غزة: وضع «كارثي» في المستشفى المعمداني بعد قصف إسرائيلي

«حماس» تطالب بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الواقعة

TT

غزة: وضع «كارثي» في المستشفى المعمداني بعد قصف إسرائيلي

فلسطينيون يتفقدون الدمار بعد الضربة الجوية الإسرائيلية على المستشفى المعمداني في غزة (د.ب.أ)
فلسطينيون يتفقدون الدمار بعد الضربة الجوية الإسرائيلية على المستشفى المعمداني في غزة (د.ب.أ)

أعلن الدفاع المدني في غزة أن غارةً جويةً إسرائيليةً دمَّرت، بشكل شبه كلي، أحد مباني المستشفى الأهلي (المعمداني)، فجر الأحد، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف «مركز قيادة وسيطرة تابعاً لحركة (حماس)» داخل المنشأة الصحية.

ولجأ عشرات الآلاف من سكان غزة إلى المستشفيات التي استُخدمت ملاجئ لإيواء النازحين، رغم أن كثيراً منها تَعرَّض لأضرار جسيمة جراء القصف المتواصل.

وقال الناطق باسم الدفاع المدني، محمود بصل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الطائرات الإسرائيلية «استهدفت بغارة جوية، فجر اليوم، مبنى في مستشفى المعمداني في غزة؛ ما أدى لتدميره وخروجه كلياً عن الخدمة».

وجاءت الغارة بعد دقائق من اتصال قام به الجيش الإسرائيلي مع إدارة المستشفى طالباً إخلاءه فوراً، وفق مصدر في المستشفى. وأوضح بصل أن الغارة أدَّت إلى «تدمير مبنى الجراحات، الذي يضم قسم الطوارئ، ومحطة توليد الأكسجين لأقسام العناية المركزة».

ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات في القصف الذي طال المستشفى، الذي جاء غداة إعلان القوات الإسرائيلية السيطرة على محور «موراغ» الرئيسي، الواقع بين مدينتي رفح وخان يونس في جنوب قطاع غزة، وتوسيع عمليته العسكرية.

دمار في محيط المستشفى المعمداني بغزة في أعقاب الغارة الإسرائيلية (أ.ف.ب)

«رواية مضللة»

وأورد الجيش الإسرائيلي، في بيان، أن «المجمع كان يُستخدَم من قبل إرهابيي (حماس) للتخطيط وتنفيذ هجمات إرهابية ضد المدنيين الإسرائيليين، وقوات جيش الدفاع الإسرائيلي».

لكن بصل أكد أن «رواية جيش الاحتلال كاذبة... رواية مضللة وغير صحيحة».

وندَّدت «حماس» بالقصف الإسرائيلي، وطالبت بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الواقعة. وقالت الحركة إن بيان الجيش الإسرائيلي «هو تكرار مفضوح لأكاذيبه، التي يسوقها لتبرير جرائمه» ضد مراكز الإيواء والمدنيين.

وأضافت الحركة: «هذا السلوك الوحشي يمثل استخفافاً وقحاً بالرأي العام العالمي، وبمنظومة القيم والقوانين وأدوات العدالة الدولية، وهو ما يستدعي موقفاً جاداً من المجتمع الدولي ومؤسساته».

وأظهرت صور لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» التقطت ما خلّفته الغارة، ألواحاً ضخمةً من الخرسانة، وقطعاً معدنيةً ملتويةً متناثرةً في أنحاء الموقع.

وخلّفت الغارة أيضاً فجوات واسعة في أحد مباني المستشفى، حيث انتُزعت أبواب حديد وشبابيك من مكانها، وشوهد عشرات المواطنين الفلسطينيين يبحثون بين الأنقاض عن حاجياتهم.

واستنكر المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، منير البرش، الغارة. وبحسب البرش فإن المستشفى كان «الوحيد الذي يعمل في مدينة غزة وفيه الجهاز الوحيد لتصوير الأشعة». وأضاف: «الوضع الآن كارثي ولا يمكن وصفه... نحن والجرحى والمرضى في الشوارع».

امرأة تقف وسط الأنقاض في أعقاب الغارة الإسرائيلية على المستشفى المعمداني في غزة (أ.ف.ب)

لا مكان للمرضى

وافترش مئات النازحين وعدد من المرضى والمصابين الأرض، ونصب بعضهم خياماً على جانبَي الشارع الواقع قبالة المستشفى، وفي ميدان فلسطين القريب.

