بوادر انقسام لأكبر تحالف مدني سوداني مناهض للحرب

تنسيقية «تقدم» شكلت لجنة لفك الارتباط مع دعاة «الحكومة الموازية»

حمدوك خلال جلسات تنسيقية «تقدم» في عنتيبي بأوغندا (موقع «تقدم» / فيسبوك)
حمدوك خلال جلسات تنسيقية «تقدم» في عنتيبي بأوغندا (موقع «تقدم» / فيسبوك)
TT
20

بوادر انقسام لأكبر تحالف مدني سوداني مناهض للحرب

حمدوك خلال جلسات تنسيقية «تقدم» في عنتيبي بأوغندا (موقع «تقدم» / فيسبوك)
حمدوك خلال جلسات تنسيقية «تقدم» في عنتيبي بأوغندا (موقع «تقدم» / فيسبوك)

أعلن التحالف المدني الأبرز في السودان «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية»، الذي يترأسه رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، تشكيل لجنة لـ«فك الارتباط» التنظيمي والسياسي بين طرفي صراع محتدم داخله، يدور حول تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع».

ويؤيد طرف في التنسيقية، قيام الحكومة الموزاية، ويعدها فرصة لتحقيق هدف «نزع شرعية» من الحكومة المدعومة من الجيش، في بورتسودان، فيما يراها الطرف الآخر انحيازاً لأحد أطراف الصراع، ومخالفة لمواثيق التحالف الذي لا يعترف بشرعية طرفي القتال، وهو ما عدَّه مراقبون كثر خطوة باتجاه انشقاق رأسي في التحالف المدني الأوسع.

وتعد «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» أوسع تحالف سياسي مدني مناهض للحرب، وتتكون من أحزاب سياسية وحركات مسلحة موقعة على اتفاق سلام جوبا 2020، ونقابات وشخصيات مستقلة. وكانت التنسيقية عُقدت في مايو (أيار) بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مؤتمرها التأسيسي، واختارت رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك رئيساً للتحالف.

فك الارتباط

وقال الناطق الرسمي باسم التنسيقية، المعروفة اختصاراً بـ«تقدم»، بكري الجاك، في بيان رسمي، مساء الخميس، إن الهيئة القيادية للتحالف أحالت مقترح «تشكيل حكومة موازية» لآلية سياسية أوصت في آخر اجتماعاتها بـ«فك الارتباط» بين الكيانات والأفراد الذين يريدون المضي قدماً في تشكيل الحكومة، والكيانات والأفراد المتمسكين بعدم شرعية أي حكومة منفردة أو مع أحد طرفي القتال.

وطرحت مكونات في التحالف إبان المؤتمر التأسيسي في مايو (أيار) الماضي، مقترحاً تشكيل «حكومة موازية» تنازع شرعية الحكومة التي تتخذ من بورتسودان عاصمة، لكن المقترح لم يحصل على إجماع. وأعيد طرحه في 6 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وقرر الاجتماع إحالته لآلية سياسية، لكن حركات مسلحة وقوى سياسية وأفراداً داخل التحالف، مضوا قدماً في تشكيل الحكومة الموازية، وعقدوا اجتماعات في نيروبي الكينية، بحثت كيفية وآليات تشكيل الحكومة الموازية لبورتسودان.

الحرب السودانية شردت السكان... وفي الصورة طفلة أمام أحد مستشفيات «أطباء بلا حدود» بدارفور (رويترز)
الحرب السودانية شردت السكان... وفي الصورة طفلة أمام أحد مستشفيات «أطباء بلا حدود» بدارفور (رويترز)

وذكر بيان «تقدم» أنها شكلت لجنة للوصول لصيغة «فك الارتباط» بشكل يوضح المبادئ المتفق والمختلف عليها، على أن يعملا بصورة مستقلة سياسياً وتنظيماً عن الآخر. وتابع: «مع كامل التقدير للخيارات المختلفة... إلاّ أن واقع الحال يقول بأن هذه الخيارات، لا يمكن أن تتعايش داخل تحالف واحد رافض للحرب وغير منحاز لأي من أطرافها».

