أكراد سوريا مستاؤون من دمشق لإقصائهم عن تشكيل الحكومة الانتقالية

أكراد سوريون يحتفلون في القامشلي بالاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أرشيفية - رويترز)
أكراد سوريون يحتفلون في القامشلي بالاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أرشيفية - رويترز)
TT

أكراد سوريا مستاؤون من دمشق لإقصائهم عن تشكيل الحكومة الانتقالية

أكراد سوريون يحتفلون في القامشلي بالاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أرشيفية - رويترز)
أكراد سوريون يحتفلون في القامشلي بالاتفاق بين الإدارة السورية و«قسد» (أرشيفية - رويترز)

برز الاستياء واضحاً لدى أكراد سوريا جراء استثنائهم من المشاورات لتأليف الحكومة الانتقالية التي ستعلنها دمشق خلال ساعات، مع تأكيد «المجلس الوطني الكردي» مقاطعة مراسم تنصيب هذه الحكومة على الرغم من تلقيهم دعوة رسمية للحضور.

وقال فيصل يوسف، المتحدث الرسمي للمجلس الكردي، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن الإدارة الجديدة في دمشق «لم تتواصل معنا حول تشكيل هذه الحكومة، أو التشاور معنا من أجل اختيار أسمائها أو حقائبها»، ولفت إلى أن القوى السياسية الكردية هي الممثل والمدافع الوحيد عن الشعب الكردي وحقوقه، «ولا مصلحة لنا بالمشاركة في مراسم الإعلان بقدر ما يهمنا الحضور من أجل تحقيق مطالب شعبنا وضمانها دستورياً».

وهذا المجلس الذي تشكل نهاية 2011 بعد اندلاع حركة الاحتجاجات المناهضة لنظام حكم «البعث» السابق، يضم أحزاباً كردية وتيارات وشخصيات اجتماعية فاعلة، أُقصي من مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي عُقد نهاية الشهر الماضي في العاصمة السورية.

الشرع وعبدي خلال توقيع اتفاق اندماج «قسد» في مؤسسات الدولة السورية (أرشيفية - أ.ب)

وأكد يوسف أنه لم تُعرض عليهم المشاركة في الحكومة المرتقبة، معرباً عن أسفه «لأننا كنا نأمل من الإدارة الجديدة أن تعي مطالب الشعب الكردي الذي يمثل ثاني أكبر قومية في البلاد، وتعترف بحقوقه ويكون شريكاً لها في بناء سوريا الجديدة».

ويمنح الإعلان الدستوري صلاحيات مطلقة للرئيس أحمد الشرع في إدارة المرحلة الانتقالية من دون أن يلبي تطلعات الأقليات، وعلى رأسهم الأكراد والمسيحيون الذين أبدوا خشيتهم من إعادة إنتاج «نظام استبدادي»؛ إذ حدّد المرحلة الانتقالية بخمس سنوات، ومنح الرئيس تشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، رغم تبنيه في الوقت ذاته مبدأ «الفصل بين السلطات».

زيد سفوك من «الحركة الكردستانية المستقلة» قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن حكومة الشرع «لم تأخذ شرعيتها من الشعب، إنما تشكلت بقرار أحادي، وذات صبغة ولون واحد، ولن تكون قادرة على إدارة سوريا وإخراج البلاد من آثار الدمار الذي خلفه النظام البعثي المخلوع». وكشف هذا السياسي أنهم وجّهوا خطاباً باسم الحركة إلى الرئيس الشرع «أوضحنا موقفنا الرسمي الذي يعكس رؤية عموم الشعب الكردي بسوريا، فمن دون إشراك الكرد في الحكومة والبرلمان وصياغة الدستور، لن تنجح أي خطط فردية للحكم».

أكراد يحتفلون بعيد «النوروز» في مدينة القامشلي (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وبقي الأكراد خلال حقبة الأسد متمسكين بإقرار نظام حكم فيدرالي وضمان حقوقهم السياسية والثقافية في الدستور طوال السنوات الماضية، ومن غير المرجح أن يتنازلوا عن مثل هذه المطالب بعد تولي أحمد الشرع السلطة.

