غزة: آلاف المدنيين محاصرون في حي تل السلطان... ومخاوف من «إبادة جماعية»

وزير الدفاع الإسرائيلي: لن نتوقف إلا عندما تصبح السيطرة على القطاع ليست بيد «حماس»

نازحون فلسطينيون فارون من مدينة رفح مع استمرار القصف الإسرائيلي يصلون إلى خان يونس (أ.ب)
نازحون فلسطينيون فارون من مدينة رفح مع استمرار القصف الإسرائيلي يصلون إلى خان يونس (أ.ب)
TT
20

غزة: آلاف المدنيين محاصرون في حي تل السلطان... ومخاوف من «إبادة جماعية»

نازحون فلسطينيون فارون من مدينة رفح مع استمرار القصف الإسرائيلي يصلون إلى خان يونس (أ.ب)
نازحون فلسطينيون فارون من مدينة رفح مع استمرار القصف الإسرائيلي يصلون إلى خان يونس (أ.ب)

قالت بلدية رفح جنوب قطاع غزة، الاثنين، إن الاتصالات انقطعت تماماً عن حي تل السلطان برفح جنوب قطاع غزة.

يأتي ذلك بعد الإعلان عن انقطاع الاتصال بطواقم الإسعاف والدفاع المدني منذ أكثر من 36 ساعة أثناء توجههم إلى تل السلطان لإنقاذ جرحى.

وأضافت البلدية، في بيان، إن حي تل السلطان في رفح «يتعرض لإبادة جماعية» وإن آلاف المدنيين محاصرون تحت قصف إسرائيلي عنيف دون أي وسيلة للنجاة.

وطالبت البلدية بتدخل دولي فوري وحاسم لإنقاذ المواطنين المحاصرين في حي تل السلطان، وفتح ممرات آمنة فوراً لإجلاء المواطنين العالقين، مشيرة إلى أن الجرحى يُتركون للنزيف حتى الموت، والأطفال يموتون جوعاً وعطشاً تحت الحصار والقصف المتواصل.

وأكدت البلدية على أن استهداف المنقذين وعرقلة عملهم يُعد «جريمة حرب بشعة وانتهاكاً صارخاً» لكل القوانين الدولية والإنسانية، وإن ما يجري في تل السلطان هو «جريمة إبادة تُرتكب أمام أعين العالم، وسط صمت مخزٍ وتخاذل دولي غير مبرر».

وقال الجيش الإسرائيلي، الأحد، إنه استكمل تطويق حي تل السلطان في رفح جنوب قطاع غزة.

وأضاف الجيش الإسرائيلي، في بيان، أن تطويق حي تل السلطان في رفح يهدف لتدمير بنى تحتية والقضاء على عناصر «إرهابية»، وتعميق السيطرة، وتوسيع منطقة التأمين الدفاعية جنوب قطاع غزة.

وطلب الجيش الإسرائيلي - في إنذار عاجل - من سكان حي تل السلطان في رفح جنوب قطاع غزة، صباح الأحد، الإخلاء الفوري باعتباره منطقة قتال خطيرة.

من جانبه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم (الاثنين)، إن إسرائيل لن توقف الحرب إلا عندما تصبح السيطرة على غزة ليست بيد حركة «حماس»، وعندما لا تمثل الحركة أي تهديد لإسرائيل والإسرائيليين.

وأضاف عبر حسابه على منصة «إكس»: «إسرائيل تقاتل (حماس) وستهزمها. دعوني أوضح: إسرائيل لا تقاتل المدنيين في غزة، بل تفعل كل ما يقتضيه القانون الدولي لتخفيف الأذى عنهم».

وأشار إلى أن «مقاتلي (حماس) يقاتلون بزي مدني، ومن منازل مدنية، ومن خلف المدنيين، وبذلك فهم يعرضون المدنيين للخطر، ويدفعون ثمناً باهظاً... لهذا السبب نحثّ سكان غزة على إخلاء مناطق القتال».

مدرعات إسرائيلية تتبع الفرقة 36 التي قاتلت في لبنان تبدأ استعداداتها للانتشار في غزة (رويترز)
مدرعات إسرائيلية تتبع الفرقة 36 التي قاتلت في لبنان تبدأ استعداداتها للانتشار في غزة (رويترز)

وتجاوز عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة، أمس، 50 ألف قتيل منذ بدء العدوان على القطاع في أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتواصلت المجازر جراء الغارات الإسرائيلية، أمس (الأحد)، واستهدف بعضها مدينتَي رفح وخان يونس (جنوب القطاع)؛ ما أسفر عن مقتل 30 فلسطينياً على الأقل.

وقتلت غارة على خان يونس القيادي في «حماس» صلاح البردويل وزوجته، في حين واصل الجيش الإسرائيلي تحركاته البرية في غزة، وحاصر حي تل السلطان في رفح بعد أن أنذر سكانه بالإخلاء.