وتعهد البيان بعدم الانحياز لأي من طرفي الحرب، أو الاعتراف بشريعة «سلطة الأمر الواقع» في بورتسودان، أو أي سلطة أخرى، ورفض الحرب والعنف كوسيلة لإدارة الصراع السياسي في البلاد، وبالعمل على بناء «جبهة مدنية» رافضة للحرب وإيقافها عبر العمل الجماهيري والدبلوماسي، و«الحوار الشامل» بمشاركة لكل القوى الفاعلة.

اتهامات متبادلة

من جانبها، أعلنت الكيانات المطالبة بتشكيل الحكومة الموازية رفضها للبيان الصادر عن المتحدث الرسمي باسم «التنسيقية»، وقالت إنه «لا يعبر عن الموقف الرسمي لـ(تقدم)»، وإنه لم يحز على اتفاق مع أي من هيئاتها وأطرها التنظيمية، وعدَّته محاولة لفرض أمر، وتعهدت بمواجهته بـ«كل حزم ومسؤولية». وقالت في بيان موقع باسم نائب رئيس «تقدم» الهادي إدريس، إن التحالف المدني لم يتخذ قراراً بشأن تشكيل الحكومة بعد، وإن القرار لا يزال قيد النقاش، ووصف بيان الناطق الرسمي بأنه «تصريحات متسرعة» صدرت خارج السياق التنظيمي، وعدّها «محاولات غير مسؤولة لفرض أجندات معينة، ولا تمثل الإرادة الجماعية للتحالف».

وعدَّ إدريس إعلان فك الارتباط محاولة لخلق انقسام داخل التحالف وقال: «هذا أمر نرفضه بشدة»، وأن مؤسسي التحالف «وحدهم من يملكون حق تقرير مصيره»، ولا يمكن لأي طرف منفرد أن يصدر قرارات مصيرية دون موافقة الجميع.

أم سودانية نازحة في مخيم زمزم للنازحين داخلياً الذي يعاني من المجاعة في شمال دارفور في 21 يناير 2025 (أ.ف.ب)
أم سودانية نازحة في مخيم زمزم للنازحين داخلياً الذي يعاني من المجاعة في شمال دارفور في 21 يناير 2025 (أ.ف.ب)

وبدوره، قال مقرر الأمانة العامة لـ«تقدم»، نائب رئيس حزب «المؤتمر السوداني» خالد عمر يوسف في بيان صحافي، إن «تقدم» مظلة مدنية نشأت لمناهضة الحرب، وتيار شعبي مضاد لقوى الحرب وتمزيق البلاد، وبسبب موقفها واجهت تقدم ما سماه «حرب شرسة من قوى داخلية وخارجية» عدّها تهديداً للمستثمرين في الحرب ومن أشعلوها وأطالوا أمدها.

وأوضح يوسف أن قضية «نزع شرعية سلطة بورتسودان الزائفة» طرحت في وقت مبكر داخل التحالف، لأن «منح الشرعية» لأي جماعة مقاتلة سيطيل أمد الحرب ويقسم السودان، وهو ما حدث بالفعل.

وأوضح يوسف أن أعضاء «تقدم» تعاهدوا على مناهضة شرعية حكومة بورتسودان الزائفة – حسب تعبيره – وعدم الاعتراف بها، من أجل الحفاظ على وحدة البلاد وتقصير أمد الحرب.

