رسالة مفتوحة إلى زامير من أكاديمي استيطاني يميني

تعزيز سلاحي الدبابات والمدرعات في مقدم المطالبات الإسرائيلية لتطوير قدرات الجيش (آ ف ب)
تعزيز سلاحي الدبابات والمدرعات في مقدم المطالبات الإسرائيلية لتطوير قدرات الجيش (آ ف ب)
TT
20

رسالة مفتوحة إلى زامير من أكاديمي استيطاني يميني

تعزيز سلاحي الدبابات والمدرعات في مقدم المطالبات الإسرائيلية لتطوير قدرات الجيش (آ ف ب)
تعزيز سلاحي الدبابات والمدرعات في مقدم المطالبات الإسرائيلية لتطوير قدرات الجيش (آ ف ب)

إحدى الإشارات التي تدل على ما هو مطلوب من رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد إيال زامير، وردت على شكل رسالة مفتوحة وجّهها إليه الدكتور عومر أريخا؛ وهو ناشط يميني يُكنّى بـ«أحمر الشعر المزعج» في اليمين، الذي يُدرّس الإعلام في جامعة آرييل الاستيطانية. ولقد نشر هذه الرسالة في موقع يميني «ميدا»، فقال:

«تحية لرئيس الأركان المقبل، كان الحفل جميلاً جداً، دون مزاح. كانت هناك لحظة كبيرة من التأثر، قاموا بتوشيحك بالرُّتب بشكل رائع، حتى معجّنات البوريكس كانت لذيذة جداً، هذه المرة. لكن بعدما استمتعنا وفرحنا، دعْنا نتحدث بشكل عملي؛ لأنك تتسلم جيشاً في حالة سيئة جداً.

سَلَفك هيرتسي هليفي ترك منصبه أخيراً، ولكن خجلاً ومحرجاً، محتقراً ومكروهاً، بعدما وقع أكبر فشل في تاريخ الدولة، خلال فترة ولايته، وهو يترك الجيش في حالة من الدمار. الثقة في الجيش انخفضت بشكل كبير، بعد سلسلة من التعيينات المشكوك فيها.

وهنا يأتي دورك، يا رئيس الأركان المقبل؛ لأن الجيش الإسرائيلي يعاني كثيراً من المشاكل التي انفجرت في وجوهنا، في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وعليك تصحيحها، ولن يكون الأمر سهلاً. الجيش يعاني مشاكل خطيرة تتعلق بالمصاريف والمُعدات، والأهم من ذلك، الثقة.

لذا إليك بعض الأمور التي يمكنك فعلها، وستكون الفائدة كلها للجيش.

أولاً، جيش اليابسة في حالة سيئة. طوال عقدٍ من الزمن جرى تقليصه لصالح الوحدات الخاصة، والطائرات المتقدمة، والوسائل التكنولوجية. ولكن في اللحظة الحاسمة، وجد الجيش نفسه دون جنود متمرسين، ودون مُعدات حديثة، لدرجة أن بعض الوحدات اعتمدت على التبرعات من الخارج في سبيل خوض المعركة بشكل مناسب. نعم، ميزانية الأمن ضخمة، لكن يبدو أن الاستثمار لا يذهب نحو الجيش المناور، وهذا تغيير يمكنك قيادته. لأنه من حولنا، يجري بناء جيوش للحرب، مثل تركيا التي تمتلك جيشاً ضخماً، أو مصر التي تبني جيش دبابات هائلاً يتركز في سيناء مع سيناريوهات تهديدات مشابهة لتلك التي تُواجهها إسرائيل على حدودها الجنوبية، وكذلك الأمر في غزة والضفة الغربية.

يجب أن يكون الجيش المناور في قمة أولوياتك. يحتاج الجيش إلى مزيد من الدبابات، وليس فقط إلى نوع واحد، والأهم من ذلك مزيد من المُعدات التكتيكية الحديثة للجنود، والتدريب الحربي بواسطة جيش مناور.