وكان الشرع وقّع مع قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، اتفاقاً وُصف بالتاريخي، نصّ على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية لـ«الإدارة الذاتية» التي تسيطر عليها «قسد» في شمال شرقي البلاد، ضمن هياكل الدولة المركزية، ووضع المعابر الحدودية ومطار القامشلي وحقول النفط والغاز والطاقة الواقعة بريف محافظة دير الزور هناك، تحت سيطرة الإدارة المركزية في دمشق. ويعطي الاتفاق مهلة زمنية للجان الفنية للتوافق حتى بداية العام المقبل؛ ما يعطي الفرصة لـ«قسد» للإصرار على مطالبها.

وأشارت مصادر متابعة لتشكيلة الحكومة إلى إسناد حقائب وزارية إلى شخصيات كردية. وعن هذه الأسماء أو الكتل السياسية التي ستشارك في الحكومة، نفى فيصل يوسف تواصل الإدارة الجديدة مع الحركة السياسية الكردية، ولا مع أي حزب للمشاركة في الحكومة الجديدة. وأضاف: «لم يتم التباحث معنا حول القاعدة التي سيُبنى عليها انضمام أي طرف كردي، أو مدى تمثيله للمناطق الكردية، وتحقيق مطالبنا القومية ضمن أطر الدولة ومؤسساتها».

عرض عسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية» في حقل «العمر» النفطي بريف دير الزور الشرقي في يوليو 2024 (الشرق الأوسط)

وانتقد السياسي الكردي توجهات الإدارة الجديدة حيال ممثلي الشعب الكردي، واعتبر المتحدث الرسمي لـ«المجلس» أن «سياسات الإدارة الجديدة المجحفة بحق الشعب الكردي، وتجاهلها للأطراف السياسية، نسفت قاعدة البناء والمشاركة في بناء حكومة جديدة تمثل جميع المكونات وترفع المظالم عنهم».

وتطالب الأحزاب الكردية بتغيير اسم الدولة إلى «الجمهورية السورية»، كي يكون معبّراً عن كل المكونات، ويعبّر عن التنوع الإثني والديني والعرقي في هذه البلاد، فضلاً عن الاعتراف باللغة الكردية ثانيَ لغةٍ على مستوى البلد، ولغة أولى في المناطق التي يشكل فيها الأكراد غالبية سكانها.

أما زيد سفوك من «الحركة الكردستانية»، فذكر أن الإدارة الانتقالية أقصت «المجلس الكردي» و«أحزاب الوحدة الوطنية» و«مجلس سوريا الديمقراطية»، من مشاورات التأليف، ومن المؤتمر الوطني، ومن لجنة صياغة الإعلان الدستوري. وأكد أن سلطة دمشق «تتسرع في خطوات إدارة البلد من دون إشراك المكونات الأساسية»، داعياً إلى طاولة حوار شاملة تضم كافة أطياف الشعب السوري لـ«تأسيس مجلس حكم انتقالي يؤدي إلى دستور جديد، ومجلس شعب منتخب، وحكومة تلبي طموحات وتطلعات الشعب، وتضمن حقوق الجميع للوصول بسوريا إلى بر الأمان».

وتدير «الإدارة الذاتية» لشمال شرقي سوريا التي تشكلت منتصف 2014 هياكل ومجالس مدنية، موزعة على 4 محافظات؛ في الحسكة ومركز الرقة وبلدة الطبقة وريف دير الزور الشرقي ومدينة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، يوجد فيها 90 بالمائة من آبار النفط والغاز.


مقالات ذات صلة

مسؤولة في الإدارة الكرديّة بسوريا تدعو إلى حوار مع تركيا

المشرق العربي الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا إلهام أحمد (أرشيفية - رويترز) play-circle

مسؤولة في الإدارة الكرديّة بسوريا تدعو إلى حوار مع تركيا

رأت مسؤولة في الإدارة الكردية في شمال شرقي سوريا، السبت، أن الجهود لتحقيق السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني «انعكست» إيجاباً على أكراد سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة في 6 ديسمبر (الخارجية التركية)

تركيا تتوقع اتفاقاً قريباً بين دمشق و«قسد» لإتمام الاندماج

قالت تركيا إنها تتوقع أن تتوصل الحكومة السورية و«قسد» إلى اتفاق بشأن حل الأخيرة واندماجها في الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي الأسد يقود سيارته في الفيديوهات التي بثتها قناة «العربية/ الحدث» (الشرق الأوسط)

«تسريبات الأسد»: شتائم للغوطة وسخرية من جنوده

بثت قناة «العربية/ الحدث» السبت، تسجيلات مصوَّرة حصرية، تجمع بشار الأسد بمستشارته السابقة لونا الشبل، ويشتم فيها الرئيس المخلوع الغوطة ويسخر من جنوده.

