القضاء الأميركي يأمر إدارة ترمب بدفع مليارين للمساعدات

إلغاء 83 % من برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية

احتجاجات ضد قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أمام مبنى الكونغرس في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
احتجاجات ضد قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أمام مبنى الكونغرس في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
TT

القضاء الأميركي يأمر إدارة ترمب بدفع مليارين للمساعدات

احتجاجات ضد قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أمام مبنى الكونغرس في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)
احتجاجات ضد قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أمام مبنى الكونغرس في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن إدارة الرئيس دونالد ترمب ألغت رسمياً 83 في المائة من برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، بيد أن قاضي المحكمة الجزئية الأميركية في واشنطن أمير علي أمر الوزارة بدفع نحو ملياري دولار من المساعدات الخارجية المستحقة لشركائها الإنسانيين في كل أنحاء العالم، موضحاً أن قرار عدم الدفع ربما انتهك مبدأ فصل السلطات من خلال «حجز غير قانوني للأموال المخصصة من الكونغرس». وقال روبيو في منشور على منصة «إكس» إن الوزارة أجرت مراجعة لمدة ستة أسابيع، وألغت رسمياً 83 في المائة من برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

وخلال الأيام الأخيرة، ألغت وزارة الخارجية نحو 9900 منحة من أصل 13100 منحة تابعة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية، في إطار حملة مشددة من «دائرة الكفاءة الحكومية»، أو «دوج» اختصاراً، التي يقودها الملياردير إيلون ماسك لخفض العجز لدى الحكومة الفيدرالية.

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (رويترز)

وفي منشوره، شكر روبيو لـ«دوج»، و«طاقمنا المجتهد الذي عمل لساعات طويلة، تحقيق هذا الإصلاح المتأخر والتاريخي» في المساعدات الخارجية، استجابة للقرارات التنفيذية التي أصدرها ترمب بتجميد تمويل المساعدات الخارجية ومراجعة جميع المساعدات الأميركية وأعمال التنمية في الخارج. وأضاف أن المراجعة «انتهت رسمياً» الآن، مع إلغاء نحو5200 من برامج الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، موضحاً أن «هذه البرامج أنفقت عشرات المليارات من الدولارات بطرق لم تخدم (وفي بعض الحالات أضرت) بالمصالح الوطنية الأساسية للولايات المتحدة». وأعلن أنه «بالتشاور مع الكونغرس، نعتزم إدارة النسبة المتبقية البالغة 18 في المائة من البرامج التي نحتفظ بها... بشكل أكثر فاعلية تحت إشراف وزارة الخارجية».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

انتهاك للدستور

ولكن بموجب الحكم الذي أصدره القاضي علي، يحظر على إدارة ترمب حجب أموال المساعدات الخارجية التي أقرها الكونغرس، والتي تسببت في تأخيرات في توفير الغذاء والدواء المنقذ للحياة في المناطق الفقيرة في أرجاء مختلفة من العالم. وعلى نطاق أوسع، حكم القاضي علي بأن إدارة ترمب يرجح أنها انتهكت الفصل الدستوري بين السلطات من خلال حجب الأموال والاستيلاء على سلطة الكونغرس في إملاء ما إذا كان ينبغي إنفاق الأموال في المقام الأول. وأشار إلى أن المدعى عليهم «يقدمون وجهة نظر جامحة للسلطة التنفيذية رفضتها المحكمة العليا باستمرار - وهي وجهة نظر تتجاهل كثيراً من القوانين التي لا يشكك في دستوريتها».