وأشار إلى حدوث تباينات للرؤى داخل التحالف، أفرز تيارين: يرى أحدهما ضرورة تشكيل حكومة لمنازعة شرعية بورتسودان، والثاني يرى مواصلة المقاومة المدنية دون تشكيل حكومة. وقال يوسف إن حزبه «المؤتمر السوداني» ينتمي للتيار الرافض لتشكيل الحكومة، انطلاقاً من قناعته بأن «(تقدم) يجب أن تمثل طريقاً ثالثاً في المشهد السياسي»، و«ألا تتطابق مع أي من الطرفين المتحاربين، وألا تكون طرفاً في الحرب بأي شكل، بل قوة تسعى لإنهائها بصورة عادلة وعاجلة».

وأوضح أن «تقدُّم» تعكف على معالجة التباين حول الموقف من تشكيل الحكومة الموازية، بما يضمن لكل تيار حقه في اتباع تقديراته دون فرضها على الآخر، وتابع: «نحن على ثقة بأن عملية فك الارتباط بين التيارين ستتم في أجواء من الود والتفاهم، فالتباين في الرؤى طبيعي في ظل حرب معقدة كحرب 15 أبريل (نيسان)».


مقالات ذات صلة

«دوري الأبطال»: تونس تجهز الهلال السوداني لمواجهة الأهلي المصري

رياضة عربية يستضيف الأهلي الهلال مطلع الشهر المقبل في القاهرة (حساب الهلال السوداني في «فيسبوك»)

«دوري الأبطال»: تونس تجهز الهلال السوداني لمواجهة الأهلي المصري

أعلن الهلال السوداني إقامة معسكر إعداد خارجي في تونس، الأسبوع المقبل، قبل التوجُّه للقاهرة لمواجهة الأهلي المصري، في ذهاب دور الـ8 لدوري أبطال أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا وزيرا خارجية مصر والسودان خلال انعقاد آلية المشاورات السياسية بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر ترفض تشكيل «حكومة موازية» في السودان

أعلنت وزارة الخارجية المصرية رفضها أي محاولات تهدد وحدة وسيادة أراضي السودان، بما في ذلك تشكيل حكومة سودانية موازية.

محمد أمين ياسين (نيروبي) «الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الصادق المهدي (يمين) وابنه الأكبر عبدالرحمن في فعالية دينية لطائفة الأنصار (أرشيفية - غيتي)

صراع على زعامة حزب «الأمة» السوداني يهدد بانشقاقه

فجر توقيع «إعلان السودان التأسيسي» الذي يهدف إلى إنشاء «حكومة موازية» في مناطق سيطرة «قوات الدعم السريع»، صراعات داخل حزب الأمة القومي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سد مروي في شمال السودان الذي استهدفته مسيّرات تابعة لـ«قوات الدعم السريع» في يناير 2025 (سونا)

الجيش السوداني يعلن التصدي لهجوم بالمسيّرات على مروي

قال الجيش السوداني إن دفاعاته الأرضية تصدت الجمعة لهجوم بالمسيّرات شنته «قوات الدعم السريع» استهدف مقر قيادة «الفرقة 19 مشاة» التابعة له بمدينة مروي شمال البلاد

محمد أمين ياسين (نيروبي)
الخليج ممثلون عن جماعات سياسية وعسكرية سودانية في نيروبي لتشكيل حكومة موازية بالسودان 18 فبراير 2025 (د.ب.أ)

السعودية ترفض «حكومة موازية» في السودان

أعربت السعودية عن رفضها أي خطوات أو إجراءات غير شرعية تتم خارج إطار عمل المؤسسات الرسمية للسودان قد تمس وحدته ولا تعبر عن إرادة شعبه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«الوحدة» الليبية تبحث تنظيم دخول العمالة المصرية عبر «قنوات رسمية»

وزيرا العمل المصري والليبي في اجتماع بالقاهرة (وزارة العمل الليبية)
وزيرا العمل المصري والليبي في اجتماع بالقاهرة (وزارة العمل الليبية)
TT
20

«الوحدة» الليبية تبحث تنظيم دخول العمالة المصرية عبر «قنوات رسمية»

وزيرا العمل المصري والليبي في اجتماع بالقاهرة (وزارة العمل الليبية)
وزيرا العمل المصري والليبي في اجتماع بالقاهرة (وزارة العمل الليبية)

بحث علي العابد، وزير العمل والتأهيل بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، خلال زيارته للقاهرة، ملف قضية العمالة المصرية في بلده، وسبل تنظيمها، بقصد إنهاء «التدفق العشوائي للعمالة».

