروبية بفلورنسا، أطروحته التفسيرية لظاهرة «الإرهابيين الشباب»، باعتبارها جزءا من التحول الواقع في العالم الغربي نفسه، وقدرته على استيعاب الجيل المتمرد، الذي اختار الراديكالية باعتبارها تحيزًا سلوكيا قبل أن تكون مظهرًا من مظاهر التديّن المتشدد. وعلينا ألا ننسى في هذا الإطار نقطة مركزية في غاية الأهمية، وهي أن الإرهابيين كانوا جزءًا أصيلاً من عالم الجريمة، قبل أن يتحوّلوا إلى «راديكاليين إسلاميين».
إن العصيان والراديكالية، عند الجيل الثالث المسلم بفرنسا لا يمكن ربطهما بالتعليم الديني، ولا حتى بالتشدد الديني المحافظ، والأسرة؛ بل هو «التزام طوعي» سابق على الدين والتدين. وهذا المشكل لا نجده عند الجيل الأول والثاني من مسلمي فرنسا.
ويبدو أن صلابة هذه الأطروحة، دفعت روا، للتأكيد في مقالة له نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية بتاريخ 17-11-2015، أن فرنسا التي «تحارب مع الولايات المتحدة (داعش) في الشرق الأوسط. هي القوة الغربية الوحيدة التي تحاربه في منطقة الساحل الأفريقي، بدءًا من مالي في 2013. ونشرت جزءًا مهما من جيشها هناك لهذا الغرض. ومساء الجمعة 13 نوفمبر 2015، تكبّدت فرنسا ثمن قتال (داعش)».
أما في حوار أوليفييه مع راديو «آر تي إس إينفو» RTS INFO يوم الجمعة 13 نوفمبر 2015، فقد أكد على أن «فرنسا ليست في حرب ضد (داعش)..، التفجيرات تمت من طرف شبان فرنسيين، صحيح أن هذا التنظيم جند شبابا أصله من عالم المخدرات، وعندما ينتقل للتدين ينتقل للتطرف بسرعة».. وهذا ما لا تتناوله النخب الإعلامية والسياسية الفرنسية؛ والتي هاجمت ما أطلق عليه الإعلام الفرنسي مسميات نمطية تتصل بالتشدّد الديني في محاولة لاستغلال التعاطف والتضامن الشعبي لربح مكاسب سياسية انتخابية. يَعتبر أوليفييه روا، الجيل الثالث من مسلمي فرنسا الذين نفذوا الهجمات، متطرفين يجدون في الإسلام تعبيرا عن تطرفهم، ليس لأن الإسلام أو التعليم الديني متطرف؛ بل إنهم شباب لا نعرفهم، وهم يشعرون بانتمائهم للأمة الإسلامية، ولا يختلفون بشيء عن الفاشية واليسار المتطرف من حيث الاختيارات المتطرفة. وهم في واقع الأمر في قطيعة مع آبائهم وخبرتهم الدينية الصوفية والمجتمعية. علينا كذلك أن نأخذ بعين الاعتبار أنهم شباب يمتهنون المهن، محامون، وموظفون، أطباء وهم يُحمّلون الإسلام تطرفهم عبر ممارسة التدين المتطرف، فيما يشبه محاولة لقولبة الدين نفسه وتحويله لمَجمع للمتطرفين. «إنهم لم يصبحوا راديكاليين لأننا علمناهم الإسلام الراديكالي في مدارس التعليم، والمحاضن الأسرية، بل إنهم يبحثون عن الإسلام الراديكالي لأنهم راديكاليون، ويريدون الراديكالية».
ولذلك، يدعو روا إلى إبراز الإسلام المعتدل المعاصر، وتمتيع المسلمين بحرية التدين وممارسته في المجتمع. ليس في المجتمع الفرنسي وحسب، بل كذلك في العالم العربي والإسلامي. لننظر ما يقوله روا لأحداث ما بعد 2011م، وإفرازاتها عربيًا. «عندما تركنا المسار الديمقراطي في تونس يسير بمسار طبيعي، وجدنا أن الوضع لم يتجه نحو التطرف والراديكالية الإسلامية، بل نحو حزب النهضة المعتدل. بالنسبة لنا في فرنسا يجب التوجه لشباب الجيل الثالث الراديكالي والتعرف عليهم، باعتبارهم فئة متنوعة. إن هؤلاء الشباب يتجهون لتكريس وضع يعتبرون فيه أنهم هم الإسلام، وهذه وجهة نظر أصولية، لها سبب جوهري يتجلى في أزمة الثقافة في زمن العلمنة والعولمة. وهذا يدفع للربط بين الثقافي والديني بشكل كبير عند المسلمين الفرنسيين».
بالنسبة لأوليفييه روا، في كتابه «الجهل المقدس: زمن الدين بلا ثقافة»، فإن «التعارض لا يقوم بين أديان معتمدة على ثقافات متضادة بل بين الأديان ودينامية العلمنة». لذلك يعود بمقالته المطوّلة في «لوموند»، ليؤكد أن هناك طريقتين لتفسير ما حدث بباريس من أحداث إرهابية: الأولى تتبنى التفسير الثقافي، والثانية تعتمد التفسير التقليدي. وترى الأولى أنه لا بد للإسلام - وفي الحقيقة كان على روا أن يتحدث هنا عن المسلمين - حتى يحقق الاندماج من إصلاح «عقدي» فيما يخص نظرة القرآن لـ«الجهاد».
ومن جهة أخرى، لا بد من تجاوز الإرث الاستعماري في علاقته بالقضية الفلسطينية والشرق الأوسط؛ وكذلك العنصرية و«الإسلاموفوبيا» على المستوى الداخلي الفرنسي. وما لم يعالج الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فإن الثأر والراديكالية سيستمران. من هذا المنطلق، وجب الانتباه للعزلة التي يعيشها المتطرفون الشباب وسط المجتمع الإسلامي الفرنسي، فهم يعيشون خارج المسجد، وراديكاليتهم لم يكتسبوها من الشريعة الإسلامية، أو من اليوتوبيا الدائرة اليوم بسوريا. إنهم عدميون أكثر من كونهم يوتوبيين؛ فهم لم يكونوا أعضاء في جماعة الدعوة والتبليغ، أو الإخوان المسلمين، ولم ينخرطوا في أي عمل سياسي منظم، لكن هويتهم «المتشددة» هي نفسها هوية «داعش».
خلاصة القول عند أوليفييه روا، أن أسباب الإرهاب «بنيوية»، ومن ثم، فإن مواجهته لا يجب أن تقتصر على جانب معين في غياب نظرة شاملة. وما هو مؤكد أن الإرهابيين ليسوا تعبيرًا عن راديكالية المجتمع المسلم، بل إنهم انعكاس لتمرد فئة محددة من الشباب الفرنسي، اختاروا الإسلام لأنه لا يوجد في السوق غيره للتعبير عن التمرّد الراديكالي.
* أستاذ العلوم السياسية
في جامعة محمد الخامس



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.