وكانت مجموعتان صحيتان عالميتان، هما تحالف الدعوة إلى لقاح فيروس العوز المناعي المكتسب «الإيدز» ومجلس الصحة العالمي، وجهات أخرى رفعت دعوى ضد إدارة ترمب بعدما أمر الرئيس الشهر الماضي بوقف شامل للمساعدات الخارجية. ورغم إعفاء بعض البرامج المنقذة للحياة من الوقف لاحقاً، فإن نظام الدفع الخاص بالوكالة الأميركية للتنمية الدولية كان غير متصل بالإنترنت إلى حد كبير لأسابيع، بعدما أمر موظفو «دائرة الكفاءة الحكومية» بخفض عدد الموظفين على نطاق واسع، وفقاً للدعوى القضائية. ومن دون الأموال، توقف عمل المساعدات في أماكن مثل إثيوبيا والسودان، وبقيت الأدوية والأغذية في المستودعات.

مبنى المحكمة العليا الأميركية (رويترز)

نصر وانتكاسة

رفضت المحكمة العليا الأميركية الأسبوع الماضي طلب إدارة ترمب بمنع أمر سابق من القاضي علي، ووجهت المحكمة الأدنى بتوضيح الالتزامات التي يجب على الحكومة الوفاء بها تجاه مجموعات الصحة العالمية، مع مراعاة «جدوى أي جداول زمنية للامتثال». وأقر القاضي علي بأن المدعين ربما عانوا «ضرراً لا يمكن إصلاحه» من وقف المساعدات، مشيراً إلى التأخير في المساعدات الإنسانية مثل حملة مكافحة الملاريا الحساسة للوقت، وتوزيع أدوية الوقاية من فيروس «الإيدز» في أفريقيا. ولكن في ضربة لقضية المدعين، رفض القاضي الحكم على تأكيدهم بأن الخفض السريع اللاحق لإدارة ترمب لعقود المساعدات الأجنبية كان غير قانوني، قائلاً إن ذلك كان إجراءً منفصلاً للوكالة، و«يجب الطعن فيه على هذا النحو».


مقالات ذات صلة

قاضٍ يأمر إدارة ترمب بإنهاء نشر قوات حرس كاليفورنيا الوطني في لوس أنجليس

الولايات المتحدة​ أفراد من الحرس الوطني لولاية كاليفورنيا ينتشرون خارج مجمع من المباني الفيدرالية في كاليفورنيا (رويترز)

قاضٍ يأمر إدارة ترمب بإنهاء نشر قوات حرس كاليفورنيا الوطني في لوس أنجليس

أمر قاض فيدرالي أميركي اليوم الأربعاء إدارة الرئيس دونالد ترمب بضرورة إنهاء نشر قوات الحرس الوطني بولاية كاليفورنيا في لوس أنجليس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا تجمع لأهالي تلاميذ اختُطفوا من مدرسة سانت ماريز الكاثوليكية في نيجيريا الشهر الماضي (أ.ب)

وفد أميركي يزور نيجيريا للوقوف على حقيقة أوضاع المسيحيين

قام وفد أميركي بزيارة نيجيريا في مهمة تقصّي حقائق بشأن مزاعم «إبادة جماعية للمسيحيين».

الشيخ محمد (نواكشوط)
الولايات المتحدة​ الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يتابع بمنظار تجمعاً حاشداً في كاراكاس يوم 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

مقاتلات أميركية تُحلّق قرب فنزويلا... وترمب يتوقع «أياماً معدودة» لمادورو

حلّقت مقاتلتان أميركيتان فوق خليج فنزويلا، في سياق الضغط من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي قال إن أمام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو «أياماً معدودة».

علي بردى (واشنطن)
خاص أعلام إيرانية وسط العاصمة طهران الأربعاء (إ.ب.أ)

خاص المفاوضات النووية: «برودة» في واشنطن و«استعداد مشروط» في طهران

الصمت الأميركي إزاء الدعوات الإيرانية للعودة إلى المفاوضات النووية لم يكن مجرد غياب اهتمام دبلوماسي؛ بل بدا، بالنسبة لكثيرين، أشبه بـ«رقصة أعصاب».