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

توغلت قوة إسرائيلية اليوم (السبت) في بلدة بيت جن بريف دمشق بدبابتين و7 عربات في محيط بلدة بيت جن بريف دمشق، حسبما نقل تلفزيون سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق )
الاقتصاد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)

حاكم «المركزي» السوري: قرار كندا رفع العقوبات يفتح صفحة جديدة من التعاون

رحب حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، بقرار كندا رفع العقوبات عن سوريا، بما يفتح صفحة جديدة من الفرص والتعاون البنّاء بين البلدين.


الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل
TT

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

الشرع: لن نصدّر العنف إلى إسرائيل

رفض الرئيس السوري أحمد الشرع، أمس، مطلب إسرائيل بإقامة منطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا، معتبراً أن ذلك من شأنه أن يدخل بلاده في «مكان خطر»، ومؤكداً في الوقت ذاته «(أننا) لسنا معنيين بأن نكون دولة تصدّر العنف، بما في ذلك إلى إسرائيل».

وتعهد الشرع، في حوار على هامش مشاركته في منتدى الدوحة، «محاكمة مرتكبي الجرائم في الساحل والسويداء»، في إشارة إلى مواجهات دموية شهدتها مناطق يقطنها دروز وعلويون في وقت سابق من هذا العام.

وعشية ذكرى مرور سنة على إسقاط حكم الرئيس السابق بشار الأسد، بثت قناة «العربية/ الحدث» تسجيلات مصوَّرة تجمع الرئيس المخلوع بمستشارته لونا الشبل، التي قُتلت في ظروف غامضة عام 2024. وتتضمن «تسجيلات الأسد» ومستشارته سخرية من الجنود السوريين الذين كانوا يقاتلون في صفوف قواته، وشتائم وجهها الرئيس المخلوع لغوطة دمشق (يلعن أبو الغوطة)، كما تتضمن انتقادات للقائد العسكري سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، ولـ«حزب الله» اللبناني.

واعتبر سوريون أن ما كشفت عنه التسريبات بصوت الأسد يشير إلى أنه سقط مرة ثانية الآن في أعين مناصريه والذين قاتلوا إلى جانبه في سوريا ومن دول الجوار، بعدما سقط في المرة الأولى عسكرياً بدخول فصائل المعارضة دمشق، وإطاحة نظامه قبل سنة من الآن.


احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

احتقان متزايد ضد الدولة و«حزب الله»

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

عكست وقفات وتحركات احتجاجية في قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان، احتقاناً شعبياً ضد الدولة و«حزب الله»، على خلفية التأخر في دفع التعويضات للمتضررين، مما اضطر كثيرين إلى الخروج وبدء حياة جديدة خارج قراهم.

تأتي هذه التحركات بعد مرور أكثر من عامين على بدء الحياة المأساوية التي يعيشها سكان البلدات الحدودية، الذين ما زالوا يعانون تجربة النزوح بعدما خسروا منازلهم وممتلكاتهم، ولم يحصلوا على تعويضات إعادة الإعمار بعد، علماً أن الاستهدافات الإسرائيلية لا تزال شبه يوميّة هناك، والأضرار قابلة للازدياد أكثر مع الوقت.

في هذا الإطار، يقول المحلل السياسي علي الأمين، لـ«الشرق الأوسط»، إن بروز مثل هذه التحركات «أمر طبيعي، لأن هذه القرى شبه متروكة»، ويؤكد «أن هذه الاحتجاجات تأتي في وجه من أدار ظهره للناس، وفي ذهن المحتجين أن مواقفه (أي حزب الله) تسهم في إغلاق الأفق أمام أي إمكانية للمعالجة».


انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير سكان غزة عبر رفح

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)
منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

مع مواصلة إسرائيل تدمير ما تبقّى في المناطق الخاضعة لسيطرتها داخل قطاع غزة، استباقاً للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار ووسط مشهد غير واضح، انشغلت دول عربية وإسلامية بالتصدي المسبق لخطر تهجير الغزيين عبر رفح.

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال منتدى الدوحة، أمس، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية قد أعلن، الأربعاء الماضي، فتح معبر رفح «خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

إلى ذلك، شدد وزراء خارجية كل من السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».