ألفا فعالية ثقافية وأدبية يشهدها «أبوظبي الدولي للكتاب» 2025

«ثقافة الكاريبي» ضيف شرف... واحتفاء بـ«ابن سينا» وكتاب «ألف ليلة وليلة»

يعدّ «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» أحد أبرز المعارض الثقافية في المنطقة والعالم العربي (وام)
يعدّ «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» أحد أبرز المعارض الثقافية في المنطقة والعالم العربي (وام)
TT

ألفا فعالية ثقافية وأدبية يشهدها «أبوظبي الدولي للكتاب» 2025

يعدّ «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» أحد أبرز المعارض الثقافية في المنطقة والعالم العربي (وام)
يعدّ «معرض أبوظبي الدولي للكتاب» أحد أبرز المعارض الثقافية في المنطقة والعالم العربي (وام)

تحت شعار «مجتمع المعرفة... معرفة المجتمع»، انطلقت السبت، فعاليات الدورة الـ34 من «معرض أبوظبي الدولي للكتاب»، أحد أبرز المعارض الثقافية في المنطقة والعالم العربي، وتستمر الفعاليات حتى 5 مايو (أيار) 2025، ويُنظِّم المعرض «مركز أبوظبي للغة العربية»، التابع لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي.

مشاركون وفعاليات

وقال سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لـ«مركز أبوظبي للغة العربية» ومدير «معرض أبوظبي الدولي للكتاب»: «إن المعرض هذا العام يعكس تنوعاً استثنائياً؛ إذ يضم أكثر من ألفَي فعالية متنوعة، إلى جانب البرامج والأنشطة التي تقدمها المؤسسات والجهات المشارِكة»، مشيراً إلى أن الدورة الـ34 تشهد مشارَكة أكثر من 1400 عارض من 96 دولة، مع انضمام أكثر من 20 دولة جديدة.

وتحتفي الدورة الحالية من المعرض بالعالِم الموسوعي ابن سينا، شخصيةً محوريةً، تزامناً مع مرور ألف عام على إصدار كتابه «القانون في الطب»، الذي يُعَدُّ أحد أبرز الإسهامات العلمية العربية التي أثَّرت في تطوُّر الطب عالمياً. كما يحتفي المعرض بكتاب «ألف ليلة وليلة» بوصفه «كتاب العالم»، تقديراً لتأثيره العابر للثقافات والأزمان، وقدرته على إلهام الأدباء والفنانين حول العالم.

وأكد الطنيجي أن «المعرض يولي اهتماماً خاصاً بالناشر الإماراتي عبر تسليط الضوء على تجربته في مجال صناعة النشر، إلى جانب تعزيز البرامج المشتركة للنشر والترجمة بين الناشرين العرب والعالميين»، موضحاً أن هذه المبادرات توفِّر فرصًة حقيقيةً للناشر الإماراتي لعرض محتواه وطموحاته، وتسهم في إبراز تقدم صناعة النشر في دولة الإمارات وتوسيع آفاق التعاون مع الناشرين العالميين.

وقال: «إن المعرض يوفر أيضاً مساحةً كبيرةً للكتاب الإلكتروني والتقني؛ ما يتيح للجمهور الاطلاع على أحدث تطورات تقنيات صناعة النشر العالمية»، مشيراً إلى «ركن الفنون» الذي يعدُّ من الأركان المميزة، ويعرض تجارب إبداعية في مجال صناعة الكتاب.

وأردف أن «مجلس الشعر» يُقدِّم هذا العام تجربةً متميزةً تشمل الشعر الشعبي والفصيح، بالإضافة إلى الدراسات والتجارب الأدبية التي تسلِّط الضوء على الحركة الشعرية المحلية والعربية.

تحل ثقافة دول الكاريبي ضيف شرف على الدورة الـ34 لـ«معرض أبوظبي الدولي للكتاب» (معرض أبوظبي الدولي للكتاب)

ثقافة الكاريبي

وتحلُّ «ثقافة الكاريبي» (ضيف شرف) على دورة هذا العام، مما يؤدي إلى تعزيز الشراكات الثقافية العالمية، وتقديم تجارب معرفية غنية تُسهم في تعميق التبادل المعرفي بين الشعوب.

ويسلط المعرض الضوء على «ثقافة الكاريبي»، التي تمثل فسيفساء ثقافية تجمع بين التأثيرات الأفريقية، والأوروبية، والآسيوية، لتُشكِّل هويةً أدبيةً وإنسانيةً فريدةً من الشعر والموسيقى إلى الرواية والفكر. ويفتح المعرض نافذةً على عوالم الكاريبي الملهمة، ويتيح فرصةً للتقاطع الثقافي، واكتشاف صوت أدبي ممتدّ من الجزر إلى العالم.

