«اللوتس الأبيض» في طريقه إلى تايلند... وكذلك السياح

كوه ساموي جوهرة من صنع الطبيعة

شواطئ تايلاند الجميلة (نيويوك تايمز)
شواطئ تايلاند الجميلة (نيويوك تايمز)
TT

«اللوتس الأبيض» في طريقه إلى تايلند... وكذلك السياح

شواطئ تايلاند الجميلة (نيويوك تايمز)
شواطئ تايلاند الجميلة (نيويوك تايمز)

مع انطلاق حلقات الموسم الثالث من مسلسل «اللوتس الأبيض» (The White Lotus)، على قناة «إتش بي أو»، الأحد، انتقل المشاهدون إلى جزيرة كوه ساموي الاستوائية في تايلند. وإذا استرشدنا بما حدث في المواسم السابقة، فإن هذا يعني أن الكثيرين ربما يشرعون في حجز إجازات لهم هناك قريباً.

ويدور المسلسل الذي تجري أحداثه داخل منتجع فاخر خيالي مختلف في كل موسم، حول مجموعة من السياح الأثرياء، ودراما حياتهم الشخصية، والتوتر الحتمي بينهم وبين الموظفين العاملين تحت إمرتهم، كل ذلك على خلفية الجزيرة الأقرب إلى الجنة التي يعيشون عليها.

وداخل أروقة صناعة السفر، ترقبت الأنظار الموسم الجديد بقدر ما كان المشجعون ينتظرونه. وبفضل ما يُسمّى تأثير «اللوتس الأبيض»، برزت كوه ساموي وتايلند بالفعل بصفتهما وجهتَيْن سياحتَيْن رئيسيتَيْن. وجاءت كوه ساموي من بين 52 مكاناً تنبغي زيارتها خلال عام 2025، حسب تقييم «نيويورك تايمز». وشكّلت تايلند وجهة عام 2025، حسب مجلة «ترافيل بلس ليجر» (Travel + Leisure).

مع انطلاق الموسم الثالث من «اللوتس الأبيض» السياح يستعدون للذهاب إلى تايلاند (نيويورك تايمز)

وبالنظر إلى موجة السياح الذين يستعدون للوصول إلى الشاطئ، يبدو سكان كوه ساموي، البالغ عددهم قرابة 68 ألف نسمة، على وشك أن يعتادوا على تأثير «اللوتس الأبيض».

في إحدى الأمسيات القريبة على الرمال البيضاء النقية لشاطئ تشاوينغ، قال تي، 46 عاماً، نجار محلي رفض ذكر اسمه الأخير، إنه لا يعرف الكثير عن المسلسل، لكن بعد لحظات قلائل بدأ يتعرف عليه.

وقال: «نعم، نعم. جرى تصوير مسلسل ليزا هنا».

جدير بالذكر أن ليزا، أو لاليسا مانوبال، عضوة تايلندية في فرقة البوب الكورية «بلاك بينك»، وشاركت في التمثيل للمرة الأولى في هذا الموسم من «اللوتس الأبيض».

هل سمع أي شيء آخر عن المسلسل؟ هز تي رأسه بالنفي.

رياضات مائية عديدة (نيويورك تايمز)

بيع الفخامة

كوه ساموي، جوهرة من صنع الطبيعة تبلغ مساحتها 88 ميلاً مربعاً في خليج تايلند، على بُعد قرابة 470 ميلاً جنوب بانكوك، ولطالما سحرت زوارها بشواطئها الممتدة على مسافة أميال، ومياهها الهادئة، وتلالها المغطاة بالغابات، ومطاعمها، وحياتها الليلية.

