لبنان يختبر استئناف التصعيد إثر «صواريخ مجهولة» على إسرائيل

«حزب الله» ينفي مسؤوليته ويؤكد أنه «يقف وراء الدولة» للمعالجة

0 seconds of 37 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
00:37
00:37
 
TT
20

لبنان يختبر استئناف التصعيد إثر «صواريخ مجهولة» على إسرائيل

لبنانيون يساعدون في انتشال المصابين من مبنى استهدفته غارة اسرائيلية في بلدة تولين بجنوب لبنان (د.ب.أ.)
لبنانيون يساعدون في انتشال المصابين من مبنى استهدفته غارة اسرائيلية في بلدة تولين بجنوب لبنان (د.ب.أ.)

طوَّقت السلطات اللبنانية، السبت، أول اختبار أمني جدي يهدد باستئناف إسرائيل لحربها على لبنان، بعد إطلاق صواريخ «مجهولة الهوية» من جنوب لبنان باتجاه مستعمرة المطلة الإسرائيلية الحدودية مع لبنان، وردَّت إسرائيل بحملة قصف جوي طالت مناطق شمال الليطاني بشكل أساسي، بعد نحو 4 أشهر على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

وجدد سلاح الجو الإسرائيلي غاراته على لبنان، مساء (السبت)، شملت مدينة صور ومناطق واسعة في الجنوب وشرق لبنان، وأسفرت عن مقتل شخصين وإصابة 8 على الأقل بجروح.

وأفاد مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس وجّها الجيش للبدء بـ«موجة ثانية» من الهجمات‬⁩ على أهداف لـ«حزب الله». وقال المكتب إن «حكومة لبنان تتحمل المسؤولية عما يجري على أراضيها».

وقالت إسرائيل إنها اعترضت 3 صواريخ أُطلقت، السبت، من جنوب لبنان، باتجاه شمال أراضيها. ولم تتبنَّ بعد أي جهة عمليات إطلاق الصواريخ. وقال مسؤول إسرائيلي إنّ «6 صواريخ أُطلقت صباح اليوم (السبت) على الجليل، 3 منها دخلت الأراضي الإسرائيلية واعترضتها قوات سلاح الجو الإسرائيلي».

وعلى أثر إطلاق الصواريخ، أجرى الجيش اللبناني عمليات مسح وتفتيش. وأعلنت قيادة الجيش في بيان أن وحداتها «عثرت، نتيجة المسح، على 3 منصات صواريخ بدائية الصنع في المنطقة الواقعة شمال نهر الليطاني بين بلدتَي كفرتبنيت وأرنون - النبطية، وعملت على تفكيكها». وأكدت القيادة أن الوحدات العسكرية «تستمر في اتخاذ التدابير اللازمة لضبط الوضع في الجنوب».

وقال مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن وحدات الجيش رفعت عينات من منطقة الإطلاق، وبدأت بتحليلها، وكذلك تحليل المعطيات الأمنية المتوفرة، وسترفع تقريرها للسلطة السياسية فور جهوزها. ورفض مسؤول لبناني (رفض ذكر اسمه) تحديد المسؤوليات «بتسرع»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن المنطقة التي انطلقت منها الصواريخ استعملت خلال ما عُرف بـ«حرب الإسناد» من قبل منظمات فلسطينية أطلقت صواريخ باتجاه إسرائيل. ومع هذا قال المسؤول اللبناني إن هناك أكثر من جهة غير لبنانية قد تُوجَّه لها أصابع الاتهام.

«حزب الله» وإسرائيل

ونفى «حزب الله» أن تكون له «أي علاقة» بإطلاق الصواريخ، وأكد في بيان أنّ «ادعاءات العدو الإسرائيلي ‏تأتي في سياق الذرائع لاستمرار اعتداءاته على ‏لبنان التي لم ‏تتوقف منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار».‏ وجدّد الحزب تأكيد التزامه باتفاق وقف النار، ‏وأنّه «يقف خلف الدولة اللبنانية في ‏معالجة هذا التصعيد الصهيوني ‏الخطير على لبنان».

وبمجرد إطلاق الصواريخ، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع، يسرائيل كاتس، الجيش، بضرب «عشرات الأهداف الإرهابية» في لبنان، رداً عليه. وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان عن شنّ ضربات ضد أهداف لـ«حزب الله» في جنوب لبنان. وقال في تصريح لاحق إنه ضرب عدداً من منصات إطلاق الصواريخ في لبنان، مضيفاً: «قبل فترة وجيزة، ضرب الجيش الإسرائيلي عشرات منصات إطلاق الصواريخ لـ(حزب الله) ومركز قيادة كان إرهابيو (حزب الله) ينشطون منه في جنوب لبنان».

