مخاوف لبنانية من أن تعيد صواريخ المطلّة إشعال الحرب

خبراء يحذرون من جعل الساحة مفتوحة لإسرائيل

آثار غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة تولين بجنوب لبنان (د.ب.أ)
آثار غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة تولين بجنوب لبنان (د.ب.أ)
TT
20

مخاوف لبنانية من أن تعيد صواريخ المطلّة إشعال الحرب

آثار غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة تولين بجنوب لبنان (د.ب.أ)
آثار غارة إسرائيلية استهدفت منزلاً في بلدة تولين بجنوب لبنان (د.ب.أ)

يحبس اللبنانيون أنفاسهم، ويراقبون بقلق تداعيات عملية إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على مستعمرة المطلّة في شمال إسرائيل، ويستعيدون شبح الحرب مرّة جديدة، خصوصاً بعد تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بردّ قاسٍ، ووضع معادلة «بيروت مقابل المطلّة».

ورغم كثافة الغارات الجوية والقصف المدفعي الذي طال مناطق واسعة في الجنوب، وإعلان الجيش الإسرائيلي استهداف مواقع لـ«حزب الله» شمال مجرى نهر الليطاني، لا يبدو أنه اكتفى بذلك، طالما أنه يعدُّ عملياته مجرّد جولة أولى من الردّ. من هنا، يدعو الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد خالد حمادة، إلى «أخذ التهديدات الإسرائيلية بضرب بيروت على محمل الجدّ». ورأى أن «هناك خطراً جديّاً على عودة الحرب إلى لبنان». وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «اتفاق وقف إطلاق النار ووجود لجنة مراقبة دولية برئاسة جنرال أميركي، لا يشكّلان ضمانة لمنع الحرب، لأن القوات الدولية (اليونيفيل) لم تتمكن من منع حرب الإسناد التي قادت إلى حرب مدّمرة».

وعمّا إذا كان الجانب الإسرائيلي يرغب في استئناف الحرب على نطاق واسع، بما يعيد التوتر والقلق مجدداً لدى المجتمع الإسرائيلي، يذكّر العميد حمادة بـ«تجربة غزّة واستئناف المجازر الإسرائيلية فيها». وسأل: «من يمنع بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه من شنّ غارات على الضاحية الجنوبية من دون أن يأبه لنتائجها؟». ويقول: «قد لا تكون هناك رغبة إسرائيلية بإعادة احتلال لبنان من جديد، لكن ذلك لن يحول دون استئناف الغارات، ما دامت طائرات العدو قادرة على ضرب أهداف في كلّ لبنان». ويعتبر العميد حمادة أن «الأميركي الذي يؤمن غطاء لإسرائيل في غزة كما في لبنان، يعمل الآن على إعادة رسم خريطة المنطقة من جديد».

الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة سجد بجنوب لبنان (د.ب.أ)
الدخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية استهدفت منطقة سجد بجنوب لبنان (د.ب.أ)

الخرق الثالث

تعدّ عملية إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان إلى شمال إسرائيل، الخرق الثالث الذي يحصل من الجانب اللبناني لقرار وقف إطلاق النار، مقابل مئات الخروق الإسرائيلية برّاً وبحراً وجوّاً، غير أن استهداف المطلّة وضع لبنان أمام حتمية تطبيق القرار 1701 على كامل الأراضي اللبنانية، على حدّ تعبير الدكتور سامي نادر، الذي رأى أن «توسيع العمليات باتجاه إسرائيل انطلاقاً من شمال الليطاني، سيمنح إسرائيل الضوء الأخضر لاستئناف عملياتها على كامل الجغرافيا اللبنانية، وأن تأخذ على عاتقها تنفيذ القرارين 1701 و1559، وربما القرار 1680 الذي يفرض ضبط الحدود مع سوريا».

وقال نادر لـ«الشرق الأوسط»: «إذا تحولت عمليات المقاومة إلى شمال الليطاني بغضّ النظر عمّا إذا كان (حزب الله) يقف وراء العملية الأخيرة أم لا، فإن ذلك يجعل من لبنان ساحة مستباحة لإسرائيل، ويعطيها الذريعة للعودة إلى العمل العسكري على نطاق واسع»، معتبراً أن «ما أعلنه وزير الدفاع الإسرائيلي بأن بيروت مقابل المطلّة، ليس مجرّد تهويل؛ بل مؤشر إلى مرحلة جديدة، لا مكان فيها للعمل السياسي أو الدبلوماسي». ولا يفصل نادر بين تطورات الوضع في الجنوب، والتأزم في مفاوضات الملف النووي بين واشنطن وطهران، واعتبر أن إيران «تحاول مجدداً الإمساك ببعض الأوراق، بدليل ما حصل قبل أيام في الساحل السوري، أو ما يجري في غزّة وجنوب لبنان». وشدد على أن «هذا النموذج الإيراني أشبه بعمليات انتحارية، لكن للأسف من يدفع ثمنها الشعوب العربية؛ سواء في سوريا أم لبنان أم فلسطين».