وقدّرت مصادر عسكرية في تل أبيب أن العمليات الإسرائيلية الراهنة ترمي إلى إحداث انعطاف في التكتيك التفاوضي، والانتقال من المساومة على الرهائن إلى احتلال الأرض لمقايضتها مقابل إعادتهم.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يبدأ عملية برية لتوسيع «منطقة التأمين» في رفح

المشرق العربي جنود من الجيش الإسرائيلي خلال العمليات العسكرية جنوب قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي) play-circle

الجيش الإسرائيلي يبدأ عملية برية لتوسيع «منطقة التأمين» في رفح

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم السبت، إنه بدأ «عملية برية» في حي الجنينة برفح لتوسيع ما وصفها «بمنطقة التأمين الدفاعية في جنوب القطاع».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية خلال العمليات العسكرية في قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي) play-circle

الجيش الإسرائيلي يعلن تطويق حي تل السلطان في رفح

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، إنه استكمل تطويق حي تل السلطان في رفح جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية تقوم بعملية عسكرية داخل قطاع غزة (رويترز) play-circle 00:31

الجيش الإسرائيلي يوسع عمليته البرية في قطاع غزة إلى رفح

أعلن الجيش الإسرائيلي، الخميس، توسيع عمليته البرية في غزة لتشمل منطقة رفح في أقصى جنوب القطاع، مؤكداً أن عملياته مستمرة أيضاً في شمال ووسط القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي عربات تحمل المساعدات تصطف على الجانب المصري من معبر رفح (أ.ب) play-circle

رئيس المجلس الأوروبي يدعو إلى الحفاظ على اتفاق غزة واستئناف دخول المساعدات

دعا رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، اليوم (الثلاثاء)، إلى بذل كل جهد ممكن من أجل الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أرشيفية - د.ب.أ)

مصر والسلطة الفلسطينية تطالبان بإعمار غزة دون خروج أهلها منها

أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقيادة الفلسطينية، الأربعاء، عن «رفضهما الشديد لدعوات الاستيلاء على قطاع غزة، وتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم».

«الشرق الأوسط» (رام الله - القاهرة)

ماذا نعرف عن الحكومة الجديدة في سوريا؟

تواجه الحكومة السورية الجديدة التي يهيمن عليها حلفاء الشرع تحدياً كبيراً من جهة طمأنة السوريين وكسب ثقة الدول الغربية والمجتمع الدولي (أ.ف.ب)
تواجه الحكومة السورية الجديدة التي يهيمن عليها حلفاء الشرع تحدياً كبيراً من جهة طمأنة السوريين وكسب ثقة الدول الغربية والمجتمع الدولي (أ.ف.ب)
TT
20

ماذا نعرف عن الحكومة الجديدة في سوريا؟

تواجه الحكومة السورية الجديدة التي يهيمن عليها حلفاء الشرع تحدياً كبيراً من جهة طمأنة السوريين وكسب ثقة الدول الغربية والمجتمع الدولي (أ.ف.ب)
تواجه الحكومة السورية الجديدة التي يهيمن عليها حلفاء الشرع تحدياً كبيراً من جهة طمأنة السوريين وكسب ثقة الدول الغربية والمجتمع الدولي (أ.ف.ب)

تواجه الحكومة السورية الجديدة التي يهيمن عليها حلفاء الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، تحدياً كبيراً لجهة طمأنة السوريين وكسب ثقة الدول الغربية والمجتمع الدولي، على أمل رفع العقوبات التي تثقل كاهل البلاد، كما يرى محللون.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أعلن الشرع في وقت متأخر السبت تشكيل هذه الحكومة التي تضمّ 23 وزيراً من دون رئيس للوزراء. وتأتي بعد أسبوعين من صدور إعلان دستوري أثار الكثير من الانتقادات، إذ يمنح أحمد الشرع، الذي وصل إلى الحكم في ديسمبر (كانون الأول) بعد إطاحة فصائل مسلحة الرئيس المخلوع بشار الأسد، صلاحيات كاملة في تشكيل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

مقربون في مناصب رئيسية

نال المقرّبون من الشرع الحصّة الكبرى في هذه الحكومة. ويشكّل السنّة الغالبية الساحقة من أعضائها، بما يعكس التركيبة الديموغرافية للبلاد التي كانت تُحكم سابقاً من قبل عائلة الأسد المتحدرة من الأقلية العلوية.

يشرح الخبير في الشأن السوري فابريس بالانش أن المناصب الأساسية في الحكومة الجديدة يشغلها «رفاق السلاح السابقون ممن كانوا ضمن حكومة الإنقاذ التي كانت تدير محافظة إدلب»، المعقل السابق لـ«هيئة تحرير الشام» وفصائل قادت الهجوم الذي أطاح الأسد.

من بين هؤلاء، يبرز اسم أسعد الشيباني الذي احتفظ بمنصبه وزيراً للخارجية، وسبق أن التقى عدداً من المسؤولين الغربيين والإقليميين خلال الفترة السابقة.

