أوجلان قد يصدر الجمعة «رسالة سلام»... لإنهاء المشكلة الكردية في تركيا

توقعات بدعوته «العمال الكردستاني» إلى إلقاء السلاح ونبذ الإرهاب

مظاهرة في مدينة ستراسبورغ الفرنسية في 15 فبراير في الذكرى 26 لاعتقاله (أ.ف.ب)
مظاهرة في مدينة ستراسبورغ الفرنسية في 15 فبراير في الذكرى 26 لاعتقاله (أ.ف.ب)
TT

أوجلان قد يصدر الجمعة «رسالة سلام»... لإنهاء المشكلة الكردية في تركيا

مظاهرة في مدينة ستراسبورغ الفرنسية في 15 فبراير في الذكرى 26 لاعتقاله (أ.ف.ب)
مظاهرة في مدينة ستراسبورغ الفرنسية في 15 فبراير في الذكرى 26 لاعتقاله (أ.ف.ب)

يعقد وفد من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، التركي المؤيد للأكراد، لقاء ثالثاً مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» المحظور عبد الله أوجلان في محبسه، الخميس، في إطار مبادرة لإنهاء الإرهاب وحل المشكلة الكردية في تركيا.

من ناحية أخرى، طلبت النيابة العامة من جامعة إسطنبول سحب الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو، في إطار تحقيقات في ادعاءات بتزويرها.

ووافقت وزارة العدل التركية على طلب تقدم به حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» لإعطاء إذن لوفد الحزب للقاء أوجلان، الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في سجن انفرادي بجزيرة إيمرالي في جنوب بحر مرمرة غرب تركيا، الذي يتبع ولاية بورصة، ويقع على مسافة 51 كيلومتراً من إسطنبول.

زيارة ثالثة لأوجلان

وقالت المتحدثة باسم الحزب، عائشة غل دوغان، إنه تم تقديم طلب إلى وزارة العدل للذهاب إلى جزيرة إيمرالي للمرة الثالثة، ووافقت الوزارة على الطلب في اليوم ذاته.

وذكرت وسائل إعلام تركية، نقلاً عن مصادر بوزارة العدل، أن اللقاء مع أوجلان سيعقد الخميس.

المتحدثة باسم «حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب» عائشة غل دوغان (موقع الحزب)

وأكد «حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب» موافقة الوزارة على أن يعقد الوفد، المعروف إعلامياً باسم «وفد إيمرالي»، لقاء، هو الثالث في خلال أقل من شهرين، مع أوجلان، في إطار مبادرة أطلقها في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رئيس حزب «الحركة القومية»، أكبر شركاء حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، طالب فيها بأن يصدر أوجلان، من خلال البرلمان، أمراً لمسلحي «العمال الكردستاني» لإلقاء أسلحتهم وإعلان انتهاء الإرهاب في تركيا. ووصف الرئيس رجب طيب إردوغان دعوة بهشلي بأنها «فرصة تاريخية».

ومن المنتظر أن يضم الوفد هذه المرة، إلى جانب نائبي الحزب سري ثريا أوندر وبروين يولدان، السياسي المخضرم أحمد تورك، الذي عزلته الحكومة التركية من رئاسة بلدية ماردين، جنوب شرقي البلاد، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بسبب حكم صدر ضده في قضية تتعلق بدعم منظمة إرهابية (حزب العمال الكردستاني).

بيان شامل

وقالت دوغان إن الوفد سيصدر بياناً إعلامياً شاملاً بعد لقائه أوجلان، الذي، أوضحت أنه سيصدر بياناً في أقرب وقت ممكن، فيما قالت وسائل إعلام قريبة من الحكومة إن أوجلان سيصدر بيانه يوم الجمعة.

وأضافت أن «رغبتنا هي أن يصدر بيان أوجلان بيانه على هيئة رسالة فيديو، لكن شكلها سيتحدد بعد لقاء الوفد معه».

وفد إيمرالي من اليمين أحمد تورك وبروين بولدان وسري ثريا أوندر (موقع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب)

وتابعت: «لقد أكدنا مراراً وتكراراً أنه سيكون من الأفضل أن يكون بيان السيد أوجلان مرئياً، وأنه يجب رفع العزلة التي تم فرضها حتى الآن».

وكان وزير العدل التركي، يلماظ تونتش، أكد أنه لا يوجد في التشريعات التركية ما يسمح للمدان بالتحدث إلى الجمهور عبر الفيديو.

ولا تجري عملية الحوار والمفاوضات مع أوجلان ضمن نطاق «زيارة المحكوم عليهم» العادية، إذ تمتلك وزارة العدل سلطة إصدار «إذن خاص» بالزيارة وعقد الاجتماعات.

وقالت مصادر من حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» إن المفاوضات تجري بشأن «عملية جديدة» للسلام تتضمن إلقاء الأسلحة.

وكان «وفد إيمرالي» التقى أوجلان مرتين من قبل في سجن إيمرالي في 28 ديسمبر (كانون الأول) و22 يناير (كانون الثاني) الماضيين، وتم ضم أحمد تورك للوفد بعد اللقاء الأول، لكنه لم يتمكن من حضور الثاني بسبب ظروفه الصحية.

وفد إيمرالي خلال لقاء مع بهشلي عقب الزيارة الأولى لأوجلان (موقع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب)

وعقب اللقاء الأول، عقد الوفد سلسلة لقاءات مع رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولوموش، وقادة وممثلي الأحزاب الممثلة بالبرلمان، باستثناء حزب «الجيد» القومي، الذي رفض العملية برمتها.

