تنتقل المصممة لاني أديوي، بين تدريس التصميم في جامعتها الأم، بكلية «بارسونز» للتصميم في مدينة نيويورك، وبين إدارة المشروعات في شركتها المعروفة باسم «ستوديو لاني»، في مسقط رأسها، بمدينة لاغوس النيجيرية.
خلال الأسبوع الحالي، ستكون السيدة أديوي، (35 عاماً)، في مكان ما بين هذا وذاك، بعد أن أشرفت على معرض «حرف غرب أفريقيا»، في فعالية «سالون ساتلايت»، أي المعرض السنوي للمصمِّمين الناشئين في معرض «سالون دل موبايل» في ميلانو، وموضوعه العام الحالي يدور حول «الحرفية الجديدة: عالم جديد».

تقول السيدة أديوي، عن الأشياء المصنوعة يدوياً: «أؤمن بشدَّة بهذا المجال الغني من التصميم، الذي لا يأخذ حقَّه من التقدير».
وتقول مارفا غريفين ويلشاير، المؤسسة والمشرفة على فعالية «سالون ساتلايت»، إنها حين استقرت على أفريقيا لتكون محوراً لنسخة عام 2025، طلبت من أديوي المشاركة فيها. وتابعت: «من خلال صِلاتها القوية في المنطقة، أردتُ أن تكون أديوي جزءاً من المشروع، وإجراء الأبحاث وتقديم الأفكار إلى المعرض».
وبدورها التزمت السيدة أديوي بقائمة من الحرفيين من السنغال، وغانا، وبوركينا فاسو، والكاميرون، ونيجيريا، الذين سيعرضون قطعاً معاصرة مصنوعة بأساليب تقليدية، بما في ذلك المقاعد والطاولات. فالمنتجات المقبلة من بوركينا فاسو، على سبيل المثال، هي برونزيات تُصنع من خلال صبِّ الشَّمع المهدور، وهي تقنية تعتمد على صبِّ المعدن المصهور في قالب، في حين أن القطع المقبلة من الكاميرون تُنحَت يدوياً من الخشب. وقد صمَّمت السيدة أديوي بنفسها، قطعاً مُغطاة بمادة منسوجة مصنوعة من سيقان نباتية مجففة ومصبوغة، وهي مادة تُستخدم عادة في نيجيريا لصناعة الحصائر.

وفي فبراير (شباط)، عادت السيدة أديوي إلى نيجيريا لتُكمل تحضيرات العرض. وأثناء وجودها هناك، زارت جدَّها، ريمي أودوبانغو، البالغ من العمر 88 عاماً، الذي ألهمها تصميم مشَّاية حازت على جوائز، صمَّمتها تحت اسم «ريم إكس»، نسبة إلى اسم جدها. وقالت عن ذلك: «إن جدي لم يكن يحبُّ المشَّايات التي اشتريناه له؛ فقد بدت أشبه بمشايات عيادات الأطباء، وكان يخفيها دائماً».
غلّفت لاني أديوي المعدن بقطعة من نسيج «آسو أوكي» النيجيري التقليدي المنسوج يدوياً، والمستخدم في الملابس الاحتفالية، وغطَّت الإطار بزهرة الياقوت المائية، التي تنمو بكثرة في نيجيريا وتُشبه نبتة الرافية، مع منحنياتها الحادة وألوانها القشِّية والأرجوانية، تبدو مشاية «ريم إكس» أكثر فخامة، وأشبه ما تكون بعصي المشي المزخرفة المتقنة التي يستخدمها الزعماء المحليون وكبار الشخصيات. وقد ساعدها ذلك على أن تُصبح أول مصمِّمة أفريقية تحصل على الجائزة الأولى في فعالية «سالون ستالايت» المقامة في عام 2022، وكانت حينها واحدة من بين 600 مشارك تناولوا موضوع «التصميم من أجل أنفسنا في المستقبل».

تتذكر باولا أنتونيلي، كبيرة أمناء الهندسة المعمارية والتصميم في «متحف الفن الحديث» بمدينة نيويورك، التي ترأست لجنة تحكيم الجوائز: «حينها تأثرت كثيراً بهذه المشاية التقليدية. لقد كانت متينة وعملية للغاية، وفي الوقت نفسه أنيقة وتسترعي الاهتمام». مضيفة: «لطالما أيقنت أنه لا يوجد سبب يمنع أن تكون الأشياء النفعية غاية في الأناقة بصورة مؤثرة أيضاً».
كثيرون يعتمدون من عمل السيدة أديوي على الممارسات العريقة والمواد الطبيعية. و«المقاعد الناطقة» التي تُقدمها أديوي في «حِرف غرب أفريقيا»، المغطاة بحصائر منسوجة بأيدي نساء من ولاية إيكيتي في جنوب غربي نيجيريا، تُردِّد صدى الطبلة الناطقة، وهي الآلة الموسيقية التي تُستخدم تقليدياً في الاحتفالات والتواصل عبر مسافات شاسعة.