وقد ارتفعت الحجوزات في منتجع «فور سيزونز كوه ساموي»، البالغ تكلفة الليلة فيه 2000 دولار، حيث جرى تصوير جزء كبير من الموسم الثالث، بنسبة 40 في المائة بالفعل. وبمجرد بدء بث الموسم الجديد، صرّح مارك سبيتشرت، نائب الرئيس التنفيذي والمدير التجاري لشركة «فور سيزونز للفنادق والمنتجعات»، بأنه يتوقع زيادة الطلب «بشكل كبير».

وقال سبيتشرت، في إشارة إلى منتجعات «فور سيزونز» في هاواي وصقلية، حيث جرى تصوير معظم الموسمَيْن الأول والثاني من المسلسل: «لقد شهدنا زيادة قدرها 10 أضعاف في الإقبال على العقارات في ماوي وتاورمينا».

وكشفت شبكة «فيرتوسو»، المعنية بالسفر الفاخر، عن أن بياناتها أظهرت ارتفاعاً بنسبة 424 في المائة في المبيعات إلى صقلية بعد الموسم الثاني.

وحول زوار كوه ساموي الراغبين في تذوّق حياة «اللوتس الأبيض» الحلوة، لكنهم يفتقرون إلى أرصدة بنكية تتناسب معها، يتيح «فور سيزونز» تذاكر يومية تسمح باستخدام الشاطئ والدخول إلى المطاعم والحانات إذا أنفقت 5 آلاف بات على الأقل (نحو 150 دولاراً)، حسب المدير العام للمنتجع، جاسجيت آسي.

كما تراهن الشركات الأخرى، المحلية والعالمية، على ازدهار القطاع السياحي بالجزيرة. من جهتها، تقدّم «أميركان إكسبريس» باقة تجربة «وايت لوتس» تايلند لبعض حاملي البطاقات، وتتضمّن ثلاثة أيام في منتجع «فور سيزونز» وحفل اكتمال القمر.

وحتى على بُعد قرابة 200 ميل غرب جزيرة بوكيت الشهيرة، حيث يجري تصوير بعض أجزاء الموسم الثالث، تحاول الفنادق الاستفادة من «اللوتس الأبيض». على سبيل المثال، تفتخر فيلات «أنانتارا ماي كاو بوكيت» بأنها تقدم مستوى من الفخامة مماثلاً لذلك الموجود في فندق «فور سيزونز». وعلى عكس كوه ساموي، فإن بوكيت تُعد موطناً لمطعم «برو»، الحائز على نجمة «ميشلان».

فوكيت وبانكوك وكوه ساموي تشكل جميعها محطات في رحلة «اللوتس الأبيض» في تايلند، التي تستمر سبع ليالٍ، والتي تقدمها شركة «أنفورغيتابل ترافيل»، وهي شركة رحلات سياحية فاخرة، مقابل أقل من 8 آلاف دولار للشخص الواحد. وتتضمن الرحلة جولات خاصة في بانكوك ورحلات بحرية عند غروب الشمس في بانكوك وكوه ساموي.

من جهته، قال مايكل برازيير، مالك ومدير مطعم «نام»، وهو مطعم فسيح يقع فوق الماء بالقرب من مطار كوه ساموي: «أعتقد أنها ستكون ضخمة بالنسبة إلى ساموي». وقد استفاد برازيير بالفعل من نعمة «اللوتس الأبيض» الخاصة به، مضيفاً: «فقد زارت مجموعة من الممثلين، من بينهم والتون جوجينز، الذي يلعب دور أحد ضيوف المنتجع، نام عدة مرات في الأسبوع في أثناء التصوير، وكان بحوزته الصور التي تثبت ذلك».

من ناحية أخرى، تعود فكرة «السفر إلى مواقع التصوير»، أو زيارة مواقع تصوير البرامج والأفلام المفضلة، إلى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين على الأقل، عندما كان لسلسلة أفلام «سيد الخواتم» الفضل وراء تدفق الزوار المهووسين على نيوزيلندا.

