مستقبل الذكاء الاصطناعي: الأمم المتحدة تحذر من تأثيراته الاجتماعية

سياسات عمل استباقية لدرء انحسار نحو 40 % من الوظائف العالمية

تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2025
تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2025
TT
20

مستقبل الذكاء الاصطناعي: الأمم المتحدة تحذر من تأثيراته الاجتماعية

تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2025
تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2025

من المتوقع أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي إلى 4.8 تريليون دولار - أي ما يُعادل حجم الاقتصاد الألماني تقريباً - إلا أن فوائده لا تزال مُركزة للغاية.

انطلاقة الذكاء الاصطناعي وتخلف الدول النامية

وذكر تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2025 «Technology and Innovation Report 2025» الصادر عن «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية» (الأونكتاد) في جنيف، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن أقل من ثلث الدول النامية لديها استراتيجيات للذكاء الاصطناعي، بينما تفتقر 118 دولة إلى التمثيل في حوكمة الذكاء الاصطناعي، مما يُحد من الشمولية العالمية.

لذا يجب على الاقتصادات النامية الاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وبياناته ومهاراته لتسخير كامل إمكاناته.

الذكاء الاصطناعي والتحولات الاقتصادية

يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولات في الاقتصادات، ويخلق فرصاً، ولكنه يُشكل أيضاً مخاطر تفاقم عدم المساواة. ويُحذر التقرير من أنه على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يكون أداة قوية للتقدم، فإنه ليس شاملاً بطبيعته. وينبغي على الدول التحرك فوراً - من خلال الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وبناء القدرات، وتعزيز حوكمة الذكاء الاصطناعي - لتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة.

من المتوقع أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي إلى 4.8 تريليون دولار أمريكي
من المتوقع أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي إلى 4.8 تريليون دولار أمريكي

الإنسان محور التطويرات

وأكدت ريبيكا غرينسبان، الأمينة العامة لـ«الأونكتاد»، على أهمية ضمان أن يكون الإنسان محور تطوير الذكاء الاصطناعي، داعيةً إلى تعاون دولي أقوى «لتحويل التركيز من التكنولوجيا إلى الإنسان، وتمكين الدول من المشاركة في إنشاء إطار عالمي للذكاء الاصطناعي».

4.8 تريليون دولار عام 2033

إن الفوائد الاقتصادية للذكاء الاصطناعي هائلة، ولكن يجب تقاسمها.

ومن المتوقع أن تصل القيمة السوقية للذكاء الاصطناعي إلى 4.8 تريليون دولار بحلول عام 2033، ليصبح قوة بارزة في التحول الرقمي. ومع ذلك، لا يزال الوصول إلى البنية التحتية والخبرة في مجال الذكاء الاصطناعي متركزاً في عدد قليل من الاقتصادات.

100 شركة الأكبر عالمياً

وتحتل 100 شركة فقط، معظمها في الولايات المتحدة والصين، الصدارة بتمويل 40 في المائة من الإنفاق العالمي على البحث والتطوير للشركات. وتبلغ القيمة السوقية لكل من شركات التكنولوجيا العملاقة الرائدة، مثل «أبل» و«إنفيديا» و«مايكروسوفت»، نحو 3 تريليونات دولار، وهو ما ينافس الناتج المحلي الإجمالي للقارة الأفريقية بأكملها.

وقد تؤدي الهيمنة على السوق، على المستويين الوطني ومستوى الشركات، إلى توسيع الفجوات التكنولوجية، ما يعرض العديد من الدول النامية لخطر فقدان فوائدها.

الاستثمار في المهارات

ويعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الوظائف، لذا فإن الاستثمار في المهارات أمر بالغ الأهمية. يمكن أن يؤثر الذكاء الاصطناعي على 40 في المائة من الوظائف حول العالم، مما يُحقق مكاسب في الإنتاجية، ولكنه يُثير أيضاً مخاوف بشأن الأتمتة واستبدال الوظائف.

