«بنك اليابان» يتعهّد مواصلة رفع الفائدة رغم مخاطر تعريفات ترمب

تفاؤل بشأن الاستهلاك والأجور... والتوقعات العالمية «غامضة للغاية»

مشاة يعبرون طريقاً فيما تنهمر الثلوج على العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
مشاة يعبرون طريقاً فيما تنهمر الثلوج على العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
TT
20

«بنك اليابان» يتعهّد مواصلة رفع الفائدة رغم مخاطر تعريفات ترمب

مشاة يعبرون طريقاً فيما تنهمر الثلوج على العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)
مشاة يعبرون طريقاً فيما تنهمر الثلوج على العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

قال نائب محافظ بنك اليابان المركزي، شينيتشي أوشيدا، إن البنك يستطيع رفع أسعار الفائدة بوتيرة تتماشى مع الآراء السائدة في الأسواق المالية وبين الاقتصاديين، مما أبقى التوقعات حيّة بوجود فرصة لزيادة تكاليف الاقتراض في الأمد القريب.

وبينما رفض الإفصاح عن الموعد الذي قد يرفع فيه «بنك اليابان» أسعار الفائدة، استبعد أوشيدا بشكل أساسي رفع أسعار الفائدة مرة أخرى في الاجتماع المقبل للبنك في 18 و19 مارس (آذار) الحالي، بقوله: «ليس الأمر وكأننا سنرفع أسعار الفائدة في كل اجتماع».

وقال أوشيدا، في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء: «يمكننا أن ننظر في كيفية استجابة الاقتصاد والأسعار (لرفع أسعار الفائدة)، ثم نقرر ما إذا كنا سنرفع أسعار الفائدة مرة أخرى»، مما يشير إلى تفضيله لقضاء بعض الوقت في قياس تأثير خطوات السياسة السابقة قبل المضي قدماً في زيادات أخرى. وأضاف: «ستعتمد وتيرة رفع أسعار الفائدة على التطورات الاقتصادية والأسعار في ذلك الوقت».

ورفع «بنك اليابان» سعر الفائدة على المدى القصير إلى 0.5 في المائة من 0.25 في المائة في يناير (كانون الثاني)، على أساس الرأي القائل إن اليابان تحرز تقدماً نحو تحقيق هدف التضخم بنسبة 2 في المائة بشكل دائم.

وحذّر أوشيدا من الحاجة إلى اليقظة بسبب حالة عدم اليقين القوية بشأن التوقعات الاقتصادية العالمية بسبب سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب والتوترات الجيوسياسية. لكنه كان متفائلاً بشأن الاقتصاد الياباني، قائلاً إن الاستهلاك من المرجح أن يكون مدعوماً بزيادات قوية في الأجور متوقعة في محادثات الأجور هذا العام بين الشركات والنقابات. وقال إنه مع تسارع التضخم الأساسي تدريجياً وارتفاع الأجور، فإن رفع أسعار الفائدة «سيؤدي إلى استقرار النشاط الاقتصادي والأسعار في الأمد البعيد».

وقال أوشيدا، في خطاب ألقاه أمام قادة الأعمال في شيزوكا قبل المؤتمر الصحافي: «إذا تحقّقت توقعاتنا الاقتصادية والأسعار الموضحة في أحدث تقرير توقعاتنا في يناير، فسوف نستمر في رفع سعر الفائدة».

وتشير التصريحات إلى أن قرار «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة لم تردعه حتى الآن تعريفات ترمب بنسبة 25 في المائة على السلع من كندا والمكسيك، ومضاعفة الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 20 في المائة، والتهديدات بفرض رسوم على دول أخرى أثارت مخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي.

وتتوقع الأسواق رفع أسعار الفائدة إلى 0.75 في المائة في يوليو (تموز)، تليها زيادة أخرى إلى 1 في المائة في أوائل العام المقبل، وفقاً لرسم بياني مرفق بنص خطاب أوشيدا المنشور على موقع «بنك اليابان» على الإنترنت.

