كيف تهدد الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة مستقبل المستهلك التكنولوجي؟

مخاوف من ارتفاع أسعار الأجهزة وتعطل سلاسل التوريد

TT

كيف تهدد الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة مستقبل المستهلك التكنولوجي؟

تهدد الرسوم الجمركية الجديدة على التكنولوجيا برفع أسعار الأجهزة للمستهلكين بشكل مباشر (رويترز)
تهدد الرسوم الجمركية الجديدة على التكنولوجيا برفع أسعار الأجهزة للمستهلكين بشكل مباشر (رويترز)

بينما تدرس الحكومة الأميركية جولة جديدة من الرسوم الجمركية على الواردات، خصوصاً تلك التي تستهدف قطاع التكنولوجيا، تتزايد المخاوف بين خبراء الصناعة والاقتصاد والمستهلكين. فرغم أن هذه الرسوم تُقدَّم سياسياً كأدوات للقوة الاقتصادية أو أوراق تفاوضية في الحروب التجارية، فإن نتائجها الفعلية غالباً ما تكون أكثر واقعية وأقرب إلى حياة الأفراد بأسعار أعلى وتراجع في توفر الأجهزة وبطء في وتيرة الابتكار.

في قلب هذه الأزمة المحتملة، تقف حقيقة أن معظم الأجهزة الإلكترونية اليوم تُنتج من خلال سلاسل توريد عالمية معقدة. الهواتف الذكية والحواسيب المحمولة والأجهزة اللوحية والساعات الذكية حتى الإكسسوارات مثل السماعات والشواحن، لم تعد تُصنّع بالكامل في بلد واحد. بل تعتمد على شبكة من الموردين عبر آسيا وأوروبا والأميركتين. وعندما تُفرض رسوم على مكونات أساسية، مثل الرقائق الإلكترونية من تايوان، أو شاشات العرض من كوريا الجنوبية، أو البطاريات من الصين، فإن هذه التكاليف لا تؤثر على جزء معين فقط، بل تتضاعف عبر سلسلة الإنتاج لتصل إلى المستهلك النهائي.

ارتفاع الأسعار: الضربة الأولى

أول تأثير ملموس للرسوم الجمركية هو ارتفاع أسعار المنتجات للمستهلك. فعلى عكس الضرائب المحلية، تُفرض الرسوم مباشرة على السلع عند نقطة دخولها، وعادةً ما يتم تحميل هذه التكاليف على المستهلك. وهذا يعني أن أسعار الهواتف الذكية أو الحواسيب المحمولة حتى السماعات اللاسلكية قد ترتفع بشكل ملموس في الفترة المقبلة.

على سبيل المثال، إذا كان هناك حاسوب محمول يُباع بسعر 1000 دولار، وتبلغ قيمة المكونات المستوردة فيه 300 دولار، فإن فرض رسوم بنسبة 25 في المائة يضيف 75 دولاراً إلى تكلفة التصنيع. وبعد إضافة هوامش الربح على طول سلسلة التوزيع، قد ترتفع تكلفة البيع النهائية بـ150 دولاراً أو أكثر. وهكذا، تصبح الأجهزة التكنولوجية أقل قدرة على الوصول لشريحة كبيرة من المستهلكين، ما يزيد من الفجوة الرقمية، في وقت أصبحت فيه التكنولوجيا ضرورة يومية.