وغالباً ما تُفضّل فوائد الأتمتة المُعتمدة على الذكاء الاصطناعي رأس المال على العمالة، مما قد يُوسّع فجوة التفاوت ويُقلّل من الميزة التنافسية للعمالة منخفضة التكلفة في الاقتصادات النامية.

ومع ذلك، لا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على استبدال الوظائف فحسب، بل يُمكنه أيضاً إنشاء صناعات جديدة وتمكين العمال. ويُعدّ الاستثمار في إعادة تأهيل المهارات وتطويرها وتكييف القوى العاملة أمراً ضرورياً لضمان تعزيز الذكاء الاصطناعي لفرص العمل بدلاً من القضاء عليها.

سياسات فعالة للذكاء الاصطناعي

ويعدُّ الذكاء الاصطناعي عنصراً أساسياً في السياسات الصناعية وسياسات الابتكار الحديثة. إذ إنه يُعيد تعريف الفرص الاقتصادية، ويضع التكنولوجيا والابتكار والخدمات كثيفة المعرفة في صميم استراتيجيات التنمية الوطنية.

لوضع سياسات فعّالة للذكاء الاصطناعي، ينبغي على الدول مراعاة ثلاث نقاط قوة رئيسية: البنية التحتية، والبيانات، والمهارات. وستحدد المواقع الاستراتيجية في هذه المجالات مدى قدرة الدول على تبني الذكاء الاصطناعي بفعالية، وتعزيز الابتكار المحلي، ومواءمة تطويره مع احتياجاتها الاجتماعية والاقتصادية. ويقدم «الأونكتاد» الخبرة لمساعدة الدول النامية على تقييم نقاط قوتها وتصميم سياسات تُسهم في بناء أنظمة ابتكار مرنة.

حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية

يجب أن تكون حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية شاملة. إذ يُشكل الذكاء الاصطناعي مستقبل العالم الاقتصادي، ومع ذلك، فإن 118 دولة - معظمها في دول الجنوب - غائبة عن المناقشات الرئيسية حول حوكمة الذكاء الاصطناعي.

ومع تبلور لوائح الذكاء الاصطناعي والأطر الأخلاقية، يجب أن يكون للدول النامية دور فاعل لضمان خدمة الذكاء الاصطناعي للتقدم العالمي، وليس فقط لمصالح قلة قليلة. يمكن للتعاون الدولي الأقوى أن يُنشئ إطار عمل عالمي للذكاء الاصطناعي يُعطي الأولوية للإنصاف والشفافية والمنافع المشتركة.

خطة عمل لتطوير شامل للذكاء الاصطناعي

ويقدم تقرير «الأونكتاد» خريطة طريق لضمان أن يُسهم الذكاء الاصطناعي في دفع عجلة النمو الشامل بدلاً من تعميق الانقسامات. وتشمل التوصيات السياسية الرئيسية للمجتمع الدولي ما يلي:

الالتزام بقطاع الذكاء الاصطناعي: على غرار إطار العمل البيئي والاجتماعي والحوكمة environmental, social, and governance framework (ESG)، يُمكن لآلية شفافية مماثلة للذكاء الاصطناعي أن تُحسّن المساءلة، وتُترجم الالتزامات العالمية إلى نتائج مؤثرة.

البنية التحتية المشتركة: يُمكن لمرفق عالمي مُشترك أن يُوفر وصولاً عادلاً إلى البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

ابتكار مفتوح وبناء القدرات

الابتكار المفتوح: يُمكن لنماذج مثل البيانات المفتوحة والمصادر المفتوحة أن تُضفي طابعاً ديمقراطياً على المعرفة والموارد، مما يُعزز الابتكار الشامل للذكاء الاصطناعي. كما يُمكن لتنسيق موارد الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، القيّمة ولكن المُجزأة، أن يُعزز إمكانية الوصول إليها ويُعزز التعاون العالمي.

بناء القدرات: يُمكن لمبادرات تبادل معارف وموارد الذكاء الاصطناعي، وخاصةً التعاون فيما بين بلدان الجنوب، أن تُعزز قدرة البلدان النامية على الاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي ومواجهة التحديات المشتركة.

