الرسوم الجمركية في عهد ترمب... أداة تفاوض أم ضرورة لتمويل العجز؟

الولايات المتحدة تواجه ديناً عاماً يهدد بمستقبل مالي غير مستدام

دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)
دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية في عهد ترمب... أداة تفاوض أم ضرورة لتمويل العجز؟

دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)
دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)

في خضم دوامة إعلانات الرسوم الجمركية التي يطلقها دونالد ترمب، يتشبث المحللون السياسيون بأمل واحد، وهو أن هذه الرسوم ليست سوى تهديد يستخدمه الرئيس الأميركي للضغط على شركائه التجاريين وانتزاع تنازلات منهم، أي أن تهديده سيكون أكبر من أفعاله الفعلية. لكن هذا الافتراض يغفل حقيقة أخرى مهمة: ترمب ليس فقط يلوّح بالرسوم الجمركية بوصفها سلاحاً تفاوضياً، بل هو بحاجة ماسة إلى الأموال.

فالوضع المالي للولايات المتحدة في حالة يرثى لها، حيث بلغ العجز في الموازنة أعلى مستوياته منذ عام 1975 خارج فترات الأزمات، فيما يتجه الدين العام للنمو بمعدل يفوق ضعف معدل نمو الاقتصاد خلال العقود المقبلة. ورغم هذا الوضع المتأزم، تعهد ترمب بتنفيذ تخفيضات ضريبية ضخمة تصل إلى 10 تريليونات دولار على مدى السنوات العشر المقبلة، مما يفاقم التحديات المالية، وفق صحيفة «التلغراف».

وفي هذا السياق، يُحذّر الخبراء من أن ترمب لا يرى في الرسوم الجمركية مجرد أداة للضغط الجيوسياسي، بل يعدها أيضاً مصدراً رئيساً لتمويل أجندته الضريبية، ما يعني أنها ستظل جزءاً أساسياً من سياساته الاقتصادية. وكما يوضح مايكل مارتينز، مؤسس شركة «أوفرتون أدفايزوري»، فإن «ترمب يرى في الرسوم الجمركية وسيلة لزيادة الإيرادات، وسيستخدمها فريقه مبرراً لخفض الضرائب». وقد أكد ترمب هذا التوجه في خطاب تنصيبه، عندما قال: «بدلاً من فرض الضرائب على مواطنينا لإثراء الدول الأخرى، سنفرض الرسوم الجمركية والضرائب على الدول الأجنبية لإثراء مواطنينا». كما شدّد مستشاره التجاري، بيتر نافارو، في حديث لشبكة «سي إن بي سي» على أن «الرسوم الجمركية ستكون جزءاً مهماً للغاية من نقاشات خفض الضرائب».

لكن التفاؤل بعودة الأمور إلى طبيعتها قد يكون في غير محله، إذ يشير مارتينز إلى أن «هذا النهج لن يختفي، ولا ينبغي لأحد أن يتفاجأ إذا واصل ترمب توسيع وزيادة الرسوم الجمركية»، مضيفاً أن «كثيراً من قادة العالم يستخفون بشغف ترمب بهذه السياسة».

ويتجلى عمق الأزمة المالية الأميركية بوضوح في تقرير مكتب الموازنة في الكونغرس، الذي يتوقع أن يصل العجز الفيدرالي الأميركي في السنة المالية 2025 إلى 1.9 تريليون دولار، أي ما يعادل 6.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يقارب ضعف متوسط العجز البالغ 3.8 في المائة خلال الخمسين عاماً الماضية. وهذه المشكلة ليست آنية، بل تزداد سوءاً، حيث يُتوقع أن يصل العجز إلى 2.7 تريليون دولار، أو 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035.

ويقول جيمس نايتلي، كبير الاقتصاديين الدوليين في بنك «آي إن جي»: «الوضع المالي للولايات المتحدة سيئ للغاية منذ البداية»، ما يعني أن الاقتراض سيواصل ارتفاعه بوتيرة متسارعة. وفي فبراير (شباط) الماضي، أصدرت هيئة المحاسبة الحكومية تحذيراً صارخاً مفاده أن الحكومة الأميركية تواجه «مستقبلاً مالياً غير مستدام». وبحلول عام 2027 سيصل الدين العام إلى مستوى قياسي جديد يبلغ 106 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وإذا لم يتم التعامل معه، فسوف يزداد بمعدل يفوق ضعف معدل نمو الاقتصاد ليصل إلى 200 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2047.

وتعتمد هذه التوقعات على فرضية انتهاء التخفيضات الضريبية التي أقرها ترمب في 2017 بحلول نهاية 2025، وهي التخفيضات التي شملت معظم معدلات ضريبة الدخل الشخصي. لكن ترمب يسعى إلى تمديدها، مما سيضيف 5.5 تريليون دولار إلى إجمالي الاقتراض خلال العقد المقبل. يقول نايتلي: «هذا هو الأساس الذي ننطلق منه، وهذا سيكلف 5.5 تريليون دولار دون أي فوائد مباشرة للمواطنين، لأن ذلك سيبقي معدلات الضرائب دون تغيير. لن يكون هناك أي تأثير مالي إيجابي، لكنه سيفاقم الأوضاع المالية الأميركية على المدى الطويل».