وقال الدكتور علي بن تميم، رئيس «مركز أبوظبي للغة العربية»: «تمتلك دول الكاريبي واحدة من أكثر الثقافات تنوعاً في العالم؛ إذ تَشكَّلت عبر قرون من التفاعل بين باقة مختلفة من الروافد، ما جعلها حالةً ثقافيةً متفرّدةً وذات خصوصية لافتة نسعد أن تكون حاضرةً في معرض أبوظبي الدولي للكتاب».

وأضاف: «تتميز الثقافة الكاريبية بقدرتها على التكيُّف والابتكار؛ إذ حافظت على خصوصيتها على الرغم من التأثيرات الخارجية، ونجحت في تقديم تراثها بقوالب حديثة وعالمية؛ ما ضمن استمرارها وحضورها، وقد امتازت إسهاماتها الأدبية بعناوين عريضة تتماس مع أبرز القضايا الإنسانية، وتُشكِّل استضافتها في المعرض فرصةً مواتيةً لفتح آفاق التعاون في مجال الصناعات الإبداعية، ومد جسور التواصل بين اللغة العربية والثقافات المختلفة، بما يعكس قيم التواصل مع الآخر، والتآخي بين الشعوب».

ومن الفعاليات التي تحتفي بضيف الشرف، جلسة ضمن البرنامج الثقافي تستضيف الكاتب الجامايكي كوامي ماك فيرسون، يتناول فيها الأدب الكاريبي، وأهم ملامحه، وتأثيره على الأدب العالمي، بينما خَصَّص برنامج «مجلس ليالي الشعر» جلسةً لقراءة مختارات من قصائد أهم شعراء الكاريبي، إلى جانب فعاليات تسلط الضوء على أدب المنطقة وفنونها وموسيقاها بمشارَكة أدباء ومؤلفين وناشرين وسفراء من دول الكاريبي لإثراء الحوار، كما ستتم الإضاءة على المطبخ الكاريبي الغني بالنكهات الأفريقية والهندية والأوروبية.

تشارك السعودية في «معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025» بجناح تشرف عليه هيئة الأدب والنشر والترجمة (الشرق الأوسط)

الجناح السعودي

وتشارِك السعودية في «معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025»، بجناح تشرف عليه هيئة الأدب والنشر والترجمة، بمشارَكة عدد من الجهات، تضم دارة الملك عبد العزيز، ومكتبة الملك عبد العزيز العامة، وجامعة الأميرة نورة، ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، إضافة إلى جمعية النشر.

كما يضم الجناح السعودي «كرسي اليونيسكو لترجمة الثقافات»، إحدى مبادرات هيئة الأدب والنشر والترجمة.

آفاق صناعة النشر

ويركز البرنامج المهني في المعرض على دعم العاملين في قطاع النشر وصناعة المحتوى، من خلال ورش عمل متخصصة وجلسات نقاشية تجمع خبراء ومهنيين لمشارَكة رؤاهم حول أحدث الاتجاهات في النشر، والتوزيع، والتسويق الإبداعي.

ويتضمَّن البرنامج باقةً متنوعةً من الأنشطة التدريبية، منها: ورش الكتابة، والترجمة، والبودكاست، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والنشر الرقمي، وتسويق الكتب، وصناعة السيناريو، إلى جانب ورش تعليمية تطبيقية تمنح المشاركين أدوات احترافية قابلة للتطبيق الفوري في أعمالهم. كما يتضمَّن جلسات حوارية تفاعلية مع خبراء صناعة النشر والمحتوى من مختلف دول العالم، ولقاءات مهنية لتبادل حقوق نشر، تهدف إلى دعم حركة الترجمة، والتبادل المعرفي عبر الحدود.

ويتفرَّد البرنامج في هذه الدورة من المعرض بفعاليات نوعية تُعقَد للمرة الأولى في المنطقة، أبرزها: «مؤتمر رقمنة الإبداع»، الذي يناقش دور التكنولوجيا الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل المحتوى الثقافي. إلى جانب ندوات مهنية متخصصة، منها: «عصر الوكيل الأدبي»، و«سلطة الناشر»، و«النشر العربي والذكاء الاصطناعي».

