بين عبق التراث وسحر الفنتازيا… الدراما السعودية تجدد عباءتها في رمضان

مسلسلان من عملين روائيين… وأمكنة غير تقليدية… وخروج من نمطية الكوميديا

مسلسل «عمتي نوير» من بطولة ريم الحبيب وعدد كبير من النجوم (شاهد)
مسلسل «عمتي نوير» من بطولة ريم الحبيب وعدد كبير من النجوم (شاهد)
TT
20

بين عبق التراث وسحر الفنتازيا… الدراما السعودية تجدد عباءتها في رمضان

مسلسل «عمتي نوير» من بطولة ريم الحبيب وعدد كبير من النجوم (شاهد)
مسلسل «عمتي نوير» من بطولة ريم الحبيب وعدد كبير من النجوم (شاهد)

بين الأزقة القديمة التي تروي حكايات الماضي، والعوالم الخيالية التي تكسر حدود الواقع، تجدد الدراما السعودية عباءتها في رمضان هذا العام، حيث لم يعد المشهد الدرامي السعودية مقتصراً على الأعمال الكوميدية المعتادة أو الحكايات التقليدية، بل اتسعت دائرته ليشمل التاريخ والفنتازيا والقصص الاجتماعية العميقة.

ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، بدأت هذه الأعمال تتنافس على جذب المشاهدين إليها من خلال الإعلانات الترويجية (البرومو) والبوسترات اللافتة والقصص الشيقة، حيث ينتظر الجمهور مجموعة وافرة من المسلسلات الدرامية التي تعكس التطور المستمر في صناعة الدراما المحلية، ما بين الكوميديا، والدراما الاجتماعية والأعمال التراثية.

نوستالجيا دراميّة

يعود مسلسل «الشميسي» بالمشاهدين إلى أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، مسلطاً الضوء على التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها تلك الفترة، في عملٍ يُعرض على SBA من بطولة: ريم عبد الله، وعبد الإله السناني وتركي اليوسف. يضاف إلى ذلك، المسلسل المنتظر «شارع الأعشى»، الذي يُعرض على MBC، وهو مستوحى من رواية للكاتبة السعودية بدرية البشر، ويتناول هو أيضاً حياة سكان شارع الأعشى في الرياض خلال السبعينات والثمانينات، والمسلسل من بطولة: إلهام علي وتركي اليوسف وخالد صقر.

⁨عدد كبير من النجوم يجتمعون في مسلسل «شارع الأعشى» (شاهد)⁩
⁨عدد كبير من النجوم يجتمعون في مسلسل «شارع الأعشى» (شاهد)⁩

عالم فنتازيا

كلا العملين السابقين يتخذ من العاصمة الرياض وحكاياتها موقعاً له، في حين يأتي الجنوب السعودي بصفته البطل في مسلسل «الزافر»، وهو فنتازيا سعودية في قالب جديد من نوعه، يحملها المسلسل التاريخي الذي يأتي من إنتاج SBA، وتدور أحداثه في حقبة زمنية قديمة بطرح خيالي، ويشارك في بطولته راشد الشمراني، ومريم الغامدي وأحمد شعيب. تدور قصة «الزافر» حول يحيى، وهو حفيد شيخ سابق، ويعمل في أرض بن رافع مزارعاً بسيطاً يحاول الموازنة بين الديون وإطعام المحتاجين سراً، لكن عندما يخسر كل بضاعته، يجد نفسه في مواجهة مصير مجهول يقلب حياته رأساً على عقب.

وتحضر الدراما الاجتماعية في الساحة الرمضانية السعودية عبر مسلسل «عمتي نوير»، الذي سيُعرض على MBC، وتدور قصته حول شخصية نوير، المرأة التي تحمل أسرار الثروة وتحقيق الأحلام، حيث يتوفى والدها ويترك لها عبء تنفيذ وصيته، وهي أن تحفظ سر امتلاكه ثروة تبلغ نصف مليار ريال عن العائلة الطامعة بالمال، يشارك في بطولته: ريم الحبيب، وزارا البلوشي ومريم عبد الرحمن.

كوميديا الأجزاء

ورغم استمرار هيمنة الكوميديا على الأعمال السعودية المعروضة سنوياً في شهر رمضان، فإن هناك تحولاً ملحوظاً في أسلوب طرحها؛ إذ تُراهن مسلسلات مثل «شباب البومب 13» و«واي فاي 5» و«جاك العلم 2» على علاقتها الراسخة مع الجمهور، لكن بتجديدات تحاول مواكبة إيقاع العصر، وهي أعمال حققت نجاحات جماهيرية سابقة وتعود في رمضان بقصص جديدة.