إلا أن هذا الاتجاه بدأ الظهور بقوة على نحو خاص خلال السنوات الأخيرة، مع أحداث مثل تنظيم حفلات على طراز «بريدجيرتون» ورحلات الفتيات المستوحاة من «إميلي في باريس» إلى الريفييرا الفرنسية. عام 2023، بدأت شركة السفر الفاخر «بلاك توميتو» تقديم تجارب متميزة، مثل الجولات الخاصة ذات الطابع الخاص بأفلام جيمس بوند، بما في ذلك سباق القوارب السريعة على نهر التيمز، مقابل 18 ألفاً و500 دولار وما فوق.

إلا أنه في الماضي، كان عشاق زيارة مواقع التصوير يزورون في الغالب الأماكن التي شاهدوها بالفعل في أفلامهم أو برامجهم المفضّلة. ومع انطلاق الموسم الثالث من «اللوتس الأبيض»، فإنهم يستعدون اليوم للانطلاق.

عن ذلك، قال الممثل البريطاني جيسون إيزاك، أحد نجوم الموسم الجديد، إنه فُوجئ عندما سمع أن عشاق زيارة أماكن التصوير بدأوا في التوجه بالفعل إلى كوه ساموي.

وقال: «لم أكن أدرك أن هذا كان شيئاً ناجحاً بالفعل».

وأضاف إيزاك، الذي تحدّث عبر الهاتف في أثناء توجهه لحضور العرض الأول للموسم الجديد في لوس أنجليس، إنه تمكّن من القيام ببعض الاستكشافات الخاصة به خلال أكثر من شهرين قضاهما في كوه ساموي للتصوير. وذكر زيارة المعابد، ورحلات المشي لمسافات طويلة بين الشلالات، والتدليك والتدريب على الملاكمة التايلندية بوصفها بعض أبرز الأحداث. وقال: «ساموي مكان رائع ومتنوع وثري، علاوة على أنه زاخر بالجمال المذهل».

إلا أنه حذّر من أن التدفق المتوقع للزوار والتطوير المصاحب ستكون له جوانب سلبية كذلك، ما يعكس موضوع الأثرياء والفقراء المنسوج في المسلسل. ورغم أن المكان الجميل، فإنه لا يخلو من «الفقر والحرمان»، كما قال. وأضاف: «سيشاهد الزوار الكثير إذا كانوا فضوليين وأبقوا أعينهم مفتوحة».

يعرف تي، النجار من شاطئ تشاوينغ، جيداً ما جلبه التغيير إلى الجزيرة. ويتذكر عندما كان طفلاً، كانت رؤية أجنبي تشكل حدثاً كبيراً. في ذلك الوقت، لم تكن التلال مغطاة بفيلات مملوكة للمغتربين، ولم تكن الطرق مليئة بالمتاجر التي تبيع الماريغوانا، والتي جرى إلغاء تجريمها في تايلند عام 2022.

إلا أنه في الوقت نفسه، بدا تي، الذي تعلّم اللغة الإنجليزية في أثناء عمله لدى مطور عقارات بريطاني يبني تلك الفيلات نفسها، عملياً بشأن التغييرات.

وقال إن هؤلاء السياح والمغتربين يجلبون المال إلى الجزيرة، وأكد أنهم «يمكنهم أن يفعلوا ما يريدون».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

سفر وسياحة مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء.

محمد عجم (القاهرة)
سفر وسياحة الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد متسوقون يتجولون في مركز «دولفين» التجاري خلال «الجمعة السوداء» في ميامي (إ.ب.أ)

المستهلكون الأميركيون ينفقون 11.8 مليار دولار في «البلاك فرايدي»

شهد المستهلكون الأميركيون عطلة تسوق قياسية بعد عيد الشكر؛ حيث سجّل الإنفاق عبر الإنترنت في «الجمعة السوداء» (بلاك فرايدي) رقماً غير مسبوق، دافعاً تجارة التجزئة…

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق السويد واحدة من أقل دول أوروبا كثافة سكانية (رويترز)

السويد تشجع السياح على زيارتها بهدف «الشعور بالملل»

تشجع السويد الزوار على السفر إليها بحثاً عن الراحة والهدوء.