يضم البرنامج المهني جلسات نقاشية تجمع خبراء ومهنيين تتناول أحدث الاتجاهات في النشر والتوزيع والتسويق الإبداعي (معرض أبوظبي الدولي للكتاب)

الوكيل الأدبي

وضمن أولى الجلسات المهنية التي شهدها المعرض أُقيمت جلسة بعنوان: «عصر الوكيل الأدبي»، شارك فيها كلٌ من: سارة الحكمي وكيلة أدبية من السعودية، والكاتب الإماراتي مانع المعيني، مؤسس ووكيل أدبي لـ«وكالة كتاتيب» الأدبية، وباسم الخشن، رئيس ووكيل أدبي لـ«وكالة بيرز فاكتور»، بينما أدارت الجلسة الوكيلة الأدبية رولا البنّا.

واستهلت الحكمي المحاضرة بالتعريف بمسيرتها التي انطلقت في عام 2024 ضمن وكالة تختص بأدب الخيال، وبيع وشراء حقوق ترجمة الكتب، وقالت: «ليس سهلاً أن تكون وكيلاً أدبياً، إذ تواجهك تحديات عدة، منها التعامل مع المؤلف المبتدئ الذي لديه طموحات كبيرة، في حين يكون الأمر أكثر واقعية مع الكاتب المحترف».

من جهته، أوضح المعيني، بعض التحديات، ومن بينها أن «أصحاب بعض دور النشر يرون أن الوكيل الأدبي يأخذ دورهم ويحد علاقتهم مع الكاتب، إلى جانب تحدٍ آخر يرتبط بالعوائد المالية من النشر، التي قد لا تتناسب مع توقعات المؤلفين العالية».

وقال الخشن إن التحديات التي تواجه الوكيل الأدبي تتجلى في أن «الناشر العربي تعوَّد على أن يبقى على صلة مع الكاتب، وعند ظهور الوكيل الأدبي تتوتر العلاقة ويشوبها الحذر في تعامل الناشر، ما يتطلب جهداً كبيراً لتوضيح دور الوكيل الأدبي».

مجلس ليالي الشعر

ويحتفي برنامج «مجلس ليالي الشعر»، بجماليات القصائد، ومنجزات مبدعيها، بمشارَكة أكثر من 60 شاعراً وباحثاً وإعلامياً، يلتقون الجمهور في 30 فعالية تتنوّع ما بين أمسيات شعرية، وجلسات حوارية تتطرَّق إلى فنون التراث الشعبي الأصيل، وعلاقة الشعر بالهوية الوطنية والمجتمع.

ومن ضمن البرنامج الشعري تُقام أمسية «يداً بيد»، التي يشارِك فيها الدكتور عبد الله بلحيف النعيمي، رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، ويديرها سعيد حمدان الطنيجي، المدير التنفيذي لـ«مركز أبوظبي للغة العربية»، يقدِّم خلالها الضيف مجموعةً من قصائده التي نسجت مفرداتها وصورها الشعرية من جمال اللغة والمشاعر والرؤى؛ فبالإضافة إلى مسيرة النعيمي المهنية، فإنه يُعرَف بشغفه بالأدب والشعر، ولديه مؤلفات أدبية عدة.

وخصص البرنامج، أمسيتين لأربعة شعراء حائزين لقب مسابقة «شاعر المليون»، وهم: عبيد اليليلي، وضاري البوقان، ومساعد بن طعساس الحارثي، ومحمد آل مدواي، يديرهما الإعلامي رافد الحارثي. كما يستضيف البرنامج أمسيةً لشاعرَين حائزَين لقب مسابقة «أمير الشعراء»، هما: عائشة السيفي، وعبد الرحمن الحميري، وتدير الأمسية الشاعرة لمياء الصقيل.

كما يقدِّم البرنامج نماذج من جماليات الشعر الكاريبي من خلال جلسةً يتحدَّث فيها الشاعر عادل خزام، كما تستضيف إحدى الجلسات أكاديميين من الهند، إلى جانب جلسات تتناول قضايا أدبية وثقافية وتراثية، من بينها: «الأغنية الوطنية»، و«نبض الشعر في ذاكرة الأمة»، و«أعلام الشعر الشعبي في الإمارات»، و«الموسوعة العلمية للشعر النبطي».

يشارك في برنامج «مجلس ليالي الشعر» أكثر من 60 شاعراً وباحثاً وإعلامياً في 30 فعالية تتنوّع ما بين أمسيات شعرية وجلسات حوارية (الشرق الأوسط)

بودكاست من أبوظبي

وتواصل النسخة الثالثة من برنامج «بودكاست من أبوظبي»، إحدى مبادرات «مركز أبوظبي للغة العربية»، تقديم الفعاليات الثقافية التي تُقام في المعرض ضمن برنامجه الثقافي، عبر استضافة أكثر من 50 متحدثاً من رواد المدونات الصوتية في العالم، ليقدموا نحو 50 عنواناً متنوعاً يعكس إبداعهم وتفردهم.