وحمل الجيش الإسرائيلي الدولة اللبنانية مسؤولية إطلاق الصواريخ. وقتل 4 أشخاص، بينهم طفلة، جراء القصف. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بأن «غارة العدو الإسرائيلي على بلدة تولين أدَّت أيضاً إلى إصابة 8 بجروح»، بينما تحدثت وسائل إعلام لبنانية عن عشرات الغارات الإسرائيلية التي استهدفت بشكل أساسي مناطق شمال الليطاني.

أخطر الاختبارات

ويُعدّ هذا الاختبار الأمني الأكثر خطورة منذ وقف إطلاق النار، في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ كونه للمرة الأولى منذ ذلك الوقت، تُطلق صواريخ «مجهولة الهوية» باتجاه بلدة إسرائيلية، علماً بأنه، في مرتين سابقتين، كان «حزب الله» تبنى إطلاق صواريخ باتجاه موقع إسرائيلي رداً على غارات إسرائيلية، بعد 5 أيام على وقف إطلاق النار، كما أعلنت إسرائيل عن تسلُّل طائرة من دون طيار إلى الأجواء الإسرائيلية، لكن لم تتبنّه أي جهة.

الدخان يتصاعد جراء غارات اسرائيلية استهدفت بلدة سحمر بالبقاع الغربي بشرق لبنان (د.ب.أ.)
الدخان يتصاعد جراء غارات اسرائيلية استهدفت بلدة سحمر بالبقاع الغربي بشرق لبنان (د.ب.أ.)

تحركات لبنانية

وأمام خطورة هذا التصعيد، تحركت السلطات اللبنانية أمنياً ودبلوماسياً لتطويق تداعيات هذا التصعيد. وقالت مصادر مواكبة للحراك إن الاتصالات الرسمية سلكت طريقها باتجاه الجيش اللبناني للتحرك واتخاذ الإجراءات العاجلة، وباتجاه مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وباتجاه «يونيفيل»، فضلاً عن الاتصالات السياسية على أعلى المستويات. وكان أبرزها بين رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس الجمهورية جوزيف عون.

وحض الناطق الرسمي باسم «يونيفيل»، أندريا تيننتي، جميع الأطراف «بشدة على الامتناع عن اتخاذ أي خطوات قد تعرَّض التقدم المحرز للخطر؛ خصوصاً في ظلّ تهديد أرواح المدنيين والاستقرار الهش الذي شهدته المنطقة في الأشهر الأخيرة».

وتابع تيننتي: «أي تصعيد إضافي في هذا السياق المتقلب قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المنطقة. لا يزال الوضع هشاً للغاية، ونشجع الطرفين على الوفاء بالتزاماتهما. ويواصل جنود حفظ السلام التابعون لـ(يونيفيل) أداء مهامهم في جميع مواقعهم».

وصمد اتفاق وقف إطلاق النار عموماً رغم الاتهامات المتبادلة بحصول انتهاكات، فيما أبقى الجيش الإسرائيلي على قواته في 5 مواقع استراتيجية بجنوب لبنان، على طول الحدود مع شمال إسرائيل.

تهديدات إسرائيلية

على الجانب الإسرائيلي، تعهَّد قائد أركان الجيش الإسرائيلي بأن الجيش «سيرد بشدة» على إطلاق الصواريخ باتجاه شمال إسرائيل. وأوضح الجنرال إيال زامير الذي عقد اجتماعاً لتقييم الوضع أنه «سيرد الجيش بشدة على هجمات هذا الصباح»، مضيفاً في بيان: «يتحمل لبنان مسؤولية احترام اتفاق» الهدنة.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس: «لا يمكننا السماح بإطلاق صواريخ من لبنان على بلدات الجليل»، مضيفاً: «تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولية عمليات الإطلاق من أراضيها. أمرتُ الجيش بالرد». وأضاف: «وعدنا بلدات الجليل بالأمن. وهذا ما سيحصل. مصير المطلة هو نفسه مصير بيروت».

ودوّت صافرات الإنذار في ساعات مبكرة من صباح السبت في بلدة المطلة الواقعة قرب الحدود اللبنانية. وقال رئيس بلدية المطلة، ديفيد أزولاي، إنّ 8 في المائة فقط من السكان عادوا إلى المطلّة منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ، مضيفاً أنّ بعض السكان غادروها، السبت، بعد الهجمات الصاروخية.