بين هؤلاء نائلة عماد (42 عاماً) التي أوضحت أنه لم يعد لديها مأوى، وبقيت مع أطفالها الستة في الشارع بعدما كانت تحتمي داخل خيمة في المستشفى. وقالت: «إن أحد حراس المستشفى جاء إلى الخيمة، فجر اليوم، وصرخ (عليكم المغادرة الآن، الطائرات سوف تقصف المستشفى... لا تأخذوا شيئاً، لا يوجد وقت)».

وأضافت: «عندما وصلت إلى باب المستشفى قصفوه، لم أستطع التمييز هل هذا حقيقي أم كابوس». وتابعت: «أنا والأولاد في الشارع، نزحنا أكثر من عشرين مرة، لا نعرف أين نذهب، المستشفى آخر ملاذ لنا، أفضل خيار أن يقتلونا جميعاً، أفضل من أن نموت ببطء وإذلال».

أما خالد دلول (30 عاماً) فكان يرافق عمه الستيني المصاب. وقال: «ما رأيناه نار جهنم، خرجنا إلى الشارع ننتظر، مثل الذي ينتظر ذبحه. حريق هائل، كل المستشفى دُمِّر، لا يوجد مكان للمرضى للعلاج أو النوم، هذا حكم جماعي بالإعدام والذبح».

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أعلن أمس أن الجيش الإسرائيلي سيوسِّع هجومه «في القسم الأكبر» من قطاع غزة. وخاطب سكان القطاع بالقول: «قريباً، ستتكثَّف عمليات (الجيش) وستتوسَّع لتشمل مناطق أخرى في القسم الأكبر من غزة. وعليكم إخلاء مناطق القتال».

أشخاص يتفقدون الدمار الذي خلّفته غارة إسرائيلية على المستشفى المعمداني في غزة (أ.ف.ب)

نظام صحي متهالك

وكانت غارة إسرائيلية استهدفت المستشفى المعمداني في 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأسفرت عن مقتل العشرات. حينها، قال الجيش الإسرائيلي إن صاروخاً أطلقته حركة «الجهاد الإسلامي» قد أصاب المستشفى، وهو ادعاء أيَّدته الولايات المتحدة.

والشهر الماضي، قالت منظمة الصحة العالمية إن 22 من أصل 36 مستشفى في قطاع غزة تعمل جزئياً. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، الثلاثاء، إن «النظام الصحي في غزة متهالك».

وعزا المكتب ذلك إلى «تدفق الإصابات، ونفاد الأدوية والإمدادات الأساسية بسرعة؛ بسبب الحصار المفروض على دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ أكثر من شهر».

واستأنفت إسرائيل ضرباتها وعملياتها العسكرية على غزة في 18 مارس (آذار)، منهيةً بذلك هدنةً هشّةً مع «حماس» صمدت شهرين. وحتى الآن، باءت الجهود المبذولة لاستئناف الهدنة بالفشل.

وأحصت وزارة الصحة التي تديرها «حماس» مقتل 1574 فلسطينياً على الأقل منذ استئناف إسرائيل عملياتها العسكرية في 18 مارس، ما يرفع إلى 50 ألفاً و944، إجمالي عدد القتلى منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر 2023.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تنفذ عمليات سرية بمناطق «حماس» بحثاً عن جثة آخر أسير

خاص مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة... 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تنفذ عمليات سرية بمناطق «حماس» بحثاً عن جثة آخر أسير

تواصل إسرائيل تتبع بعض الخيوط المتعلقة بجثة آخر أسير لها داخل قطاع غزة، الشرطي ران غويلي، في ظلِّ عدم قدرة «حماس» على الوصول إليها وتسليمها.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز) play-circle

نتنياهو يسعى لتحميل «حماس» انفجار رفح قبل زيارته لأميركا

سعى ​رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط من «لواء غولاني» بالجيش ⁠الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة.