«الشرق الأوسط» (ستوكلهوم)

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
TT

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء، حيث تختبئ المدينة المصرية كواحدة من أكثر الوجهات السياحية سحراً وهدوءاً.

تلك البقعة الساحلية التي تقدم لزوارها تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة البكر وهدوء العزلة، ما يجعلها وجهة مثالية للمسافرين الباحثين عن الاسترخاء، حيث تُعرف طابا بكونها المكان الأمثل لمن يبحث عن الانعزال عن صخب الحياة اليومية وقضاء عطلة مميزة وسط الطبيعة الخلابة، كما أن تميز المدينة بأجوائها الدافئة والمشمسة، يجعلها القرار الأمثل لقضاء وقت هادئ وممتع خلال أشهر الشتاء.

تتميز أعماق المياه في طابا بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

تقع طابا على رأس خليج العقبة على شواطئ البحر الأحمر، وتمتاز بأنها من أصغر المدن السياحية المصرية، إذ لا تتعدى مساحتها 508.8 أفدنة، ورغم صغرها، فإنها وجهة تقدم مشهداً بانورامياً يسيطر عليه التناغم بين زرقة مياه البحر الزاهية الممتدة أمام الأعين، والهدوء الذي تفرضه جبال جنوب سيناء.

زيارة قلعة "صلاح الدين" تتيح التعمق في التاريخ (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

ماذا تزور في طابا؟

إذا كانت وجهتك هي طابا، فإن جدول رحلتك سيكون مميزاً، فقط عليك اصطحاب كتابك المفضل ونظارتك الشمسية، وترك نفسك للطبيعة البكر.

تظل التجربة تحت الماء هي العنوان الأبرز في طابا، إذ يزخر خليج العقبة بالشعاب المرجانية والحياة البحرية المتنوعة، مما يجعلها وجهةً مثاليةً للغوص والغطس، تنتقل معهما إلى عالم آخر من الألوان والجمال الفطري.

ويُعد خليج «فيورد باي» (جنوب المدينة) قبلة عالمية لهواة الغوص، يضم هذا الخليج الطبيعي حفرة غطس فريدة، تتميز بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة، مما يجعل الخليج قبلة للغواصين المحترفين، كما الخليج له قيمة استراتيجية وتاريخية نادرة، حيث يتيح للزوار فرصة فريدة لمشاهدة حدود أربع دول هي مصر، السعودية، الأردن، وفلسطين من موقعه المتميز.

جزيرة فرعون تسمح لزائرها بممارسة اليوغا أمام مشهد خلاب وسط الطبيعة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

لعشاق التاريخ والهدوء، فيمكن لهم زيارة «جزيرة فرعون» قبالة شاطئ المدينة الجنوبي، على بعد 8 كيلومترات منه، ويمكن الوصول إلى هذه الجزيرة الساحرة عبر رحلة بحرية بمركب أو لانش يخترق مياه الخليج الهادئة، حيث يمكن قضاء اليوم في الاسترخاء أو الغطس، والتمتع بمنظر غروب الشمس الذي لا مثيل له.

تحتضن الجزيرة معلماً تاريخياً هو حصن أو «قلعة صلاح الدين»، التي بنيت عام 1171 ميلادية من الحجر الناري الجرانيتي، لحماية مصر من خطر الحملات الصليبية، والتي تم ترميمها مؤخراً، ليُكمل المشهد السياحي الذي تقدمه المدينة ما بين استرخاء في الطبيعة وتعمق في التاريخ، فما يميز زيارة الجزيرة هو جمعها بين عظمة القلعة التاريخية وإمكانية ممارسة رياضات الاستجمام، مثل اليوغا، أمام هذا المنظر الساحر، الذي يمنح الزائر صفاءً ذهنياً وعلاجاً للروح.

