إسرائيل تضغط استباقاً لعودة أورتاغوس لاستدراج لبنان لمفاوضات دبلوماسية

مصادر تسأل حول صحة عجزها عن منع إطلاق الصواريخ على أراضيها

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال الاجتماع مع مورغان أورتاغوس والوفد المرافق لها في قصر بعبدا (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال الاجتماع مع مورغان أورتاغوس والوفد المرافق لها في قصر بعبدا (أ.ف.ب)
TT
20

إسرائيل تضغط استباقاً لعودة أورتاغوس لاستدراج لبنان لمفاوضات دبلوماسية

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال الاجتماع مع مورغان أورتاغوس والوفد المرافق لها في قصر بعبدا (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال الاجتماع مع مورغان أورتاغوس والوفد المرافق لها في قصر بعبدا (أ.ف.ب)

الجديد في ردّ إسرائيل على إطلاق صاروخين «مجهولي الهوية»، يكمن في أنه يتلازم مع استعداد نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط مورغن أورتاغوس للعودة إلى بيروت، في زيارة ثانية تتطلع من خلالها لإقناع لبنان الرسمي بضرورة الدخول في مفاوضات دبلوماسية مع تل أبيب، عبر تشكيل 3 مجموعات عمل تأخذ على عاتقها إطلاق الأسرى اللبنانيين لديها، وتأمين انسحابها من النقاط التي ما زالت تحتلها، وترسيم الحدود بين البلدين طبقاً لما نصت عليه اتفاقية الهدنة الموقعة عام 1949.

لبناني يعاين آثار الغارتين الإسرائيليتين على مبنيين في الحدث بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
لبناني يعاين آثار الغارتين الإسرائيليتين على مبنيين في الحدث بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

فإطلاق الصاروخين هو العملية الثانية في أقل من أسبوع، وكانت الأولى قد حصلت السبت الماضي، باستهداف مستعمرة المطلة بثلاثة صواريخ اعترضتهم إسرائيل وأسقطتهم عند الخط الأزرق، في حين تزامن إطلاق الصاروخين مع بدء رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون محادثاته مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس، فيما بدأ أنه لتمرير رسالة لمن يعنيهم الأمر بأن الإجراءات التي ينفذها الجيش اللبناني لبسط سلطة الدولة على كل أراضيها غير كافية، بالتلازم مع استعداد مورغن أورتاغوس للمجيء ثانية إلى بيروت.

وهل تبقى الجهة التي أطلقت الصواريخ في المرتين مجهولة، ما دام «حزب الله» يُكرر نفيه بأن يكون هو مَن أطلقهما.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر ومواكبة للأجواء التي سادت الاجتماع الأمني الذي ترأسه رئيس الحكومة نواف سلام، والذي كان على تواصل مع الرئيس عون أثناء اجتماعه بالرئيس ماكرون، توقف ملياً أمام طرحه مجموعة من الأسئلة حول تحديد هوية الجهة التي تقف وراء إطلاق الصاروخين.

وأكدت المصادر بأنه لا مصلحة لـ«حزب الله» بإطلاق الصاروخين، كما قيل في الاجتماع الأمني الموسع، وأن الموقف نفسه ينسحب على الجماعة الإسلامية التي بادرت قيادتها للخروج تدريجياً من إسناده لغزة. وقالت إن المداولات التي دارت بين القيادات الأمنية استبعدت دخول مجموعات فلسطينية على الخط، بإطلاقهما من منطقة خاضعة بشكل أساسي لنفوذ «حزب الله».

وأشارت إلى أن الحزب يراعي المزاج الشيعي الذي يسعى لعودة الاستقرار إلى الجنوب، وهو أمر لن يتحقق ما لم تتوقف الحرب، ويحرص على تجنب تأليب حاضنته الشعبية عليه. وأضافت أنه يمتنع عن الرد على الخروقات الإسرائيلية لوقف النار، رغم أن امتناعه يشكل إحراجاً له أمام قاعدته الحزبية.