يسهم «بودكاست من أبوظبي» في تعزيز ثقافة الحوار، ونشر المعرفة بطريقة مبتكرة وملهمة؛ إذ يستضيف في المعرض، نخبةً من أشهر صُنَّاع المدونات الصوتية في العالم ممن يزيد إجمالي متابعي منصاتهم على 16 مليون شخص، مفسحاً المجال في الوقت نفسه للأصوات الجديدة عبر استضافة 21 صانع محتوى صوتي يشاركون في البرنامج للمرة الأولى.

ويستضيف المعرض هذا العام، المدونتين الصوتيَّتين «مايكس» من السعودية، و«البودكاسترز» من مصر، بالإضافة إلى كل من منصة «إدراك»، وبودكاست «ساندويتش ورقي»، ومنصة «سماوة»، وبودكاست «مجلس الشباب العربي»، وغيرها من المدونات الصوتية، لتُشكِّل توليفةً غنيةً تناقش مختلف نواحي الحياة.



إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
TT

إسرائيل ستشارك في «يوروفيجن 2026»

المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)
المغنية الإسرائيلية إيدن جولان الممثلة لبلدها على خشبة المسرح خلال التدريبات قبل الجولة النهائية لمسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2024 في مالمو بالسويد يوم 10 مايو 2024 (رويترز)

قال مصدران في دولتين من أعضاء اتحاد البث الأوروبي، لوكالة «رويترز»، إن إسرائيل ستتمكن من المشاركة في مسابقة «يوروفيجن» 2026، بعد أن قرر أعضاء الاتحاد، اليوم (الخميس)، عدم الدعوة إلى التصويت بشأن مشاركتها، رغم تهديدات بمقاطعة المسابقة من بعض الدول.

وذكر المصدران أن الأعضاء صوتوا بأغلبية ساحقة لدعم القواعد الجديدة التي تهدف إلى ثني الحكومات والجهات الخارجية عن الترويج بشكل غير متكافئ للأغاني للتأثير على الأصوات، بعد اتهامات بأن إسرائيل عززت مشاركتها هذا العام بشكل غير عادل.

انسحاب 4 دول

وأفادت هيئة البث الهولندية (أفروتروس)، اليوم (الخميس)، بأن هولندا ستقاطع مسابقة «يوروفيجن» 2026؛ احتجاجاً على مشاركة إسرائيل.

وذكرت وكالة «أسوشييتد برس» أن إسبانيا انسحبت من مسابقة «يوروفيجن» للأغنية لعام 2026، بعدما أدت مشاركة إسرائيل إلى حدوث اضطراب في المسابقة.

كما ذكرت شبكة «آر تي إي» الآيرلندية أن آيرلندا لن تشارك في المسابقة العام المقبل أو تبثها، بعد أن قرر أعضاء اتحاد البث الأوروبي عدم الدعوة إلى تصويت على مشاركة إسرائيل.

وقال تلفزيون سلوفينيا الرسمي «آر تي في» إن البلاد لن تشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) لعام 2026، بعد أن رفض أعضاء اتحاد البث الأوروبي اليوم (الخميس) دعوة للتصويت على مشاركة إسرائيل.

وكانت سلوفينيا من بين الدول التي حذرت من أنها لن تشارك في المسابقة إذا شاركت إسرائيل، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقالت رئيسة تلفزيون سلوفينيا الرسمي ناتاليا غورشاك: «رسالتنا هي: لن نشارك في مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) إذا شاركت إسرائيل. نيابة عن 20 ألف طفل سقطوا ضحايا في غزة».

وكانت هولندا وسلوفينيا وآيسلندا وآيرلندا وإسبانيا طالبت باستبعاد إسرائيل من المسابقة؛ بسبب الهجوم الذي تشنّه على المدنيين الفلسطينيين في غزة.

وتنفي إسرائيل استهداف المدنيين خلال هجومها، وتقول إنها تتعرض لتشويه صورتها في الخارج على نحو تعسفي.


صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب
TT

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

صور الجمال وتجلياته في أدب الغرب

لم يكن الجمال بوجوهه المتغايرة مثار اهتمام الفلاسفة والعلماء وحدهم، بل بدت أطيافه الملغزة رفيقة الشعراء إلى قصائدهم، والفنانين إلى لوحاتهم والموسيقيين إلى معزوفاتهم، والعشاق إلى براري صباباتهم النائية. والأدل على تعلق البشرفي عصورهم القديمة بالجمال، هو أنهم جعلوا له آلهة خاصة به، ربطوها بالشهوة تارة وبالخصب تارة أخرى، وأقاموا لها النصُب والمعابد والتماثيل، وتوزعت أسماؤها بين أفروديت وفينوس وعشتروت وعشتار وغير ذلك.

وحيث كان الجمال ولا يزال، محلّ شغف الشعراء والمبدعين واهتمامهم الدائم، فقد انشغل به الأدب والفن الغربيان على نحو واسع، وكتبت عنه وفيه القصائد والمقطوعات والأغاني. كما تلمّسته النظرات الذاهلة للواقعين في أشراكه، بأسئلة ومقاربات ظلت معلقة أبداً على حبال الحيرة والقلق وانعدام اليقين. وقد بدا ذلك القلق واضحاً لدى الشاعر الروماني أوفيد الذي لم يكد يُظهر شيئاً من الحكمة والنضج، حين دعا في ديوانه «الغزليات» الشبان الوسيمين إلى أن «يبدعوا لأنفسهم روحاً مشرقة صيانةً لجمالهم»، حتى أوقعه الجمال المغوي بنماذجه المتعددة في بلبلة لم يعرف الخروج منها، فكتب يقول: «لا يوجد جمال محدد يثير عاطفتي، هنالك آلاف الأسباب تجعلني أعيش دائماً في الحب، سواء كنت أذوب حباً في تلك الفتاة الجميلة ذات العينين الخجولتين، أو تلك الفتاة اللعوب الأنيقة التي أولعتُ بها لأنها ليست ساذجة. إحداهن تخطو بخفة وأنا أقع في الحب مع خطوتها، والأخرى قاسية ولكنها تغدو رقيقة بلمسة حب».

على أن الجمال الذي يكون صاعقاً وبالغ السطوة على نفوس العاجزين عن امتلاكه، يفقد الكثيرمن تأثيراته ومفاعيله في حالة الامتلاك. ذلك أن امتناع المتخيل عن تأليف صورة الآخر المعشوق، تحرم هذا الأخير من بريقه الخلاب المتحالف مع «العمى»، وتتركه مساوياً لصورته المرئية على أرض الواقع. وفضلاً عن أن للجمال طابعه النسبي الذي يعتمد على طبيعة الرائي وثقافته وذائقته، فإن البعض يعملون على مراوغة مفاعيله المدمرة عن طريق ما يعرف بالهجوم الوقائي، كما هو شأن الشعراء الإباحيين، وصيادي العبث والمتع العابرة، فيما يدرب آخرون أنفسهم على الإشاحة بوجوههم عنه، تجنباً لمزالقه وأهواله. وهو ما عبر عنه الشاعر الإنجليزي جورج ويذر المعاصر لشكسبير، بقوله:

«هل عليّ أن أغرق في اليأس

أو أموت بسبب جمال امرأة

لتكن أجمل من النهار ومن براعم أيار المزهرة

فما عساني أبالي بجمالها إن لم تبدُ كذلك بالنسبة لي».

وإذ يعلن روجر سكروتون في كتابه «الجمال» أن على كل جمال طبيعي أن يحمل البصمة البصرية لجماعة من الجماعات، فإن الشاعر الإنجليزي الرومانسي وردسوورث يعلن من جهته أن علينا «التطلع إلى الطبيعة ليس كما في ساعة الشباب الطائشة، بل كي نستمع ملياً للصوت الساكن الحزين للإنسانية».

والأرجح أن هذا الصوت الساكن والحزين للجمال يعثر على ضالته في الملامح «الخريفية» الصامتة للأنوثة المهددة بالتلاشي، حيث النساء المعشوقات أقرب إلى النحول المرضي منهن إلى العافية والامتلاء. وقد بدوْن في الصور النمطية التي عكستها القصائد واللوحات الرومانسية، مشيحات بوجوههن الشاحبة عن ضجيج العصر الصناعي ودخانه السام، فيما نظراتهن الزائغة تحدق باتجاه المجهول. وإذا كان بعض الشعراء والفنانين قد رأوا في الجمال الساهم والشريد ما يتصادى مع تبرمه الشديد بالقيم المادية للعصر، وأشاد بعضهم الآخر بالجمال الغافي، الذي يشبه «سكون الحسن» عند المتنبي، فقد ذهب آخرون إلى التغني بالجمال الغارب للحبيبة المحتضرة أو الميتة، بوصفه رمزاً للسعادة الآفلة ولألق الحياة المتواري. وهو ما جسده إدغار آلان بو في وصفه لحبيبته المسجاة بالقول: «لا الملائكة في الجنة ولا الشياطين أسفل البحر، بمقدورهم أن يفرقوا بين روحي وروح الجميلة أنابيل لي، والقمر لا يشع أبداً دون أن يهيئ لي أحلاماً مناسبة عن الجميلة أنابيل لي، والنجوم لا ترتفع أبداً، دون أن أشعر بالعيون المتلألئة للجميلة أنابيل لي».

