أي أزمة تضرب الغريم التقليدي ريال مدريد تُسعد جماهير برشلونة بطبيعة الحال، لكن المشهد يبدو أكثر إشراقاً هذه الأيام، في ظل التطور الواضح الذي يقدمه فريق هانزي فليك، خصوصاً على المستوى الدفاعي.
فوز برشلونة على أوساسونا بهدفين دون رد، مساء السبت على ملعب «كامب نو»، أبقى الفريق متصدراً للدوري الإسباني بفارق 4 نقاط عن ريال مدريد، كما أنه أول «شباك نظيفة» لبرشلونة بعد 6 مباريات متتالية استقبل فيها أهدافاً. الأهم من ذلك، أن فليك يبدو أنه اقترب أخيراً من إيجاد التوليفة الدفاعية الأنسب.
وبحسب شبكة «The Athletic»، فإن المدرب الألماني اعتمد على نفس رباعي الدفاع للمباراة الرابعة على التوالي: جولز كوندي ظهيراً أيمن، وباو كوبارسي في قلب الدفاع من الجهة اليمنى، وجيرارد مارتين إلى جواره، وأليخاندرو بالدي ظهيراً أيسر.
ومنذ بداية الموسم، شكّل الخط الخلفي نقطة ضعف واضحة لبرشلونة، وهو أمر تفاقم بعد رحيل إينيغو مارتينيز في أغسطس (آب)، إضافة إلى مشاكل في الضغط الأمامي تزامنت مع إصابات لاعبين مؤثرين مثل رافينيا.
وكان رونالد أراوخو المرشح الأبرز لتعويض مارتينيز، لكن فليك فضّل منح الفرصة لجميع المدافعين المتاحين. ومع توالي العروض المتواضعة، وبدء الخصوم في استغلال ثغرات النظام الدفاعي، واصل المدرب تعديلاته المستمرة.
التحول اللافت جاء عندما جرب فليك جيرارد مارتين، الذي يشغل عادة مركز الظهير الأيسر، في قلب الدفاع إلى جانب كوبارسي، وذلك خلال الفوز الكبير على أتلتيك بلباو (4 - 0) يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني). التجربة نجحت، وجاءت في توقيت مثالي، خصوصاً في ظل غياب أراوخو وعدم اقتناع النادي بإبقاء أندرياس كريستنسن ضمن المشروع طويل الأمد، إذ ينتهي عقده بنهاية الموسم الحالي دون عرض للتجديد.
مصادر من داخل الفريق الأول ترى أن كثرة التغييرات الدفاعية في بداية الموسم أثرت سلباً على الانسجام، حيث كان اللاعبون يتنقلون بين أدوار مختلفة باستمرار. أما الآن، فقد شكّل ثنائي كوبارسي ومارتين شراكة واعدة؛ وهي الشراكة السادسة التي يجربها فليك في قلب الدفاع هذا الموسم.
برشلونة سيظل عرضة لاستقبال الفرص، بحكم أسلوب فليك القائم على الخط الدفاعي المتقدم والضغط العالي، لكن الفريق بات يتعامل بشكل أفضل مع هذه المخاطر.
التغيير لم يقتصر على الدفاع؛ بل شمل وسط الملعب أيضاً. ورغم جاهزية فرينكي دي يونغ الكاملة في آخر مباراتين، فضّل فليك الاعتماد على إريك غارسيا لاعبَ ارتكاز، وهو قرار يبدو أنه لن يتغير قريباً.
غارسيا، الذي قضى الموسم الماضي معاراً وكان قريباً من الرحيل أكثر من مرة، أصبح اليوم أحد أكثر لاعبي فليك موثوقية، بل وأحد المفضلين لدى الجماهير، التي باتت تهتف باسمه في كل مباراة منذ عودة الفريق للعب في «كامب نو».
وتميز غارسيا بمرونته، بعدما شغل عدة مراكز هذا الموسم، لكنه وجد مكانه الحقيقي في الارتكاز الدفاعي، حيث أضاف صلابة واضحة بفضل شراسته في الالتحامات، وحسن تمركزه في إيقاف الهجمات المرتدة.
الجهاز الفني يعترف بأن دي يونغ يتفوق في الاستحواذ وبناء اللعب، لكنهم يرون أن مساهمة غارسيا الدفاعية خارج الكرة، أكثر فائدة للفريق في الوقت الراهن. كما أن انسجامه مع بيدري كان لافتاً، فيما عبّر مهاجمون مثل لامين يامال عن ارتياحهم لوجوده حاجزاً دفاعياً خلفهم.
وقال فليك قبل مواجهة أوساسونا: «هذا هو الواقع حالياً. إريك يقدم مستوى رائعاً، خصوصاً مع خط الدفاع الذي نلعب به. هو ممتاز دفاعياً، ويساعد كثيراً في بناء اللعب. لا أعلم ما الذي سيحدث مستقبلاً، لكن لا يمكنني استبعاده الآن».
مرة أخرى، كان بيدري أفضل لاعب في الملعب، مؤكّداً تعافيه التام من إصابة العضلة الخلفية التي تعرض لها أمام ريال مدريد في أكتوبر (تشرين الأول)، كما واصل رافينيا تألقه بتسجيله هدفي اللقاء، ليؤكد أهميته الكبيرة في منظومة فليك.
وقال المدرب الألماني عن البرازيلي: «رافينيا عنصر أساسي في خطتنا. عندما يدافع الخصم بكتلة منخفضة، تحتاج إلى لاعبين قادرين على استغلال أنصاف الفرص، وهو ما فعله في الهدف الأول».
أوساسونا اعتمد أسلوباً دفاعياً حذراً، شبيهاً بما فعله آينتراخت فرنكفورت في دوري الأبطال، وربما يعكس ذلك احترام الخصوم المتزايد لبرشلونة. في المقابل، الفرق التي حاولت الضغط العالي؛ مثل ريال بيتيس مؤخراً، دفعت الثمن غالياً.
ومع عودة اللاعبين المصابين، يبدو برشلونة أكثر قدرة على السيطرة وفرض إيقاعه، تماماً كما فعل في طريقه للتتويج باللقب الموسم الماضي.