مقالات ذات صلة

واشنطن تضغط على بيروت لإبرام اتفاق مع تل أبيب

المشرق العربي 
أورتاغوس نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي في القصر الرئاسي اللبناني خلال زيارتها الأخيرة (أ.ب)

واشنطن تضغط على بيروت لإبرام اتفاق مع تل أبيب

قال مصدر لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن الولايات المتحدة تدفع لبنان لاتفاق مع إسرائيل، يكون «أقل من التطبيع» و«أكبر من اتفاقية الهدنة»، موضحاً أن المقصود به يكمن.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي نازحون سوريون لجأوا إلى مدرسة في قرية المسعودية بمنطقة عكار شمال لبنان... 19 مارس 2025 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: 21 ألف شخص فروا من سوريا إلى لبنان مطلع مارس

قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم (الثلاثاء)، إن أكثر من 21 ألف شخص فروا من الأعمال العدائية في سوريا هذا الشهر بحثاً عن الأمان في لبنان المجاور.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سلام يستمع إلى شروحات في مطار القليعات بشمال لبنان (رئاسة الحكومة)

سلام يتعهد بضبط الأمن في شمال لبنان ومكافحة التهريب

تعهد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام بالحفاظ على الأمن وضبط الاستقرار بمدينة طرابلس في الشمال كما شدّد على ضرورة ضبط الحدود ومكافحة التهريب

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي من عمليات فرز الأصوات في الانتخابات السابقة (أرشيفية - أ.ب)

هل يُحرم المغتربون اللبنانيون من مقاعدهم في برلمان 2026؟

من أبرز التعديلات المطروحة الإطاحة بما يلحظه لجهة تخصيص 6 مقاعد للمغتربين، سيشكلون دائرة انتخابية إضافية تُضاف إلى الدوائر الـ15 المعتمدة.

بولا أسطيح (بيروت)
تحليل إخباري مورغان أورتاغوس نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط في القصر الرئاسي اللبناني (أ.ب)

تحليل إخباري إسرائيل تضغط لبنانياً لاتفاق أكبر من الهدنة... وأقل من التطبيع

يترقب لبنان الرسمي الزيارة الموعودة من مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، إلى بيروت، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر المبارك.

محمد شقير (بيروت)

غزة... احتجاجات ضد «حماس» تدعو لوقف الحرب

سكان بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة  يتظاهرون أمس مطالبين بإنهاء الحرب (أ.ف.ب)
سكان بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة يتظاهرون أمس مطالبين بإنهاء الحرب (أ.ف.ب)
TT
20

غزة... احتجاجات ضد «حماس» تدعو لوقف الحرب

سكان بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة  يتظاهرون أمس مطالبين بإنهاء الحرب (أ.ف.ب)
سكان بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة يتظاهرون أمس مطالبين بإنهاء الحرب (أ.ف.ب)

عرض «حماس» المُلّح بعد 7 أكتوبر:

هدنة 10 سنوات... وترك حكم غزة في تطورٍ لافتٍ، شارك المئات من سكان بلدة بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، أمس، في مسيرات احتجاجية هاجمت حركة «حماس»، داعية لوقف الحرب، وسط هتافات بينها «الشعب يريد إبعاد حماس»، و«حماس برا برا».

وجاءت المسيرات بعد ساعات من أوامر إخلاء إسرائيلية لأهالي بيت لاهيا، وحمَّل مشاركون في المظاهرات «حماس» مسؤولية عن أوامر الإخلاء، على خلفية إطلاق عناصرها صواريخ من مناطق قرب بيت لاهيا باتجاه المستوطنات الإسرائيلية. ورفع المشاركون في المسيرة لافتات كُتب عليها: «دماء أطفالنا ليست رخيصة... بدنا نعيش بسلام وأمان... أوقفوا شلال الدماء»، وغيرها من الشعارات التي تطالب بشكل أساسي بوقف الحرب على القطاع واستهداف المدنيين، في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية.

ميدانياً، تواصلت الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، أمس، وخلّفت جولتها التصعيدية الحالية، التي بدأت قبل أسبوع تقريباً، أكثر من 792 قتيلاً وأكثر من 1663 جريحاً بحالات متفاوتة، فيما لا تزال هناك ضحايا تحت أنقاض منازل دُمرت على رؤوس ساكنيها.

وأفادت إحصائية لـ«هيئة إنقاذ الطفولة» نشرتها أمس بأن «أكثر من 270 طفلاً في غزة قتلوا خلال أسبوع واحد منذ استئناف الغارات الإسرائيلية على القطاع».