لكن المفهوم الرومانسي للجمال سرعان ما أخلى مكانه لمفاهيم أكثر تعقيداً، تمكنت من إزالة الحدود الفاصلة بينه وبين القبح، ورأت في هذا الأخير نوعاً من الجمال الذي يشع من وراء السطوح الظاهرة للأشياء والكائنات. إنه القبح الذي وصفه الفيلسوف الألماني فريدريك شليغل بقوله «القبح هو الغلبة التامة لما هو مميز ومتفرد ومثير للاهتمام. إنه غلبة البحث الذي لا يكتفي، ولا يرتوي من الجديد والمثير والمدهش». وقد انعكس هذا المفهوم على نحو واضح في أعمال بودلير وكتاباته، وبخاصة مجموعته «أزهار الشر» التي رأى فيها الكثيرون المنعطف الأهم باتجاه الحداثة. فالشاعر الذي صرح في تقديمه لديوانه بأن لديه أعصابه وأبخرته، وأنه ليس ظامئاً إلا إلى «مشروب مجهول لا يحتوي على الحيوية أو الإثارة أو الموت أو العدم»، لم يكن معنياً بالجمال الذي يؤلفه الوجود بمعزل عنه، بل بالجمال الذي يتشكل في عتمة نفسه، والمتأرجح أبداً بين حدي النشوة والسأم، كما بين التوله بالعالم والزهد به.

وليس من المستغرب تبعاً لذلك أن تتساوى في عالم الشاعر الليلي أشد وجوه الحياة فتنة وأكثرها قبحاً، أو أن يعبر عن ازدرائه لمعايير الجمال الأنثوي الشائع، من خلال علاقته بجان دوفال، الغانية السوداء ذات الدمامة الفاقعة، حيث لم يكن ينتظره بصحبتها سوى الشقاء المتواصل والنزق المرَضي وآلام الروح والجسد. وليس أدل على تصور بودلير للجمال من قوله في قصيدة تحمل الاسم نفسه:

«أنا جميلة، أيها الفانون، مثل حلمٍ من الحجر

وصدري الذي أصاب الجميع بجراح عميقة

مصنوعٌ لكي يوحي للشاعر بحب أبدي وصامت كالمادة

أنا لا أبكي أبداً وأبداً لا أضحك».

وكما فعل آلان بو في رثائه لجمال أنابيل لي المسجى في عتمة القبر، استعار رامبو من شكسبير في مسرحيته «هاملت» صورة أوفيليا الميتة والطافية بجمالها البريء فوق مياه المأساة، فكتب قائلاً: «على الموج الأسود الهادئ، حيث ترقد النجوم، تعوم أوفيليا البيضاء كمثل زنبقة كبيرة. بطيئاً تعوم فوق برقعها الطويل، الصفصاف الراجف يبكي على كتفيها، وعلى جبينها الحالم الكبير ينحني القصب». وإذا كان موقف رامبو من الجمال قد بدا في بعض نصوصه حذراً وسلبياً، كما في قوله «لقد أجلست الجمال على ركبتيّ ذات مساء، فوجدت طعمه مراً» فهو يعود ليكتب في وقت لاحق «لقد انقضى هذا، وأنا أعرف اليوم كيف أحيّي الجمال».

ورغم أن فروقاً عدة تفصل بين تجربتي بودلير ورامبو من جهة، وتجربة الشاعر الألماني ريلكه من جهة أخرى، فإن صاحب «مراثي دوينو» يذهب بدوره إلى عدّ الجمال نوعاً من السلطة التي يصعب الإفلات من قبضتها القاهرة، بما دفعه إلى استهلال مراثيه بالقول:

«حتى لو ضمني أحدهم فجأة إلى قلبه

فإني أموت من وجوده الأقوى

لأن الجمال بمثابة لا شيء سوى بداية الرعب

وكلُّ ملاكٍ مرعب».

