إجماع كردي على رفض «الإعلان الدستوري» السوري

لأنه لا يضمن حقوق المكونات القومية والدينية

كرديات يحتفلن بعيد المرأة في القامشلي 8 مارس 2025 (أ.ف.ب)
كرديات يحتفلن بعيد المرأة في القامشلي 8 مارس 2025 (أ.ف.ب)
TT
20

إجماع كردي على رفض «الإعلان الدستوري» السوري

كرديات يحتفلن بعيد المرأة في القامشلي 8 مارس 2025 (أ.ف.ب)
كرديات يحتفلن بعيد المرأة في القامشلي 8 مارس 2025 (أ.ف.ب)

بعد أجواء تفاؤلية أعقبت توقيع الاتفاق بين رئيس الإدارة الانتقالية لسوريا أحمد الشرع وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي، جاء «الإعلان الدستوري» للحكم الانتقالي بدمشق لخمس سنوات مقبلة، بمثابة صدمة للأوساط الكردية.

وسارع «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) إلى اعتبار أن «الإعلان الدستوري» لا يتماشى مع «الشرع – عبدي»، ويشكل تراجعاً عن التفاهمات السابقة، في حين أعلن «المجلس الوطني الكردي» رفضه له لأنه مكتوب بعقلية «أمة واحدة ودين واحد، دون ضمان حقوق المكونات القومية والدينية المتنوعة في البلاد».

وأعلن مجلس «مسد» المظلة السياسية لقوات «قسد» رفضه التام للإعلان الدستوري، وقال في بيان نشر على موقعه الرسمي، الجمعة، إن هذا الإعلان «لا يعكس تطلعات الشعب السوري ولا يحقق التحول الديمقراطي المنشود»، وحذر هذا التحالف السياسي للأحزاب الموجودة في مناطق الإدارة الذاتية من إعادة إنتاج الاستبداد بصيغة جديدة، «ستكرس الحكم المركزي وتمنح السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة، بينما ستقيد العمل السياسي وتجمّد تشكيل الأحزاب وستعطل مسار التحول الديمقراطي وتعمق الأزمة الوطنية»، كما ورد في البيان.

رئيس الإدارة الانتقالية لسوريا أحمد الشرع وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي يوقعان على الاتفاق بينهما بدمشق 10 مارس 2025 (أ.ف.ب)
رئيس الإدارة الانتقالية لسوريا أحمد الشرع وقائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي يوقعان على الاتفاق بينهما بدمشق 10 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وأكدت ليلى قره مان، الرئيسة المشتركة لمجلس «مسد»، رفض أي محاولة لإعادة إنتاج الديكتاتورية تحت غطاء الدستور والمرحلة الانتقالية. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن أي إعلان دستوري «يجب أن يكون نتاج توافق وطني حقيقي، وليس مشروعاً مفروضاً من طرف واحد». وطالبت بإعادة صياغة الإعلان بما يضمن توزيع السلطات والحقوق بشكل عادل، «لضمان حرية العمل السياسي، والاعتراف بحقوق جميع المكونات السورية، واعتماد نظام حكم لا مركزي ديمقراطي، مع وضع آليات واضحة لتحقيق العدالة الانتقالية».

وشدّدت قره مان على أن سوريا وطن لجميع أبنائها. وقالت: «لن نرضى بإعادة بناء النظام الاستبدادي».

وتطرح الإدارة الذاتية و«قسد» ومجلسها السياسي «مسد» النظام الفيدرالي كنظام حكم جديد لسوريا المستقبل، وتقدم اللامركزية بمثابة إصلاح دستوري يعزز استقرار البلاد، وليس للتقسيم، وتأكيدها أن توزيع السلطات لا يعني تفكيك الدولة، بل يضمن مشاركة جميع المكونات في الحكم، فيما أثار «الإعلان الدستوري» انتقادات حادة في الأوساط السياسية والشعبية الكردية واعتبر الكثيرون أنه «يتنافى» مع تنوع سوريا، ويضم بنوداً تتشابه مع حقبة حكم حزب «البعث».

شوارع القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا تتزيّن ابتهاجاً بالاتفاق بين إدارة دمشق و«قسد» (أرشيفية - رويترز)
شوارع القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا تتزيّن ابتهاجاً بالاتفاق بين إدارة دمشق و«قسد» (أرشيفية - رويترز)

وعبر شلال كدو، عضو الأمانة العامة لـ«المجلس الوطني الكردي»، عن موقفه الرافض للإعلان. وقال في مقابلة تلفزيونية بثتها شبكة «رووداو» الإعلامية الكردية، الخميس، إن الإعلان «كُتب بعقلية تقوم على أمة واحدة ودين واحد، ولم يضمن حقوق المكونات القومية والدينية في البلاد».

واعتبر كدو أن دستور سوريا لعام 1920 كان أفضل بكثير من «الإعلان الدستوري». وأضاف أن «هذه الخطوة خطيرة في بلد متعدد القوميات والمكونات وأعتقد أن سوريا لا يمكن أن تُدار بهذا الدستور المؤقت، وستبرز العديد من المشاكل بسببه».