إيلي يوسف (واشنطن)
أوروبا زيلينسكي مع بابا الفاتيكان ليو الرابع عشر بمقر إقامته في بلدة كاستل جاندولفو الواقعة بالقرب من روما (أ.ب) play-circle

زيلينسكي مستعد لتنظيم انتخابات في أوكرانيا بعد انتقادات ترمب له

أبدى زيلينسكي، الثلاثاء، استعداده لتنظيم انتخابات في أوكرانيا إن توافرت الظروف الأمنية، عقب توجيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب انتقاداً له بهذا الشأن.

«الشرق الأوسط» (لندن)

قاضٍ يأمر إدارة ترمب بإنهاء نشر قوات حرس كاليفورنيا الوطني في لوس أنجليس

أفراد من الحرس الوطني لولاية كاليفورنيا ينتشرون خارج مجمع من المباني الفيدرالية في كاليفورنيا (رويترز)
أفراد من الحرس الوطني لولاية كاليفورنيا ينتشرون خارج مجمع من المباني الفيدرالية في كاليفورنيا (رويترز)
TT

قاضٍ يأمر إدارة ترمب بإنهاء نشر قوات حرس كاليفورنيا الوطني في لوس أنجليس

أفراد من الحرس الوطني لولاية كاليفورنيا ينتشرون خارج مجمع من المباني الفيدرالية في كاليفورنيا (رويترز)
أفراد من الحرس الوطني لولاية كاليفورنيا ينتشرون خارج مجمع من المباني الفيدرالية في كاليفورنيا (رويترز)

أمر قاض فيدرالي أميركي، اليوم الأربعاء، إدارة الرئيس دونالد ترمب بضرورة إنهاء نشر قوات الحرس الوطني بولاية كاليفورنيا في لوس أنجليس، وإعادة السيطرة على القوات إلى الولاية.

وأصدر القاضي الجزئي الأميركي في سان فرانسيسكو، تشارلز براير، أمراً قضائياً أولياً بناء على طلب مسؤولي ولاية كاليفورنيا الذين عارضوا خطوة الرئيس دونالد ترمب الاستثنائية باستخدام قوات الحرس الوطني التابعة للولاية دون موافقة الحاكم لتعزيز جهوده في تطبيق قوانين الهجرة. لكن القاضي علق تنفيذ الأمر حتى يوم الاثنين.

وتدفع ولاية كاليفورنيا بأن الأوضاع في لوس أنجليس قد تغيرت منذ أن تولى ترمب قيادة القوات في البداية ونشرها في يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الإدارة في البداية أكثر من 4 آلاف من قوات الحرس الوطني في كاليفورنيا، لكن هذا العدد انخفض إلى عدة مئات بحلول أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، مع بقاء نحو 100 جندي فقط في منطقة لوس أنجليس.

لكن الإدارة الجمهورية مددت فترة نشر القوات حتى فبراير (شباط)، في الوقت الذي حاولت فيه أيضاً استخدام عناصر الحرس الوطني في كاليفورنيا في بورتلاند بولاية أوريجون باعتبار ذلك جزءاً من جهودها لإرسال الجيش إلى مدن يديرها الديمقراطيون، رغم المعارضة الشديدة من قبل العمد وحكام الولايات.

وقال محامو وزارة العدل الأميركية إن الإدارة لا تزال بحاجة إلى عناصر الحرس الوطني في منطقة لوس أنجليس للمساعدة في حماية الموظفين والممتلكات الفيدرالية.


الديمقراطيون ينتزعون رئاسة بلدية ميامي

إيلين هيغينز تلقي كلمة أمام أنصارها في ميامي يوم 9 ديسمبر (أ.ب)
إيلين هيغينز تلقي كلمة أمام أنصارها في ميامي يوم 9 ديسمبر (أ.ب)
TT

الديمقراطيون ينتزعون رئاسة بلدية ميامي

إيلين هيغينز تلقي كلمة أمام أنصارها في ميامي يوم 9 ديسمبر (أ.ب)
إيلين هيغينز تلقي كلمة أمام أنصارها في ميامي يوم 9 ديسمبر (أ.ب)