انشغل به الأدب والفن الغربيان على نحو واسع وكتبت عنه وفيه القصائد والمقطوعات والأغانيrnولا يزال الشغف به مشتعلاً

وفي قصيدته «كلمات تصلح شاهدة قبر للسيدة الجميلة ب»، يربط ريلكه بين الجمال والموت، مؤثراً التماهي من خلال ضمير المتكلم، مع المرأة الراحلة التي لم يحل جمالها الباهر دون وقوعها في براثن العدم، فيكتب على لسانها قائلاً: «كم كنتُ جميلة، وما أراه سيدي يجعلني أفكر بجمالي. هذه السماء وملائكتك، كانتا أنا نفسي».

أما لويس أراغون، أخيراً، فيذهب بعيداً في التأويل، حيث في اللحظة الأكثر مأساوية من التاريخ يتحول الجمال مقروناً بالحب، إلى خشبة أخيرة للنجاة من هلاك البشر الحتمي. وإذا كان صاحب «مجنون إلسا» قد جعل من سقوط غرناطة في قبضة الإسبان، اللحظة النموذجية للتماهي مع المجنون، والتبشير بفتاته التي سيتأخر ظهورها المحسوس أربعة عقود كاملة، فلأنه رأى في جمال امرأته المعشوقة، مستقبل الكوكب برمته، والمكافأة المناسبة التي يستحقها العالم، الغارق في يأسه وعنفه الجحيمي. ولذلك فهو يهتف بإلسا من أعماق تلهفه الحائر:

« يا من لا شبيه لها ويا دائمة التحول

كلُّ تشبيه موسوم بالفقر إذا رغب أن يصف قرارك

وإذا كان حراماً وصفُ الجمال الحي

فأين نجد مرآة مناسبة لجمال النسيان».


فخار مليحة

فخار مليحة
TT

فخار مليحة

فخار مليحة

تقع منطقة مليحة في إمارة الشارقة، على بعد 50 كيلومتراً شرق العاصمة، وتُعدّ من أهم المواقع الأثرية في جنوب شرق الجزيرة العربيَّة. بدأ استكشاف هذا الموقع في أوائل السبعينات من القرن الماضي، في إشراف بعثة عراقية، وتوسّع في السنوات اللاحقة، حيث تولت إدارة الآثار في الشارقة بمشاركة بعثة أثرية فرنسية مهمة إجراء أعمال المسح والتنقيب في هذا الحقل الواسع، وكشفت هذه الحملات عن مدينة تضم أبنية إدارية وحارات سكنية ومدافن تذكارية. دخلت بعثة بلجيكية تابعة لمؤسسة «المتاحف الملكية للفن والتاريخ» هذا الميدان في عام 2009، وسعت إلى تحديد أدوار الاستيطان المبكرة في هذه المدينة التي ازدهرت خلال فترة طويلة تمتدّ من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الرابع للميلاد، وشكّلت مركزاً تجارياً وسيطاً ربط بين أقطار البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي ووادي الرافدين.

خرجت من هذا الموقع مجموعات متعدّدة من اللقى تشهد لهذه التعدّدية الثقافية المثيرة، منها مجموعة من القطع الفخارية صيغت بأساليب مختلفة، فمنها أوانٍ دخلت من العالم اليوناني، ومنها أوانٍ من جنوب بلاد ما بين النهرين، ومنها أوانٍ من حواضر تنتمي إلى العالم الإيراني القديم، غير أن العدد الأكبر من هذه القطع يبدو من النتاج المحلّي، ويتبنّى طرازاً أطلق أهل الاختصاص عليه اسم «فخار مليحة». يتمثّل هذا الفخار المحلّي بقطع متعدّدة الأشكال، منها جرار متوسطة الحجم، وجرار صغيرة، وصحون وأكواب متعدّدة الأشكال، وصل جزء كبير منها على شكل قطع مكسورة، أُعيد جمع بعض منها بشكل علمي رصين. تعود هذه الأواني المتعدّدة الوظائف إلى الطور الأخير من تاريخ مليحة، الذي امتدّ من مطلع القرن الثاني إلى منتصف القرن الثالث للميلاد، وتتميّز بزينة بسيطة ومتقشّفة، قوامها بضعة حزوز ناتئة، وشبكات من الزخارف المطلية بلون أحمر قانٍ يميل إلى السواد. تبدو هذه الزينة مألوفة، وتشكّل من حيث الصناعة والأسلوب المتبع امتداداً لتقليد عابر للأقاليم والحواضر، ازدهر في نواحٍ عدة من الجزيرة العربية منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد.