إلى جانب ذلك، يظهر «يوميات رجل عانس» بصفته أحد الأعمال الكوميدية الجديدة، وهو مستوحى من رواية «مذكرات رجل سعودي عانس» للكاتب وليد خليل. ويتناول المسلسل التحديات التي تواجه الرجل الأعزب في المجتمع السعودي بأسلوب يجمع بين الدراما والكوميديا، ومن المنتظر عرضه على MBC، وهو من بطولة: إبراهيم الحجاج، وفيصل الدوخي، وسعيد صالح وفاطمة الشريف.

مسلسل «الزافر» فانتازيا سعودية جديدة في رمضان (شاهد)
مسلسل «الزافر» فانتازيا سعودية جديدة في رمضان (شاهد)

من الرواية إلى الشاشة

بدأت الدراما السعودية الاستثمار في القصص الأدبية، كما يظهر في «شارع الأعشى» و«يوميات رجل عانس»، وكلاهما من عملين أدبيين، في خطوة تُبرز رغبة الصناعة في الاستفادة من الأعمال الروائية وإعادة تقديمها لجمهور الشاشة الصغيرة. يضاف إلى ذلك، أن الأعمال السعودية الجديدة تبدو أكثر نضجاً على مستوى التصوير السينمائي، الديكورات، والسيناريو، مقارنة بالأعمال السابقة التي كانت تعتمد على مواقع تصوير محدودة وميزانيات متواضعة؛ ما ينبئ بأن الدراما السعودية في رمضان 2025 ستكون أكثر نضجاً، وجذباً، في المزج بين الأصالة والتجريب، وتبقى الكرة دائماً في ملعب الجمهور.


مقالات ذات صلة

محمد فرّاج لـ«الشرق الأوسط»: «مُنتهي الصلاحية» أرهقني نفسياً وبدنياً

يوميات الشرق محمد فراج في مشهد من المسلسل (الشركة المنتجة)

محمد فرّاج لـ«الشرق الأوسط»: «مُنتهي الصلاحية» أرهقني نفسياً وبدنياً

أكّد الممثل المصري محمد فرّاج أنه لم يكن يتوقع هذا التفاعل الكبير من الجمهور مع مسلسله الرمضاني «منتهي الصلاحية».

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق مي في لقطة من حلقات مسلسلها الرمضاني - حسابها على فيسبوك

ردود مي عمر على منتقدي «إش إش» تلفت الانتباه

رغم انتهاء موسم دراما رمضان في مصر، فإن أصداءه ما زالت مستمرة، حيث لفتت ردود الفنانة مي عمر على منتقدي مسلسلها «إش إش» الانتباه عبر «السوشيال ميديا».

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق في فيلم «نهاد الشامي» تُجسّد جوليا قصّار شخصية الحماة المتسلّطة (إنستغرام)

جوليا قصّار لـ«الشرق الأوسط»: الكيمياء بين ممثل وآخر منبعُها سخاء العطاء

ترى جوليا قصّار أنّ مشاركة باقة من الممثلين في المسلسل أغنت القصّة، ونجحت نادين جابر في إعطاء كل شخصية خطّاً يميّزها عن غيرها، مما ضاعف حماسة فريق العمل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أحمد العوضي يتصدر بطولة مسلسل «فهد البطل» (الشركة المنتجة)

أحاديث «الصدارة» تشعل سجالاً بين ياسمين عبد العزيز وأحمد العوضي

أشعلت أحاديث «الصدارة» السجال بين الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز وزوجها السابق الفنان أحمد العوضي، بعد تدوينات مختلفة حول «الأكثر نجاحاً».

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق قدّمت نوال في «بالدم» دور «فدوى» ببراعة (نوال كامل)

نوال كامل لـ«الشرق الأوسط»: كل نجاح يحققه الممثل يحفّزه على تحدٍ جديد

بشخصية «فدوى» الأنيقة والعفوية، دخلت نوال كامل قلوب مشاهدي مسلسل «بالدم»؛ فهي الأم الخائفة على مصالح أبنائها ومستقبلهم، والصديقة الصدوقة لرفيقة عمرها.

