هب الوسطاء الأميركيون والمصريون والقطريون لإنقاذ «صفقة غزة» وإتمام الجانب الإسرائيلي لها، وذلك بعد أن افتعلت حكومة بنيامين نتنياهو أزمة وأعادت بقرار دراماتيكي الحافلات التي تقل 110 أسرى فلسطينيين إلى السجون.
وقالت مصادر الوسطاء إنهم يعملون على تصغير هذه الأزمة وتجاوزها ولا يرون حاجة إلى عرقلة الصفقة، بسبب ما وصفته إسرائيل بالفوضى.
وكان إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، قد ترافق مع فوضى كبيرة تم بسببها تأخير نقلهم من سيارات «حماس» إلى سيارات «الصليب الأحمر» لبضع دقائق.
وراحت وسائل الإعلام العبرية تحذر من خطر على حياة المحتجزين. وهاجمت قرار «حماس» تنفيذ عملية الإطلاق على أنقاض منزل قائد حركة «حماس» الراحل، يحيى السنوار، وعدّته استفزازاً لإسرائيل.
لكن، في نهاية المطاف تم إطلاق سراحهم بسلام. وظهر أنهم يتمتعون بصحة جيدة. وحتى المحتجز المسن، جادي موزيس، البالغ من العمر 80 عاماً، شوهد وهو يمشي على قدميه.
هلع نتنياهو
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصدر بياناً ندَّد به بما عدّه «مشاهد صادمة». وقال: «أرى بهلع شديد المَشَاهد الصادمة خلال إطلاق سراح رهائننا. هذا دليل إضافي على قسوة حركة (حماس) الإرهابية التي لا توصف».

وحتى في إسرائيل استغربوا تصرف حكومتهم في عرقلة تنفيذ الصفقة، معربين عن القلق من تأثير ذلك على بقية بنود الصفقة، التي يفترض أن تتضمن إطلاق سراح بقية المحتجزين الإسرائيليين.
افتعال الأزمة
وأما في الجانب الفلسطيني فيرون أن إسرائيل افتعلت هذه الأزمة من الأساس فقط في سبيل التنغيص عليهم. فما يهمها ليس أن يكون الفلسطينيون تحت قيادة «حماس» منظمين. ولا أن يكونوا قساة وغير حنونين. ويعدّون ما جرى جزءاً من سلسلة عمليات قامت بها إسرائيل لمنع الفلسطينيين من الاحتفال بإطلاق سراح الأسرى.
قمع في الضفة
فقد شدد الجيش الإسرائيلي إجراءاته القمعية في الضفة الغربية مع اقتراب موعد الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين عموماً، وعن 110 أسرى فلسطينيين ضمن الدفعة الثالثة من صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة «حماس»، اليوم الخميس، بشكل خاص.
وألقى الجيش الإسرائيلي منشورات تحذيرية عبر طائرات مسيّرة في المنطقة التي سيتم فيها تسليم الأسرى المحررين في رام الله، جاء فيها: «لن نسمح بتنظيم مظاهرات لدعم التنظيمات الإرهابية. كل مَن يشارك في هذه الفعاليات يعرّض نفسه للاعتقال. لقد حذرناكم، نحن نراقبكم».
وجاء في بيان صدر عن جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الخميس، أن قوات «فرقة يهودا والسامرة (الضفة المحتلة)» تواصل استعداداتها لمواجهة ما وصفه بـ«الاضطرابات الأمنية» المتوقعة. وأشار الجيش إلى أن قواته نفذت خلال الأسبوع الماضي سلسلة اعتقالات «استباقية» طالت فلسطينيين يُزعم أنهم «محرّضون» على «إثارة الشغب»، حيث تم نقلهم إلى التحقيق لدى أجهزة الأمن الإسرائيلية.
وأوضح البيان أن جهاز الأمن العام (الشاباك) أجرى محادثات تحذيرية مع عائلات عدد من الأسرى المتوقع الإفراج عنهم، في محاولة لردع أي مظاهر احتفالية أو حشد شعبي، في حين تم تعزيز القوات العسكرية في الضفة الغربية، خصوصاً عند الحواجز ونقاط التفتيش. وأضاف: «الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته المكثفة لمواجهة أي سيناريوهات محتملة، سواء كانت هجومية أو دفاعية»، مشدداً على أن قواته ستتخذ «إجراءات فورية» ضد أي محاولات للاحتجاج أو الاحتفال بتحرير الأسرى.
وأفادت مصادر فلسطينية بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت منازل معتقلين مقدسيين في سلوان وشعفاط في القدس المحتلة المدرجين في قوائم المقرر الإفراج عنهم اليوم، في إطار اتفاق تبادل الأسرى. وقالت مصادر محلية إن قوات الاحتلال داهمت عدداً من منازل الأسرى المقرر الإفراج عنهم اليوم، عُرِفَت منهم منازل كل من: الأسير أمير فروخ، والأسير محمد العباسي من بلدة سلوان جنوب القدس، ومؤاب أبو خضير في مخيم شعفاط.
وكانت قوات الاحتلال استدعت عدداً من أهالي المعتقلين المقدسيين المقرر الإفراج عنهم في الدفعة الثالثة من اتفاق تبادل الأسرى، علماً أنه من المقرر اليوم الإفراج عن 18 معتقلاً مقدسياً بينهم الأسير محمد فروخ المحكوم عليه بـ19 عاماً، والأسير عبد دويات المحكوم عليه بـ18 عاماً، الذي سيتم استبعاده. كما اقتحمت قوات الاحتلال منزلي الأسيرين مصطفى أبو ريدة في بلدة قصرة، وحسين نصار في بلدة مادما جنوب نابلس، واللذين من المقرر الإفراج عنهما، اليوم، وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال هددت ذويهما وطالبتهم بعدم الاحتفال بالإفراج عنهما. وأضافت المصادر أن قوات الاحتلال أطلقت في قصرة قنابل الغاز والصوت خلال عملية الاقتحام.
منع الاحتفالات
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قد أصدر تعليمات لرئيس أركان الجيش، هرتسي هاليفي، بالعمل على منع تنظيم احتفالات في الضفة الغربية بمناسبة تحرير أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال، بموجب الصفقة مع حركة «حماس». ودعا كاتس في بيان رسمي صدر عن وزارته، الجيش إلى ضرب أي «مشارك مسلح» في تلك الفعاليات، التي تنظم ابتهاجاً للإفراج عن أسرى في سجون الاحتلال بناء على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وجاء في تعليمات كاتس أنه «يجب اتخاذ جميع التدابير لمنع تكرار الاحتفالات والمسيرات الفلسطينية الجماعية بمناسبة الإفراج عن أسرى في يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة المحتلة)، ومواجهة أي مسلح يشارك في هذه المسيرات».