ثانياً، يجب على الجيش، تحت قيادتك، أن يستثمر في صورته العامة، أن الجيش، كيف نقول، ليس في أفضل حالاته. هناك شعور بأن الرتابة انتشرت بين صفوفه، حتى في هيئة الأركان العامة نفسها، جرى دفع الضباط الهجوميين إلى الخارج. ولدى الجيش مشكلة في النفقات. لنأخذ مثلاً الإضافة المالية لرئيس الأركان، وهي إضافة مالية غير قانونية يُحتمل أنك تلقيتها أيضاً، أو التقاعد المُبالغ فيه لضباط الجيش الكبار.

في هذه الأيام، التي يُكشف فيها عن عيوب الجيش، يمكن أن يكون لإلغاء الإضافة، وكذلك تقليص الرواتب المرتفعة للضباط الكبار، تأثير كبير في عيون الجمهور الذي سيرى أن الجيش يتحمل المسؤولية حقاً.

بشكل عام، منذ اندلاع الحرب، يبدو أن الجيش الإسرائيلي يخوض حربين: واحدة ضد «حماس»، والأخرى ضد مراقب الدولة، الذي يرفض الجيش التعاون معه بشدة. صحيح أن الجيش يمتلك أدوات تفتيش ذاتية ممتازة، ولكن فشل «السبت الأسود» كبير جداً لدرجة أن الجيش لا يستطيع فحص نفسه مجدداً. هناك حاجة إلى انتقاد عام. وهذا ليس مقتصراً على مجال مراقب الدولة فحسب، بل أيضاً على السلطة المشرفة أو - كما تُسمى - الكنيست.

الجيش، كيف نقول بلطف، لا يحترم منتخبي الجمهور، واعتاد تجاهلهم. بشكل عام، يبدو أن الجيش يتصرف بوصفه دولة داخل الدولة.

إذا استمعت إلى هذه النصائح، وقمت بتقليص النفقات غير الضرورية، واستثمرت في إعادة بناء جيش اليابسة، وتعاونت مع المراقبة العامة وتبنيت الشفافية، فسيكون الربح لك وللجيش الذي تتحمل المسؤولية عنه، كبيراً، وستزداد الثقة بك وبالمنظمة، وفوق هذا كله، سيصل الجيش إلى المعركة المقبلة وهو مستعد ومتمرس، وسيفوز بها.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية الإمارات وإسرائيل يبحثان وقف التصعيد في غزة

الخليج الشيخ عبد الله بن زايد لدى لقائه مع الوزير جدعون ساعر في أبوظبي (وام)

وزيرا خارجية الإمارات وإسرائيل يبحثان وقف التصعيد في غزة

بحث الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، مع جدعون ساعر، وزير الخارجية الإسرائيلي، العلاقات الثنائية وتطورات المنطقة.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض بواشنطن في 4 فبراير 2025 (أ.ف.ب)

قلق في أروقة حكومة نتنياهو من استدعائه السريع للبيت الأبيض

ساد قلق في أروقة الإدارة الإسرائيلية بعد إصرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب على قدوم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لواشنطن سريعاً، لكن نتنياهو يطمئن مسؤوليه.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي محتجزان إسرائيليان أحدهما مصاب ظهرا في فيديو نشرته «كتائب القسام» (لقطة من فيديو)

«القسام» تنشر تسجيلاً مصوراً لمحتجزَين إسرائيليَين... وتحذر: «الوقت ينفد»

نشرت حركة «حماس»، اليوم السبت، تسجيلاً مصوراً لرهينتين إسرائيليين ظهر أحدهما وهو يقول إنه أصيب في قصف على المكان الذي يوجدون فيه ونجا من الموت بأعجوبة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية حسين سلامي القائد العام لـ«الحرس الثوري» الإيراني (أ.ب) play-circle

«الحرس الثوري»: لن نبدأ حرباً لكننا مستعدون لها ولن نتراجع

قال القائد العام لـ«الحرس الثوري» الإيراني، حسين سلامي، إن «إيران لن تبدأ حرباً، لكنها مستعدة تماماً لمواجهة أي تهديدات عسكرية من العدو».

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي فلسطينيون يتفقدون الأضرار التي لحقت بمدرسة يلجأ إليها النازحون بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة (رويترز) play-circle

مع استمرار الحصار... «الصحة العالمية» تحذر من التدهور السريع للوضع في غزة

حذرت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية في شرق البحر المتوسط حنان بلخي، اليوم (السبت)، من أن الوضع في غزة يتدهور بوتيرة سريعة مع استمرار الحصار.