وقالت وزارة العمل، الأحد، إنه «في إطار الجهود الهادفة إلى تنظيم سوق العمل وحماية الاقتصاد الوطني»، التقى العابد في القاهرة السفير عبد المطلب ثابت، القائم بأعمال السفارة الليبية لدى مصر ومندوب ليبيا الدائم لدى جامعة الدول العربية. مشيرة إلى أنه أكد «ضرورة تفعيل منظومة التأشيرات العمالية بشكل عاجل لضمان دخول العمالة المصرية عبر المنافذ الرسمية؛ بما يتوافق مع احتياجات السوق الليبية، وذلك لتفادي الآثار السلبية الناتجة عن التدفق العشوائي للعمالة».

من جهته، أشار السفير ثابت إلى «جاهزية» السفارة الليبية، بما في ذلك القسم القنصلي والملحقية العمالية، لبدء إصدار التأشيرات وفق الآليات المعتمدة من قِبَل وزارة العمل والتأهيل ووزارة الخارجية. فيما أكد اللواء يوسف مراد، رئيس مصلحة الجوازات والجنسية، استعداد المصلحة لتنفيذ التدقيق الأمني في طلبات التأشيرات، وتزويد الجهات المعنية بالبيانات اللازمة لتسهيل دخول العمالة بشكل منظم وآمن.

وانتهى اللقاء بالتأكيد على أهمية «تعزيز التنسيق المشترك بين جميع الأطراف لضمان تنظيم دخول العمالة وفق الضوابط القانونية، بما يخدم مصالح الاقتصاد الوطني ويعزز التعاون مع الدول الشقيقة».

العابد وثابت خلال لقاء بالسفارة الليبية في القاهرة (وزارة العمل الليبية)
العابد وثابت خلال لقاء بالسفارة الليبية في القاهرة (وزارة العمل الليبية)

وكان وزير العمل عقد اجتماعاً ثنائياً بالقاهرة مع محمد عبد العزيز جبران، وزير العمل المصري لمناقشة سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مجال العمل والتشغيل.

وخلال اللقاء الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي، تم التأكيد على أهمية «وضع آلية واضحة لحصر وتنظيم العمالة المصرية في ليبيا، بما يضمن حقوق صاحب العمل والعامل وفق الأطر الرسمية القانونية». كما بحث الجانبان «آليات تنظيم سوق العمل وتسهيل الإجراءات بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين».

وكانت حكومة «الوحدة» قد وجهّت عبر وزارة العمل «بضرورة تسوية أوضاع العمالة الأجنبية وفق القوانين المعمول بها»، مؤكدة عزمها إطلاق حملة تفتيشية موسعة لضبط المخالفين بالتعاون مع الجهات المختصة.

وسبق وناقشت الوزارة سبل تعزيز الربط الإلكتروني بين منصة (وافد) الرقمية ومصلحة الجوازات، لتسجيل بيانات الأجانب وتصاريح العمل، ما يسهم في تحسين متابعة أوضاع العمالة الأجنبية وضمان الامتثال للإجراءات القانونية.

وسبق أن منحت وزارة العمل مهلة مدتها 60 يوماً للعمال الأجانب، تبدأ من 12 فبراير (شباط) الماضي، بهدف «تنظيم سوق العمل وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في ليبيا». وتلزمهم المهلة بالتسجيل في منصة (وافد)، وإبرام عقود عمل رسمية مع جهات العمل، بالإضافة إلى استكمال الفحوصات الطبية المطلوبة».