شهدت مدينة ميامي، القلب النابض لجنوب فلوريدا والمتسمة بتركيبتها السكانية الغالبة من أصول لاتينية، تحولاً سياسياً لافتاً ومزلزلاً، مساء الثلاثاء، تمثل في فوز الديمقراطية إيلين هيغينز بمنصب رئيسة بلدية المدينة. لم يكن فوز هيغينز مجرد انتصار عابر، بل كان حدثاً سياسياً لافتاً يتجاوز نتائجه المحلية المباشرة إلى دلالات أعمق ترتبط بالمشهد الحزبي الأميركي، وبمثابة كسر للجدار الجمهوري الذي أحكم قبضته على كرسي رئاسة البلدية لنحو ثلاثة عقود، وتحديداً منذ عام 1997، ما يجعله أول فوز ديمقراطي منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً.

وعلى الرغم من الاتجاه العام بين الخبراء إلى التحذير من «المبالغة في قراءة» نتائج هذه الانتخابات، فإن حجم الاهتمام الوطني الذي حظيت به وصراع الاصطفافات فيها، يضعان هذا الفوز في خانة التطورات الجديرة بالتوقف عندها.

عودة ديمقراطية في مدينة «يمينية»

من حيث المبدأ، تبدو استعادة الديمقراطيين لمنصب عمدة ميامي تطوّراً غير عادي في مدينة كانت تميل بوضوح في العقد الأخير إلى اليمين. فهذه المدينة ذات الغالبية اللاتينية، التي تضم نحو نصف مليون نسمة، شهدت في عام 2020 انتقالاً كبيراً في المزاج الانتخابي مع تراجع الفارق الديمقراطي، وصولاً إلى تحقيق دونالد ترمب مكسباً تاريخياً في 2024 عندما أصبح أول مرشح رئاسي جمهوري يتقدم في مقاطعة ميامي-ديد منذ 36 عاماً.

في هذا السياق، يبرز فوز هيغينز بما يقارب 59 في المائة من أصوات الجولة الحاسمة، مقابل 41 في المائة لمنافسها الجمهوري إيميليو غونزاليس، إشارة إلى قدرة الديمقراطيين على إعادة تنظيم صفوفهم واستثمار حالة السخط المحلي على ضعف قدرة الإدارة الحالية على معالجة أزمات السكن وارتفاع الضرائب العقارية، وهي ملفات شكّلت جوهر حملة المرشحة الديمقراطية.

فازت إيلين هيغينز بانتخابات رئاسة بلدية ميامي يوم 9 ديسمبر (أ.ف.ب)

وعلى الرغم من أن انتخابات رئيس بلدية ميامي تُعدّ رسمياً «غير حزبية»، فإن اصطفاف الحزبين الكبيرين حول المرشحين عكس واقعاً مختلفاً تماماً. فقد حظي غونزاليس بدعم مباشر من الرئيس ترمب، الذي وصفه بأنه مرشح لن «يخذلكم أبداً»، وسيعمل على «وقف جرائم المهاجرين» وخفض الضرائب. كما حصل على تأييد حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، والسيناتورين ريك سكوت وآشلي مودي، فضلاً عن دعم من شخصيات «قومية جمهورية» مثل السيناتور تيد كروز.

في المقابل، تحوّل دعم الديمقراطيين لهيغينز إلى اختبار رمزي لقدرتهم على اختراق مناطق انزاحت نحو الجمهوريين خلال السنوات الماضية. وقد دخلت قيادات ديمقراطية كبرى على خط الحملة، من بينها شخصيات تُعدّ أسماء محتملة في السباق الرئاسي لعام 2028، مثل السيناتور روبن غايياغو ورام إيمانويل وبيت بوتيجيج.