ارتفاع التكاليف وعدم استقرار السوق قد يدفع الشركات إلى تقليص الاستثمار في الابتكار (غيتي)

سلاسل التوريد تحت الضغط

بعيداً عن الأسعار، تهدد الرسوم الجمركية بزعزعة استقرار سلاسل التوريد العالمية التي استغرق بناؤها عقوداً من الزمن. إذ اعتمد المصنعون على هذه الشبكات لتحقيق الكفاءة وخفض التكاليف. لكن الحواجز التجارية تجبرهم على إعادة النظر في علاقاتهم مع الموردين وإعادة توجيه الإنتاج نحو بلدان لا تشملها الرسوم. هذه التحولات مكلفة ومعقدة وتتطلب وقتاً وجهداً كبيرين. من إنشاء خطوط إنتاج جديدة، إلى تقييم الموردين الجدد، والتأقلم مع أنظمة تنظيمية مختلفة، كل ذلك يؤدي إلى تأخير في الإمدادات أو نقص في بعض المنتجات أو مشكلات في الجودة. وقد يجد المستهلك نفسه في انتظار طويل لإصدار جهاز جديد أو يواجه نقصاً في المخزون خلال مواسم الشراء المهمة مثل العودة إلى المدارس أو أعياد نهاية السنة.

الابتكار في مهبّ الريح

رغم أن التأثير المباشر يُقاس بالأسعار والتوافر، فإن الخطر الأكبر يكمن في تأثر الابتكار نفسه. إذ قد تتراجع الشركات عن ضخّ الاستثمارات في البحث والتطوير بسبب ارتفاع التكاليف وعدم استقرار البيئة التجارية، وقد تختار التركيز على ترقيات بسيطة للمنتجات الحالية بدلاً من المخاطرة بمشاريع جديدة طموحة. هذا التوجه الحذر قد يُبطئ من وتيرة التقدم التكنولوجي في مجالات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات والواقع المعزز والتكنولوجيا الخضراء. وهو ما ينعكس سلباً على كامل المنظومة التكنولوجية، ويؤخر وصول الابتكارات إلى السوق.

سوق أقل تنوعاً

يعد تقلص خيارات المستهلك من النتائج الأخرى المتوقعة. ففي حال أصبحت التكاليف غير مجدية للمصنعين الأجانب، فقد ينسحب البعض من السوق الأميركية كلياً، خاصة العلامات التجارية الصغيرة ذات الهوامش الضيقة. وبهذا، يفقد المستهلك التنوع في الأسعار والميزات حتى التصميمات، وتصبح السوق مهيمنة من قبل قلة من العلامات الكبرى. هذا النقص في المنافسة قد يقلل من الحافز لدى الشركات الكبرى لتقديم الابتكارات أو تخفيض الأسعار، ويضع المستهلك أمام خيارات محدودة لا تعبّر بالضرورة عن احتياجاته أو رغباته.

مخاوف من تقلص خيارات المستهلك في السوق الأميركية مع انسحاب بعض العلامات التجارية الدولية (شاترستوك)

تصعيد عالمي محتمل

الرسوم الجمركية لا تتوقف آثارها عند حدود دولة واحدة، بل قد تُشعل سلسلة من الإجراءات الارتدادية من قبل دول أخرى. وقد أعربت الصين وبعض دول الاتحاد الأوروبي عن استعدادها للردّ بالمثل على أي رسوم أميركية جديدة، ما يهدد باندلاع حروب تجارية شاملة. وأيضاً الضرر لن يقتصر على الإلكترونيات، بل قد يشمل قطاعات أخرى مثل السيارات والأغذية والملابس حتى الأدوية. ما يضع المستهلك الأميركي في مواجهة ارتفاع واسع النطاق في تكاليف المعيشة.

التضخم والضغوط الاقتصادية

يحذر الاقتصاديون من أن الرسوم قد تسهم في ارتفاع التضخم، ما يُضعف القوة الشرائية للمواطن ويهدد استقرار الاقتصاد. وقد تُجبر هذه الضغوط مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على رفع أسعار الفائدة، ما يجعل القروض والسكن والتمويل أكثر تكلفة، ويؤثر سلباً على النمو الاقتصادي. وبذلك قد تؤدي سياسات يُفترض أنها تحمي الاقتصاد المحلي إلى نتائج عكسية تمس الحياة اليومية للمواطن. هناك من يرى هذه الرسوم الجمركية مجرد ورقة ضغط لإعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية وتقليل الاعتماد على دول بعينها. لكن هناك من يخشى أنها قد تؤدي إلى اضطراب واسع في الأسواق، وتتجاهل واقع الترابط الاقتصادي العالمي.