فيفيان حداد (بيروت)

مصر: إقبال لافت على مطعم «نجيب محفوظ» بعد عشاء السيسي وماكرون

صورة لنجيب محفوظ مع طاقم العمل داخل المطعم (صفحة المطعم على فيسبوك)
صورة لنجيب محفوظ مع طاقم العمل داخل المطعم (صفحة المطعم على فيسبوك)
TT
20

مصر: إقبال لافت على مطعم «نجيب محفوظ» بعد عشاء السيسي وماكرون

صورة لنجيب محفوظ مع طاقم العمل داخل المطعم (صفحة المطعم على فيسبوك)
صورة لنجيب محفوظ مع طاقم العمل داخل المطعم (صفحة المطعم على فيسبوك)

بخلاف الزبائن التقليديين ممن يقصدونه خلال نزهة اعتيادية كل شهر، أو الوفود السياحية التي ترتاده في جزء من برنامجها بمصر، اكتسب مطعم ومقهى «نجيب محفوظ» وسط القاهرة التاريخية زبائن جدداً أخيراً، ممن تابعوا بإعجاب الجولة التي اصطحب فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في منطقة خان الخليلي، مساء السبت، وكان من ضمنها تناول العشاء في المطعم، والجلوس في المقهى ذي الطابع التاريخي.

في اليوم التالي، تكدست طاولات المطعم بالزوار، أجانب من جنسيات مختلفة، إضافة لمصريين وصحافيين فتحوا مقاطع بث مباشر للمكان، مصطحبين الجماهير في نزهة داخل المطعم الذي دُشن في عام 1989 باسم «مطعم خان الخليلي»، ثم تحول لاسم مركب يحمل في مقطعه الثاني اسم الأديب العالمي نجيب محفوظ في عام 1990؛ حسب جودة الحملاوي المدير الإقليمي لشركة «أوبروي» للسياحة، التي تدير المطعم.

وتكرر السؤال بالأمس عن الطاولة التي جلس إليها الرئيسان، من قبل الرواد، ما عدّه الحملاوي مؤشراً على أن الزيارة وضعت المطعم في «خريطة مختلفة»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «مطعم خان الخليلي من أعرق المطاعم في المنطقة وأشهرها، لديه زبائن دائمة، بخلاف الوفود السياحية الكثيرة التي تزوره للاستمتاع بأجوائه التاريخية، والتخت العربي الذي يعزف يومياً في المكان، لكن بعد زيارة الرئيسين السيسي وماكرون وُضع المطعم في مكانة أخرى سياسياً وشعبياً وسياحياً».

وأوضح أن «زبائن المطعم عادة ما يكونون من الوفود السياحية التي تقيم في فنادق مجموعة (أوبروي) السياحية (أُسست عام 1934)، وهي نفسها التي تدير المطعم، ومن ثم تقوم بالتسويق له، لكن بعد الزيارة، زادت شهرة المطعم، ونتوقع أن يقصده سياح ومصريون من خارج فئات الزبائن التقليديين، وهذا لمسناه بالأمس».

واحتفى زوار المطعم السابقون بزيارة السيسي وماكرون للمطعم نفسه الذي يقصدونه، وقام كثير منهم بمشاركة صور من زيارة سابقة له، إلى جوار صورة السيسي وماكرون، فيما أعلن آخرون نيتهم زيارة المطعم.

وتعد منطقة خان الخليلي في حي الجمالية (وسط القاهرة) من أكثر المناطق ازدحاماً بالباعة والأهالي، فضلاً عن السياح الذين يقصدون المنطقة للاستمتاع بآثار مصر الفاطمية، مثل باب زويلة، وباب النصر، وشارع المعز، أو للتجول في شوارع المنطقة التي استلهم منها الأديب العالمي الحائز على جائزة «نوبل» نجيب محفوظ كثيراً من أعماله، وفي مقدمتها «الثلاثية: بين القصرين، وقصر الشوق، والسكرية».

طاقم عمل مطعم ومقهى «نجيب محفوظ» بملابس تراثية (صفحة المطعم على فيسبوك)
طاقم عمل مطعم ومقهى «نجيب محفوظ» بملابس تراثية (صفحة المطعم على فيسبوك)

وبزيارة السيسي وماكرون الفريدة للمنطقة، إذ من غير المعتاد أن يتجول رئيسا دولة في منطقة شعبية وسط العامة دون مضايقات أو مشاهد غير مرغوبة، اكتسبت المنطقة بُعداً آخر حداثياً، وتصدرت كثيراً من الأخبار العالمية، مع توقعات بزيادة نسبة الإقبال عليها.

