ترمب ينقل المواجهة مع الحوثيين إلى خانة «القوة المميتة»

ضربات عنيفة في 6 محافظات شملت مواقع محصنة ومقرات قيادة

TT

ترمب ينقل المواجهة مع الحوثيين إلى خانة «القوة المميتة»

دخان كثيف يتصاعد جراء الغارات الأميركية على صنعاء (أ.ف.ب)
دخان كثيف يتصاعد جراء الغارات الأميركية على صنعاء (أ.ف.ب)

نقل الرئيس الأميركي دونالد ترمب المواجهة مع الحوثيين في اليمن من خانة «رد الفعل» على الهجمات إلى خانة «القوة المميتة»؛ إذ أمر مساء السبت، بعملية واسعة لاستهداف مواقعهم المحصنة ومقرات القيادة في ست محافظات تتصدرها صنعاء، باستخدام ذخائر أشد انفجاراً، وسط شكوك في مدى فاعلية هذه الضربات للقضاء على تهديد الجماعة دون عمل بري.

وهددت الجماعة الحوثية بالرد. ووصف المكتب السياسي للحوثيين الهجمات بأنها «جريمة حرب». ووفقاً لبيان عن المكتب نقلته «رويترز» قال المكتب السياسي الحوثي إن قواته «على أتم الجاهزية لمواجهة التصعيد بالتصعيد».

ومع توقع أن تستمر هذه الضربات في الأيام والأسابيع المقبلة -وفق التصريحات الأميركية- أقرت الجماعة، الأحد، بمقتل 31 شخصاً وإصابة 101 آخر، أغلبهم سقطوا في صنعاء وصعدة، حسبما أفادت به وزارة الصحة في حكومة الجماعة الانقلابية.

ووسط تكهنات باستهداف عدد من قادة الجماعة خلال هذه الضربات التي ابتدأت من صنعاء، وامتدت إلى معقل الجماعة في صعدة شمالاً وصولاً إلى مواقع في ذمار والبيضاء ومأرب وحجة، دأبت الجماعة خلال السنوات الماضية على التكتم على قادتها القتلى، ثم الإعلان عنهم في أوقات لاحقة.

وبخلاف ما كانت عليه الحال مع إدارة الرئيس الأميركي السابق بايدن التي كانت تحركاتها تقوم منذ البداية على رد الفعل أو محاولة التصدي للهجمات، استبق الرئيس ترمب تهديدات الجماعة بالعودة لمهاجمة السفن بهذه الضربات التي نفَّذتها القيادة المركزية باستخدام حاملة الطائرات «هاري ترومان» والقطع البحرية المرافقة لها الموجودة في شمالي البحر الأحمر.

منزل في صعدة استهدفته الضربات الأميركية الأخيرة (رويترز)

وذكر شهود أن الضربات في صنعاء بدأت بعدة غارات استهدفت مقراً للجماعة في منطقة الجراف شمالي المدينة، وهي منطقة تكاد تكون مغلقة على أتباع الجماعة ويقع فيها مقر مكتبها السياسي، قبل أن تعود الضربات في موجات أخرى مستهدفةً مواقع محصَّنة لتخزين الأسلحة وصولاً إلى الضاحية الجنوبية لصنعاء، حيث منطقة جربان في مديرية سنحان.

وفي صعدة (شمال) استهدفت الضربات مواقع عدة في أطراف المدنية وفي مواقع جبلية في المديريات المحيطة بصعدة، حيث يُعتقد أن الجماعة بنت تحصينات داخل الجبال لتخزين الأسلحة.

إلى ذلك طالت الضربات مواقع الجماعة العسكرية في ذمار (جنوب صنعاء)، وفي البيضاء (جنوب شرق)، وفي مأرب (شرق)، إضافة إلى غارة واحدة على الأقل ضربت موقعاً في محافظة حجة (شمال غرب)، وتحديداً في مديرية مبين الجبلية.

ومع عدم تكشف الخسائر العسكرية للجماعة، جراء هذه الضربات، كان ترمب قد أعلن في بيان أنه أمر الجيش الأمريكي بشنِّ عملية «عسكرية حاسمة وقوية ضد الإرهابيين الحوثيين في اليمن». وأعاد السبب إلى هجماتهم السابقة في عهد بايدن ضد السفن والطائرات والطائرات المُسيّرة الأمريكية وغيرها.

وأشار ترمب إلى أن هجمات الحوثيين الماضية كلفت الاقتصادَ الأمريكيَّ والعالميَّ ملياراتٍ من الدولارات، وعرَّضت أرواحاً بريئةً للخطر، وقال مهدداً: «سنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا».

وخاطب ترمب الحوثيين بالقول «لقد انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم، ابتداءً من اليوم». وأضاف: «إنْ لم تفعلوا، فستمطر عليكم جهنم كما لم تروا من قبل».

وانتهز ترمب العملية، موجهاً من منتجعه في الغرب الأميركي حيث يقضي إجازته الأسبوعية، رسالة إلى إيران المتهمة بدعم الحوثيين، قائلاً: «يجب أن يتوقف دعم الإرهابيين الحوثيين فوراً! لا تهددوا الشعب الأمريكي، ولا رئيسه، الذي حاز أحد أكبر التفويضات في تاريخ الرئاسة، ولا ممرات الشحن العالمية. إنْ فعلتم، فاحذروا، لأن أميركا ستحاسبكم بالكامل، ولن نكون لطفاء في هذا الشأن».