ما هو مؤكد أن نتائج هذه السياسات ستطول كل مستخدم للتكنولوجيا، من الهاتف الذي نحمله، إلى الحاسوب الذي نعمل عليه. ومع كل قرار يُتخذ على طاولة السياسة، هناك «مستخدم نهائي» يتأثر، سواء شعر بذلك فوراً أم لاحقاً.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تعيد رفع منسوب التحذير من «تهديد وجودي» إيراني

شؤون إقليمية تفعيل دفاعات إسرائيلية لاعتراض صواريخ إيرانية في سماء تل أبيب يوم 22 يونيو الماضي (أ.ف.ب)

إسرائيل تعيد رفع منسوب التحذير من «تهديد وجودي» إيراني

عادت القيادات السياسية والعسكرية تتحدث عن قلق شديد وشعور بالخطر الوجودي من النشاط الإيراني المتجدد لشراء وإنتاج الصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ المدمرة الأميركية «يو إس إس توماس هودنر» (DDG-116) المزودة بصواريخ موجهة تغادر ميناء بونسي في بورتوريكو وسط تحركات عسكرية مستمرة... وذلك في 20 ديسمبر 2025 (رويترز) play-circle

هل تنجح ضغوط ترمب الاقتصادية في دفع مادورو للتخلي عن السلطة؟

نفذت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديداتها واحتجزت ناقلة نفط ثانية قبالة سواحل فنزويلا في ضربة جديدة لنظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لدفعه للتنحي.

هبة القدسي
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يستعد لتوسيع حملته على الهجرة في 2026

يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتوسيع حملته على المهاجرين في عام 2026، بإضافة تمويلات جديدة تصل إلى مليارات الدولارات، وتتضمن مداهمة مزيد من مواقع العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» مارك روته (إ.ب.أ)

أمين عام «الناتو»: ترمب الوحيد القادر على إجبار بوتين على إبرام اتفاق سلام

أشارت تقديرات مارك روته، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلى أن الحلف بمقدوره الاعتماد على الولايات المتحدة في حال الطوارئ.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي القبض على أحد عناصر «خلية داعش» في داريا بريف دمشق (سانا)

عملية أمنية تستهدف وكراً لتنظيم «داعش» في داريا بريف دمشق

فكَّك الأمن الداخلي السوري خلية إرهابية تابعة لتنظيم «داعش»، وألقى القبض على أفرادها، وذلك خلال عملية أمنية محكمة في منطقة داريا بريف دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ماذا نعرف عن «الاقتران الخفي» أحدث طرق الاحتيال عبر «واتساب»؟

تبدأ العملية الاحتيالية برسالة من جهة اتصال موثوقة (رويترز)
تبدأ العملية الاحتيالية برسالة من جهة اتصال موثوقة (رويترز)
TT

ماذا نعرف عن «الاقتران الخفي» أحدث طرق الاحتيال عبر «واتساب»؟

تبدأ العملية الاحتيالية برسالة من جهة اتصال موثوقة (رويترز)
تبدأ العملية الاحتيالية برسالة من جهة اتصال موثوقة (رويترز)

تنتشر حالياً عملية احتيال جديدة ومتطورة تستهدف مستخدمي تطبيق «واتساب»، وتُعرف هذه العملية باسم «الاقتران الخفي» أو (Ghost Pairing)، وهي حيلة تُمكّن المُحتال من السيطرة على حساب «واتساب» الخاص بالضحية دون الحاجة إلى اختراق كلمة المرور أو اعتراض الرسائل.

