عراقيل تواجه تعيينات ترمب الوزارية

ثلاثي جمهوري معطَّل في الشيوخ يهدد أجندة الرئيس

صورة تجمع مرشحي ترمب وتعييناته الرئاسية في 18 يناير 2025 (أ.ب)
صورة تجمع مرشحي ترمب وتعييناته الرئاسية في 18 يناير 2025 (أ.ب)
TT
20

عراقيل تواجه تعيينات ترمب الوزارية

صورة تجمع مرشحي ترمب وتعييناته الرئاسية في 18 يناير 2025 (أ.ب)
صورة تجمع مرشحي ترمب وتعييناته الرئاسية في 18 يناير 2025 (أ.ب)

فيما ينهمك الرئيس الأميركي دونالد ترمب في إصدار موجات متعاقبة من قرارات تنفيذية ترافقها تصريحات متعاقبة تهدف إلى الإسراع في تطبيق أجندته الرئاسية ووعوده الانتخابية، يعمل مجلس الشيوخ ببطئه المعتاد للمصادقة على بقية تعييناته الرئاسية.

فحتى الساعة صادق المجلس على أبرز التعيينات المرتبطة بملف الأمن القومي، وهي لطالما كانت أولوية للمجلس التشريعي، ليكون ماركو روبيو، وزير الخارجية، أول الوزراء الذين تسلموا مهامهم رسمياً في إدارة ترمب، مباشراً بتطبيق أجندة طموحة ومثيرة للجدل في بعض الأحيان في وزارة الخارجية، من بعده، صادق المجلس على كل من مدير الاستخبارات المركزية جون راتكليف، ووزيرة الأمن القومي كريستي نومان، ووزير الدفاع بيت هيغسيث الذي واجه أكبر معارضة حتى الساعة، ما دفع بنائب الرئيس جي دي فانس إلى الإدلاء بصوته الحاسم للمصادقة عليه. وفي آخر جولة من التصويت، صادق المجلس كذلك على وزير الخزانة سكوت بيسينت على أن يتبعه وزير المواصلات شان دافي الذي يتوقع أن يلقى دعماً كبيراً من الحزبين.

أسماء مثيرة للجدل

المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية تلسي غابارد والمرشح لمنصب مدير الـ(إف بي إيه) كاش باتيل (أ.ب)
المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية تلسي غابارد والمرشح لمنصب مدير الـ(إف بي إيه) كاش باتيل (أ.ب)

لكن هذا الدعم لا ينطبق على ثلاثة مرشحين أساسيين ينتظرون جلسات الاستماع للمصادقة عليهم في الشيوخ، هذا الأسبوع، وهم: تلسي غابارد، المرشحة لمنصب مديرة الاستخبارات الوطنية، وروبرت كينيدي جونيور لمنصب وزير الصحة، وكاش باتيل لمنصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي إيه).

ولعلّ التحدي الأبرز يكمن في المصادقة على غابارد التي لم تتمكن حتى الساعة من حشد الدعم الكافي لها في ظل تحفظات المشرعين من الحزبين على مواقفها السابقة. فغابارد، الديمقراطية سابقاً، لديها مواقف مثيرة للجدل حيال ملفات حساسة، أبرزها معارضتها السابقة للبند 702 في قانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية (FISA) والذي يسمح بجمع معلومات استخباراتية لأشخاص أجانب يعيشون خارج الأراضي الأميركية. غابارد غيّرت موقفها في بيان داعم بعد تعيينها، لكن هذا لم يقنع جميع المشككين خاصة في ظل الأهمية الاستخباراتية لهذا البند ضمن القانون الذي أقره الكونغرس في عام 1978.

تودد للأسد وسنودان

تلسي غابارد خلال حضورها حفل تنصيب ترمب في 20 يناير 2025 (أ.ب)
تلسي غابارد خلال حضورها حفل تنصيب ترمب في 20 يناير 2025 (أ.ب)

بالإضافة إلى ذلك تواجه غابارد انتقادات حادة بسبب مواقفها السابقة من الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد الذي زارته في دمشق في عام 2017، وتصريحاتها الداعمة لإدوارد سنودان، مسرّب الوثائق السرية. وقد بدا تحفظ المشرعين واضحاً من خلال تصريحات على لسان الجمهوري ليندسي غراهام، المقرب من ترمب، الذي قال: «أريد أن أنتظر جلسة الاستماع قبل حسم موقفي. لماذا ذهبت إلى سوريا؟ ماذا فعلت فيما يتعلق بالأسد؟ لماذا تعتقد أنه يجب معاملة إدوارد سنودان كبطل؟».

