الحكومة الإسرائيلية تُلغي إقالة بار بعد استقالته... لتجنب حكم قضائي

نتنياهو قد يُعلن اسم رئيس الجهاز الجديد خلال أيام

نتنياهو ورونين بار في تل أبيب (أرشيفية - د.ب.أ)
نتنياهو ورونين بار في تل أبيب (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

الحكومة الإسرائيلية تُلغي إقالة بار بعد استقالته... لتجنب حكم قضائي

نتنياهو ورونين بار في تل أبيب (أرشيفية - د.ب.أ)
نتنياهو ورونين بار في تل أبيب (أرشيفية - د.ب.أ)

ألغت الحكومة الإسرائيلية قرار إقالة رئيس جهاز المخابرات العامة (الشاباك) رونين بار، بعد ساعات من إعلانه الاستقالة، وتحديد موعد رحيله.

وقدّر محللون ووسائل إعلام عبرية أن الإجراء الحكومي يستهدف إلغاء المسار القضائي بشأن الالتماسات المقدمة ضد إقالة بار، بما في ذلك جعل إفادات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وبار، أمام المحكمة غير ضرورية.

وجاء في مذكرات الحكومة التوضيحية للقرار أن «رئيس الوزراء اعتقد منذ البداية أنه من المناسب أن يتقاعد رونين بار بطريقة متفق عليها ومشرفة من منصبه رئيساً للخدمة، تماماً كما تقاعد رئيس الأركان».

استفتاء هاتفي

«القناة 12» الإسرائيلية أفادت بأن الحكومة تراجعت، الثلاثاء، عن قرار إقالة بار عبر استفتاء هاتفي، والاتفاق بأن ذلك سيُفضي بالنهاية إلى تجنب صدور حكم أساسي في القضية.

رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية وزملاؤه يرأسون جلسة استماع بشأن إقالة الحكومة لرئيس جهاز الشاباك رونين بار الشهر الحالي (رويترز)

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إن القرار يهدف إلى إلغاء «جلسة المحكمة العليا ومنع صدور حكم جوهري في هذه المسألة».

وبحسب البيان التوضيحي لاجتماع الحكومة، فإن قرار إلغاء إقالة بار يأتي «في ضوء الأزمة المستمرة بين سلطات الدولة والوضع الصعب داخل أجهزة الأمن، واستمرار العملية القانونية، ورغبة الحكومة في تركيز الجهد الوطني على القضايا الأمنية».

وجاء في أسباب القرار أيضاً: «ضرورة التماسك الداخلي، وخاصة خلال أيام الذكرى والاستقلال، انطلاقاً من المسؤولية العليا عن أمن الدولة».

مسؤولية عن 7 أكتوبر

وكان رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، أعلن الاثنين أنه سيتنحى عن منصبه في 15 يونيو (حزيران)، مشيراً إلى تحمله المسؤولية الشخصية عن فشل الجهاز في منع هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وفي كلمة ألقاها خلال حدث لإحياء ذكرى عناصر «الشاباك» القتلى قبيل يوم الذكرى الذي يبدأ عند غروب الثلاثاء، قال بار إنه بعد «سنوات من العمل على جبهات عديدة»، فشل جهازه في تقديم إنذار مبكر بشأن هجوم 7 أكتوبر، مضيفاً: «انهارت جميع الأنظمة».

وأضاف: «بصفتي رئيس الجهاز، تحملت المسؤولية عن ذلك. والآن، في هذه الليلة الخاصة التي ترمز إلى الذكرى والشجاعة والتضحية، اخترت أن أعلن عن تنفيذ تلك المسؤولية وقراري بإنهاء ولايتي رئيساً للشاباك».

وأكد بار أن الشاباك لم يتجاهل التهديد الذي تمثله «حماس»: «رغم محاولات تصوير واقع مختلف، لم يكن هناك تهاون داخل الشاباك. على العكس، كان هناك إدراك لتهديد (حماس)، وجهود حثيثة لمواجهته على مدار السنوات التي سبقت الهجوم، وكذلك في الليلة والصباح السابقين لهجوم 7 أكتوبر. ومع ذلك، فشلنا. يجب أن يتم تحديد الحقيقة، وما يجب تصحيحه فقط، ضمن إطار لجنة تحقيق رسمية».

متظاهرون يرفعون أعلاماً ولافتات في تل أبيب في 27 مارس الماضي خلال احتجاج على تحرك لإقالة رئيس «الشاباك» والمستشارة القضائية للحكومة (أ.ف.ب)

وفي تعليقات بدت موجهة أيضاً إلى نتنياهو الذي حاول تحويل اللوم عن نفسه بخصوص 7 أكتوبر، وتجنب إقامة لجنة تحقيق رسمية واسعة الصلاحيات، قال بار: «تنفيذ المسؤولية عملياً هو جزء لا يتجزأ من القدوة الشخصية وإرث قيادتنا، ولا شرعية لنا في القيادة من دونها».

وكان نتنياهو دخل في مواجهة علنية مع بار بعدما صوّتت الحكومة بالإجماع الشهر الماضي على إقالة بار بناءً على توصيته، ما أشعل معركة قانونية مستمرة، حيث تنظر المحكمة العليا حالياً في الالتماسات المقدمة ضد القرار.

وقال رئيس الوزراء إنه فقد ثقته ببار، ووبّخه على الإخفاقات في 7 أكتوبر، إلا أن بار طعن في شرعية قرار إقالته، مؤكداً أن نتنياهو يسعى إلى عزله لأسباب شخصية وسياسية.