ومن خلال تحويل هذه الحصائر إلى تنجيد للأثاث، تأمل أديوي في توسيع نطاق تطبيقاتها وأسواقها المحتملة. كما استمدَّت الإلهام أيضاً من «إيرون كيكو»، وهي تقنية ربط الخيط الأسود بإحكام حول أجزاء صغيرة من الشَّعر لإنتاج تسريحات شعر هيكلية وصلبة. وتتذكر قائلة: «لقد نشأت على حياكة شعر الناس وتصفيفه بهذه الطريقة، لأنني كنت الشخص الأكثر إبداعاً الذي يلجأ إليه أفراد عائلتي وأصدقائي». ومن ثمَّ تُتابع: «كانوا يقولون: اسألوا لاني، إنها ماهرة بيديها. ولكنني لم أفكر أبداً في هواياتي الحرفية على أنها مهارات حقيقية».
والآن، كثيراً ما تلف أغراضها بالقماش أو الألياف، في انعكاس حرفي لما تدعوه اليوم، الخيط الأحمر، الذي يربط مواهبها واهتماماتها. استغرق الأمر بعض الوقت. وبتشجيع من عائلتها على السَّعي وراء «مسار مهني مستقر»، درست إدارة الأعمال في جامعة ماكجيل في مونتريال، كندا. وبعد تخرُّجها، عملت في تورونتو محلِّلة استشارية في شركة «أكسنتشر»، وهي شركة للخدمات المهنية متعدِّدة الجنسيات. وتتذكر قائلة: «في أحد الأيام، حضرتُ معرضاً تجارياً للتصميم خلال استراحة الغداء، حيث رأيت كُرسياً يبدو وكأنه قطعة فنية عملية، وحتى تلك اللحظة، لم أكن أعرف حقاً أن الأثاث يمكن أن يكون أشياء متعددة». والتحقت السيدة أديوي ببرنامج دراسات التصميم الداخلي في كلية «بارسونز»، وحصلت على شهادة جامعية في العلوم التطبيقية في عام 2014. وبعد ذلك فتحت في عام 2015 «استوديو لاني»، وفي عام 2017 حصلت على الجائزة الأولى في معرضٍ رئيسي بمدينة نيويورك للمصممين الدوليين الناشئين يسمى «لانش پاد»، الذي تديره شركة «وانتد ديزاين».
بدورها، قالت كلير بيجولات، مؤسّسة شركة «وانتد ديزاين» رفقة أوديل هينو: «تتميز السيدة أديوي بأنها جعلت أسلوبها في متناول الجميع وملهماً للآخرين». وأضافت: «إن قدرتها على التعبير بوضوح عن رؤيتها، والقصة وراء عملها، تُضيف طبقة شخصية ومشوِّقة إلى تصميماتها، ومن المؤكد أنها تُحدث تأثيراً كبيراً».
وتعتقد السيدة أديوي أن القوة التحويلية للتصميم ترتبط بالحِرف اليدوية المستخدمة في إنتاجه، وتريد من المجتمع العالمي أن يُدرك أن الأفارقة وأعضاء الجالية الأفريقية في الشَّتات يساهمون أيضاً في هذه الرواية بصورة هادفة. وقالت إنها تشعر «بالإحباط الشديد إزاء الطريقة التي تُضخِّم بها وسائل الإعلام القصص السلبية أو قصص المعاناة والتي لا تضع الناس في موضع تسوده الكرامة. وهذا يؤثر في نهاية المطاف على الطريقة التي تُرى بها ثقافتهم». وهدفها من مبادرة «حرف غرب أفريقيا» هو إبراز التقاليد الغنيَّة في المنطقة وإمكاناتها. وختمت كلامها: «من خلال الفن والحِرفة والتصميم، يمكننا تقديم نظرة أكثر توازناً تتجاوز السَّرد الأحادي البُعد الذي اعتدنا على رؤيته».
*خدمة: نيويورك تايمز



