كيف ستتأثر الصين بالرسوم الجمركية الأميركية الجديدة؟

علما أميركا والصين (رويترز)
علما أميركا والصين (رويترز)
TT
20

كيف ستتأثر الصين بالرسوم الجمركية الأميركية الجديدة؟

علما أميركا والصين (رويترز)
علما أميركا والصين (رويترز)

فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية جديدة عقابية على واردات بلاده من السلع الصينية، مما أدى إلى تعميق الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.

وتعهدت بكين باتخاذ تدابير مضادة رداً على ذلك، وحذرت من أن الرسوم الأميركية الجديدة ستشلّ سلاسل التوريد العالمية وستضر بمصالح واشنطن.

وفيما يلي تستعرض «وكالة الصحافة الفرنسية» كيف ستتأثر بكين برسوم «يوم التحرير» التي ترفع الرسوم الجمركية على صادراتها إلى الولايات المتحدة إلى 54 في المائة.

سيارات معدَّة للشحن في ميناء يانتاي شرق الصين (أ.ف.ب)
سيارات معدَّة للشحن في ميناء يانتاي شرق الصين (أ.ف.ب)

لماذا تعدّ الصين حساسة بشكل خاص؟

يعتبر اقتصاد الصين المعتمد على التصدير حسّاساً بشكل خاص لتقلّبات التجارة الدولية.

والتبادلات التجارية ضخمة بين الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادين في العالم.

ووفقاً لبيانات الجمارك في بكين، تجاوزت مبيعات السلع الصينية إلى الولايات المتحدة العام الماضي 500 مليار دولار أميركي، أي ما يعادل 16.4 في المائة من صادرات البلاد.

وتهدّد الرسوم الجمركية بالإضرار بالتعافي الاقتصادي الهشّ للصين التي تكافح أزمة ديون طويلة الأمد في قطاع العقارات وانخفاض الاستهلاك بشكل مستمر، وهو تباطؤ سعت بكين إلى إبطائه من خلال تحفيز مالي واسع النطاق العام الماضي.

ومن المرجّح أن تؤدّي الحرب التجارية المكثّفة إلى عدم قدرة الصين على تحقيق نمو اقتصادي قوي هذا العام بفضل صادراتها، التي وصلت إلى مستويات قياسية عام 2024.

وشرح فريدريك نيومان كبير اقتصاديي آسيا في بنك «إتش إس بي سي» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الرسوم الجمركية الأميركية على الواردات الصينية المعلن عنها حتى الآن هذا العام، قد تلغي تماماً تأثير إجراءات التحفيز المالي المعلنة حتى الآن».

ومع أنّ نيومان أشار إلى أن تأثير الرسوم على المنافسة في قطاع التصدير قد يخف قليلاً، إلا أنه شدد على أن «التأثير السلبي على النمو الصيني لا يزال كبيراً».

ترمب يعلن عن رسوم جمركية جديدة تحت مسمى «يوم التحرير» بحضور وزير التجارة لوتنيك في البيت الأبيض (أ.ف.ب)
ترمب يعلن عن رسوم جمركية جديدة تحت مسمى «يوم التحرير» بحضور وزير التجارة لوتنيك في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

ما تأثير الرسوم الجمركية الجديدة؟

تفرض الرسوم الجمركية الجديدة رسوماً بنسبة 10 في المائة على واردات الولايات المتّحدة من جميع أنحاء العالم.

ولطالما أثار عجز بكين التجاري الهائل مع واشنطن والبالغ 270.4 مليار دولار غضب ترمب، وتواجه رسوماً أعلى بكثير.

وتضيف هذه الرسوم الجديدة 34 في المائة إلى نسبة 20 في المائة التي فرضت الشهر الماضي ليصل إجمالي الرسوم الجمركية الإضافية على الواردات من القوة الاقتصادية الآسيوية التي فرضتها إدارة ترمب إلى 54 في المائة.

وتدخل الرسوم الجمركية حيّز التنفيذ على مراحل، بزيادة عشر نقاط مئوية الخميس، يليها فرض الرسوم الكاملة في 9 أبريل (نيسان).

وتخضع الصين أيضاً لرسوم جمركية خاصة بقطاعات محددة على واردات الصلب والألمنيوم والسيارات.

ويتوقّع المحلّلون أن تؤثر الرسوم الجديدة بشكل كبير على الناتج المحلي الإجمالي للبلاد الذي تأمل قيادة بكين أن ينمو بنسبة 5 في المائة هذا العام.