تحفظات شاركتها الجمهورية سوزان كولينز التي صوتت ضد المصادقة على وزير الدفاع، والتي شككت بتطمينات غابارد بأنها غيّرت مواقفها السابقة، مشيرة إلى أنها ستحسم موقفها بعد جلسة الاستماع في لجنة الاستخبارات، الخميس.

ورغم المعارضة المتزايدة التي تهدد حظوظ غابارد بالمصادقة، فإن الجمهوريين يتوقعون ألا تؤثر هذه المعارضة بالشكل نفسه على حظوظ كينيدي جونيور في منصب وزير الصحة، وباتيل في منصب مدير الـFBI، مرجحين أن تتم المصادقة على الرجلين، حتى ولو احتاجت إلى تدخل فانس مرة جديدة كما فعل في التصويت على وزير الدفاع.

الثلاثي «المعطّل»

السيناتور الجمهوري ميتش مكونيل في الكونغرس في 23 يناير 2025 (إ.ب.أ)
السيناتور الجمهوري ميتش مكونيل في الكونغرس في 23 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ويكمن التحدي الأكبر لترمب في مساره السريع لتطبيق أجندته والمصادقة على تعييناته في أسماء جمهورية ثلاثة في مجلس الشيوخ: سوزان كولينز، السيناتورة عن ماين، وليزا مركوفكسي، السيناتورة عن ألاسكا، وميتش مكونيل زعيم الجمهوريين السابق في مجلس الشيوخ، عن ولاية كنتاكي. فهؤلاء وجهوا طلقة تحذير لترمب في تصويتهم ضد مرشحه لوزارة الدفاع بيت هيغسيث، في رسالة واضحة مفادها أنهم لن ينضموا آلياً إلى الصف الجمهوري المرصوص دعماً للرئيس الأميركي في تعييناته وأجنداته، ما يعني بالتالي أن زيارات نائب الرئيس جي دي فانس إلى مجلس الشيوخ ستكون كثيرة؛ إذ لديه الصوت الفاصل الذي يضمن للجمهوريين الأغلبية في حال انشقاق الشيوخ الثلاثة..

تعيينات أخرى

ترمب ورئيس مجلس النواب مايك جونسون في فلوريدا في 27 يناير 2025 (رويترز)
ترمب ورئيس مجلس النواب مايك جونسون في فلوريدا في 27 يناير 2025 (رويترز)

هذا ولم يحدد المجلس بعدُ مواعيد للنظر في تعيينات السفراء الذين اختارهم ترمب، وعلى رأسهم السفير إلى إسرائيل مايك هاكبي المثير للجدل في مواقفه الشرسة الداعمة لإسرائيل. والسفير إلى فرنسا، صهر ترمب، تشارلز كوشنر، والد جاريد كوشنر، والذي عفا عنه ترمب بعد إدانته بالتهرب الضريبي والتلاعب بالشهود، وغيرهما. ولم تكتمل تعيينات السفراء بعد، بانتظار إعلان ترمب عن المزيد من الأسماء في الأيام المقبلة.


مقالات ذات صلة

ترمب يطلب من المحكمة العليا إلغاء حق المواطنة بالولادة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى توقيع أحد القرارات التنفيذية في 7 مارس (رويترز)

ترمب يطلب من المحكمة العليا إلغاء حق المواطنة بالولادة

طلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من المحكمة العليا إنهاء حق الجنسية لمواليد المهاجرين بصورة غير شرعية أو الزوار الأجانب أو المقيمين في الولايات المتحدة.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دمار في سودجا أكبر مدينة في منطقة كورسك الروسية بعد أن سيطرت عليها القوات الروسية (أ.ب) play-circle

ترمب يطلب من بوتين الحفاظ على حياة الجنود الأوكرانيين على الجبهة

دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره الروسي فلاديمير بوتين إلى «الحفاظ على حياة آلاف الجنود الأوكرانيين» على الجبهة، وفق ما نشر الجمعة على منصته «تروث سوشال».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم شعار «تسلا» في إحدى وكالات بيع السيارات في برلين (د.ب.أ)