هذا الاستقطاب الحاد بين الطرفين جعل من الانتخابات حدثاً وطنياً بامتياز، وفتح الباب أمام مقارنات مع الاختراقات الديمقراطية الأخيرة في ولايات أخرى، من فيرجينيا إلى نيوجيرسي، إضافة إلى النتائج الإيجابية للحزب في انتخابات فرعية متعددة. وفي تعليق له، عدّ رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية، كين مارتن، الفوز بأنه «دليل على ما يمكن للديمقراطيين إنجازه عندما نُنظّم وننافس في كل مكان»، مضيفاً: «نتيجة الليلة هي علامة تحذير أخرى للجمهوريين بأن الناخبين سئموا من أجندتهم البعيدة عن الواقع التي تزيد التكاليف على الأسر العاملة في جميع أنحاء البلاد».

رسائل إلى الجمهوريين

على الرغم من الخطاب الجمهوري المسبق الذي حاول التقليل من أهمية الانتخابات والتحذير من التعامل معها بوصفها «استفتاء على ترمب»، فإن الهزيمة جاءت في لحظة حساسة للحزب وهو يستعد للانتخابات النصفية في 2026. ويبدو أن ارتباط غونزاليس المباشر بالرئيس ترمب، الذي تراجعت شعبيته أخيراً، حسب عدة استطلاعات، كان أحد عوامل الإضرار بحملته، وفق تقديرات ديمقراطية.

كما أن محاولة مجلس المدينة لتأجيل الانتخابات ومنح سنة إضافية للمسؤولين المحليين، وهي خطوة أجهضها القضاء، عززت المزاج الرافض لـ«الامتداد السياسي» وساعدت هيغينز في تقديم نفسها بديلاً إصلاحياً نظيفاً. هذا الخطاب لقي صدى لدى قطاعات من الناخبين المحبطين من اتهامات الفساد والانقسامات داخل إدارة بلدية ميامي خلال السنوات الأخيرة، حسب ما ذكرته صحف أميركية عدة.

استراتيجية جديدة

توالت خلال الأشهر الماضية مؤشرات إلى ميل الناخب الأميركي نحو أصوات «أقل صخباً وأكثر براغماتية»، كما ظهرت في انتخابات ولايتي فيرجينيا ونيوجيرسي. وقد حاولت هيغينز البناء على هذا المزاج، مركّزة على خطاب إصلاحي معتدل يبتعد عن الاستقطاب الحزبي ويتصل بحاجات الناخبين اليومية: الإسكان، النزاهة الحكومية، الأمن الاقتصادي، حماية البيئة.

ؤ

هذا النمط من الخطاب كان بمثابة تذكير بأن جزءاً من القاعدة اللاتينية في ميامي، وهي قاعدة حاسمة في رسم اتجاهات الولاية، يستجيب للملفات العملية أكثر من شعارات الهوية الآيديولوجية. وهو ما قد يعيد تشكيل الطريقة التي يخاطب بها الحزبان هذه الشريحة خلال السنوات المقبلة.

ويشير فوز هيغينز إلى وجود هوامش يمكن للديمقراطيين المناورة فيها، خصوصاً في المدن الكبرى ذات التركيبة المتنوعة. كما أن الانتخابات حملت رسالة مضاعفة للجمهوريين: الأولى، أن الارتباط المفرط بترمب قد لا يكون مربحاً في كل السياقات المحلية. والثانية أن تجاهل القضايا الاقتصادية والاجتماعية، مثل أزمة السكن في ميامي، قد يفتح نافذة للخصوم.

من الصعب القول إن فوز إيلين هيغينز يمهّد لانعطافة عميقة في المشهد السياسي لجنوب فلوريدا، ولكنه بلا شك انتصار محلي بطابع وطني وجرس إنذار مبكر قبل دخول الولايات المتحدة منعطف انتخابات 2026، وما بعدها.


