بعد «ديب سيك»: 4 شركات ناشئة صينية بارزة في مجال الذكاء الاصطناعي

«مارثون النمور الستة» يمهد الطريق لمنافسة محتدمة

بعد «ديب سيك»: 4 شركات ناشئة صينية بارزة  في مجال الذكاء الاصطناعي
TT

بعد «ديب سيك»: 4 شركات ناشئة صينية بارزة في مجال الذكاء الاصطناعي

بعد «ديب سيك»: 4 شركات ناشئة صينية بارزة  في مجال الذكاء الاصطناعي

أذهل الصعود الأسطوري لـ«ديب سيك»، شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة التي تتحدى الآن عمالقة العالم، المراقبين وسلط الضوء على قطاع الذكاء الاصطناعي في الصين.

بدائل صينية للسوق المحلية

منذ ظهور ChatGPT «تشات جي بي تي» لأول مرة في عام 2022، سعت الصين بشكل لا هوادة فيه إلى تطوير البدائل المحلية له، ما أدى إلى ظهور موجة من الشركات الناشئة والرهانات بمليارات الدولارات.

اليوم، يهيمن على السباق عمالقة التكنولوجيا مثل «علي بابا» Alibaba و«بايت دانس» وByteDance، إلى جانب جهات منافسة أخرى ممولة جيداً ومدعومة من قبل المستثمرين الكبار.

ولكن بعد عامين من طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي في الصين، نشهد تحولاً: يتعين على المبتكرين الأصغر حجماً أن ينحتوا مكانتهم الخاصة أو يخاطروا بالخسارة.

ماراثون «النمور الستة»

لقد بدأ الأمر بسباق سريع ثم تحول إلى ماراثون عالي المخاطر -لم تكن طموحات الذكاء الاصطناعي في الصين أعلى من هذا قط، وفقاً لمجلة «تكنولوجي ريفيو» الصادرة عن معهد ماساتشوستس الأميركي للتكنولوجيا.

وتعتبر مجموعة النخبة من الشركات المعروفة باسم «النمور الستة» -«ستيب فان»، و«زهيبو»، و«ميني ماكس»، و«مون شوت»، و«01AI»، و«بيتشوان»- في طليعة قطاع الذكاء الاصطناعي في الصين. ولكن إلى جانبها، تواصل الشركات التي تركز على البحث مثل «ديب سيك» و«موديل بيست» نمو نفوذها. وتتخلى بعض الشركات، مثل «ميني ماكس» و«مون شوت»، عن التدريب على النماذج الأساسية المكلفة من أجل التركيز على بناء تطبيقات لخدمة المستهلكين. وتضاعف شركات أخرى، مثل «ستيبفون» و«إنفينيجنس إيه آي»، جهودها في مجال البحث، مدفوعة جزئياً بالقيود التي تفرضها الولايات المتحدة على أشباه الموصلات.

4 شركات رائدة

وقد حدد الخبراء الشركات الصينية الأربع المتخصصة في الذكاء الاصطناعي باعتبارها الشركات التي تستحق المتابعة.

* «ستيب فان». تأسست «ستيب فان» Stepfun في أبريل (نيسان) 2023 على يد نائب الرئيس الأول السابق لشركة «مايكروسوفت» جيانغ داكسين، وظهرت في وقت متأخر نسبياً على ساحة الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، لكنها سرعان ما أصبحت منافساً بفضل محفظتها من النماذج الأساسية. وهي ملتزمة أيضاً ببناء الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهي المهمة التي تخلت عنها العديد من الشركات الناشئة الصينية.

وبدعم من مستثمرين مثل مؤسسة «Tencent» وتمويل من حكومة شنغهاي، أصدرت الشركة 11 نموذجاً أساسياً للذكاء الاصطناعي العام الماضي -تشمل اللغة والأنظمة المرئية والفيديو والصوت والأنظمة متعددة الوسائط.