لا تكتمل مغامرة طابا دون زيارة «الوادي الملون»، إحدى العجائب الطبيعية في جنوب سيناء، إذ يوفر هذا الوادي متاهة من الصخور الرملية المنحوتة بفعل الطبيعة، واكتسب الوادي الملون اسمه بفضل ظلال الألوان التي تكسو جدرانه بفعل الأملاح المعدنية، والتي تتدرج ألوانها بين الأصفر الدافئ والأحمر القاني والذهبي اللامع، وهو مكان مثالي لرحلات السفاري والمشي، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بجمال الطبيعة الصارخ في حضور عظمة الجيولوجيا.

جمال الطبيعة وعظمة الجيولوجيا يجتمعان في "الوادي الملون" بطابا (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

كذلك، تمنح طابا فرصة لا تُنسى لمحبي المغامرة، فموقعها المميز يجعلها نقطة انطلاق مثالية لرحلات استكشاف الطبيعة البرية والجبلية، إذ يمكن للسائح أن يعيش تجربة استثنائية من المغامرات الصحراوية، أو استكشاف سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية. وبعد أن يقضي الزائر لطابا نهاره أمام البحر والغوص، أو التمتع بجمال الطبيعة، يحل خلال الليل موعد السهرات البدوية، على الرمال وأسفل النجوم ووسط الجو الدافئ. فمع حلول المساء، تدعو طابا زوارها إلى الاستمتاع بسهرات بدوية، تزينها المشاوي والمشروبات، ويتخللها الغناء والاستعراض، ما يعرف الزائر بالتراث التقليدي للبدو المقيميين.

خليج "فيورد باي" في طابا قبلة عالمية لهواة الغوص (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

محمية طابا

لا تقتصر متعة طابا على شواطئها فحسب، إذ تُعد طابا أيضاً محمية طبيعية منذ عام 1998، وبفضل مساحتها التي تغطي حوالي 2800 كيلومتر مربع، تتربع المحمية على الساحل الشمالي الشرقي لخليج العقبة، لتقدم للزائر تجربة فريدة تتجاوز مجرد الاستمتاع بالشاطئ، ما يجعل المحمية من أكثر الأماكن المفضلة لدى السياح بالمدينة.

تتميز محمية طابا بكونها محمية ذات إرث طبيعي ومنطقة لإدارة الموارد الطبيعية، وتشتهر بتكويناتها الجيولوجية الفريدة التي يعود تاريخها إلى 5000 عام، وهي ليست مجرد أرض، بل متحف طبيعي مفتوح يضم مناظر طبيعية خلابة مثل الواحات والأخدود الملون وعيون المياه المنتشرة داخلها، حيث تحتوي على كهوف وممرات جبلية، ووديان أشهرها وادي وتير والزلجة والصوانة نخيل وواحة عين خضرة، بالإضافة إلى أنواع نادرة من الحيوانات و50 نوعاً من الطيور وأكثر من 450 نبات نادر.

الإقامة في طابا

تشتهر مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة، التي تمنح المقيمين فيها تجربة إقامة استثنائية، خصوصاً أن هذه المنتجعات تحتمي بالجبال الشاهقة من حولها، مما يوفر خصوصية للزائرين، مع إطلالات بانورامية خلابة وأجواء هادئة ومريحة. وتوفر هذه المنتجعات مجموعة متميزة من الخدمات، أبرزها حمامات السباحة المتنوعة، بالإضافة إلى بعضها يضم بحيرات الملح العلاجية، التي تضمن تجربة استجمام فريدة.


كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
TT

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق. إنه ليس مشروعاً تجارياً مستداماً فحسب، بل يقوم على التجديد، ويحدث أثراً إيجابياً بشكل فعّال. أمام ذلك الفندق هدف طموح، يتمثل في أن يصبح خالياً من الفضلات والمخلفات تماماً، وقد اقترب كثيراً من تحقيق هذا الهدف. يقول أكيلي: «لم نصل إلى نقطة عدم وجود مخلفات، وصدقاً ربما لا نصل أبداً. مع ذلك لقد حققنا تقدماً كبيراً، حيث تحول 99.5 في المائة من مخلفاتنا بعيداً عن مكبّ النفايات». ويأتي هذا الرقم مع وجود أكثر من ألف نزيل يومياً في القرية.

مشروع "سويت بوتيتو" (الشرق الاوسط)

يجب أن تمثل الفضلات والمخلفات دائرة مكتملة. عندما تسمع عبارة «فندق بيئي»، من المرجح أن يكون مصطلح البصمة البيئية هو أول ما يخطر ببالك، والتدوير هو الوقود الذي يشغل محرك فندق «بوتاتو هيد». لقد حظرنا استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في المكان منذ 2017، ويُمنح كل شيء ضروري فرصة حياة ثانية داخل «معمل المخلفات»، حيث يُعاد إنتاج كل شيء، بدءاً بقواعد الأكواب، وصولاً إلى زجاجات المياه وقطع الأثاث، بل بُنيت بعض مباني الفندق من قوالب الطوب المهملة المستبعدة والمواد البلاستيكية.

الرياضة واليوغا من النشاطات المرغوبة في السفر (الشرق الاوسط)

ويعمل طاهٍ يكرّس جهده للوصول إلى مستوى الخلو من الفضلات تماماً في كل المطاعم لضمان الإبداع والفاعلية. ويشارك فريق العمل بانتظام في دورات تعليمية خاصة بالطهي من دون مخلفات. كذلك يُهدى كل نزيل عند وصوله مجموعة أدوات خاصة بتحقيق هذا الهدف، ويُدعى إلى المشاركة في جولة «متابعة الفضلات» لرؤية عملية التدوير على أرض الواقع.

المشروع الأكثر تأثيراً للفندق هو «مشروع المخلفات المجتمعي»، وهو مركز لتجميع المخلفات والنفايات افتُتح عام 2024 بالتعاون مع جهات تجارية محلية أخرى. ولإدراكنا أن الفصل السليم أمر ضروري، شارك فندق «بوتاتو هيد» خبرته مع الجهات الشريكة لضمان نجاح العمل. ويقول أكيلي: «أكبر إنجاز نفتخر به ليس الحدّ من المخلفات داخل الفندق، بل مشاركة ما تعلمناه خارج جدرانه». وتتم معالجة ما يصل إلى نحو 5 أطنان من المخلفات والنفايات يومياً، وقد وسّع ذلك نطاق تأثير الفندق، وأسّس لمستقبل أكثر نظافة للسكان المحليين، ووفّر وظائف جديدة في إطار هذا العمل. ويُعاد استثمار كل الأرباح، التي تدرّها عملية بيع المنتجات، التي خضعت لعملية إعادة التدوير، في المجتمع. وأوضح قائلاً: «الفكرة هي أن يستمر تحسين وتطوير النموذج بما يساعد الجزيرة، لا نحن فقط، في الاقتراب من تحقيق هدف عدم تشكل أي مخلفات».

الاستدامة مطلوبة في السفر العصري (الشرق الاوسط)

المجتمع مهم

أصبح الإخلاص لمناصرة المجتمع المحلي ضرورياً لتحقيق الاستدامة الشاملة حين يتعلق الأمر بالفنادق. كثيراً ما يتم إغفال وتجاهل الجانب الاجتماعي للاستدامة، لكن مجال الضيافة يتمحور حول الناس، ولا يمكن لفندق أن يصبح موجوداً بشكل مستدام دون أن يضع في الاعتبار كيفية تأثيره على النزلاء والعاملين والسكان المحليين. ويقول أكيلي: «المجتمع يمنح الفندق روحه، ومن دون ذلك سيصبح مجرد مبنى آخر. نحن نرى أنفسنا جزءاً من النظام البيئي، لا جزءاً منفصلاً عنه. ونتعاون مع المبادرات المحلية ونفتح أبوابنا للمشروعات المجتمعية، سواء أكانت برامج توعية بالمخلفات والنفايات أم ورش عمل ثقافية وأماكن إقامة إبداعية. ليس هدفنا هو استضافة النزلاء فحسب، بل تقديم شيء ذي معنى إلى المكان الذي يضمّنا».

