عبَّر المايسترو رئاب أحمد، قائد الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، عن سعادته باستقبال الجمهور لهم في الحفلات الثلاث التي أحيوها للمرة الأولى في الرياض أخيراً، مشيراً إلى أن العزف وقيادة الأوركسترا بحفل داخل المملكة حمل شعوراً مختلفاً بشكل كامل عن أي حفلات أخرى، وأشعره بالمسؤولية والفخر.
واحتضن مسرح الملك فهد الثقافي في الرياض، خلال الفترة بين 16 و18 يناير (كانون الثاني) من العام الحالي، 3 حفلات بعنوان «روائع الأوركسترا السعودية» لتكون الأولى في البلاد وبمثابة امتداد للجولات العالمية التي انطلقت في خمس مدن عالمية، بداية من باريس بقاعة «دو شاتليه»، وعلى «المسرح الوطني» بمكسيكو سيتي، و«دار الأوبرا متروبوليتان» بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر»، و«طوكيو أوبرا سيتي كونسيرت هول» في العاصمة اليابانية.

وقال المايسترو السعودي رئاب أحمد لـ«الشرق الأوسط» إن بداية التحاقه بالأوركسترا كانت من خلال عزفه «الكيبورد»، وهي الآلة التي يجيد العزف عليها، بالإضافة إلى تعلمه طريقة كتابة النوتة الموسيقية، لافتاً إلى أنه عمل مساعداً للمايسترو أمين قويدر في البداية.
وأضاف أنه عزف في حفلة باريس على «الكيبورد» قبل أن يُفاجأ باختياره لقيادة الأوركسترا خلال حفل المكسيك، بعد اعتذار المايسترو عماد زارع الذي كان يفترض أن يقود الأوركسترا، معتبراً أن انتقاله من صفوف العازفين إلى قيادة الأوركسترا أمر صعب، مقارنة بالمايسترو الذي يكون قادماً من الخارج.

وأوضح أن علاقته الجيدة بزملائه ساعدت في الأمر بشكل كبير في ظل تعاملهم بشكل ودي، وفي تقبلهم لقيادته الأوركسترا، مشيراً إلى أن ثمة معايير يطبقها في اختيار العازفين بكل حفل، من بينها مدى تطورهم والتزامهم بالمواعيد في البروفات، بجانب تحفيزهم للدراسة في البرامج الموسيقية المختلفة التي تقدمها وزارة الثقافة.
يتذكر رئاب أحمد لحظة صعوده على المسرح لقيادة الأوركسترا للمرة الأولى في المكسيك، بحضور نحو 10 آلاف متفرج على خشبة المسرح، مشيراً إلى أن الأمر تغيّر مع مرور الوقت وتعدد الحفلات التي لاقت ردود فعل كبيرة، ومن بينها حفلة «نيويورك» التي تصدرت التريند في السعودية بالتزامن مع بث الجمهور لقطات منها عبر مواقع التواصل.

لا يُخفِ المايسترو السعودي شعور الخوف والقلق قبل الحفلات الثلاث الأولى للأوركسترا بالسعودية، مع نفاد التذاكر بشكل سريع فور طرحها للحفلات الثلاث، خصوصاً في ظل سقف التوقعات المرتفع من الجمهور تجاه الأوركسترا، مشيراً إلى أنهم حرصوا على التنويع في الاختيارات مع إعداد برنامج غنائي طويل في الحفل لتقديم أكبر عدد من المقطوعات الموسيقية للجمهور.

وأوضح أن تقديم الحفلات بالسعودية مختلف، لكون الجمهور السعودي يعرف تفاصيل الألحان بدقة ولديه ثقافة موسيقية عن الأعمال التي يتم عزفها، على العكس من الحفلات التي تقام خارج المملكة، حيث يمكن احتواء أي مشكلة قد تحدث على خشبة المسرح.
وحول التحضيرات التي تسبق الحفلات التي يقومون بإحيائها، قال الموسيقار السعودي إن كل حفل يشهد إعلان ما يشبه «حالة طوارئ» بالفرقة على مدار شهر كامل قبل الموعد المحدد، حيث نقوم بعمل بروفات مكثفة تستمر يومياً لعدة ساعات، بخلاف التدريبات اليومية التي تجريها الفرقة، مع مراجعة توحيد الأداء في الآلات الوترية في العزف، بجانب أداء الكورال.

وأوضح أن اختيار الأغاني التي تُقام في كل حفل يتم الاستقرار عليه في وقت مبكر، وتكون مرتبطة بطبيعة المكان الذي يحتضن الحفل، مع حرصهم على البداية بأغنية تكون قريبة من جمهور المكان المُقام به الحفل، بالإضافة إلى استطلاع رأي بعض العازفين في الأغاني التي يرون أنها ستكون مناسبة لتقديمها قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن برنامج الحفل.
وأضاف أن التحضيرات تشمل أيضاً بروفات جماعية للأوركسترا بالكامل بحضور جميع العازفين والكورال، لتحديد ما يجب التركيز عليه والتعامل معه بشكل سليم، بالإضافة إلى تجنب حدوث أي أخطاء على خشبة المسرح خلال الحفل، مشيداً بالروح الإيجابية التي تجمع العازفين خلال البروفات وحرصهم على الاهتمام بالتفاصيل.
وتطرق إلى شراكته مع الموسيقار هاني فرحات في التناوب على قيادة الأوركسترا خلال الحفل، مؤكداً أن التشاور بينهما مستمر حول العازفين وتوظيفهم والمقطوعات الموسيقية التي تُعزف بكل جزء في الحفل.
انتقالي من صفوف العازفين إلى قيادة الأوركسترا أمر صعب... والبداية من المكسيك
الموسيقار السعودي الذي أعد «ميدلي» الأغاني السعودية في الحفل، أكد أن اختيار أغنيات «الميدلي» لم يكن بشكل عشوائي، بل اعتمد بشكل أساسي على التعبير عن التراث الموسيقي في مختلف أنحاء المملكة، باختيار أغنيات من جميع المناطق دون استثناء، بالإضافة إلى اختيار الأغنيات الراسخة في أذهان المواطنين، والعمل على ترتيبها بشكل متناسق على المستوى الفني.
يستذكر رئاب أحمد علاقته بالموسيقى التي بدأت في الطفولة مع حبه لعزف العود، واهتمام والده بالعزف والغناء مع أعمامه، وتعلمه الكيبورد والغيتار، مشيراً إلى أنه درس نظم المعلومات في السعودية وحصل على الماجستير في إدارة الأعمال من الولايات المتحدة، بسبب عدم إمكانية الابتعاث بالموسيقى خلال تلك الفترة.
وحول الفرص المتاحة للانخراط في الأوركسترا للموسيقيين، أكد رئاب أحمد أن المجال مفتوح للانضمام في الجوانب التي يوجد بها نقص، على غرار آلات النفخ والنحاس، مشيراً إلى انضمام اثنين من العازفين الجدد للفرقة قبل فترة وجيزة من الحفلات التي قدموها بالرياض.