مقالات ذات صلة

واشنطن تضغط على بيروت لإبرام اتفاق مع تل أبيب

المشرق العربي 
أورتاغوس نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي في القصر الرئاسي اللبناني خلال زيارتها الأخيرة (أ.ب)

واشنطن تضغط على بيروت لإبرام اتفاق مع تل أبيب

قال مصدر لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن الولايات المتحدة تدفع لبنان لاتفاق مع إسرائيل، يكون «أقل من التطبيع» و«أكبر من اتفاقية الهدنة»، موضحاً أن المقصود به يكمن.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي نازحون سوريون لجأوا إلى مدرسة في قرية المسعودية بمنطقة عكار شمال لبنان... 19 مارس 2025 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: 21 ألف شخص فروا من سوريا إلى لبنان مطلع مارس

قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم (الثلاثاء)، إن أكثر من 21 ألف شخص فروا من الأعمال العدائية في سوريا هذا الشهر بحثاً عن الأمان في لبنان المجاور.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سلام يستمع إلى شروحات في مطار القليعات بشمال لبنان (رئاسة الحكومة)

سلام يتعهد بضبط الأمن في شمال لبنان ومكافحة التهريب

تعهد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام بالحفاظ على الأمن وضبط الاستقرار بمدينة طرابلس في الشمال كما شدّد على ضرورة ضبط الحدود ومكافحة التهريب

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي من عمليات فرز الأصوات في الانتخابات السابقة (أرشيفية - أ.ب)

هل يُحرم المغتربون اللبنانيون من مقاعدهم في برلمان 2026؟

من أبرز التعديلات المطروحة الإطاحة بما يلحظه لجهة تخصيص 6 مقاعد للمغتربين، سيشكلون دائرة انتخابية إضافية تُضاف إلى الدوائر الـ15 المعتمدة.

بولا أسطيح (بيروت)
تحليل إخباري مورغان أورتاغوس نائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط في القصر الرئاسي اللبناني (أ.ب)

تحليل إخباري إسرائيل تضغط لبنانياً لاتفاق أكبر من الهدنة... وأقل من التطبيع

يترقب لبنان الرسمي الزيارة الموعودة من مورغان أورتاغوس، نائبة المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، إلى بيروت، بعد انتهاء عطلة عيد الفطر المبارك.

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل تطلق سراح مخرج «لا أرضَ أخرى» غداة اعتقاله في الضفة الغربية

المخرج الفلسطيني حمدان بلال (أ.ب)
المخرج الفلسطيني حمدان بلال (أ.ب)
TT
20

إسرائيل تطلق سراح مخرج «لا أرضَ أخرى» غداة اعتقاله في الضفة الغربية

المخرج الفلسطيني حمدان بلال (أ.ب)
المخرج الفلسطيني حمدان بلال (أ.ب)

أطلقت الشرطة الإسرائيلية أمس (الثلاثاء) سراح المخرج الفلسطيني الحائز جائزة «أوسكار» حمدان بلال، غداة اعتقاله بسبب «رشق الحجارة»، بعدما تحدَّث نشطاء عن تعرُّض السينمائي لهجوم على يد مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة.

وليل الثلاثاء قال بلال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنَّ الهجوم الذي تعرَّض له «كان قوياً جداً، وكان بهدف القتل».

وأضاف: «بعد أن فزت بـ(الأوسكار) ما كنت أعتقد أنني سأتعرض لهجمات مثل هذه».

ونشر باسل عدرا الذي شارك مع بلال في إخراج الفيلم، على منصة «إكس» صورة لزميله في المستشفى، بعد أن تم إطلاق سراحه وقد بدت ملابسه ملطَّخة بالدماء.

وقال عدرا إن «حمدان أُطلق سراحه، وهو حالياً في الخليل يتلقى العلاج. تعرَّض للضرب على يد جنود ومستوطنين»، مضيفاً أن جنوداً «تركوه معصوب العينين ومكبَّل اليدين».

ووفق الجيش الإسرائيلي، تم توقيف 3 فلسطينيين، الاثنين، بسبب «رشق الحجارة» خلال «مواجهة عنيفة» بين إسرائيليين وفلسطينيين في قرية سوسيا جنوب الضفة الغربية.

وصباح الثلاثاء أكد متحدِّث باسم الشرطة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن بلال قد أُطلق سراحه.