نماذج متميزة

ويحتوي أكبر نموذج لغوي لديها حتى الآن، Step - 2، على أكثر من تريليون مُعامل (جي بي تي - 4 يحتوي على نحو 1.8 تريليون). وهي حالياً في المرتبة خلف نماذج ChatGPT «جي بي تي» و«ديب سيك» و«كلود» و«جيمناي» على سلم تقييم« LiveBench»، وهو موقع مرجعي يقيم قدرات نماذج اللغة الكبيرة.

كما يحتل نموذج «ستيب فان» المتعدد الوسائط، Step - 1V، مرتبة عالية لقدرته على فهم المدخلات المرئية على Chatbot Arena، وهي منصة حشد المصادر حيث يمكن للمستخدمين مقارنة أداء نماذج الذكاء الاصطناعي وتصنيفه.

تعمل هذه الشركة الآن مع مطوري تطبيقات الذكاء الاصطناعي الذين يعملون على بناء نماذجها. ووفقاً لمؤسسة الإعلام الصينية «كيه آر 36» 36Kr، ارتفع الطلب من المطورين الخارجيين لاستخدام واجهة برمجة التطبيقات المتعددة الوسائط الخاصة بـStepfun «ستيب فان» بأكثر من 45 ضعفاً في النصف الثاني من عام 2024.

نماذج للهواتف الذكية والكمبيوترات

* «موديل بيست». أسس باحثون من جامعة تسينغهوا المرموقة شركة «موديل بيست» ModelBest في عام 2022 في منطقة هايديان ببكين. ومنذ ذلك الحين، تميزت الشركة بالاعتماد على الكفاءة وتبني اتجاه نماذج اللغة الصغيرة.

تم تصميم سلسلة MiniCPM الخاصة بها -والتي غالباً ما يطلق عليها دار الطاقة الصغيرة «Little Powerhouses» باللغة الصينية - للمعالجة على الجهاز في الوقت الفعلي على الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية وأنظمة السيارات وأجهزة المنزل الذكي وحتى الروبوتات. وتتلخص وجهة نظرها للعملاء في أن هذا المزيج من النماذج الأصغر حجماً ومعالجة البيانات المحلية يقلل التكاليف ويعزز الخصوصية.

يحتوي أحدث طراز من «موديل بيست»، MiniCPM 3.0، على 4 مليارات معامل فقط ولكنه يطابق أداء GPT - 3.5 في معايير مختلفة. ولاحظ المستثمرون ذلك: في ديسمبر (كانون الأول) 2024، أعلنت الشركة عن جولة ثالثة جديدة من التمويل بقيمة عشرات الملايين من الدولارات.

«زهيبو» المحظورة أميركياً

* «زهيبو». نشأت Zhipu AI أيضاً في جامعة تسينغهوا، ونمت لتصبح شركة ذات علاقات قوية بالحكومة والأوساط الأكاديمية. تعمل الشركة على تطوير نماذج أساسية بالإضافة إلى منتجات الذكاء الاصطناعي القائمة عليها، بما في ذلك ChatGLM، وهو نموذج محادثة، ومولد فيديو يسمى Ying، وهو أشبه بنظام Sora من «أوبن إيه آي».

ويعتبر GLM - 4 - Plus، نموذج اللغة الكبيرة الأكثر تقدماً للشركة حتى الآن، يتم تدريبه على بيانات اصطناعية عالية الجودة، ما يقلل من تكاليف التدريب، ولكنه يضاهي أداء GPT - 4 كما طورت الشركة GLM - 4V - Plus، وهو نموذج رؤية قادر على تفسير صفحات الويب ومقاطع الفيديو، والذي يمثل خطوة نحو الذكاء الاصطناعي بقدرات «وكيلة» أكثر.

من بين مجموعة الشركات الناشئة الصينية الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، تعد «زهيبو» أول من دخل على رادار الحكومة الأميركية. في 15 يناير (كانون الثاني) الماضي، قامت إدارة بايدن بمراجعة لوائح مراقبة الصادرات، مضيفة أكثر من 20 كياناً صينياً - بما في ذلك 10 شركات تابعة لشركة «زهيبو» إلى قائمة التجارة المقيدة، ما يمنعها من تلقي السلع أو التكنولوجيا الأميركية لأسباب تتعلق بالمصلحة الوطنية.