وقد وزّع مشروع «سويت بوتاتو»، الذي نفّذه الفندق، أكثر من 38 ألف وجبة على المحتاجين خلال عام 2024، وشارك العاملون في أعمال الزراعة والتوصيل التطوعي وتنظيف الشاطئ. وأوضح أكيلي قائلاً: «يحدث التغيير عندما يدرك الناس الأمور المهمة. لهذا السبب نبدأ بفريق العمل لدينا أولاً. عندما يعيشون ويتنفسون الغرض والغاية، ويشعرون باتصالهم به، يشاركونه بشكل عفوي وتلقائي مع نزلائنا ومجتمعنا». يمنح الفندق سلامة وسعادة فريق العمل به الأولوية. يقول أكيلي: «نريد ضمان تطور كل من يعمل معنا، ليس على المستوى المهني فقط، بل فيما يتعلق بجودة الحياة أيضاً، بما في ذلك الصحة والسعادة والاستقرار المالي».

المنتجات التي تستخدم في الفنادق تخضع لعنصر الاستدامة ايضا (الشرق الاوسط)

الإحساس بالمكان

يمكن أن يصبح تسليط الضوء على الموطن جزءاً قوياً ومؤثراً بوجه خاص من استراتيجية الاستدامة للفنادق، حيث يدعم الأنظمة الاقتصادية المحلية، مع تقديم مذاق فريد للثقافة والتراث إلى النزلاء. ويوضح أكيلي: «الموطن همزة وصل بين ما نفعله وبين المكان الذي نوجد فيه. منذ اللحظة التي يصل فيها النزلاء نريد أن يشعروا بروح بالي من خلال الطعام والناس والحكايات التي تجعل هذا المكان مميزاً. يتعلق الأمر بالاتصال بالوجهة، لا إعادة تكوين شيء يمكن أن يتوفر في أي مكان آخر في العالم».

إن فخر فندق «ديسا بوتاتو هيد» بهويته يتضح ويبرز منذ اللحظة التي يُقدّم فيها إلى النزيل مشروب الـ«جامو»، وهو مشروب عشبي إندونيسي تقليدي، عند تسجيل دخوله إلى الفندق، ويتجلى في كل قرار يتعلق بمشتريات الفندق. تعمل المطابخ عن كثب مع المزارعين المحليين، وتدعم التنوع البيولوجي بالمنطقة من خلال تقديم النباتات الأصيلة قدر الإمكان. ويساعد التعاون والعمل مع الحرفيين بالجزيرة في الحفاظ على المهارات التراثية. على سبيل المثال، بُنيت الأجنحة في الفندق باستخدام قوالب طوب المعبد المضغوطة يدوياً، وهي طريقة بناء تقليدية في بالي. ويقول أكيلي: «نحن لا نشتري المكونات أو المواد الأولية فقط، بل نصنع نظام تدوير يعود بالنفع على الآخر. بهذه الطريقة نكوّن حلقة إيجابية متجددة بدلاً من حلقة سلبية استبعادية».

جناح كاتامانا الذي يراعي الاستدامة (الشرق الاوسط)

يتعلق الأمر بتحقيق التقدم لا المثالية

أهم جزء من تعريف مشروع تجاري مسؤول هو التزامه بالتطوير والتحسين المستمر.