وجاء في بيان لاحق للشرطة، أن الثلاثة «اقتادهم الجيش الإسرائيلي إلى الشرطة الإسرائيلية للتحقيق معهم بشبهة رشق الحجارة، وإلحاق أضرار بممتلكات، وتعريض أمن المنطقة للخطر»، وقد أطلق سراحهم بكفالة.

وكان عدرا قد نشر ليل الاثنين صورة تظهر -وفق ما قال- لحظة اعتقال بلال وهو «مصاب بجروح وينزف».

وكان يوفال أبراهام، شريك بلال في إخراج الفيلم الوثائقي «لا أرضَ أخرى» الحائز جائزة «أوسكار»، قد أشار إلى تعرُّض بلال لهجوم على يد «مجموعة من المستوطنين» الذين «ضربوه».

المخرج الفلسطيني حمدان بلال يخضع للاعتقال من قبل الجيش الإسرائيلي (أ.ب)
المخرج الفلسطيني حمدان بلال يخضع للاعتقال من قبل الجيش الإسرائيلي (أ.ب)

ولفت أبراهام إلى أن بلال «تعرَّض لإصابات في الرأس والبطن (...) وفي حين كان ينزف دخل جنودٌ سيارة الإسعاف التي كان قد طلبها واعتقلوه».

وقعت الأحداث في قرية سوسيا، وفقاً لمنظمة «مركز اللاعنف اليهودي» غير الحكومية المناهضة للاحتلال، والتي قال أعضاؤها إنهم شاهدوا الأحداث بأنفسهم.

المخرج الفلسطيني الحائز جائزة «الأوسكار» حمدان بلال (الثاني من اليسار) لدى وصوله إلى قرية سوسيا (د.ب.أ)
المخرج الفلسطيني الحائز جائزة «الأوسكار» حمدان بلال (الثاني من اليسار) لدى وصوله إلى قرية سوسيا (د.ب.أ)

وأفادت جينا -وهي ناشطة أميركية لم تشأ كشف كامل هويتها بسبب مخاوف أمنية- «وكالة الصحافة الفرنسية» بأنها شاهدت قوات إسرائيلية تضع حمدان وفلسطينيَّين آخرين في سيارة تابعة للشرطة.

وقالت إن مجموعة «من 15 إلى 20 مستوطناً» هاجمت النشطاء قبل وصول الشرطة، وكذلك منزل بلال في القرية.

وقالت جينا إنها تعرَّضت «للضرب بالعصي» وإن مستوطنين رموا أحجاراً كبيرة على سيارة كانت تستقلها.

ولفتت إلى أن «هذا النوع من العنف يحدث بشكل منتظم»، مشيرة إلى ازدياد هذا النوع من الحوادث في الأشهر الأخيرة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي توقيف 3 فلسطينيين في سوسيا، على خلفية «رشق مواطنين إسرائيليين بالحجارة، وإلحاق أضرار بسياراتهم».

أعلن الجيش الإسرائيلي توقيف 3 فلسطينيين في سوسيا على خلفية «رشق مواطنين إسرائيليين بالحجارة وإلحاق أضرار بسياراتهم» (د.ب.أ)
أعلن الجيش الإسرائيلي توقيف 3 فلسطينيين في سوسيا على خلفية «رشق مواطنين إسرائيليين بالحجارة وإلحاق أضرار بسياراتهم» (د.ب.أ)

وتابع بيان الجيش الإسرائيلي: «عقب ذلك، اندلعت مواجهة عنيفة تخللها رشق متبادل للحجارة بين فلسطينيين وإسرائيليين... كما عمد إرهابيون... إلى رشق حجارة على قوات إسرائيلية وصلت إلى الموقع».

وأشار البيان إلى أنه «خلافاً للمزاعم، لم يتم اعتقال أي فلسطيني من داخل سيارة إسعاف».

والفيلم الوثائقي «لا أرض أخرى» صُوِّر في منطقة مسافر يطا القريبة من سوسيا، وهو يروي قصة شاب فلسطيني يناضل ضد ما تصفه الأمم المتحدة بأنه تهجير قسري لسكان قرى الجوار.

ويتحدَّر من مسافر يطا التي صنَّفتها إسرائيل منطقة عسكرية، باسل عدرا، أحد المخرجَين الفلسطينيَّين للفيلم.

وبعد معركة قضائية مطوَّلة، أصدرت المحكمة العليا في مايو (أيار) 2022 قراراً يعطي الجيش الإسرائيلي الحقَّ في تصنيف مسافر يطا منطقة عسكرية، ما يفسح المجال أمام طرد سكان 8 قرى يريد الجيش إقامة معسكر رماية فيها.

وتعدُّ المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية غير شرعية بموجب القانون الدولي.