بدلاً من ذلك، تعتمد هذه العملية على أساليب «الهندسة الاجتماعية»، حيث يتم خداع المستخدمين لحملهم على منح الوصول إلى حساباتهم للمحتالين. ويُحذّر خبراء الأمن السيبراني من مخاطر هذه العملية، التي تنتشر عبر جهات الاتصال الموثوقة، مما يجعلها «خبيثة للغاية»، وفق ما ذكره موقع «صوت المراقب» أو (observer voice).

فهم عملية «الاقتران الخفي»

تبدأ العملية عادةً برسالة تبدو بريئة من جهة اتصال موثوقة. قد يتلقى الضحايا رسالة نصية تقول: «مرحباً، هل هذا أنت في هذه الصورة؟» أو «لقد وجدت صورتك للتو»، مصحوبة برابط يبدو أنه يؤدي إلى منشور مألوف على وسائل التواصل الاجتماعي.

عند النقر على الرابط، يتم توجيه المستخدمين إلى صفحة ويب زائفة مصممة لتقليد موقع شرعي. تطلب هذه الصفحة منهم «التحقق» من هويتهم لعرض المحتوى، مما يُفعّل بدء عملية الاقتران أو الربط مع الجهاز المُستخدم من خلاله تطبيق «واتساب».

وخلال هذه العملية، يُطلب من المستخدمين إدخال رقم جوالهم، يلي ذلك توليد رمز رقمي للربط. ثم تُوجّه الصفحة الاحتيالية الضحية لإدخال هذا الرمز في واتساب، مُخفيةً إياه كأنه «إجراء أمني».

بذلك، تربط الضحية دون علمها جهاز المُهاجِم بحسابها. وبمجرد الربط، يحصل المُهاجم على وصول كامل إلى حساب «واتساب» الخاص بالضحية، مما يسمح له بقراءة الرسائل، وتنزيل الوسائط، وإرسال الرسائل دون علم الضحية.

الانتشار السريع للعملية الاحتيالية

يُعدّ الاحتيال عبر «الاقتران الخفي» خطيراً للغاية نظراً لاعتماده على الثقة. فبمجرد اختراق حساب، يستطيع المهاجمون استخدامه لإرسال روابط خبيثة إلى جهات اتصال الضحية ومجموعات الدردشة.

ولأن هذه الرسائل تأتي من مصادر مألوفة، يزداد احتمال نقر المستلمين عليها، مما يُسهّل انتشار عملية الاحتيال بسرعة دون الحاجة إلى رسائل بريد إلكتروني عشوائية أو علامات تحذيرية واضحة.

ووفق موقع «صوت المراقب»، فقد رُصدت هذه العملية في البداية في أجزاء من أوروبا، لكن الخبراء يُحذّرون من أنها لا تقتصر على منطقة مُحدّدة، بل يُمكن أن تستهدف أي مُستخدم لتطبيق «واتساب» في العالم.

ويُعزّز جانب «الهندسة الاجتماعية» في العملية من فاعليتها. إذ يستغل المحتالون ثقة المستخدمين في جهات اتصالهم وشعورهم بالأمان تجاههم، وهو ما يُشجّع الضحايا على التفاعل أكثر مع عملية الاحتيال.

وتتميز عملية الاحتيال عبر «الاقتران الخفي» عن غيرها من عمليات الاحتيال بأنها لا تعتمد على استغلال ثغرات التطبيقات أو إضعاف التشفير. وتُسلط العملية الضوء على اتجاه مُقلق في التهديدات الرقمية، حيث يُركز المُهاجمون على استغلال السلوك البشري بدلاً من نقاط الضعف التقنية.

كيف تحمي نفسك؟

للحماية من عملية «الاقتران الخفي»، يجب على المستخدمين إعطاء الأولوية للوعي بالحلول التقنية. ويُعدّ التحقق المنتظم من قائمة «الأجهزة المرتبطة» في «واتساب» أمراً بالغ الأهمية، حيث يُمكّن المستخدمين من تحديد أي أجهزة غير مألوفة وإزالتها، كما يجب التعامل بحذر مع أي طلبات لإدخال رموز اقتران أو التحقق من الهوية عبر مواقع ويب خارجية.