«الشرق الأوسط» (غزة)

إسرائيل تتوسع في عدوانها... «الحل العسكري لكل المشاكل»

إحدى الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا (رويترز)
إحدى الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا (رويترز)
TT
20

إسرائيل تتوسع في عدوانها... «الحل العسكري لكل المشاكل»

إحدى الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا (رويترز)
إحدى الغارات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا (رويترز)

«في الجبهة الشمالية، على الرغم من أن التهديد قلّ، يجب أن نستعد للتطورات المحتملة: تقوية الجيش السوري مجدداً، إنشاء (محور مقاومة) سني أو إعادة إحياء المحور الإيراني. لذا؛ على إسرائيل إنشاء ممرّ في جنوب سوريا من هضبة الجولان إلى المناطق الكردية. إلى الشرق من هضبة الجولان، على طول حدود سوريا - الأردن، توجد نقطة استراتيجية حرجة – التنف. rnهذه الكلمات الواضحة والصريحة،نُشرت أخيراً في موقع «ميدا» الإسرائيلي اليميني، الذي يُعدّ واحداً من مواقع وقنوات عدة أنشأها أنصار بنيامين نتنياهو لمواجهة الإعلام العبري الليبرالي... الذي يعدّونه «يسارياً».nيضيف الموقع: «التنف» وموقعها الفريد عند تقاطع الطرق بين سوريا والأردن والعراق، وعلى الطريق من بغداد إلى دمشق، يجعلها جزءاً أساسياً من أي استراتيجية إقليمية. لهذا السبب أسست الولايات المتحدة قاعدة عسكرية هناك، وأنشأت منطقة منزوعة السلاح في دائرة نصف قطرها 55 كم بدعم من المتمردين المحليين الذين يخضعون لسلطتها. ومع تغير النظام في سوريا، والتهديد المتناقص من (داعش)، وعزوف إدارة ترمب عن التدخل العالمي، ثمة احتمال كبير للانسحاب الأميركي من التنف. في هذه الحالة، ستحتلها الميليشيات الموالية لإيران، أو قوات (داعش) أو قوات المتشدّدين التابعة للنظام السوري الجديد. وهذا سيعرّض خطط إنشاء الممر البرّي من الجولان إلى الأكراد للخطر، ويتيح إعادة بناء الممر البري بين إيران ولبنان أو ممر سني مشابه.

ويتابع الموقع: «من ناحية أخرى، سيسمح الوجود الإسرائيلي في المنطقة، سواء بشكل منفرد أو بالتعاون مع الولايات المتحدة، بربط جبل الدروز بالأكراد، وتوفير قدرة استجابة سريعة ضد التهديدات تجاه الحلفاء – حتى من شرق جبل الدروز – والسيطرة على المحور بين بغداد ودمشق. علاوة على ذلك، فإن نشر سرب طائرات إسرائيلي هناك سيكون عامل ردع فعالاً ضد الميليشيات الموالية لإيران في العراق، ويقصّر المسافات اللازمة للهجوم ضد إيران» حتى لو كان كلّ ما كتب في الموقع يعبر عن رأيه الشخصي، إلا أنه يثبت أنه «بوق» لحزب الليكود الحاكم ولنتنياهو شخصياً. النغمة التي تصدر من بين السطور، هي الأنغام التي يردّدها قادة اليمين باستمرار، وبينهم عدد من الجنرالات السابقين.

بالطبع، لا أحد يصدّق أن إسرائيل مستعدة لخوض حرب في سوريا لأجل الأكراد أو الموحّدين الدروز. فهذه مجرد تقوّلات جاءت لتغطي على الأهداف التوسّعية، وفي بعض الأحيان تُطلَق لغرض التهديد والوعيد. بيد أنها تعكس صورة لمرض الغرور المتغطرس الذي يتحكّم في العقيدة الإسرائيلية منذ عام 1967. فالقيادات الإسرائيلية التي تعيش عقدة السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لا تريد أن تتعلم الدرس، بل تصرّ على المضي قدماً في عقلية «الحل العسكري لكل المشاكل».