ولا يقتصر طموح ترمب على تمديد التخفيضات الضريبية الحالية، بل يتطلع إلى خطوات أوسع، مثل إلغاء الضرائب على العمل الإضافي، وهي خطوة قد تكلف أكثر من تريليوني دولار خلال العقد المقبل. كما أن خططه لإلغاء الضرائب على مزايا الضمان الاجتماعي ستضيف ما بين تريليون و1.5 تريليون دولار إلى العجز، بينما سيكلف إلغاء الضرائب على الإكراميات ما بين 200 و500 مليار دولار خلال الفترة نفسها. بالإضافة إلى ذلك، فإن خفض الضريبة على الشركات من 21 في المائة إلى 15 في المائة للشركات التي تركز إنتاجها في الولايات المتحدة سيكلف نحو 300 مليار دولار.

وبمجموع هذه السياسات، ستحتاج إدارة ترمب إلى تمويل إضافي يُقدَّر بنحو تريليون دولار سنوياً. ورغم أن بعض هذه الإجراءات قد لا تُنفذ بالكامل - مثل إلغاء الضرائب على العمل الإضافي، الذي قد يواجه معارضة في الكونغرس بسبب تداعياته على الإنتاجية - فإن الفجوة التمويلية التي يجب سدها تظل هائلة. ويوضح مارتينز أن «ترمب يؤمن بالنهج العدواني أولاً، وسيدفع باتجاه خفض ضريبة الشركات إلى أقصى حد ممكن. علامته التجارية السياسية تقوم على كونه رجل أعمال سابقاً».

لكن تمرير هذه التخفيضات يتطلب إقناع الكونغرس، وكذلك الأسواق المالية التي ستراقب عن كثب مدى قدرة الحكومة على تمويل هذه السياسات. وحتى الآن، لم يتسبب ارتفاع العوائد على سندات الخزانة الأميركية في رفع أسعار الفائدة على الديون الحكومية طويلة الأجل إلى مستويات تنذر بأزمة مالية وشيكة، لكن هذا قد يتغير قريباً. وكما يحذر روبن بروكس، الزميل البارز في معهد «بروكينغز»، فإن «الولايات المتحدة تتمتع بامتياز مالي هائل – القدرة على تمويل عجز ضخم بأسعار فائدة منخفضة مع الحفاظ على عملة قوية – لكن لا أحد يعرف متى سينتهي هذا الامتياز». ويضيف: «نحن نلعب بالنار، لأن هذا الامتياز ليس من دون حدود. حقيقة أن الأسواق لم تسعّر هذا بعد، لا تعني أنها لن تفعل ذلك غداً».

أما الحل الآخر الذي يطرحه ترمب لموازنة المالية العامة، والمتمثل في الاعتماد على «وزارة الكفاءة الحكومية» بقيادة إيلون ماسك لتقليص الإنفاق الحكومي، فمن غير المرجح أن يسفر عن توفيرات كافية. فثلثا الإنفاق الحكومي الأميركي مخصص لبرامج إلزامية مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، ولا يمكن تقليص ذلك بسهولة. أما الثلث المتبقي، فهو إنفاق تقديري، لكن معظمه - أي نحو ثلثي هذا الجزء - يذهب إلى الدفاع العسكري، ما يعني أن الجزء القابل للتخفيض فعلياً ضئيل للغاية. حتى إيلون ماسك نفسه أقر بأن التوفير الفعلي قد يكون نصف الهدف المعلن، قائلاً: «إذا حاولنا خفض 2 تريليون دولار، فلدينا فرصة جيدة لتحقيق خفض بقيمة تريليون دولار».

كل هذا لا يعني أن الرسوم الجمركية ستكون بالضرورة مصدراً فعالاً أو كافياً للإيرادات. فوفقاً لمعهد «بيترسون» للاقتصاد الدولي، فإن فرض ترمب لرسوم بنسبة 10 في المائة على جميع السلع، و60 في المائة على الصين قد يجلب 225 مليار دولار سنوياً، لكن هذا الرقم لا يأخذ في الحسبان تأثير الرسوم على النمو الاقتصادي. ويوضح بروكس أن «زيادة الرسوم تؤدي إلى انخفاض الكميات المستوردة، مما يقلل من العائدات». وبحسب التقديرات، فإن الحد الأقصى للإيرادات التي يمكن تحصيلها من الرسوم الجمركية قد لا يتجاوز 100 مليار دولار سنوياً، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بالفجوة المالية الهائلة.

وفي نهاية المطاف، يظهر بوضوح أن اعتماد ترمب على الرسوم الجمركية بوصفها مصدراً أساسياً للإيرادات ليس كافياً، مما قد يدفعه إلى البحث عن مصادر تمويل بديلة أو إلى إعادة النظر في بعض وعوده المالية.


مقالات ذات صلة

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

الاقتصاد رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

وول ستريت تتسم بالهدوء والترقب قبيل قرار الاحتياطي الفيدرالي

تذبذبت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت بين مكاسب وخسائر طفيفة، يوم الخميس، حيث قام المستثمرون بتحليل مجموعة من البيانات لتحديد توقعاتهم بشأن الفائدة.

«الشرق الأوسط» (نيويوك)
الاقتصاد الرئيس دونالد ترمب محاطاً بعدد من كبار تنفيذيي صناعة السيارات الأميركية في المكتب البيضاوي يوم 3 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

ترمب ينقلب على معايير «الكفاءة الخضراء»

في خطوة تُعدّ انقلاباً مباشراً على إرث إدارة جو بايدن، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن خطة شاملة لخفض معايير الكفاءة في استهلاك الوقود للسيارات والشاحنات.

إيلي يوسف (واشنطن)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.