وكان الاتفاق المبرم بين الشرع وعبدي ينص على الاعتراف بالمكون الكردي بوصفه «مجتمعاً أصيلاً في الدولة السورية، عانى طيلة عقود خلال حكم آل الأسد من تهميش وإقصاء»، كما نص على ضمان حقوق جميع السوريين في «التمثيل والمشاركة في الحياة السياسية وجميع مؤسسات الدولة»، في موازاة «رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية».


مقالات ذات صلة

تركيا تدعو لاستبعاد جميع المسلّحين المتورطين في أنشطة «إرهابية» داخل سوريا

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع يلتقي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في دمشق (رويترز) play-circle

تركيا تدعو لاستبعاد جميع المسلّحين المتورطين في أنشطة «إرهابية» داخل سوريا

قال وزير خارجية تركيا هاكان فيدان، اليوم الجمعة، إن «من الضروري إخراج جميع العناصر المسلّحة المتورطة في أنشطة إرهابية داخل سوريا، من المعادلة».

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي أكراد سوريون يرفعون لافتات تنادي باللامركزية خلال مسيرة ضد الإعلان الدستوري في عامواد شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب) play-circle

مظاهرة للأكراد في شمال شرقي سوريا احتجاجاً على الإعلان الدستوري

تظاهر مئات الأكراد، اليوم الجمعة، في شمال شرقي سوريا احتجاجاً على الإعلان الدستوري الذي لا يلبّي، في نظرهم، تطلّعات الأقلّيات في البلد.

«الشرق الأوسط» (القامشلي)
المشرق العربي الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع يوقع الإعلان الدستوري للبلاد والذي سيتم تنفيذه خلال فترة انتقالية مدتها 5 سنوات في القصر الرئاسي بدمشق... 13 مارس 2025 (رويترز) play-circle

خبراء: الإعلان الدستوري في سوريا يثير مخاوف إزاء إدارة المرحلة الانتقالية

يمنح الإعلان الدستوري الذي أقرته دمشق سلطات مطلقة للرئيس أحمد الشرع في إدارة المرحلة الانتقالية، وفق ما يقول خبراء، من دون أن يلبي تطلعات الأقليات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عائلة علوية تعود إلى منزلها في اللاذقية بعد الحوادث الأخيرة (رويترز)

مجلس الأمن الدولي يطالب بحماية «جميع السوريين بلا تمييز»

ندّد مجلس الأمن الدولي بـ«المجازر» بحق المدنيين في غرب سوريا، مطالباً السلطات الانتقالية بحماية «جميع السوريين دون تمييز».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي دورية أمنية سورية في أحد شوارع اللاذقية الخميس (رويترز)

مجلس الأمن يطالب السلطات الانتقالية السورية بحماية الأقليات

أصدر الأعضاء الـ15 بمجلس الأمن بياناً رئاسياً بالإجماع لـ«التنديد بشدة» بأعمال العنف الواسعة النطاق التي ارتُكبت بمحافظتي اللاذقية وطرطوس في سوريا منذ 6 مارس.

علي بردى (واشنطن)

مجلس الأمن يطالب بحماية أقليات سوريا

دورية أمنية سورية في أحد شوارع اللاذقية يوم الخميس (رويترز)
دورية أمنية سورية في أحد شوارع اللاذقية يوم الخميس (رويترز)
TT
20

مجلس الأمن يطالب بحماية أقليات سوريا

دورية أمنية سورية في أحد شوارع اللاذقية يوم الخميس (رويترز)
دورية أمنية سورية في أحد شوارع اللاذقية يوم الخميس (رويترز)

ندّد مجلس الأمن بشدة بـ«عمليات القتل الجماعي» للمدنيين في سوريا، داعياً السلطات الانتقالية إلى «حماية جميع السوريين، بصرف النظر عن عرقهم أو دينهم»، فضلاً عن «الوقف الفوري» لأعمال العنف.

وأصدر الأعضاء الـ15 في المجلس بياناً رئاسياً بالإجماع لـ«التنديد بشدة» بأعمال العنف الواسعة النطاق التي ارتُكبت في محافظتي اللاذقية وطرطوس في سوريا منذ 6 مارس (آذار)، معبراً عن «قلقه البالغ من تأثير هذا العنف على تصاعد التوترات بين الطوائف في سوريا».

وإذا كان العنف الطائفي قد أثار مخاوف الأقليات، فإن «الإعلان الدستوري» الذي وقّع عليه الرئيس الرئيس أحمد الشرع، أول من أمس، رفع درجة المخاوف، إذ سارع الأكراد الى رفضه، لأنه لا ينصّ على ضمان حقوق المكونات القومية والدينية المتنوعة.

من جهة أخرى، وفي أول زيارة لبغداد بعد انهيار نظام الأسد، أكّد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن بلاده مستعدة «لتعزيز التعاون» مع بغداد بهدف التصدي لتنظيم «داعش».

وقال الشيباني، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي، فؤاد حسين، إن «بغداد ودمشق مرتبطتان بمصير مشترك بسبب أواصر التاريخ والثقافة والحضارة منذ قرون». وأشار إلى أن «العراقيين أكثر من يفهم التحديات التي يواجهها السوريون لإعادة بناء بلدهم».