أزاحت الشركة الصينية الستار لكشف كيف قد تقوم المختبرات الكبرى ببناء نماذج الجيل التالي الخاصة بها. الآن أصبحت الأمور مثيرة للاهتمام.

وتقدر قيمة «زهيبو» بأكثر من ملياري دولار، وهي حالياً واحدة من أكبر شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة في الصين ويقال إنها تخطط قريباً لطرح عام أولي. يشمل مستثمرو الشركة صناديق تابعة لحكومة مدينة بكين والعديد من شركات رأس المال الاستثماري المرموقة.

بنية تحتية إلكترونية للذكاء الاصطناعي

* «إنفينيجنس». تأسست شركة Infinigence AI «إنفينيجنس إيه آي» في عام 2023، وهي أصغر من الشركات الأخرى في هذه القائمة، رغم أنها لا تزال تجتذب 140 مليون دولار من التمويل حتى الآن. تركز الشركة على البنية التحتية بدلاً من تطوير النماذج.

تتمثل نقطة البيع الرئيسة للشركة في قدرتها على الجمع بين الرقائق من العديد من العلامات التجارية المختلفة بنجاح لتنفيذ مهام الذكاء الاصطناعي، وتشكيل ما تسمى «مجموعة الحوسبة غير المتجانسة». هذا هو التحدي الفريد الذي تواجهه شركات الذكاء الاصطناعي الصينية بسبب عقوبات الرقائق الأميركية.

تزعم شركة «Iإنفينيجنس» أن نظامها يمكن أن يزيد من فاعلية تدريب الذكاء الاصطناعي من خلال تبسيط كيفية عمل بنيات الرقائق المختلفة -بما في ذلك نماذج مختلفة من AMD وHuawei وNvidia - في المزامنة.

بالإضافة إلى ذلك، أطلقت الشركة منصة Infini - AI السحابية، التي تجمع بين منتجات العديد من البائعين لتطوير ونشر النماذج. وتقول الشركة إنها تريد بناء حل فعال لاستخدام الحوسبة «بخصائص صينية» وأصلي لتدريب الذكاء الاصطناعي. وتدعي أن نظام التدريب الخاص بها HetHub يمكن أن يقلل من وقت تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي بنسبة 30٪ من خلال تحسين مجموعات الحوسبة غير المتجانسة التي تمتلكها الشركات الصينية غالباً.


مقالات ذات صلة

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

تكنولوجيا سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك في سباق الفضاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «إس كيه هاينكس» ولوحة أم للكمبيوتر تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

رئيس «إس كيه» الكورية: صناعة الذكاء الاصطناعي ليست في فقاعة

قال رئيس مجموعة «إس كيه» الكورية الجنوبية، المالكة لشركة «إس كيه هاينكس» الرائدة في تصنيع رقائق الذاكرة، إن أسهم الذكاء الاصطناعي قد تتعرض لضغوط.

«الشرق الأوسط» (سيول)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد هاتف ذكي وشاشة كمبيوتر يعرضان شعارَي «واتساب» والشركة الأم «ميتا» في غرب فرنسا (أ.ف.ب)

تحقيق أوروبي في قيود «ميتا» على منافسي الذكاء الاصطناعي عبر «واتساب»

خضعَت شركة «ميتا بلاتفورمز» لتحقيق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، على خلفية خطتها لإطلاق ميزات ذكاء اصطناعي داخل تطبيق «واتساب».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد من داخل معرض وظيفي للموظفين الفيدراليين المفصولين حديثاً في كانساس سيتي مارس 2025 (رويترز)

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

انخفض عدد المتقدمين الجدد للحصول على إعانات البطالة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات في إشارة إلى صمود سوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.