المثالية أمر لا يمكن الوصول إليه. الاستدامة هي ببساطة التقدم خطوة نحو الأمام في المرة الواحدة. ويعدّ التواصل الشفاف عنصراً أساسياً من هذا الأمر، حيث يساعد في توعية العملاء وتحفيز العاملين والحثّ على إحداث تغيير أكبر في مجال العمل. يقول أكيلي: «نحن لا نروي قصصاً للتسويق، بل نحثّهم على إلهام الآخرين ليكونوا جزءاً من هذه الحركة. تبني الشفافية والثقة، والثقة تصنع الفعل».

الإخلاص للرحلة هي أهم ما في الأمر، ولا يقتصر ذلك على المنتجعات الفاخرة أو الوجهات الفريدة. إن أي فندق مستعد دائماً لمواصلة التعلم واتخاذ خطوات ملموسة قابلة للقياس نحو مستقبل أكثر استدامة هو فندق بيئي. ويضيف أكيلي: «سوف نواصل تطوير كل جزء مما نفعله، بدءاً بالمشتريات، ووصولاً إلى تصميم المنتج والعمليات اليومية حتى نظل متجددين ومشاركين في التجديد قدر الإمكان. وسوف نواصل مشاركة ما نتعلمه، وندعو الآخرين إلى الانضمام إلينا في إحداث تغير من أجل التجديد. نحن نختار التقدم لا المثالية. لا يهم الحجم، لكن الأمر المهم حقاً هو بدء إحداث تغييرات».


سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
TT

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»، وتدعو هذه الشراكة الضيوف إلى تبنّي روح السفر البطيء وإعادة اكتشاف الوقت كهدية ثمينة، وتشجيع لحظات التوقّف والتأمل وإعادة التواصل في عالم اليوم السريع الإيقاع.

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

استلهم الفندق ديكورات موسم الأعياد من فن الخط، حيث تبرز في الردهة شجرة لافتة مزيّنة بظروف مختومة بالشمع مع لمسات ذهبية وفضية وحمراء، إلى جانب الأختام الأيقونية لـ«باينيدر». يجسّد هذا العرض التزام علامة القرطاسية الفلورنسية بالحرفية والاهتمام بالتفاصيل.

وتعكس الشجرة أيضاً الرؤية المشتركة بين العلامتين الفلورنسيتين، ليس فقط من خلال تصميمها، بل أيضاً عبر تجربة «A Wish for Florence»؛ حيث يكتب الضيوف أمنياتهم ورسائلهم للمدينة على ورق كتابة من «باينيدر». ثم تُوضع الرسائل في صندوق عيد ميلاد خاص ليتم حفظها وإرسالها لاحقاً إلى عمدة فلورنسا.

رسائل مكتوبة بخط اليد (الشرق الأوسط)

ويدعو فندق سافوي ضيوف الأجنحة إلى عيش سحر عيد الميلاد من خلال تجارب باينيدر الخاصة والقرطاسية الفاخرة، بما في ذلك ورش الخط المخصّصة، وأقلام الحبر الفاخرة، وورق الكتابة المميز. في هذه اللحظات الحميمة، حيث يتوقف الزمن، يصنع الضيوف ذكريات مكتوبة بخط اليد ويعيدون اكتشاف متعة الكتابة.

تعاون ما بين أهم شركة قرطاسية وسافوي في فلورنسا فترة الأعياد (الشرق الأوسط)

كما تشمل فعالية «Wrapped in Time» جانباً خيرياً من خلال التعاون مع مستشفى جيميلي للأطفال في روما، حيث اجتمعت فرق باينيدر وفندق سافوي لكتابة رسائل مليئة بالأماني الطيبة للأطفال، تحمل رسائل أمل وخيال ودهشة. ومن خلال هذه اللفتة، يعيدون إحياء السحر الحقيقي لعيد الميلاد، الذي ينبض حين نمنح وقتنا واهتمامنا ورعايتنا للآخرين.