ويتوقع أغلب خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام، على الأرجح خلال الربع الثالث. وبعد مراجعة أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا الشهر، سيجتمع مجلس الإدارة في الثلاثين من أبريل (نيسان) والأول من مايو (أيار) عندما يصدر توقعات جديدة للنمو والتضخم ربع السنوي.

ويشتهر أوشيدا بسجله في إلقاء تلميحات قوية بشأن آفاق السياسة. وقد ترك الافتقار إلى الإشارات الواضحة بشأن توقيت المزيد من زيادات أسعار الفائدة الأسواق مع انطباع بأن التعليقات كانت محايدة إلى حد ما.

وقال الخبير الاقتصادي في معهد «إن إل آي» للأبحاث، تسويوشي أوينو، عن تصريحات أوشيدا: «لم تكن متشددة إلى هذا الحد. إنها تتفق مع وجهة النظر الرسمية لـ(بنك اليابان)».

وقال أوشيدا إن «بنك اليابان» يتوقع تباطؤ التضخم الاستهلاكي السنوي نحو هدفه البالغ 2 في المائة مع تراجع ضغوط ارتفاع التكاليف، في حين سيتسارع التضخم الأساسي نحو 2 في المائة مصحوباً بمكاسب الأجور.

ونتيجة لذلك، فمن المتوقع أن يكون كل من التضخم الفعلي والتضخم الأساسي عند نحو 2 في المائة في وقت ما خلال الفترة من النصف الثاني من السنة المالية 2025 إلى السنة المالية 2026.

وقال أوشيدا، إنه بحلول ذلك الوقت سيكون سعر الفائدة لدى «بنك اليابان» قد اقترب من مستويات تُعدّ محايدة للاقتصاد، التي يقدرها موظفوه في نطاق يتراوح بين 1 و2.5 في المائة على أساس اسمي، عند افتراض تحرّك التضخم حول 2 في المائة.

لكنه قال إن التقديرات تخضع لخطأ التقدير، ويتم تحديدها في نطاق واسع جداً؛ بحيث لا يمكن استخدامها للإدارة الفعلية للسياسة النقدية، داعياً بدلاً من ذلك إلى تحديد توقيت رفع أسعار الفائدة من خلال النظر من كثب في التطورات الاقتصادية والأسعار.

وقال أوشيدا: «في الممارسة العملية، فإن مستوى المعدل المحايد هو شيء سنعرفه في أثناء فحص كيفية استجابة الاقتصاد والأسعار لزيادات أسعار الفائدة لدينا... وإذا كان بوتيرة متوافقة مع التوقعات، فسيكون من الممكن لنا المضي قدماً في رفع أسعار الفائدة في أثناء فحص كيفية استجابة الاقتصاد».

ودفعت بيانات الناتج المحلي الإجمالي القوية في اليابان في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول)، إلى جانب التضخم القوي الأخير، الين وعوائد السندات إلى الارتفاع، من خلال ترسيخ التوقعات برفع أسعار الفائدة في الأمد القريب.

وتوسع الاقتصاد الياباني بنسبة سنوية بلغت 2.8 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي، بفضل الإنفاق القوي للشركات والأسر. وبلغ التضخم الاستهلاكي الأساسي 3.2 في المائة في يناير، وهو أسرع وتيرة له في 19 شهراً ويتجاوز هدف «بنك اليابان» البالغ 2 في المائة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.


مقالات ذات صلة

اتفاق تاريخي لزيادة الاقتراض الحكومي في ألمانيا بين ميرتس و«الخضر»

الاقتصاد ميرتس يتحدث في «البوندستاغ» بشأن حزمة بمليارات اليوروهات لتعزيز الدفاع والبنية التحتية (د.ب.أ)

اتفاق تاريخي لزيادة الاقتراض الحكومي في ألمانيا بين ميرتس و«الخضر»

توصل المستشار الألماني المنتظر فريدريش ميرتس إلى اتفاق حاسم مع حزب الخضر يوم الجمعة، يمهّد الطريق لزيادة هائلة في الاقتراض الحكومي.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد عامل يخرج حبوب البن من جوال في أحد متاجر القهوة بولاية تكساس الأميركية (رويترز)