«الشرق الأوسط» (غزة - تل أبيب)
المشرق العربي وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر (د.ب.أ)

ساعر: «حماس» تحاول ترسيخ سيطرتها على غزة... ولن نقبل ذلك

قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، اليوم (الأحد)، إن حركة «حماس» الفلسطينية لا تعمل على نزع سلاحها.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)

رئيس المخابرات التركية ناقش مع «حماس» المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة

ذكرت مصادر أمنية تركية ​أن رئيس جهاز المخابرات التركي إبراهيم كالين التقى اليوم السبت مع رئيس «حركة المقاومة الإسلامية» الفلسطينية (‌حماس) في ‌قطاع غزة ‌

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ) play-circle

«لدورهم في 7 أكتوبر»... تحركات إسرائيلية لإعدام 100 من عناصر «القسام»

ناقش وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ووزير العدل ياريف ليفين، إمكانية إنشاء محكمة عسكرية مخصصة لمحاكمة عناصر وحدة «النخبة» التابعة لـ«كتائب القسام».

نظير مجلي (تل أبيب)

الخلافات السياسية تهيمن على الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
TT

الخلافات السياسية تهيمن على الجلسة الأولى للبرلمان العراقي

إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (إ.ب.أ)

في وقت لم تتمكن فيه القوى السياسية الشيعية من حسم خيارها بشأن المرشح المحتمل لرئاسة الوزراء، مع بقاء محمد شياع السوداني في صدارة التوقعات، يعقد البرلمان العراقي جلسته الأولى، يوم الاثنين، وسط استمرار الخلافات داخل المكونات الرئيسية الثلاثة (الشيعية والسنية والكردية) على مناصب رئيس البرلمان، الذي هو من حصة المكون السني، والنائب الأول له (شيعي)، والنائب الثاني (كردي).

وفي ضوء التحذيرات التي وجهها رئيس «مجلس القضاء الأعلى» فائق زيدان، من مغبة عدم الحسم إزاء هذه المناصب خلال الجلسة الأولى، على أساس أن التمديد يعدّ، بمثابة «مخالفة دستورية»، طبقاً للرسالة التي وجهها للقوى السياسية المعنية، فإنه لا توجد أي مؤشرات على حسم التنافس، لا على تلك التشريعية، ولا على المنصبين السياديين الآخرين: رئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء.

رئيس مجلس القضاء العراقي فائق زيدان (موقع المجلس)

وطبقاً للتراتبية والمدد الدستورية، فإن المحطة الأولى، يوم الاثنين، هي انتخاب رئيس البرلمان الذي لا يزال موضع تنافس شديد داخل القوى السنية بين حزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي، و«تحالف عزم» بزعامة مثنى السامرائي. ووفق ما قاله قيادي سنّي لـ«الشرق الأوسط»، إذا لم يتم الاتفاق على أي من المرشحين المذكورين، فإن الخيارات المطروحة أمام القوى السنية، في ظل عدم وجود أي إمكانية لتمديد الجلسة، أو جعلها مفتوحة نظراً لفيتو «القضاء الأعلى»، هي، إمّا الذهاب إلى البرلمان بالمرشحين، الاثنين، وإما الاتفاق على مرشح بديل للحلبوسي من داخل حزب «تقدم» في مقابل «تنازل المرشح المنافس السامرائي» عن ترشحه.

و أضاف القيادي نفسه أن «المرشح المطروح بديلاً للحلبوسي عن حزب (تقدم) هو النائب هيبت الحلبوسي، إذا تنازل محمد الحلبوسي بسبب ما يقال عن فيتو شيعي غير معلن ضده، لتولي ولاية ثانية طبقاً لقاعدة باتت تتبناها بعض القيادات الشيعية، بعدم التجديد للرؤساء السابقين سواء للبرلمان أم الجمهورية أم الوزراء».

محمد الحلبوسي (إكس)

ويؤكد القيادي السني أن «العقدة الأساسية، حتى الآن، هي عدم تنازل السامرائي عن الترشح؛ ما يعني الدخول ثانية في الفضاء الوطني، لكن هذه المرة بين هيبت الحلبوسي ومثنى السامرائي، وسط مخاوف من أن تكون الغلبة للأخير، وهو ما سيعني تراجع نفوذ حزب «تقدم» ورئيسه.