مقاتلات أميركية تُحلّق قرب فنزويلا... وترمب يتوقع «أياماً معدودة» لمادورو

مقاتلتان أميركيتان من طراز «إف بي» تحلقان في أجواء كوستاريكا يوم 1 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
مقاتلتان أميركيتان من طراز «إف بي» تحلقان في أجواء كوستاريكا يوم 1 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

مقاتلات أميركية تُحلّق قرب فنزويلا... وترمب يتوقع «أياماً معدودة» لمادورو

مقاتلتان أميركيتان من طراز «إف بي» تحلقان في أجواء كوستاريكا يوم 1 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
مقاتلتان أميركيتان من طراز «إف بي» تحلقان في أجواء كوستاريكا يوم 1 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

حلّقت مقاتلتان أميركيتان فوق خليج فنزويلا عند نقطة يُعتقد أنها الأقرب إلى هذه الدولة في أميركا الجنوبية منذ بدء حملة الضغط التي تقودها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الذي عدّ أن أيام الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، في الحكم باتت «معدودة».

وبينما أبلغ وزير الحرب، بيت هيغسيث، قادة الكونغرس أنه يدرس إمكان نشر الفيديو الكامل لهجوم نُفّذ بضربتين ضد قارب يُشتبه في أنه كان ينقل مخدرات؛ ما أدى إلى مقتل شخصين ناجيين كانا تشبثا بحطام القارب الناتج عن الضربة الأولى، فقد سجّلت مواقعُ تتّبع الرحلات الجوية العامة تحليقَ طائرتين حربيتين من طراز «إف إيه18» تابعتين للبحرية الأميركية فوق خليج فنزويلا، الذي يبلغ عرضه نحو 150 ميلاً (240 كيلومتراً) فقط عند أوسع نقطتين، وإمضاءهما أكثر من 30 دقيقة في التحليق فوق المياه.

ووصف مسؤول دفاعي هذا التحليق بأنه «رحلة تدريبية روتينية» في المجال الجوي الدولي، مضيفاً أنه لا يمكنه تحديد ما إذا كانت الطائرتان مسلحتين. وشبّه عملية التحليق بتمارين سابقة هدفت إلى اختبار قدرات الطائرات الأميركية، مؤكداً أنها «لم تكن استفزازية».

وسبق للجيش الأميركي أن نشر قاذفات من طرازَيْ «بي52 ستراتوفورتريس» و«بي1 لانسير» في المنطقة، وحلّقت قرب سواحل فنزويلا، وليس على مقربة من الأراضي الفنزويلية كما فعلت مقاتلتا «إف إيه18» الثلاثاء.

الهجمات البرية

وتعدّ هذه الطلعات الجوية أحدث خطوة اتّخذها الجيش الأميركي في إطار تعزيز وجوده العسكري في المنطقة، وهو الأكبر منذ عقود، وشنه سلسلة من الضربات الجوية المميتة على قوارب يعتقد أنها تُهرب المخدرات إلى الولايات المتحدة عبر جنوب البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ.

ويُكرّر الرئيس دونالد ترمب أن الهجمات البرية ستحدث قريباً، لكنه لم يُفصح عن أي تفاصيل بشأن مواقعها. وبرّر ترمب الهجمات بأنها تصعيد ضروري لوقف تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة، مُعلناً أن بلاده تخوض «نزاعاً مسلحاً» مع عصابات المخدرات.

وكرر الرئيس ترمب، في مقابلة مع موقع «بوليتيكو» الإخباري الثلاثاء، أن أيام مادورو في الحكم «باتت معدودة». وعندما سُئل عن مدى استعداده لإخراج مادورو من الحكم، أجاب ترمب: «لا أريد أن أقول ذلك». وحين قيل له: «لكنك تريد رؤيته يرحل؟»، أجاب: «أيامه معدودة».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يمشي في «الحديقة الجنوبية» للبيت الأبيض يوم 9 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

ورداً على سؤال عمّا إذا كان سينظر في استهداف دول مثل المكسيك وكولومبيا للحد من تهريب مادة الـ«فانتانيل» المخدرة، أجاب: «نعم، سأفعل (...) بالتأكيد، سأفعل».