عقاب بأثر رجعي

على مدار أكثر من 14 شهراً وتحديداً من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، انخرط الحوثيون في الصراع الإقليمي تحت ذريعة مساندة الفلسطينيين في غزة، و«حزب الله» في لبنان، وتبنوا مهاجمة 211 سفينة وأغرقوا اثنتين وقرصنوا ثالثة، وقتلوا 4 بحارة، وهو الأمر الذي قوبل بضربات غربية لكنها غير حاسمة، إذ لم تؤثر على قدرات الجماعة على شن الهجمات.

وعلى الرغم من أن الجماعة أوقفت هجماتها بعد هدنة غزة وتحاشت أن تشن أي هجوم ضد السفن منذ تولي ترمب، فإنها عادت قبل أيام للتهديد باستئناف عملياتها ضد السفن للضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات إلى غزة، وفق مزاعمها.

آليات حوثية في صعدة ترفع أنقاض منزل دمرته الغارات الأميركية (رويترز)

ويبدو أن الضغط الحوثي على موارد الجيش الأميركي خلال تلك المدة لم يرُقْ للرئيس ترمب، فمنذ يومه الأول عند عودته للبيت الأبيض، أعاد تصنيف الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، وفرضت وزارة الخزانة مزيداً من العقوبات على كبار القادة، إلى جانب التوجه لوقف تدفق الوقود إلى المواني الخاضعة للجماعة ابتداءً من أبريل (نيسان) المقبل.

ومع اعتقاد مراقبين للشأن اليمني أن يذهب ترمب بعيداً في المواجهة مع الحوثيين إذا لم يفهموا رسائله الأخيرة، علّقت الجماعة على الضربات وقالت إنها لن «تمر دون رد»، في انتظار أن يخرج زعيمها عبد الملك الحوثي ليقرر كيف سيكون هذا الرد.

ويصف الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل الضربات التي أمر بها ترمب بأنها «نوعية واستباقية»، وتبدو تغييراً في نهج الإدارة الأميركية وتعاطيها تجاه الفصائل المسلحة، وتحديداً أذرع إيران.

وتأتي نوعيتها -وفق حديث البيل لـ«الشرق الأوسط»- من حيث إنها لم تنتظر لتكون مجرد ردة فعل لما يقوم به الحوثيون، إنما عدَّت كل ما قاموا به من قبل اعتداء على التجارة العالمية وعلى الأمن الدولي.

ويرى البيل أن الإدارة الأميركية ستذهب إلى خيارات أكثر تشدداً ضد الحوثيين، ويضيف: «هذه الضربات هي بداية استهداف إيران بشكل غير مباشر ومحاولة لإفقاد النظام الإيراني بقية أذرعه في المنطقة».

جدوى الضربات

حتى لحظة كتابة هذه القصة، لم يعلق مجلس القيادة الرئاسي اليمني ولا الحكومة اليمنية على الضربات الجديدة التي أمر بها ترمب ضد الحوثيين، لكن يمكن الاستعانة بالمواقف السابقة المعلنة سواء إزاء الضربات التي كانت تنفذها الإدارة الأميركية السابقة تحت مسمى «تحالف الازدهار»، أو بشأن الضربات الإسرائيلية على صنعاء والحديدة، حيث كان هناك رفض وتنديد بالضربات الإسرائيلية وعدم رضا عن الضربات الأميركية والبريطانية.

ويعود موقف الحكومة اليمنية إلى اعتبار أن الضربات الجوية على مواقع الحوثيين، سواء كانت انتقامية كما هو الحال مع الضربات الإسرائيلية، أو للدفاع واستهداف القدرات العسكرية، لن تحقق المطلوب وهو القضاء على الجماعة واستعادة الشرعية.

ويؤكد مجلس القيادة الرئاسي اليمني في مواقفه المعلنة أن الحل الأنجع للمعضلة الحوثية هو في دعم القوات الحكومية الشرعية وإطلاق يدها لاستعادة الحديدة وموانيها ومؤسسات الدولة المختطفة وصولاً إلى صنعاء وصعدة، باعتبار ذلك هو ما سيُنهي التهديد الحوثي المدعوم من إيران.

مقاتلة أميركية تُقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ف.ب)

وعلى الصعيد ذاته، تشكك الأروقة السياسية في اليمن في إمكانية أن تكون هذه الضربات قادرة على إنهاء الخطر الحوثي، لجهة أن أي تحرك جوي ما لم يسانده أي تحرك بري لن يُكتب له تحقيق أهدافه.

يتفق مع هذا الطرح المحلل السياسي اليمني محمد الصعر، إذ يرى أنه من الصعب أن تحسم الضربات الأمريكية مصير الأحداث في اليمن، فقد خبر الحوثيون على مدى سنوات كيف ينحنون عسكرياً، ويستشهد بأن إدارة بايدن وبريطانيا فشلتا في إنهاء الهجمات البحرية طيلة الأشهر الماضية.

ويوضح الصعر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن القصف الأميركي وترافقه مع عقوبات اقتصادية فرضتها الخزانة على ميناء الحديدة والبنوك في مناطق سيطرة الميليشيا، هو باكورة فتح باب الصراع العسكري من جديد في اليمن خصوصاً أن الحوثي لا يزال في متارسه العسكرية في مأرب والساحل الغربي على وجه الخصوص.

ويجزم الصعر بأن استمرار الضربات الأميركية بشكلها العنيف لن يؤدي إلى أي تراجع حوثي في هذه المرحلة خصوصاً مع عدم ترتيب قوة الشرعية اليمنية ضمن غرفة عمليات واحدة، ودمج القوات تحت مظلة وزارة الدفاع، ويصف ذلك بأنه «حالة من ضياع الجهود العسكرية والسياسية على حد سواء»، وفق تعبيره.


مقالات ذات صلة

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)
خاص نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

خاص «اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الحوثيين لتبادل 2900 محتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق هذا الملف الإنساني

محمد ناصر (تعز)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.