ويمتاز مطعم ومقهى «نجيب محفوظ» بالجمع بين «الأصالة في التصميم، حيث حافظ على التصميم الفاطمي الذي كان موجوداً بالمبنى قبل تحوله إلى مطعم، مع تحديثه، حتى النجف المُدلى من السقف نحاسي، ومنقوش عليه آيات من القرآن الكريم، وبين مستوى الخدمة المرتفع الذي يصنف بالخمس نجوم، وفريق العمل الذي يرتدي ملابس تراثية، ويتناغم مع المكان»؛ حسب الحملاوي.

ويقدم المطعم وجبات شرقية، مثل «الباذنجان المخلل والبابا غنوج والعدس والمشويات» داخل الأواني النحاسية الفاخرة، فضلاً عن المشروبات الساخنة والباردة، لكنه يحتفظ برونق المكان الشعبي وتقاليده، فلا يقدم «الكحوليات»، ويبلغ الحد الأدنى لتكلفة الوجبة فيه 800 جنيه (الدولار 51.28 جنيه).

وجبات تقليدية تقدم في مطعم خان الخليلي ومقهى «نجيب محفوظ» التراثي (صفحة المطعم على فيسبوك)
وجبات تقليدية تقدم في مطعم خان الخليلي ومقهى «نجيب محفوظ» التراثي (صفحة المطعم على فيسبوك)

وتناول الرئيسان السيسي وماكرون وجبة من المقبلات والمشويات المتنوعة بين الكباب والشيش طاووق والطرب، حسب تصريحات مدير المطعم أشرف عطية لوسائل إعلام محلية، مشيراً إلى إعجاب ماكرون الشديد بالطعام، وبالأجواء داخل المطعم.

و«كان يوجد بالمطعم خلال الزيارة عائلتان من الزبائن التقليديين، بعيداً عن الوفد الرئاسي، إحداهما عربية والأخرى مصرية»؛ وفق الحملاوي الذي أوضح أنه «مع زيادة الإقبال المتوقع على المطعم بعد الزيارة، سيتوسعون بافتتاح مطعم آخر في المنطقة نفسها، بمستوى الخدمة نفسه، لكنه سيكون أكثر حداثة، حيث سيتكون من 3 طوابق، وسيجمع بين المطبخ الشرقي والمطبخ الهندي للتنوع، ولطبيعة الشركة التي تديره ومقرها في نيودلهي».

والسيسي وماكرون ليسا أول رئيسين يزوران المطعم، إذ سبق أن زاره الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش (الأب)، والرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في فبراير (شباط) 2022، كما زارته رئيسة المجر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

ويعود تأسيس المطعم إلى اللواء السابق محمد السقا، ويوضح المدير الإقليمي أن «المطعم يتبع شركة (مصر للسياحة)، وهي شركة قطاع عام، وكان السقا صاحب فكرة تأسيسه لافتقار المكان التاريخي على أهميته وعراقته لمطعم بمستوى عالٍ من الخدمة ليكون مقصداً للسائحين والوفود السياسية».

الرئيسان السيسي وماكرون في خان الخليلي (رويترز)
الرئيسان السيسي وماكرون في خان الخليلي (رويترز)

أما الأديب نجيب محفوظ، فله الفضل في اكتساب المطعم بُعداً ثقافياً آخر، إذ «اعتاد أن يجلس فيه خصوصاً في الصباح لتناول قهوته، وبعدما حاز (نوبل)، كان الكثيرون يقصدون المقهى في الوقت نفسه الذي يجلس فيه محفوظ من أجل لقائه، وبعدها استأذنا الأديب في أن يحمل المقهى اسمه ووافق»؛ بحسب تصريحات الحملاوي.

ويحتفظ كل ركن في المطعم بذكرى يستطيع أن يرويها العاملون فيه، ممن يتوارثون حكاياته لإطلاع الرواد عليها، هنا كان يجلس الراحل محفوظ، وتحتضن الحوائط صوره، وتحمل الكراسي نقوشاً بأسماء رواياته، وهنا جلس السيسي وماكرون في أمسية ودية، وهنا يستعيد «التخت» أجمل الأغاني العربية، فيقدم المطعم وجبة دسمة ليس من الطعام فقط، لكن أيضاً من السياسة والأدب والفن.