أزمة خالدة

يوم 7 أكتوبر تلقت عقلية الحل العسكري هذه ضربة قاصمة. فإسرائيل، بكل جبروتها العسكري فشلت في رصد هجوم «حماس»، التي تُعدّ تنظيماً مسلحاً صغيراً ومحدوداً، واحتاجت إلى ساعات طويلة حتى تمكّنت من وقفه. ثم دخلت حرباً شرسة، غير مسبوقة للانتقام.

«حماس»، من جهتها، نفذت هجوماً عسكرياً فوجئت هي نفسها بنتائجه. إذ تمكنت في غضون ساعات قليلة من تحطيم الحواجز الحدودية «المحصّنة»، واحتلت 11 موقعاً عسكرياً و22 بلدة مدنية. كذلك خطفت 251 جندياً وضابطاً ومدنياً، وراحت تقاوم الهجوم الإسرائيلي بشبكة أنفاق ضخمة وعمليات عسكرية نوعية.

لكن «حماس» لم تجرِ حسابات صحيحة لهجومها. فقد ترافق أولاً بعمليات قتل وإبادة لعائلات يهودية بأكملها، وخُطف أطفال ونساء. ثم إنها لم تتوقع هجوماً إسرائيلياً بهذه الفظاعة، ولم تُحسن الدفاع عن مواطني قطاع غزة، ولم تأخذ في حسابها ما سيحصل للقضية الفلسطينية من جراء هجومها. بل لم تحسب ما سيجري لمصير معسكرها برمته، الذي يسمى «محور المقاومة».

لم تُحسن قراءة لا الخريطة الإسرائيلية ولا الإقليمية ولا العالمية.

لم تدرك أن في إسرائيل حكومة يمين متطرف تخوض حرباً وجودية، وتواجه أكبر عملية مواجهة لإسقاطها جماهيرياً. بل إن هذه الحكومة كانت تفتّش عن وسيلة تتيح لها إشعال حرب لكي تفلت من قبضة الجمهور المعارض لها. ولم تدرك «حماس» أن الجيش الإسرائيلي، وكل الأجهزة الأمنية، كانوا شركاء في المعركة ضد حكومة نتنياهو. ولذا؛ فإن توجيه ضربة قاسية لها كما حدث 7 أكتوبر، سيُخرج القيادات العسكرية عن طورها ويجعلها تتصرف بمنتهى الجنون والوحشية.

وحتى عندما خاضت «حماس» مفاوضات تبادل الأسرى، لم تقرأ الخريطة الإسرائيلية والعالمية جيداً، فرفضت التوصل إلى صفقة شاملة اقترحها الأميركيون والوسطاء المصريون والقطريون لإنهاء الحرب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وراهنت على محكمة لاهاي ومؤسسات الأمم المتحدة وغيرها من الإجراءات الدولية ضد حرب الإبادة والتدمير. وراهنت على مشاركة «حزب الله» في لبنان والعراق والحوثيين في اليمن، وبالطبع، على إيران. وبالنتيجة، استفاد القادة الإسرائيليون من هذا الأداء ليديروا حرباً عدُّوها «وجودية»، وعبَّر عن ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عندما بشَّر شعبه بأنه «سيعيش على الحراب أبد الدهر».

خطط إسرائيل وأطماعها

كان أهم هدف للقيادة الإسرائيلية السياسية والعسكرية استعادة الهيبة أمام جيوش العالم. فالجيش الإسرائيلي يعدّ واحداً من أقوى عشرة جيوش في العالم، ويساهم بتدريب 34 جيشاً لمختلف دول العالم ويشارك جيوش الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) بتطوير الأسلحة والتكنولوجيا الحربية. وهؤلاء جميعاً لم يستوعبوا كيف يمكن لهذا الجيش أن يسقط في امتحان بسيط مثل هجوم «حماس».