وأوضحت أنه يقف حالياً إلى جانب الدولة في تبنيها الوسائل الدبلوماسية لإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب، وهو ما أشار إليه مؤخراً الرئيس عون بقوله إن الحزب يتعاون مع الجيش في جنوب الليطاني.

وأضافت: إن رفع المسؤولية عن الحزب والقوى المحلية الأخرى، في حال ثبت، من خلال التحقيق الذي تجريه مديرية المخابرات في الجيش، عدم علاقتها بإطلاقهما، فتح الباب أمام السؤال عن إسرائيل كونها المستفيدة الوحيدة من خرق وقف النار، وهذا ما دأبت عليه منذ أن تم التوصل إلى اتفاق في هذا الخصوص برعاية أميركية - فرنسية، وأكدت بأنه لا مصلحة للحزب بإطلاقهما، فيما يدخل لبنان في عطلة عيد الفطر، ولاحقاً الفصح، اللتين تُشكلان محطة لإنعاش البلد اقتصادياً بقدوم الآلاف من اللبنانيين لتمضيتهما مع ذويهم.

وسألت المصادر: هل إسرائيل عاجزة عن رصد تحضير الصاروخين من عيار «107ملم» وإطلاقهما، فيما ثبُت أنها تخضع جنوب الليطاني وشماله امتداداً إلى البقاع والحدود اللبنانية - السورية لرقابة جوية دقيقة، وتتعقّب قيادات وكوادر الحزب العسكرية والأمنية وتغتالهم، وتواصل استهدافها لمنشآته العسكرية؟ كما سألت: هل يُعقل أن إسرائيل لم تتمكن من اكتشاف الصاروخين وتدميرهما قبل إطلاقهما، في حين مسيّراتها تلتقط صوراً جوية لناشطين من الحزب وهم يحملون سلاحهم الفردي، وتعلن بلا تردد أسماء الذين اغتالتهم، فيما امتنعت عن استهداف المنطقة التي انطلق منها الصاروخان، ولم تقصف المنصة التي استُخدمت لإطلاقهما، واستعاضت عنها بفرض معادلة قوامها كريات شمونة، مقابل الضاحية الجنوبية، أسوة بمعادلة المطلة مقابل بيروت؟

وقالت المصادر إنها لم تُسقط من حسابها حتى الساعة وقوف إسرائيل وراء إطلاق الصاروخين عبر عملائها الذين لم تتوقف الأجهزة الأمنية عن ملاحقتهم وتوقيفهم، هذا في حال ثبت من خلال التحقيق، عدم ضلوع جهة لبنانية بإطلاقهما، واستبعاد قيام عناصر غير منضبطة في الحزب بالتحضير لعملية إطلاقهما بذريعة وجود تباين بداخله بين فريق يدعو للرد على الخروق، وآخر يقف خلف الدولة باعتمادها الخيار الدبلوماسي لإلزام إسرائيل بالانسحاب.

وأكدت أن الرد الإسرائيلي يأتي في إطار الضغوط التي تمارس على لبنان لاستدراجه للدخول في مفاوضات مباشرة تلقى التأييد من واشنطن بلسان مورغن أورتاغوس. وقالت إن توقيت إطلاق الصاروخين أثناء اجتماع عون - ماكرون لم يكن صدفة، وإنما للضغط على فرنسا للالتحاق بالموقف الأميركي الداعم لانخراط لبنان في مفاوضات دبلوماسية، بخلاف موقفها الحالي بتفهمها وجهة النظر اللبنانية.

واستباقاً لمجيء مورغن أورتاغوس لبيروت، فإن عون حدَّد من باريس خريطة الطريق لتعاطي لبنان مع الاقتراح الأميركي، وذلك على قاعدة الفصل بين إطلاق الأسرى وانسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها، وبين ترسيم الحدود اللبنانية - الإسرائيلية باتباع الأصول الدبلوماسية المعتمدة دولياً، دونها تطبيع العلاقة بين البلدين، أو وضع لبنان أمام معادلة: الحرب أو التفاوض على الطريقة الإسرائيلية.