وصرّح جوليان إيفانز بريتشارد رئيس قسم الاقتصاد الصيني في كابيتال إيكونوميكس، في مذكرة، أنه يتوقع أن تتراوح نسبة الضرر الاقتصادي بين 0.5 في المائة و1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ومن المرجح أن تكون أبرز صادرات الصين إلى الولايات المتحدة هي الأكثر تضرراً؛ حيث إن البلاد هي المورد الرئيسي للسلع من الإلكترونيات والآلات الكهربائية إلى المنسوجات والملابس، وفقاً لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي.

ويحذر المحللون أيضاً من أنه نظرا للدور المحوري الذي تلعبه السلع الصينية في إمداد الشركات الأميركية، فإن هناك آثاراً جانبية أيضاً محتملة لهذه الرسوم.

ويقول رئيس قسم أبحاث الصين في معهد التمويل الدولي جين ما لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنّ «السلع الإنتاجية والمواد الصناعية تهيمن على واردات الولايات المتحدة من الصين بدلاً من السلع الاستهلاكية».

وتابع: «ستضرّ الرسوم الجمركية بالمصنعين الأميركيين والمستهلكين على حد سواء».

ويرى تشن وينلينغ كبير الاقتصاديين في مركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية في بكين أنّ «هذه الحرب التجارية لا تلحق ضرراً مدمراً بالصين فحسب، بل بالنظام التجاري العالمي أيضاً».

نموذج مصغر ثلاثي الأبعاد للرئيس الأميركي دونالد ترمب وعلم الولايات المتحدة وكلمة «الرسوم الجمركية» (رويترز)
نموذج مصغر ثلاثي الأبعاد للرئيس الأميركي دونالد ترمب وعلم الولايات المتحدة وكلمة «الرسوم الجمركية» (رويترز)

كيف قد ترد بكين؟

ولم تحدّد بكين بعد ماهية «إجراءاتها المضادّة» بالضبط.

لكنّ هذا الردّ قد يدفع بكين إلى رفع الرسوم الجمركية المفروضة مسبقاً رداً على الإجراءات السابقة.

ويوضح مي شينيو الخبير الاقتصادي في الأكاديمية الصينية للتجارة الدولية والتعاون الاقتصادي التابعة للدولة: «ينبغي أن تكون الإجراءات المضادة الصينية معقولة ومفيدة ومدروسة».

وأضاف: «يجب أن تكون قوية ودقيقة مع تجنب تحويل الإجراءات المضادة إلى فك ارتباط بين الصين والولايات المتحدة».

وفرضت الصين الشهر الماضي رسوماً جمركية بنسبة 15 في المائة على واردات الفحم والغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة.

كما تواجه الصادرات الأميركية من النفط الخام والآلات الزراعية والمركبات ذات المحركات الكبيرة وشاحنات البيك أب رسوماً جمركية بنسبة 10 في المائة.

ويقول المحللون إن هذه الإجراءات تهدف إلى ضرب قاعدة دعم ترمب؛ أولئك الذين يقطنون المناطق الريفية في أميركا، والذين صوتوا له العام الماضي.

ودعت بكين إلى الحوار لحل النزاع، لكنّ أي اتفاق سيستغرق وقتاً.

وذكرت بيتي وانغ من أكسفورد إيكونوميكس أنّه «لا تزال هناك فرص أمام الطرفين لاستئناف المحادثات في الأشهر المقبلة، لكنّ التجربة التاريخية تشير إلى أن الرسوم الجمركية عادة ما تكون سريعة الارتفاع وبطيئة الانخفاض».


مقالات ذات صلة

ترمب: الرسوم على الواردات الصينية ستنخفض بشدة بعد التوصل إلى اتفاق

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض 22 أبريل 2025 (رويترز)

ترمب: الرسوم على الواردات الصينية ستنخفض بشدة بعد التوصل إلى اتفاق

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم الثلاثاء إنه في حال عدم موافقة الصين على اتفاق تجاري، فإن الولايات المتحدة ستحدد شروطه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس خلال مؤتمر صحافي في لوكسمبورغ، 14 أبريل 2025 (إ.ب.أ)

كايا كالاس: واشنطن لم تستنفد «أدواتها» للضغط على روسيا

أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن الولايات المتحدة لم تستنفد «أدواتها» للضغط على روسيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الخليج الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يزور السعودية وقطر والإمارات منتصف مايو

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترمب سيزور السعودية خلال الفترة من 13 وحتى 16 مايو المقبل، إلى جانب قطر والإمارات.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مقر المحكمة العليا في واشنطن (أ.ب)