الذكاء الاصطناعي والتقدم العالمي - حان وقت العمل

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون مُحفزاً للتقدم والابتكار والازدهار المُشترك - ولكن فقط إذا ساهمت البلدان بفعالية في تشكيل مساره. هذا يعني تحويل التركيز من التكنولوجيا إلى الإنسان، ووضعه في صميم تطوير الذكاء الاصطناعي. أما الاستثمارات الاستراتيجية، والحوكمة الشاملة، والتعاون الدولي، فهي عوامل أساسية لضمان استفادة الجميع من الذكاء الاصطناعي، بدلاً من تعميق الانقسامات القائمة.

وتجدر الإشارة إلى أن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) يكرس جهوده لتعزيز التنمية الشاملة والمستدامة من خلال التجارة والاستثمار لتحقيق الرخاء.


مقالات ذات صلة

«من فضلك» و«شكراً»... التعامل بلباقة مع «تشات جي بي» يُكلّف الشركة ملايين الدولارات

تكنولوجيا شعار تطبيق «تشات جي بي تي» يظهر على شاشة هاتف جوال (د.ب.أ)

«من فضلك» و«شكراً»... التعامل بلباقة مع «تشات جي بي» يُكلّف الشركة ملايين الدولارات

اعترف سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، بأن المجاملات البسيطة، مثل قول: «من فضلك» و«شكراً» لروبوت «تشات جي بي تي» التابع لشركته، مكلفة بشكل ضخم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا التطبيقات قد تستخدم صور الوجه في تقنيات التعرف البيومتري دون علم المستخدمين (كاسبرسكي)

احذر قبل المشاركة... تريندات «دُمَى الذكاء الاصطناعي» متعة أم تهديد للخصوصية؟

تحذِّر «كاسبرسكي» من مخاطر مشاركة الصور والمعلومات الشخصية عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي الترفيهي، لما قد تسببه من انتهاك للخصوصية وسرقة الهوية.

نسيم رمضان (سان فرنسيسكو - الولايات المتحدة)
تكنولوجيا رافق الروبوتات مدربون من البشر وكان على بعضهم دعم الآلات جسدياً أثناء السباق (رويترز) play-circle

عبر الروبوتات والمسيّرات... الذكاء الاصطناعي يعيد رسم ملامح الحياة اليومية في الصين

الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد خطوط برمجية غير مرئية، بل صار يتجسد في آلات تسير، تطهو، تراقب وتغني -مرحباً بمرحلة «الذكاء الاصطناعي المجسّد».

الاقتصاد تظهر صفحة بحث «غوغل» من خلال عدسة مكبرة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

وزارة العدل الأميركية تقاضي «غوغل» لإجبارها على بيع متصفح «كروم»

تواجه شركة «غوغل»، التابعة لشركة «ألفابت»، محاكمة تاريخية يوم الاثنين، حيث تسعى وزارة العدل الأميركية إلى إجبار عملاق التكنولوجيا على بيع متصفح «كروم».

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا )
خاص الرؤية المستقبلية لـ«غوغل» ترتكز على تعدد الوسائط وتعاون العوامل الذكية وديمقراطية بناء حلول الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)

خاص ما بعد النماذج الضخمة... «غوغل» تمهّد لعصر الذكاء التعاوني متعدد الوسائط

«غوغل» تكشف في «كلاود نكست 2025» عن تحول الذكاء الاصطناعي من النماذج إلى الإنتاج، مؤكدة أن العوامل الذكية تقود مستقبل الأعمال والابتكار.