مقالات ذات صلة

لبنان يكثف مطاردة تجار المخدرات على الحدود السورية

المشرق العربي أسلحة ضبطها الجيش اللبناني بحوزة موقوفين لديه السبت (مديرية التوجيه)

لبنان يكثف مطاردة تجار المخدرات على الحدود السورية

ضبط الجيش اللبناني شاحنة محمّلة بمعدات لتصنيع المخدرات معدة للتهريب باتجاه الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص وزير المال ياسين جابر يطلع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام على معلومات على هامش جلسة مجلس الوزراء (رئاسة الحكومة)

خاص رحلة «شاقّة» وشائكة لتشريع قانون إصلاح المصارف في لبنان

حفل مشروع قانون إصلاح وضع المصارف وإعادة تنظيمها، المحال إلى المجلس النيابي، بموجب مرسوم بعد إقراره في مجلس الوزراء، بالتباس إجرائي صريح يؤجل سريان مواده.

علي زين الدين (بيروت)
خاص رئيس مجلس النواب نبيه بري (أرشيفية - الوكالة الوطنية للإعلام)

خاص بري لـ«الشرق الأوسط»: ضيق الوقت يحول دون تعديل قانون انتخاب البلديات

يصر رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري على الحفاظ على المناصفة وتوفير الحماية لها، ويرى أن الاستعاضة عن التعديل يكون في قيام أوسع تحالف سياسي.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام خلال مشاركته في دقيقة صمت ببيروت بذكرى اندلاع الحرب الأهلية (أ.ب)

سلام يحمل ملف المفقودين اللبنانيين إلى دمشق الاثنين

أكد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام أن موضوع المخفيين اللبنانيين في السجون السورية سيكون من ضمن المباحثات خلال زيارته لسوريا، الاثنين.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني: لا دولة حقيقية إلا في احتكار القوات المسلحة للسلاح

رئيس الوزراء اللبناني: لا دولة حقيقية إلا في احتكار القوات المسلحة للسلاح

قال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، الأحد، إنه «لا دولة حقيقية إلا في احتكار قواتها المسلحة للسلاح».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

إسرائيل تجرد غزة من المستشفيات

فلسطينيون يتجمعون حول حفرة كبيرة أحدثتها غارة إسرائيلية على ورشة حدادة في حي الزيتون بمدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتجمعون حول حفرة كبيرة أحدثتها غارة إسرائيلية على ورشة حدادة في حي الزيتون بمدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
TT
20

إسرائيل تجرد غزة من المستشفيات

فلسطينيون يتجمعون حول حفرة كبيرة أحدثتها غارة إسرائيلية على ورشة حدادة في حي الزيتون بمدينة غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يتجمعون حول حفرة كبيرة أحدثتها غارة إسرائيلية على ورشة حدادة في حي الزيتون بمدينة غزة أمس (أ.ف.ب)

فيما بدا تجريداً لقطاع غزة من مرافقه الطبية، قصفت إسرائيل مستشفى الأهلي العربي «المعمداني»، ليل السبت - الأحد، وأخرجته من الخدمة بعدما كان الأخير من نوعه في مدينة غزة وشمال القطاع الذي يعمل بشكل شبه كامل.

واستهدفت طائرات حربية إسرائيلية مبنى الاستقبال والطوارئ في المستشفى، بعدما طلبت من إدارته إخلاءه، وتبين عقب القصف تدمير جيش الاحتلال لقسم الطوارئ بالكامل، فيما تضررت عدة أقسام، منها المختبر، والصيدلية، وقسم الأشعة، بنسب متفاوتة.

وباتت كلّ المستشفيات المؤهلة لاستقبال الحالات المرضية والطارئة والجرحى في مناطق مدينة غزة وشمال القطاع تعمل بكفاءة جزئية، بينما يقطنها حالياً، بعد عودة النازحين، ما لا يقلّ عن مليون شخص. واستهدفت إسرائيل نحو 36 مستشفى في مناطق مختلفة من القطاع أكثر من مرة.

وتوالت الإدانات الواسعة لقصف «المعمداني» واستهداف القطاع الطبي في القطاع، من مصر والأردن وبريطانيا وألمانيا.

في غضون ذلك، بحث وفد من حركة «حماس» في القاهرة، أمس، إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع إسرائيل.