زيارة لكردستان

وعقد الوفد في الفترة من 15 إلى 19 فبراير (شباط) الحالي لقاءات في أربيل مع رئيس «الحزب الديمقراطي»، مسعود بارزاني، ورئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، ورئيس حكومة الإقليم مشرور بارزاني، وفي السليمانية، مع رئيس حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردستاني»، بافل طالباني، ونائب رئيس حكومة كردستان قباد طالباني.

وسوف ينقل وفد إيمرالي ما دار في اللقاءات مع قادة الحزبين الكرديين في كردستان العراق، الذين أكدوا تأييدهم لعملية السلام وحل المشكلة الكردية في تركيا.

وكان الوفد نقل عن أوجلان عقب زيارته الأولى، أن لديه القدرة على القيام بدوره من أجل السلام بين الأكراد والأتراك، وأن التطورات الأخيرة في سوريا وغزة أظهرت أن حل القضية الكردية أصبح غير قابل للتأجيل، مشدداً على ضرورة مشاركة الأحزاب والبرلمان في العملية الجديدة.

نيجيرفان بارزاني خلال استقبال وفد إيمرالي في أربيل (أ.ف.ب)

وبحسب حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، تم نقل رسائل من أوجلان إلى قيادات حزب «العمال الكردستاني» في جبل قنديل في شمال العراق، وإلى قيادة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال شرقي سوريا، وكذلك فعالياته في أوروبا.

تشدد من «العمال الكردستاني»

وكشف رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني، الأربعاء، عن أن أوجلان سيدعو قريباً حزب «العمال الكردستاني» إلى ترك أسلحته. وقال، خلال «منتدى أربيل 2025»، الأربعاء، إن رسالة أوجلان هي «رسالة سلام» وسيتم إيصالها قريباً، وسيدعو إلى إلقاء السلاح والدخول في العملية السياسية.

الرئيسة المشاركة لحزب «اتحاد مجتمعات كردستان» بسي هوزات (إعلام تركي)

وكانت الرئيسة المشاركة لحزب «اتحاد مجتمعات كردستان»، من أذرع «العمال الكردستاني»، بسي هوزات، نفت ما قالت إنه «مزاعم من وسائل الإعلام التابعة للدولة التركية، مفادها بأن أوجلان سيدعو حزب العمال الكردستاني لإلقاء أسلحته»، معتبرة ذلك «أسلوباً للحرب النفسية».

وقالت إن رسالة أوجلان المتوقعة ستدعو إلى «حل ديمقراطي للقضية الكردية وديمقراطية تركيا»، و«إذا تم حل القضية الكردية، فسوف نناقش بالتأكيد نزع السلاح». فيما أعلنت رفضها منع السلطات التركية، أوجلان، من إلقاء رسالته، التي طال انتظارها، بـ«الفيديو» وإصدارها في بيان مكتوب.

وانتقدت هوزات، في تصريحات لوسائل إعلام قريبة من «العمال الكردستاني»، استمرار سجن أوجلان لمدة 26 عاماً في جزيرة إيمرالي، حيث إن مثل هذه الظروف التقييدية «تقوض التأثير المحتمل» لرسالة أوجلان.

كما أعلن قادة الجناح العسكري لحزب «العمال الكردستاني» أنهم لن يستجيبوا لدعوة أوجلان ما لم يُسمح له بلقاء المؤتمر العام للحزب شخصياً وإطلاق سراحه من السجن.

أزمة شهادة إمام أوغلو

على صعيد آخر، أرسلت النيابة خطاباً إلى جامعة إسطنبول في إطار التحقيق بشأن ادعاءات حول تزوير الشهادة الجامعية لرئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، الذي يعد من أبرز المرشحين المنافسين المحتملين للرئيس رجب طيب إردوغان على رئاسة تركيا.

أكرم إمام أوغلو (من حسابه في إكس)

وجاء طلب النيابة العامة في إسطنبول، غداة تقرير أصدره مجلس التعليم العالي في إطار التحقيق مع إمام أوغلو بتهمة «تزوير وثائق رسمية» ذكر فيه، أنه تلقى تعليماً لمدة عامين في برنامج اللغة الإنجليزية في إدارة الأعمال في «كلية جامعة شمال قبرص» في عام 1990، وأنه فهم أن الجامعة ليست من بين الجامعات المعترف بها من قبل مجلس التعليم العالي، وأن الاعتراف بالجامعة المعنية لم يقرره المجلس إلا في عام 1993، وأن كلية جامعة شمال قبرص لم تكن من بين الجامعات التي يمكن إجراء التحويل منها عام 1990.


مقالات ذات صلة

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

شؤون إقليمية أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

تواجه «عملية السلام» في تركيا أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اختتمت اللجنة البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع حول العملية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية عناصر من «البيشمركة» بالزي الرسمي والأسلحة رافقوا بارزاني خلال تحركاته في بلدة جيزرة جنوب شرقي تركيا يوم 29 نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

حراس بارزاني يفجرون جدلاً قومياً حاداً في تركيا

فجرت زيارة أجراها مسعود بارزاني، زعيم «الحزب الديمقراطي» في إقليم كردستان العراق، إلى تركيا يرافقه حراس من قوات «البيشمركة» أزمةً سياسيةً وجدلاً شعبياً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية قائد قوات «قسد» مظلوم عبدي والرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلهام أحمد خلال لقاء مع السياسي الكردي التركي عثمان بادمير نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

أنقرة ترفض زيارة أي مسؤول من «الإدارة الذاتية» أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتهم

رفضت تركيا الحديث عن زيارة أي مسؤول من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتها وتنفذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مسيرة للأكراد في مدينة كولونيا الألمانية يوم 8 نوفمبر الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (د.ب.أ)

أوجلان يطالب بقانون انتقالي لـ«السلام» في تركيا.. وإردوغان متفائل بحذر

طالب زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.