كيف يستعيد الهيبة؟

أولاً، عبر الانتقام بلا رحمة من غزة كلها، بقضها وقضيضها. وحقاً قتلت إسرائيل أكثر من 50 ألفاً، معظمهم أطفال ونساء ومرضى ومسنون. ودمّرت جميع الجامعات ونصف المدارس وثلث المساجد وألحقت أضراراً بالكنائس الثلاث وشلّت كل المستشفيات وهدمت أكثر من ثلثي البيوت والعمارات. وحطمت الاقتصاد، ومارست التجويع والتعطيش واستخدمت في ذلك أفتك أنواع الأسلحة... وأدت خدمات هائلة لشركات إنتاج السلاح في الولايات المتحدة وغيرها، عندما جرّبت أسلحتهم الحديثة على أهل غزة. أيضاً أظهرت إسرائيل قدرات خارقة في التجسّس على «حزب الله» اللبناني وعلى إيران وسوريا، فتمكنت من اغتيال أبرز القيادات على أراضي هذه الدول، ونفّذت عملية تفجير «البيجرز» بعد تمكّنها من بيعها لـ«حزب الله» وقبض ثمنها بالدولارات، ودمرت جزءاً كبيراً من القدرات العسكرية لـ«محور المقاومة» برمته.

ثم إنها مع كل تقدّم في عملياتها، ازداد نهمها فراحت تحتل الأرض وتقيم المواقع العسكرية في الأراضي العربية. وحتى بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، احتلت الأرض ودكّت القدرات الهجومية والدفاعية للجيش السوري، كما نفذت غارات على الأراضي الإيرانية وفي اليمن.

وهي، بينما تحاول الآن إقناع واشنطن بأن الفرصة مواتية لتنفيذ هجوم على إيران يشلّ مشروعها النووي، بدأت تتكلّم عن «الإمبريالية التركية الجديدة» و«تهديد الجيش المصري».

المشكلة الكبرى في هذه الأطماع كونها نابعة من قناعات بأن قادة إسرائيل، يقولون صراحة إنهم يريدون أن يدفع العرب ثمن هجوم «حماس» بخسارة الأرض. وفعلاً، طرح بعضهم مشروع التهجير «الطوعي»، ووضعوا مخطّطات عملية، وشكّلوا لجنة حكومية لتنفيذ المشروع. وقسم جدّي منهم يتكلّم عن «الانتصار الكامل» و«تغيير وجه الشرق الأوسط» لصالح إسرائيل.

إنهم يفعلون ذلك بسياسة عربدة لا تعرف الحدود في جبهات عدة. ويقولون إنهم «استخلصوا العبر» من إخفاقات «حماس»، والآن لا يكتفون بسياسة الدفاع والردع والاحتواء، بل ينتقلون إلى المبادرة و«العمليات الاستباقية» والهجوم المباغت.

في كل هذا، هؤلاء القادة يوحون بأنهم لا يحسنون قراءة خريطة المنطقة ولا منطق التاريخ. بل إنهم يعودون لتكرار الأخطاء الجسيمة التي أدت بهم إلى إخفاقات أكتوبر، ليس فقط في 2023، بل أيضاً في 1973، وإلى ما حصل بينهما. وهذه الأخطاء تتمثل في ذلك الجهل البدائي في تلك القراءة. حتى الجنرالات، الذين تعلّموا في المدارس العسكرية الابتدائية بأنه لا بد للحرب من هدف سياسي، ومَن ينهِ الحرب بلا هدف سياسي يحوّل إنجازاته خسارة، نسوا الدرس... فبنوا حربهم على حفر أخاديد جارحة لا تُنسى وبنوا جيشاً من كارهيهم، ليس فقط بين الفلسطينيين والعرب، بل في العالم أجمع. والكراهية وقود حارق لإشعال الحروب القادمة.

هذه الحروب قد لا تنتهي بانتصار، فكيف عندما يكون هؤلاء القادة يفوّتون مرة أخرى الفرصة السانحة لإنهاء الحرب وفتح آفاق سياسية جديدة تغير الشرق الأوسط فعلاً.

آفاق باتجاه تسوية الصراع وتحقيق السلام مع كل الدول العربية والإسلامية، كما يقترح القادة العرب ومعهم عديد من قادة دول الغرب والمجتمع الدولي. بينما تحاول تل أبيب إقناع واشنطن بأن الفرصة مواتية للهجوم على إيران بدأت تتكلّم عن «الإمبريالية التركية» و«تهديد الجيش المصري» القدس: نظير مجلي