نسيم رمضان (لاس فيغاس)

التوتر «الجيد» والتوتر «السيئ»... كيف نميّز بينهما؟

التوتر «الجيد» والتوتر «السيئ»... كيف نميّز بينهما؟
TT
20

التوتر «الجيد» والتوتر «السيئ»... كيف نميّز بينهما؟

التوتر «الجيد» والتوتر «السيئ»... كيف نميّز بينهما؟

سواء كنتَ على دراية بأعمال الفيلسوف فريدريك نيتشه أو كنت من معجبي المغنية كيلي كلاركسون، فربما سمعت على الأرجح عبارة «ما لا يقتلك يجعلك أقوى What doesn’t kill you makes you stronger». وعلى الرغم من أن هذه العبارة تبدو كأنها تشجيع على المثابرة في الأوقات الصعبة، فإنها صحيحة علمياً أيضاً، كما يقول جيف كراسنو، مؤلّف كتاب «التوتر الجيد»: «الفوائد الصحية للقيام بالأشياء الصعبة».

التوتر الجيد: التحديات تعزز المرونة والرفاهية

يقول كراسنو: «إن التوتر، سواء كان ناتجاً عن تحديات جسدية مثل الغطس في حمامات الثلج أو الضغوط النفسية مثل تلك التي تحصل في أثناء المحادثات الصعبة، يعزز المرونة والرفاهية على المدى الطويل. المفتاح في ذلك يكمن في التفريق بين التوتر الجيد والتوتر السيئ واستخدام الأول لصالحك». لفهم الفرق بين التوتر الجيد والسيئ، يقدم كراسنو هذا المثال: «إذا كنت تتنزه سيراً على الأقدام وصادفت أفعى مجلجلة على الطريق، فمن المحتمل أن يكون لديك استجابة للتوتر الناشئ تلبي الضرورة البيولوجية للبقاء على قيد الحياة». ويقول: «المشكلة في التوتر المعاصر بالنسبة إلى الكثير من الناس هي أن الأفعى المجلجلة لا تفارق الطريق أبداً».

التوتر السيئ مقابل التوتر الجيد

يعيش كثير منَّا في حالة من «الاِحْتِداد المزمن» الذي يشمل المشقة الشخصية، والإرهاق في العمل، والصدمات السابقة، ووسائل التواصل الاجتماعي التي تعمل على مدار 24 ساعة المصممة لإبقاء الناس في حالة من اختطاف اللوزة الدماغية.

يقول كراسنو: «نحن نعيش في اقتصاد قائم على جذب الانتباه، حيث يتنافس الجميع على خطف تركيزك في كل لحظة من خلال مستويات متزايدة من الإثارة والفضائح والخوف والغضب. وهذا يُبقي الناس في حالة من التوتر المزمن، وهذا في الحقيقة الوقت الذي يكون فيه التوتر سيئاً حقاً».

التوتر الجيد نابع من مشقّات الأسلاف

من ناحية أخرى، ينبع التوتر الجيد من المضايقات التي عانى منها أسلافنا. يقول كراسنو: «لقد تطورنا على مدى مئات الآلاف من السنين كإنسان عاقل بعلاقة مع التوتر في العصر الحجري القديم، مثل ندرة السعرات الحرارية، والتقلبات في درجات الحرارة، والانغماس في الطبيعة، والعيش المشترك، والتعرض للضوء». ثم يضيف فيقول: «لقد شكلت آليات التكيف مع هذه الأشكال من التوتر مسارات فسيولوجية في الجسم عززت طول العمر والقدرة على الصمود». ويقول كراسنو إن المشكلة تكمن في أننا جرَّدنا الحياة من أغلب مسببات التوتر والضغوط التي كانت سائدة في العصر الحجري القديم. على سبيل المثال، لدى الكثير منّا إمدادات لا نهائية من السعرات الحرارية تحت تصرفنا. ونقضي معظم أوقاتنا في حالة من الخمول بصفة عامة داخل بيئات منظمة لدرجة الحرارة، بعيداً عن الطبيعة. ونعتمد على الإضاءة الاصطناعية، مما قد يؤثر على النوم».