الظروف المناخية تقفز بأسعار البن 40 %

أعلنت منظمة «فاو» أن أسعار البن العالمية وصلت إلى أعلى مستوى لها في سنوات عدة، بزيادة قدرها 38.8 في المائة، ويُعزى ذلك في الغالب لسوء الأحوال الجوية.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد عرض مخطط مؤشر الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)

الأسهم الأوروبية ترتفع جزئياً وسط مخاوف من تباطؤ اقتصادي

ارتفعت الأسهم الأوروبية، يوم الجمعة، لكنها كانت في طريقها لتسجيل أكبر انخفاض أسبوعي لها في ثلاثة أشهر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد برج التلفزيون يظهر في الخلفية في منطقة برينزلاوير بيرغ في برلين (رويترز)

التضخم في ألمانيا ينخفض بشكل غير متوقع خلال فبراير

انخفض التضخم في ألمانيا بشكل غير متوقع في فبراير (شباط)، وفقاً لما أعلنه مكتب الإحصاء الاتحادي يوم الجمعة، مع تعديل الأرقام الأولية الخاصة بمنطقة اليورو بالخفض.

«الشرق الأوسط» (برلين )
الاقتصاد عامل يركب دراجة بالقرب من مصنع في المنطقة الصناعية بمدينة كاواساكي اليابانية (رويترز)

الشركات اليابانية توافق على أكبر زيادة في الأجور منذ 34 عاماً

وافقت الشركات اليابانية على رفع الأجور بأكثر من 5 في المائة في المتوسط ​​هذا العام، في طريقها لتحقيق أكبر زيادة في الأجور منذ أكثر من 3 عقود.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

اتفاق تاريخي لزيادة الاقتراض الحكومي في ألمانيا بين ميرتس و«الخضر»

ميرتس يتحدث في «البوندستاغ» بشأن حزمة بمليارات اليوروهات لتعزيز الدفاع والبنية التحتية (د.ب.أ)
ميرتس يتحدث في «البوندستاغ» بشأن حزمة بمليارات اليوروهات لتعزيز الدفاع والبنية التحتية (د.ب.أ)
TT
20

اتفاق تاريخي لزيادة الاقتراض الحكومي في ألمانيا بين ميرتس و«الخضر»

ميرتس يتحدث في «البوندستاغ» بشأن حزمة بمليارات اليوروهات لتعزيز الدفاع والبنية التحتية (د.ب.أ)
ميرتس يتحدث في «البوندستاغ» بشأن حزمة بمليارات اليوروهات لتعزيز الدفاع والبنية التحتية (د.ب.أ)

توصل المستشار الألماني المنتظر فريدريش ميرتس إلى اتفاق حاسم مع حزب الخضر، يوم الجمعة، يمهّد الطريق لزيادة هائلة في الاقتراض الحكومي، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى إنعاش أكبر اقتصاد في أوروبا. وجاء هذا التطور بعد مفاوضات مكثفة، ما أدى إلى ارتفاع اليورو وأسواق الأسهم الأوروبية على خلفية التوقعات الإيجابية التي صاحبت الإعلان.

ويقضي الاتفاق، الذي أُبرم بين المحافظين بقيادة ميرتس والحزب الديمقراطي الاجتماعي، بتأسيس صندوق استثماري بقيمة 500 مليار يورو (545.33 مليار دولار) يهدف إلى تمويل مشاريع البنية التحتية وتعزيز الإنفاق العسكري، بالإضافة إلى إجراء تعديلات شاملة على قواعد الاقتراض لتعزيز النمو الاقتصادي، وفق «رويترز».

ودفعت التحولات الجذرية في السياسة الأميركية، بقيادة الرئيس دونالد ترمب، ألمانيا إلى إعادة النظر في نهجها المالي المحافظ؛ حيث حذر ميرتس من أن روسيا العدائية والولايات المتحدة غير الموثوقة قد تتركان أوروبا مكشوفة أمام التحديات الأمنية والاقتصادية.