عقدة النائبين

والعقدة الأخرى التي لا تزال عالقة، تتصل بمنصبي النائب الأول (الشيعي) والنائب الثاني (الكردي) لرئيس البرلمان. ومع أن أمام المكونين متسعاً من الوقت على صعيد المدد الدستورية، لاختيار المرشح الكردي لمنصب رئيس الجمهورية، والمرشح الشيعي لمنصب رئيس الوزراء فإنهما محكومان خلال جلسة البرلمان الأولى، بالاتفاق على مرشحيهما لمنصبي نائبي الرئيس.

السوداني الرقم الصعب

شيعياً، وطبقاً لما أعلنه السوداني، فإن المرشحين الرئيسيين لمنصب رئيس الوزراء هم، السوداني نفسه ورئيسا الوزراء السابقان نوري المالكي وحيدر العبادي.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يدلي بصوته في الانتخابات البرلمانية ببغداد 11 نوفمبر 2025 (أ.ب)

وأشارت بورصة الترشيحات لهذا المنصب، إلى أن عدد المرشحين كان قد بلغ 40 مرشحاً، وتقلصوا بعد أن تولت جهة شيعية قيادية برئاسة زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم مقابلتهم، إلى 9 بمن فيهم الثلاثة الذين يتصدرون القائمة، لكن طبقاً للسوداني، فإن القوى الشيعية تريد «رئيس وزراء حباب» أي ضعيفاً.

وطبقاً لما كشفه مصدر من داخل القوى الشيعية لـ«الشرق الأوسط»، فإن «قيادات شيعية بارزة عرضت على السوداني أن يتسلم منصب رئيس الوزراء لولاية ثانية مقابل تخليه عن حزبه (النهرين) وتحالفه (الإعمار والتنمية)، وكذلك عدم التفكير في ولاية ثالثة».

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه، أن «السوداني رفض التخلي عن حزبه مقابل هذا العرض، بينما تعهد بتقديم مشروع قانون إلى البرلمان بشأن عدم حصول أي رئيس وزراء على ولاية ثالثة».

حيدر العبادي (وكالة الأنباء العراقية)

إضافة إلى ذلك، وبينما لم تنته الاجتماعات المتواصلة لقادة «الإطار الشيعي» إلى نتيجة حاسمة، تشير مصادر متطابقة إلى أن ملامح رئيس الوزراء المقبل سوف تتضح في غضون اليومين المقبلين، مع أن السوداني لا يزال يتصدر قائمة المرشحين، متقدماً على نوري المالكي وحيدر العبادي زعيم «ائتلاف النصر» الذي لم يدخل السباق الانتخابي أصلاً، ولا يملك أي مقعد في البرلمان.

والواضح أن حظوظ المالكي ضعيفة لإمكانية الحصول على ولاية ثالثة حتى داخل الوسط الشيعي، بينما العبادي لم يعد يصلح إلا كمرشح تسوية كونه لا يملك أي مقعد في البرلمان؛ ما يعني تحمل كتلة شيعية عدد النقاط التي يحتاج إليها المنصب، وهو أمر يستبعده كثيرون في ظل التنافس المحموم على الوزارات والهيئات وبقية المناصب التنفيذية التي تستهلك مزيداً من النقاط.


إسرائيل تنفذ عمليات سرية بمناطق «حماس» بحثاً عن جثة آخر أسير

مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة... 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة... 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تنفذ عمليات سرية بمناطق «حماس» بحثاً عن جثة آخر أسير

مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة... 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
مقاتل من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» يتابع البحث عن جثث رهائن إسرائيليين بمشاركة عناصر الصليب الأحمر وسط مخيم جباليا شمال غزة... 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

تواصل إسرائيل تتبع بعض الخيوط المتعلقة بجثة آخر أسير لها داخل قطاع غزة، الشرطي ران غويلي، في ظلِّ عدم قدرة «حماس» على الوصول إليها وتسليمها؛ ما دفع جهات أمنية إسرائيلية لتنفيذ أنشطة سرية غرب الخط الأصفر في مناطق سيطرة الحركة.

وتحاول «حماس» منذ أسابيع، الوصول إلى جثة الشرطي غويلي التي كان يجري البحث عنها في 3 أو 4 مواقع بحيي الزيتون والشجاعية شرق مدينة غزة، وقدمت إسرائيل، عبر الوسطاء، خلال الأسابيع الماضية، معلومات للحركة الفلسطينية حول مكان الدفن، وحتى أسماء أشخاص اتُّهموا بأنهم كانوا مسؤولين عن أسره والاحتفاظ به؛ غير أن تلك المعلومات المُقدَّمة لم تؤدِّ إلى نتائج فعلية.