ويُمكن أن يُوفّر تفعيل «التحقق بخطوتين» أو (Two-step verification) طبقة إضافية من الأمان. كما يجب على المستخدمين توخي الحذر من الرسائل غير المتوقعة، حتى من جهات الاتصال المعروفة، والتحقق من صحتها قبل النقر على أي روابط.


«تسلا» تعرض الروبوت الشبيه بالبشر «أوبتيموس» في برلين

 «أوبتيموس» (أ.ب)
«أوبتيموس» (أ.ب)
TT

«تسلا» تعرض الروبوت الشبيه بالبشر «أوبتيموس» في برلين

 «أوبتيموس» (أ.ب)
«أوبتيموس» (أ.ب)

كشفت شركة «تسلا»، السبت، عن روبوتها الشبيه بالبشر المُسمى «أوبتيموس» أمام الجمهور في العاصمة الألمانية برلين.

وقام الروبوت بتوزيع الفشار في سوق لعيد الميلاد بمركز التسوق «إل بي 12»، المعروف أيضاً باسم «مول برلين»؛ حيث كان يلتقط علب الفشار الصغيرة ويملؤها، ثم يقدمها للزوار.

وتشكل طابور طويل أمام المنصة. وكما الحال في عروض مماثلة أخرى قدمتها «تسلا»، ظل من غير الواضح إلى أي مدى كان «أوبتيموس» يعمل بشكل ذاتي، أو ما إذا كان خاضعاً للتحكم عن بُعد جزئياً على الأقل.

«أوبتيموس» (أ.ب)

وفي الوقت الذي يتوقع فيه أن تتراجع مبيعات سيارات «تسلا» الكهربائية مرة أخرى هذا العام، أعلن الرئيس التنفيذي للشركة إيلون ماسك أن مستقبل «تسلا» يكمن في سيارات الأجرة ذاتية القيادة «الروبوتاكسي»، والروبوتات الشبيهة بالبشر.

كما توقّع ماسك أن يفوق عدد الروبوتات عدد البشر في العالم مستقبلاً، مشيراً إلى أن السيارات ذاتية القيادة والروبوتات ستفضي إلى «عالم بلا فقر»، يتمتع فيه الجميع بإمكانية الوصول إلى أفضل رعاية طبية. وأضاف قائلاً: «سيكون (أوبتيموس) جراحاً مذهلًا».

وأوضح ماسك أنه يأمل في بدء إنتاج هذه الروبوتات بحلول نهاية العام المقبل.

وحسب تقارير إعلامية، يتم التحكم في بعض هذه الروبوتات عن بُعد خلال مثل هذه العروض. وأثار مقطع فيديو ضجة على الإنترنت مؤخراً، يظهر فيه روبوت «أوبتيموس» وهو يسقط إلى الخلف مثل لوح مسطح خلال فعالية في مدينة ميامي.

وقبل أن يسقط يرفع الروبوت ذراعيه الاثنتين إلى رأسه، في حركة توحي بأن الشخص الذي كان يتحكم فيه عن بُعد قد نزع نظارة ثلاثية الأبعاد. ولم تعلق «تسلا» على ذلك.


خبراء يحذِّرون: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ

يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
TT

خبراء يحذِّرون: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ

يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)
يورينا نوغوتشي البالغة من العمر 32 عاماً تتحدث مع كلاوس شريكها في الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق «شات جي بي تي» خلال تناول العشاء في منزلها بطوكيو (رويترز)

أفاد تقرير بأن تفويض بعض المهام إلى الذكاء الاصطناعي يقلل من نشاط الدماغ؛ بل وقد يضر بمهارات التفكير النقدي وحل المشكلات.

في وقت سابق من هذا العام، نشر «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT) دراسة أظهرت أن الأشخاص الذين استخدموا برنامج «شات جي بي تي» لكتابة المقالات أظهروا نشاطاً أقل في شبكات الدماغ المرتبطة بالمعالجة المعرفية في أثناء قيامهم بذلك.