أما حقيبة الدفاع، فقد بقيت مع مُرهف أبو قَصرة، القائد العسكري للعمليات التي أفضت إلى إطاحة بشار الأسد، الذي تنتظره مهمّة عسيرة تتمثل في استكمال إعادة بناء الجيش السوري.

كما عُيِّن أنس خطاب، رئيس جهاز الاستخبارات العامة، وزيراً للداخلية، وهو جهادي سابق سبق أن فُرضت عليه عقوبات من قبل الأمم المتحدة.

أما وزارة العدل، فقد أُسندت إلى مظهر الويس الذي ساهم في تأسيس وزارة العدل في حكومة الإنقاذ بإدلب.

وهو يخلف شادي الويسي الذي طالبت منظمات غير حكومية وناشطون بإقالته إثر انتشار مقاطع مصوّرة قديمة تُظهر تورطه في إعدام ميداني لامرأتين متهمتين بالدعارة في إدلب.

مفاجآت

خلافاً للفريق الوزاري السابق المكلّف تصريف الأعمال، تضمّ التشكيلة الحكومية الجديدة أربعة وزراء من الأقليات، هم: وزيرة مسيحية ووزير درزي وآخر كردي ووزير علوي، إلا أنّهم حصلوا على حقائب ثانوية.

ويرى الباحث في الشأن السوري في مركز «سانتشوري إنترناشونال» آرون لوند أن «الشرع يسعى إلى توسيع قاعدة دعمه لتتجاوز نطاق مؤيّديه المسلّحين».

ويعد الباحث أن إسناد وزارة إلى شخصية علوية أمر لم يكن ممكناً تصوره قبل أشهر فقط. ويشرح أنّ «وصول فصيل إسلامي متشدّد إلى السلطة وضمّه تمثيلاً للأقليات، ولو بشكل رمزي، قد لا يكون الحل الأمثل»، متداركاً: «لكن كان يمكن أن يكون الأمر أسوأ».

وقد تم تعيين العلوي يعرُب بدر وزيراً للنقل، وهو شخصية شغلت منصباً وزارياً في عهد الأسد قبل عام 2011.

ويشرح فابريس بالانش أن «تعيينه لم يأت بصفته علوياً، بل بسبب صلته بالمسؤول في الأمم المتحدة عبد الله الدردري الذي كان نائب رئيس الوزراء السوري الأسبق... والمشرف على سياسة التحرير الاقتصادي».

ويرى بالانش أنّه «من خلال تعيين يعرُب بدر، يسعى الشرع إلى طمأنة الوكالات الأممية والولايات المتحدة عبر الدردري، وصولاً إلى رفع العقوبات وتوفير التمويل».

أما المرأة الوحيدة في الحكومة فهي هند قبوات المسيحية التي عيّنت وزيرة للشؤون الاجتماعية والعمل. وكانت معارضة للرئيس المخلوع بشار الأسد، وشاركت سابقاً في اللجنة التحضيرية لـ«مؤتمر الحوار الوطني» الذي عُقد في فبراير (شباط) الماضي.

تحديات

انتقدت الإدارة الذاتية الكردية التي تسيطر على مساحات واسعة من شمال وشرق البلاد، الأحد، الحكومة الجديدة، عادّة أنها لا تأخذ «التنوع» في سوريا في الاعتبار، وأكّدت رفضها تنفيذ أي قرارات تصدر عنها.

وتضمّ الحكومة الجديدة كردياً واحداً، هو محمد تركو غير المنبثق من الإدارة الذاتية.

وكانت الإدارة الكردية قد توصّلت منتصف مارس (آذار) إلى اتفاق مع السلطات الجديدة، يقضي بإدماج مؤسساتها ضمن الدولة، إلا أنّ بعض المحللين يخشون أن يبقى الاتفاق حبراً على ورق.

وتأمل السلطة الجديدة عبر ذلك في استكمال مسار توحيد البلاد، التي تمزّقت بفعل أكثر من 13 عاماً من الحرب الأهلية، ولا سيما أن الأكراد الذين يمثّلون 15 في المائة من سكان البلاد، سبق أن انتقدوا الإعلان الدستوري الذي أصدرته السلطات لإدارة المرحلة الانتقالية.

وفي هذا السياق، يقول آرون لوند إنّ «من الصعب على أي حكومة أن تنجح في تحقيق الاستقرار وضمان النجاح في ظل هذه الظروف». ويضيف: «السؤال الحقيقي هو ما مدى التأثير الفعلي لهؤلاء الوزراء».

ويُشار إلى أنّ الحكومة الجديدة لا تضم رئيساً للوزراء، وهو ما يُنذر بـ«شخصنة مفرطة للسلطة»، بحسب فابريس بالانش.

ويرى بالانش أنّه من الأجدى التركيز على «مجلس الأمن القومي» الذي أُنشئ في 13 مارس، وأُوكلت إليه مهمة التعامل مع التحديات التي تواجه الدولة، عادّاً أنه «هو الحكومة الحقيقية».