وكشفت مصادر فصائلية وميدانية فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، عن أن إسرائيل تنفِّذ نشاطاً سرياً داخل قطاع غزة؛ بحثاً عن جثة غويلي، وتضمن ذلك اختطاف ناشط ميداني من «سرايا القدس» الجناح المسلح لحركة «الجهاد الإسلامي»، من سكان حي الزيتون، في منطقة قريبة من ساحة ميدان فلسطين، بمدينة غزة.

من نفذ الاختطاف؟

وشرحت المصادر التي تحفَّظت على ذكر اسم عنصر «الجهاد»، أن منطقة الاختطاف تبعد بنحو كيلو متر واحد عن الخط الأصفر باتجاه الغرب، وذلك قبل أيام قليلة، موضحة أن «قوة إسرائيلية خاصة نفَّذت العملية؛ إذ تعتقد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن الشخص المُختطَف له علاقة مباشرة بجثة الشرطي الإسرائيلي، والاحتفاظ بها».

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

وقبل أقل من شهر، زار وفد إسرائيلي، العاصمة المصرية، القاهرة، مرتين كانت آخرهما في الـ24 من الشهر الماضي، والتقى خلالها كبار المسؤولين ووفداً من الوسطاء، وبحث قضايا عدة من أهمها، قضية إعادة جثة غويلي، وقدَّم معلومات عن أسماء أشخاص، كانوا مسؤولين عن اختطافه والاحتفاظ به، وكذلك أماكن يحتمل وجود الجثة فيها.

ومن بين تلك الأسماء التي قدمت، الشخص الذي تم اختطافه من قبل قوة إسرائيلية خاصة قبل أيام، بحسب ما توضح المصادر.

سجال حول المسؤولية

ورغم إعلان «سرايا القدس» في التاسع من الشهر الحالي، عن تسليم آخر المختطفين لديها من الأحياء والأموات، فإن إسرائيل تصر على أن غويلي محتجزاً لديها، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية العامة، عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن الجثة موجودة لدى «الجهاد الإسلامي»، وأن «حماس» لا تمارس ضغطاً كافياً على الأولى لتسليم الجثة.

ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر أمنية، اتهامات لـ«حماس» بأنها لم تستجوب عناصر «الجهاد الإسلامي» للوصول إلى المكان الذي يعتقد أن الجثة مدفونة فيه، وهو أمر عدّته مماطلة من جانب الحركة التي تسيطر على أجزاء من القطاع، مدعيةً أن الجيش الإسرائيلي امتنع عمداً عن استهداف تلك الأسماء تجنباً لوضع تضيع فيه المعلومات المتعلقة بمكان الجثة.

مقاتلو «كتائب القسام» إلى جانب عمال «الصليب الأحمر» خلال البحث عن جثث رهائن إسرائيليين في مدينة غزة... نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

ولم تعلق «سرايا القدس» أو جناحها السياسي «الجهاد الإسلامي»، وحتى «حماس» على تلك الاتهامات بشكل علني، في وقت كانت مصادر مطلعة من «حماس» نفت في قبل أسابيع قليلة لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون هذه الجثة لديها.

تضارب بين «حماس» و«الجهاد»

وتقول مصادر من «الجهاد الإسلامي» لـ«الشرق الأوسط»، إن الجثة كانت فعلياً لدى نشطائها، وبعد فترة قصيرة من بقائها لديهم، سلموها لنشطاء وقيادات ميدانية من «كتائب القسام» الجناح المسلح لحركة «حماس»، في مدينة غزة، لأسباب عدة؛ أهمها التنسيق الميداني المشترك في كثير من المجالات.

وبينت المصادر، أن الجثة تنقلت في أكثر من مكان بفعل عمليات الاقتحام الإسرائيلية لكثير من المناطق، وفي بعض المرات كانت في أماكن توجد بها قوات الاحتلال، ويتم نقلها بعد انسحابهم، لكن بعد تسليمها لـ«كتائب القسام» بقيت لدى بعض نشطائها.