تحولات كبرى في السياسة المالية الألمانية

رغم المقاومة الأولية، وافق حزب الخضر بعد مفاوضات مطوّلة؛ حيث كان متخوّفاً من أن تُستخدم الأموال الجديدة لتمويل سياسات غير مستدامة مثل التخفيضات الضريبية، بدلاً من دعم التحول البيئي والاستثمارات المستدامة. لكن وفقاً لمصادر مطلعة على المحادثات، تم التوصل إلى تسوية تشمل تخصيص 100 مليار يورو (109.07 مليار دولار) لصندوق المناخ والتحول الاقتصادي، وهو ما كان مطلباً رئيسياً لـ«الخضر».

ووفقاً لمصادر برلمانية، فإن مسؤولي وزارة المالية يدرسون الاتفاق الجديد بشأن الديون، بينما لا تزال بعض التفاصيل قيد الصياغة النهائية.

ميرتس في سباق مع الزمن

يسعى ميرتس إلى إتمام الإجراءات اللازمة قبل انعقاد البرلمان الجديد في 25 مارس (آذار)، إذ يواجه تحدياً كبيراً من نواب اليمين واليسار المتطرف، الذين قد يسعون لتعطيل تمرير الاتفاق.

ويُمثل هذا الاتفاق تحولاً جذرياً في النهج المالي الألماني، إذ يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية والدفاع والتحول البيئي، مما يعزز مكانة ألمانيا كقاطرة للنمو الأوروبي في ظل التحديات العالمية الراهنة.

الأسواق تتفاعل وتنتعش

وأكد مصدر مطلع أن الاتفاق دفع الأسواق الأوروبية نحو الارتفاع، إذ عززت الخطة الثقة في مستقبل الاقتصاد الأوروبي، وأدت إلى ارتفاع عوائد سندات حكومات منطقة اليورو وأسعار الأسهم، فضلاً عن صعود العملة الأوروبية الموحدة.

وسجل اليورو مكاسب قوية، إذ ارتفع بنسبة 0.5 في المائة مقابل الدولار إلى 1.0904 دولار. كما قفزت بنسبة 1.2 في المائة مقابل الين و0.5 في المائة مقابل الجنيه الإسترليني.

في المقابل، انخفض مؤشر الدولار الأميركي الذي يقيس أداء العملة مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، بنسبة 0.2 في المائة، في حين ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات 4 نقاط أساس إلى 4.314 في المائة، لكنه يظل أقل بكثير من ذروته في يناير (كانون الثاني) عند 4.8 في المائة.

وقفز عائد سندات الحكومة الألمانية لأجل 10 سنوات، وهو المؤشر الأساسي لمنطقة اليورو، بمقدار 8 نقاط أساس ليصل إلى 2.932 في المائة. كما صعد مؤشر «داكس» الألماني القياسي للأسهم بنسبة 2 في المائة، محققاً أعلى مستوى له في أسبوع. أمّا أسهم الشركات المتوسطة والصغيرة، الأكثر تأثراً بالاقتصاد المحلي، فقد ارتفعت بنسبة 3.2 في المائة و3.5 في المائة على التوالي.

على الصعيد العالمي، كان التفاؤل يسود الأسواق قبل الإعلان عن الاتفاق، رغم أن الأسهم كانت تتجه نحو تسجيل خسائر أسبوعية بفعل القلق بشأن الرسوم الجمركية الأميركية، والتضخم، والنزاعات التجارية التي ضربت قطاعات واسعة.

وارتفع مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 0.9 في المائة، بينما سجلت الأسواق الكبرى في باريس ولندن مكاسب بنسبة 1.3 في المائة و0.7 في المائة لكل منهما.

أمّا مؤشر «إم إس سي آي» العالمي، الذي يعد أوسع مؤشر للأسهم العالمية، فقد ارتفع بنسبة 0.2 في المائة يوم الجمعة، لكنه لا يزال متراجعاً بنسبة 3.6 في المائة خلال الأسبوع، متجهاً نحو أكبر انخفاض أسبوعي له منذ سبتمبر (أيلول).