اتهامات لنتنياهو

وفي إفادة قانونية الأسبوع الماضي، زعم بار أن نتنياهو طلب منه أن يكون موالياً لرئيس الوزراء، وليس المحاكم، وقال إن نتنياهو سعى إلى إساءة استخدام صلاحيات الشاباك، وحذّر من أن استقلالية الجهاز ونزاهته معرضتان للخطر. وقدّم نتنياهو إفادة مضادّة، يوم الأحد، قال فيها إن بار يمثّل «أكبر فشل استخباراتيّ بتاريخ إسرائيل»، وادعاءاته كاذبة في ما يتعلق بفشل 7 أكتوبر 2023.

وتطرق بار أيضاً في كلمته إلى بعض تلك المخاوف (الولاء لرئيس الوزراء) في كلمته، قائلاً إن الشاباك هو «جهاز لا تُقدّر أهمية عمله السليم بثمن بالنسبة لأمن الدولة ولديمقراطية إسرائيل».

متظاهرون إسرائيليون يشتبكون مع الشرطة في القدس الشهر الماضي خلال مظاهرات ضد إقالة رئيس «الشاباك» والمستشارة القضائية (رويترز)

وأضاف: «خلال الشهر الماضي، قاتلت من أجل ذلك، وخلال هذا الأسبوع، تم تقديم جميع الأسس الضرورية أمام المحكمة العليا، وآمل أن يضمن حكمها أن يبقى الشاباك كذلك، على المدى الطويل ودون خوف».

وأوضح أن الجهاز يجب أن يُمنح «الضمانات المؤسسية التي تُمكّن كل رئيس للشاباك من أداء دوره وفقاً لسياسة الحكومة ومن أجل المصلحة العامة، باستقلالية ودون ضغوط. وهكذا نرسم الخط الفاصل بين الثقة والولاء».

وأشار بار إلى أن الإجراءات الجارية «لا تتعلق بقضيتي الشخصية، بل باستقلالية رؤساء الشاباك في المستقبل»، مؤكداً استعداده لمواصلة التعاون مع المحكمة العليا في متابعة القضية.

مع ذلك، اختتم قائلاً إنه «بعد 35 عاماً من الخدمة»، سيتنحى عن منصبه في 15 يونيو لإتاحة عملية منظمة لتعيين خلف له ومرافقته خلال فترة التسليم.

الرئيس الجديد للجهاز

وكان يعتقد أن قرار بار بالاستقالة سيجبر المحكمة العليا على أن تقرر كيفية المضي قدماً في الالتماسات المعروضة أمامها، التي طالبت بإلغاء قرار الحكومة بإقالة رئيس الشاباك، لكن قرار الحكومة قلب المعادلة.

ولم يطلب نتنياهو رأي المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهراف ميارة، قبل اتخاذ القرار، بل أرسل إليها نسخة من رسالة سكرتير رئيس الوزراء إلى الوزراء.

وقالت مصادر حكومية لـ«يديعوت» إن رئيس الوزراء سيواصل إجراء المقابلات بشكل مستمر مع المرشحين لمنصب رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، بعد استقالة بار.

وأكدت مصادر أخرى لـ«القناة 12» أنه في ضوء إعلان بار الاستقالة قد يعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن اسم الرئيس الجديد لجهاز الأمن العام (الشاباك) في الأيام المقبلة.


مقالات ذات صلة

عقبات متزايدة أمام «اتفاق غزة»... وجهود للوسطاء منعاً لانهياره

تحليل إخباري طفل فلسطيني يقف خلفه مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» أثناء بحثهم عن جثث رهائن إسرائيليين في مخيم جباليا شمال غزة يوم الاثنين (إ.ب.أ)

عقبات متزايدة أمام «اتفاق غزة»... وجهود للوسطاء منعاً لانهياره

يتجاوز اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أسبوعه السابع، دون أن ينتقل للمرحلة الثانية المعنية بالترتيبات الأمنية والإدارية، وسط تسريبات أميركية عن عقبات متزايدة.

محمد محمود (القاهرة )
شؤون إقليمية جنود إسرائيليون أثناء مداهمة في طمون قرب طوباس في الضفة الغربية المحتلة... 4 نوفمبر 2025 (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتقال عنصرَيْن من «حماس» خلال مداهمة بالضفة الغربية

أعلن الجيش الإسرائيلي اعتقال عنصرَيْن من «حماس» على يد قوات الكوماندوز الإسرائيلية خلال مداهمة في منطقة نابلس شمال الضفة الغربية اليوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية العلم الإسرائيلي (رويترز)

الحكومة الإسرائيلية توافق على تعيين دافيد زيني رئيساً جديداً للشاباك

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الحكومة وافقت اليوم الثلاثاء بالإجماع على تعيين دافيد زيني رئيساً جديداً لجهاز الأمن الداخلي (الشاباك).

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية امرأة فلسطينية تمشي بجوار أبنية دُمرت جراء غارة جوية إسرائيلية في مدينة غزة يوم 30 سبتمبر 2025 (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي: مقتل عنصر من «حماس» شارك في هجوم 7 أكتوبر وقتل جندياً

أعلن الجيش الإسرائيلي وخدمة الأمن العام (الشاباك) مقتل عنصر من حركة «حماس» شارك في اقتحام إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي المبنى الذي استهدفته الغارات الإسرائيلية في العاصمة القطرية الدوحة يوم 9 سبتمبر 2025 (رويترز) play-circle

«الشاباك» يفتح تحقيقاً داخلياً في فشل اغتيال قادة «حماس» بقطر

أطلق جهاز «الشاباك» الإسرائيلي تحقيقاً داخلياً في فشل الضربة الإسرائيلية على مبنى في قطر، حيث كان يُعتقد أن مسؤولين كبار في «حماس» يجتمعون به.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.