في حين تقول مصادر من «حماس»، إن الجثة كانت لديها منذ فترة طويلة وتم الاحتفاظ بها آخر مرة قبل أشهر من وقف إطلاق النار في مكان معين بحي الزيتون، ودخلته القوات الإسرائيلية مرات عدة وجرفته وغيرت معالمه من خلال القصف الجوي والمدفعي وعمليات النسف، بينما اغتيل جميع النشطاء الذين كانوا يشرفون على الاحتفاظ به وكل مَن يعرف مكانه، وذلك في عمليات منفصلة، وبعضهم قُتل خلال معارك واشتباكات.

عمال من «الصليب الأحمر» يصلون إلى موقع يبحث فيه عناصر من «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» عن جثث رهائن إسرائيليين في خان يونس جنوب قطاع غزة... 17 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)

ورفضت المصادر، التعليق على ما ورد على لسان مصادر من «الجهاد الإسلامي» عن أنه تم تسليم الجثة إلى «حماس» في الأشهر الأولى من الحرب.

وتوضح المصادر، أن عملية البحث عن الجثة معقدة، جداً، ويعتقد أن ما تبقَّى منها قد اختلط بجثث أخرى من فلسطينيين، أو قد تكون جرفت بفعل عمليات التجريف الإسرائيلية في المناطق التي كان محتفظاً بها فيها، مؤكدةً أن الحركة لم تتوقف في أي لحظة عن البحث عنها، وبذلت جهوداً مضاعفة من أجل الوصول إليها.

وتصر إسرائيل على تسليم جثة غويلي قبل الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو أمر سيبحثه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، خلال القمة المرتقبة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وقال غازي حمد، عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، وعضو وفدها المفاوض في تصريحات متلفزة قبل أيام، إن حركته ليست لديها معلومات مؤكدة بشأن الجثة الأخيرة للعثور عليها وتسليمها.


السوداني يؤكد تلقي العراق تهديدات «عبر طرف ثالث»

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)
TT

السوداني يؤكد تلقي العراق تهديدات «عبر طرف ثالث»

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

أكد رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني تلقي بغداد تهديدات إسرائيلية «مستمرة» وصلت عبر طرف ثالث، في أول إقرار رسمي من هذا المستوى بعد أيام من تقرير لـ«الشرق الأوسط» تحدث عن تحذيرات غير مباشرة من ضربات وشيكة داخل العراق.

وقال السوداني، في مقابلة متلفزة مساء السبت، إن «التهديدات الإسرائيلية مستمرة ووصلتنا عبر طرف ثالث»، من دون أن يحدد طبيعة الجهة الناقلة أو مضمون الرسائل، مكتفياً بالإشارة إلى أن الحكومة تعاملت مع الملف بحذر بالغ لتجنيب البلاد المزيد من التصعيد.

وجاء التصريح بعد نحو أسبوع من تقرير نشرته «الشرق الأوسط» كشف، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن الحكومة العراقية وجهات سياسية فاعلة تلقت رسالتي تحذير غير اعتياديتين من دولة عربية وجهاز استخبارات غربي، تضمنتا معلومات «جدية» عن اقتراب تنفيذ ضربات عسكرية واسعة داخل العراق.

ورجحت المصادر أن تشمل الضربات المحتملة مواقع ومخازن طائرات مسيَّرة وصواريخ ومعسكرات تدريب، إلى جانب مؤسسات وشخصيات ذات نفوذ مالي وعسكري على صلة بفصائل شيعية و«الحشد الشعبي»، في سياق تصعيد إقليمي مرتبط بالمواجهة بين إسرائيل ومحور تقوده إيران.

وكان جهاز المخابرات العراقي قد نفى «جملة وتفصيلاً»، في بيان رسمي، تلقي الحكومة أية رسائل تحذير من هذا النوع.

وفي سياق آخر، أكَّد السوداني خلال المقابلة المتلفزة «قيام الحكومة العراقية بمسعى مهم لترتيب لقاء ثنائي بين طهران وواشنطن في بغداد لاستئناف الحوار بين الطرفين»، كاشفاً عن أنه «طرح على المبعوث الأميركي توم برَّاك استثمار علاقة بغداد مع طهران من أجل استئناف التفاوض الإيراني الأميركي».