في المقابل، يُصرّ الرئيس مادورو على أن الهدف الحقيقي من العمليات العسكرية الأميركية هو إجباره على التنحي عن منصبه. وأكّد أن اقتصاد بلاده نما بنسبة 9 في المائة رغم ضغوط الولايات المتحدة، مشيراً إلى العلاقات الوطيدة لفنزويلا بكل من الصين وروسيا وإيران.

ضغوط الكونغرس

وتواجه إدارة ترمب تدقيقاً متنامياً من المشرّعين بشأن استهداف القوارب، الذي أدّى إلى مقتل 87 شخصاً على الأقل في 22 غارة معروفة منذ أوائل سبتمبر (أيلول) الماضي، بما في ذلك الغارة الأخيرة، التي نُفّذت بضربتين، والتي أدّت إلى مقتل ناجيين اثنين كانا مُتشبثين بحطام القارب بعد الضربة الأولى.

ويطالب المشرعون بالحصول على تسجيلات فيديو غير منقحة للغارات، لكن وزير الحرب، بيت هيغسيث، أبلغ قادة الكونغرس، الثلاثاء، أنه ما زال يدرس مسألة نشرها. وقدّم هيغسيث إحاطة في جلسة مغلقة لقادة الكونغرس برفقة وزير الخارجية ماركو روبيو، ومدير «وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) جون راتكليف، ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى في الأمن القومي.

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يتابع بمنظار تجمعاً حاشداً في كاراكاس يوم 1 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

وفي اليوم نفسه، تحدّث الأميرال آلفِين هولسي، الذي سيتقاعد من «القيادة الجنوبية الأميركية» هذا الأسبوع، بشكل منفصل مع رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ السناتور الجمهوري روجر ويكر، وكبير الديمقراطيين في اللجنة السناتور جاك ريد.

وسأل زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، وزيرَ الحرب عمّا إذا كان سيسمح لجميع أعضاء الكونغرس بمشاهدة فيديو الهجوم الذي وقع في 2 سبتمبر الماضي، فرد هيغسيث: «علينا دراسة» ذلك. ووصف شومر الإحاطة بأنها «غير مُرضية على الإطلاق»، مضيفاً أن «للديمقراطيين والجمهوريين الحقّ في الاطّلاع عليها، بل ورغبوا في ذلك، وكان ينبغي لهم الاطلاع عليها».

ويطالب المشرعون وزارة الحرب بتقديم بيان كامل بشأن الحملة العسكرية والهجوم؛ تحديداً ذلك الذي أدى إلى مقتل شخصين كانا يتشبثان بحطام القارب بعد الضربة الأولى.

وفي «مشروع قانون تفويض الدفاع» السنوي، الذي صاغه الجمهوريون والديمقراطيون، يطالب الكونغرس «وزارة الحرب (البنتاغون)» بتسليم تسجيلات فيديو غير محررة للغارات، بالإضافة إلى الأوامر التي أذنت بتنفيذها. ويهدد التشريع بحجب ربع ميزانية سفر هيغسيث في حال رفضه.

إلى ذلك، أظهر استطلاع أجرته وكالة «رويترز» مع «إيبسوس» للأبحاث والاستطلاع أن شريحة كبيرة من الأميركيين يعارضون الهجمات التي يشنها الجيش على القوارب، بما في ذلك نحو 20 في المائة من الجمهوريين المؤيدين للرئيس ترمب. وقال 48 في المائة إنهم يعارضون الغارات من دون الحصول على إذن من قاضٍ أو محكمة أولاً، في حين أفاد 34 في المائة بأنهم يؤيدونها. وعبر 18 في المائة عن التردد أو عدم اليقين.

وفي أوساط الجمهوريين، أيد 67 في المائة الغارات، وعارضها 19 في المائة، في حين عارضها 80 في المائة من الديمقراطيين، وأيدها 9 في المائة فقط.