عواقب التخلص من التوتر الجيد

إن التخلص من التوتر الجيد لصالح الراحة كانت له عواقب، ويقول كراسنو إن الانتشار المتزايد للأمراض المزمنة ناتج عن السهولة والراحة المزمنة. ويضيف: «لقد خدعنا أنفسنا بالاعتقاد أننا نستطيع الوجود كأفراد منفصلين في منازلنا ذات الأسرّة الواحدة، ونطلب احتياجاتنا من الخدمات طوال اليوم». ثم تابع يقول: «منذ الثورة الصناعية، التي تسارعت وتيرتها بشكل خاص في السنوات الخمسين الماضية، صممنا نمط حياتنا من أجل مزيد من الراحة والسهولة والرفاهية».

استحداث التوتر الجيد

وازِنْ التوتر السيئ بإدخال التوتر الجيد بالقدر المناسب. قال الطبيب السويسري باراسيلسوس في أوائل القرن السادس عشر: «الجرعة وحدها هي التي تسبب قوة السم». ويقول كراسنو إن الجرعة الصحيحة من الانزعاج الذي يفرضه المرء على نفسه، مثل الأنشطة الشاقة وتنظيم درجة الحرارة، يمكن أن تجعلك أقوى. ولكن من المهم أن تبدأ ببطء». ويضيف كراسنو: «لا أنصح أبداً أي شخص لم يسبق له أن غطس في الثلج من قبل أن يدخل حماماً ثلجياً لأول مرة. ادخل في حمام ثلج بدرجة قليلة لترى كيف يكون شعورك. ابحث عن حدود الانزعاج الذي تشعر به وانغمس فيه وكن فضولياً بشأن ما يوجد على الجانب الآخر منه، لأنه أمر جيد للغاية بشكل عام».

استحداث التوتر الاجتماعي

ويدعو كراسنو أيضاً إلى الميل إلى التوتر الاجتماعي، ويقول: «أسميه الغوص في الحمام الثلجي للمحادثات الصعبة والمجهدة، وأن نصبح أكثر ارتياحاً حيال انزعاجنا ولو بدرجة بسيطة، حتى نتمكن من التخلص من الكثير من العلل».

وبصفته مقدم بودكاست «كوميون»، حيث يتحدث عن الصحة والعافية، يصادف كراسنو بانتظام أشخاصاً لا يتفقون مع وجهات نظره، ويرسلون إليه رسائل إلكترونية أو يعلقون على منشوراته. وبدلاً من تجاهلهم أو عدم موافقتهم علناً، يدعوهم إلى المشاركة في مكالمة عبر تطبيق «زووم». وأغلبهم يتهرب منه، لكن بعضهم يقبل المكالمة. لقد تمكن من خلق بيئة آمنة، وتصرف بأدب جم وانفتاح وفضول.

الانزعاج.. عن طريق الانفتاح الذهني

يقول كراسنو: «نحن نبني جهازنا المناعي الفسيولوجي من خلال التعرض منخفض الدرجة لمسببات الأمراض والفيروسات والبكتيريا. وقد تمكنت من خلال إجراء هذه المحادثات من بناء ما أسميه جهاز المناعة النفسي».

وبالإضافة إلى ذلك، كما يقول، فإنها تمرين على التواصل والاستماع النشط والانفتاح الذهني، وأتاحت فرصة للنمو الشخصي. ويوضح قائلاً: «لقد عززت آرائي الخاصة، لأنني اضطررت وللمرة الأولى إلى التفكير في أفضل جوانب الرأي المعارض».

يحصر الناس أنفسهم داخل القصة التي يروونها لأنفسهم عن أنفسهم، لكن كراسنو يقول إن التغيير ممكن إذا كنت على استعداد للميل إلى عدم الراحة.

ويضيف: «بمجرد أن تدرك بالفعل عدم الاستمرارية لديك، يمكنك أن تتحكم في مسار حياتك، وأنَّ تقبُّل الانزعاج سوف يُغيّر مسار حياتك. فالبشر مجرد عملية وليسوا منتجاً. نحن نتحرك بشكل ديناميكي عبر هذا الطيف من الكمال إلى المرض والكوارث. ويمكنك كذلك التحرك نحو الكمال كعملية أيضاً. فلديك القدرة على التحكم في مسار تلك الرحلة».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».