تختزل هذا الطراز جرة جنائزية مخروطية ذات عنق مدبب، يبلغ طولها 30.8 سنتيمتر، وقطرها 22 سنتيمتراً. عنق هذه الجرة مزين بأربع دوائر ناتئة تنعقد حول فوهتها، تقابلها شبكة من الخطوط الأفقية الغائرة تلتف حول وسطها، وبين هذه الدوائر الناتئة وهذه الخطوط الغائرة، تحلّ الزينة المطلية باللون الأحمر القاتم، وقوامها شبكة من المثلثات المعكوسة، تزين كلاً منها سلسلة من الخطوط الأفقية المتوازية. تشهد هذه الجرة لأسلوب متبع في التزيين يتباين في الدقّة والإتقان، تتغيّر زخارفه وتتحوّل بشكل مستمرّ.

تظهر هذه التحوّلات الزخرفية في قطعتين تتشابهان من حيث التكوين، وهما جرتان مخروطيتان من الحجم الصغير، طول أكبرهما حجماً 9.8 سنتيمتر، وقطرها 8.5 سنتيمتر. تتمثّل زينة هذه الشبكة بثلاث شبكات مطليّة، أولاها شبكة من الخطوط الدائرية الأفقية تلتف حول القسم الأسفل من عنقها، وتشكّل قاعدة له، ثمّ شبكة من المثلثات المعكوسة تنعقد حول الجزء الأعلى من حوض هذا الإناء، وتتميّز بالدقة في الصوغ والتخطيط. تنعقد الشبكة الثالثة حول وسط الجرّة، وهي أكبر هذه الشبكات من حيث الحجم، وتتكوّن من كتل هرمية تعلو كلاً منها أربعة خطوط أفقية متوازية. في المقابل، يبلغ طول الجرة المشابهة 9 سنتيمترات، وقطرها 7.5 سنتيمتر، وتُزيّن وسطها شبكة عريضة تتكون من أنجم متوازية ومتداخلة، تعلو أطراف كلّ منها سلسلة من الخطوط الأفقية، صيغت بشكل هرمي. تكتمل هذه الزينة مع شبكة أخرى تلتفّ حول القسم الأعلى من الجرة، وتشكّل عقداً يتدلى من حول عنقها. ويتكوّن هذا العقد من سلسلة من الخطوط العمودية المتجانسة، مرصوفة على شكل أسنان المشط.

تأخذ هذه الزينة المطلية طابعاً متطوّراً في بعض القطع، أبرزها جرة من مكتشفات البعثة البلجيكية في عام 2009، وهي من الحجم المتوسط، وتعلوها عروتان عريضتان تحيطان بعنقها. تزين هذا العنق شبكة عريضة من الزخارف، تتشكل من مثلثات متراصة، تكسوها خطوط أفقية متوازية. يحد أعلى هذه الشبكة شريط يتكوّن من سلسلة من المثلثات المجردة، ويحدّ أسفلها شريط يتكوّن من سلسلة من الدوائر اللولبية. تمتد هذه الزينة إلى العروتين، وقوامها شبكة من الخطوط الأفقية المتوازية.

من جانب آخر، تبدو بعض قطع «فخار مليحة» متقشّفة للغاية، ويغلب عليها طابع يفتقر إلى الدقّة والرهافة في التزيين. ومن هذه القطع على سبيل المثال، قارورة كبيرة الحجم، صيغت على شكل مطرة عدسية الشكل، تعلوها عروتان دائريتان واسعتان. يبلغ طول هذه المطرة 33.5 سنتيمتر، وعرضها 28 سنتيمتراً، وتزيّن القسم الأعلى منها شبكة من الخطوط المتقاطعة في الوسط على شكل حرف «إكس»، تقابلها دائرة تستقر في وسط الجزء الأسفل، تحوي كذلك خطين متقاطعين على شكل صليب.

يُمثل «فخار مليحة» طرازاً من أطرزة متعددة تتجلّى أساليبها المختلفة في مجموعات متنوّعة من اللقى، عمد أهل الاختصاص إلى تصنيفها وتحليلها خلال السنوات الأخيرة. تتشابه هذه اللقى من حيث التكوين في الظاهر، وتختلف اختلافاً كبيراً من حيث الصوغ. يشهد هذا الاختلاف لحضور أطرزة مختلفة حضرت في حقب زمنية واحدة، ويحتاج كل طراز من هذه الأطرزة إلى وقفة مستقلّة، تكشف عن خصائصه الأسلوبية ومصادر تكوينها.