العليا الأميركية تسمح بتمديد موعد نهائي للمهاجرين الراغبين في مغادرة البلاد

قضت المحكمة العليا الأميركية المنقسمة اليوم الثلاثاء بالسماح للمهاجرين الذين يوافقون على مغادرة البلاد بقدر من المرونة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (إ.ب.أ)

«فايننشال تايمز»: بوتين يعرض وقف غزو أوكرانيا للتوصل إلى اتفاق سلام مع ترمب

نقلت صحيفة «فايننشال تايمز»، اليوم الثلاثاء، عن مصادر مطلعة، القول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرض وقف غزوه لأوكرانيا عند خطوط المواجهة الحالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

السعودية تُنشئ غرفة لمعالجة بلاغات الاحتيال المالي

الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)
الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)
TT
20

السعودية تُنشئ غرفة لمعالجة بلاغات الاحتيال المالي

الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)
الأمير محمد بن سلمان مترئساً جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)

وافق مجلس الوزراء السعودي خلال جلسته برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الثلاثاء، على إنشاء غرفة عمليات استقبال ومعالجة بلاغات الاحتيال المالي.

وأشاد النائب العام الشيخ سعود المعجب، بهذا القرار الذي يأتي في إطار جهود السعودية في مكافحة جرائم الاحتيال المالي على جميع الأصعدة الوطنية والدولية وفق أعلى المعايير والممارسات العالمية الرائدة.

وعدَّ القرار خطوة رائدة في مجال مكافحة تلك الجرائم ومواجهتها بكل حزم وقوة، ولضمان فاعلية الإجراءات وسرعتها في تلقي البلاغات ومعالجتها بشكل فوري، بما يحد بشكل كبير من خطورتها، ويُساهم في حرمان الشبكات الاحتيالية والمحتالين من الحصول على تلك الأموال، عبر إيقاع الحجوزات التحفظية الفورية عليها وإعادتها إلى أصحابها، وملاحقة الجناة.

وأشار المعجب إلى أن الغرفة تُمثِّل أداة مهمة في إضفاء الحماية الجزائية المشددة على الأموال والممتلكات، مبيناً أن النيابة العامة ستعمل جنباً إلى جنب معها في مباشرة الإجراءات القضائية الفورية في التصدي للشبكات الاحتيالية، وتعقب الأموال والتحفظ عليها وإعادتها إلى أصحابها، وملاحقة الجناة وتقديمهم إلى العدالة.

وتعدّ السعودية أقل الدول في جرائم الاحتيال المالي التي تزداد وسط توقعات بأن تصل عالمياً إلى 10.5 تريليون دولار هذا العام، بحسب تصريحات لمسؤول بالنيابة العامة نقلتها «وكالة الأنباء السعودية» (واس) منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأكد الدكتور نايف الواكد، رئيس نيابة الاحتيال المالي بالنيابة العامة، عدم تسجيل أي جريمة احتيال ناتجة عن اختراق الأنظمة السيبرانية للبلاد، وإنما نتيجة استغلال الجناة البيانات الشخصية للضحايا، مشدداً على أهمية وعي الأفراد بأساليب المحتالين.

وأوضح أن نيابات الاحتيال المالي تعمل باستمرار على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في جميع مناطق السعودية، لتلقي البلاغات من جهات الضبط الجنائي، عاداً الإبلاغ الفوري للشرطة والبنك خطوة حاسمة لضمان استرداد الأموال المستولى عليها ومنع تحويلها للخارج.

وأفاد الواكد بأن النيابة العامة والجهات الأخرى تقوم بتطوير إجراءات العمل الإجرائي للوصول للعدالة الناجزة في مكافحة جريمة الاحتيال المالي، منوهاً بأن أموال المواطنين والمقيمين تحت الحماية الجزائية المشددة، و«ستظل النيابة العامة تلاحق المحتالين».

وبيّن رئيس نيابة الاحتيال المالي أن الاستثمار السريع والثراء الفوري يعدان من أبرز الأساليب التي يستخدمها المحتالون للإيقاع بالضحايا، محذراً من الانسياق وراء الإعلانات الوهمية.

بدورها، حذَّرت لجنة الإعلام والتوعية المصرفية في «البنوك السعودية»، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من حالات احتيال عبر انتحال صفة مؤسسات خيرية أو أسماء شخصيات عامة أو اعتبارية يدّعي المحتالون من خلالها تقديم مساعدات مالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويوهمون الضحايا بأنهم يمثلون جهات رسمية، باستخدام مستندات وأختام وهمية لإقناعهم بدفع رسوم مالية للحصول على المساعدات.