لم يتمكن هؤلاء الأشخاص أيضاً من الاستشهاد بمقالاتهم بسهولة، كما فعل المشاركون في الدراسة الذين لم يستخدموا روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي. وقال الباحثون إن دراستهم أظهرت «أهمية استكشاف احتمال انخفاض مهارات التعلم».

تم اختيار جميع المشاركين الـ54 من «معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا» (MIT) والجامعات المجاورة. وسُجِّل نشاط أدمغتهم باستخدام تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، الذي يتضمن وضع أقطاب كهربائية على فروة الرأس.

وتضمنت بعض التوجيهات التي استخدمها المشاركون طلب المساعدة من الذكاء الاصطناعي لتلخيص أسئلة المقالات، والبحث عن المصادر، وتحسين القواعد والأسلوب.

كما استُخدم الذكاء الاصطناعي لتوليد الأفكار والتعبير عنها، ولكن بعض المستخدمين شعروا بأنه لم يكن بارعاً في ذلك.

انخفاض التفكير النقدي

وفي دراسة منفصلة، ​​وجدت جامعة «كارنيجي ميلون» و«مايكروسوفت» التي تُشغّل برنامج «Copilot»، أن مهارات حل المشكلات لدى الأفراد قد تتضاءل إذا ما اعتمدوا بشكل مفرط على الذكاء الاصطناعي.

واستطلعت الدراسة آراء 319 موظفاً من ذوي الياقات البيضاء ممن يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي في وظائفهم مرة واحدة على الأقل أسبوعياً، حول كيفية تطبيقهم للتفكير النقدي عند استخدامها.

ودرس الباحثون 900 مثال لمهام مُسندة إلى الذكاء الاصطناعي، تتراوح بين تحليل البيانات لاستخلاص رؤى جديدة والتحقق من استيفاء العمل لقواعد مُحددة.

وخلصت الدراسة إلى أن ارتفاع مستوى الثقة في قدرة الأداة على أداء مهمة ما يرتبط بـ«انخفاض مستوى التفكير النقدي»، وذكرت الدراسة أن «مع أن الذكاء الاصطناعي من الجيل الجديد يُمكن أن يُحسِّن كفاءة العاملين، فإنه قد يُعيق التفاعل النقدي مع العمل، وقد يُؤدي إلى اعتماد مُفرط طويل الأمد على الأداة، وتراجع مهارات حل المشكلات بشكل مستقل».

كما أُجري استطلاع رأي مماثل على طلاب المدارس في المملكة المتحدة، نُشر في أكتوبر (تشرين الأول) من قِبل مطبعة جامعة أكسفورد. وأظهر أن 6 من كل 10 أشخاص شعروا بأن الذكاء الاصطناعي قد أثر سلباً على مهاراتهم الدراسية.

وقد وجدت دراسة أجرتها كلية الطب بجامعة هارفارد ونُشرت العام الماضي، أن مساعدة الذكاء الاصطناعي حسَّنت أداء بعض الأطباء، ولكنها أضرَّت بأداء آخرين لأسباب لم يفهمها الباحثون تماماً.

معلم خصوصي لا مقدم للإجابات

تقول جاينا ديفاني التي تقود التعليم الدولي في شركة «أوبن إيه آي» -الشركة التي تمتلك «شات جي بي تي»- والتي ساعدت في تأمين الدراسة مع جامعة أكسفورد، إن الشركة «تدرك تماماً هذا النقاش في الوقت الحالي».

وتقول لـ«بي بي سي»: «لا نعتقد قطعاً أن على الطلاب استخدام (شات جي بي تي) لتفويض المهام الدراسية». وترى أنه من الأفضل استخدامه كمعلمٍ خصوصي لا مجرد مُقدّمٍ للإجابات.