تصاعد الهجمات ضد «تسلا» وسط موجة غضب متزايدة تجاه ماسك

تعرضت وكالة «تسلا»، في ولاية أوريغون، لإطلاق نار، للمرة الثانية خلال أسبوع، في ظل تصاعد موجة الاحتجاجات ضد الملياردير الأميركي إيلون ماسك، الذي أصبح شخصية…

أوروبا ترمب وجزيرة غرينلاند (ناسا)

الدنمارك ترفض تصريحات ترمب: غرينلاند «ليست معروضة لضمها»

رفض وزير الخارجية الدنماركي لارش لوكه راسموسن الجمعة، تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة بشأن ضم غرينلاند

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
الولايات المتحدة​ الملياردير الأميركي إيلون ماسك يرتدي قميصاً يضم شعار إدارة الكفاءة الحكومية (أ.ب)

وسط مساعي خفض عدد الموظفين... ماسك يزور وكالة الأمن القومي الأميركية

صرح متحدث باسم وكالة الأمن القومي الأميركية لوكالة «رويترز»، بأن إيلون ماسك يقود جهود إدارة الرئيس دونالد ترمب لخفض وتقليص القوة العاملة في مختلف القطاعات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يطلب من المحكمة العليا إلغاء حق المواطنة بالولادة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس المحكمة العليا جون روبرتس خلال مناسبة في الكونغرس يوم 4 مارس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس المحكمة العليا جون روبرتس خلال مناسبة في الكونغرس يوم 4 مارس (أ.ف.ب)
TT
20

ترمب يطلب من المحكمة العليا إلغاء حق المواطنة بالولادة

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس المحكمة العليا جون روبرتس خلال مناسبة في الكونغرس يوم 4 مارس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس المحكمة العليا جون روبرتس خلال مناسبة في الكونغرس يوم 4 مارس (أ.ف.ب)

لجأت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المحكمة العليا، في سلسلة من الطعون الطارئة الخميس، أملاً في الحصول على حكم يُجيز لها إنهاء حقّ الجنسية للمواليد من أبوين مهاجرين بصورة غير شرعية أو الزوار الأجانب أو المقيمين في الولايات المتحدة.

واستندت إدارة ترمب إلى نظرية قانونية هامشية رفضتها محاكم أدنى بصورة قاطعة، بعدما أصدرت ثلاث محاكم فيدرالية، في ولايات ماساتشوستس وميريلاند وواشنطن، توجيهات تُوقف مؤقتاً تنفيذ قرار تنفيذي وقّعه ترمب في اليوم الأول من عهده الثاني في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، الذي ينُصّ على حرمان المواليد الجدد من الجنسية إذا لم يكونوا من أميركي أو أميركية، أو ممن يقيمون بصورة دائمة قانوناً. ويشمل ذلك المولودين لأشخاص عبروا إلى البلاد من دون إذن. ويقدر بعض الدراسات أن عدد هؤلاء يفوق 150 ألف مولود جديد سنوياً.

وتهدف الطعون الطارئة من إدارة ترمب إلى إبطال الأوامر القضائية التي يُمكن أن تمنع تطبيق سياسة أو إجراء في كل أنحاء البلاد، بدلاً من أن تقتصر على الأطراف المعنية بالتقاضي. واستُخدمت هذه الأداة خلال الإدارات الديمقراطية والجمهورية، واحتدم الجدل حول هذه الأوامر القضائية لسنوات.

وفي طلباتها المقدمة إلى المحكمة، وصفت القائمة بأعمال وزيرة العدل، سارة هاريس، طلب الحكومة بأنه «متواضع» لحصر فترة التوقف المؤقت على «الأطراف الخاضعة فعلاً لسلطة المحاكم». وأدرجت طلبات الطوارئ الثلاثة، 22 ولاية ومقاطعة كولومبيا أطرافاً في الدعاوى القضائية التي تطلب منع تطبيق القرار التنفيذي، الذي تقول جماعات الحقوق المدنية والولايات ذات القيادة الديمقراطية إنه يتعارض مع تاريخ البلاد ودستورها.

مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن (رويترز)
مبنى المحكمة العليا الأميركية في واشنطن (رويترز)

في طلبها إلى المحكمة العليا، طلبت الإدارة من القضاة قصر الأوامر الوطنية على الأفراد أو الولايات المعنية بالتقاضي، ريثما تشقّ تلك القضايا طريقها عبر النظام القضائي، أو على الأقل السماح للوكالات الفيدرالية المعنية بالبدء في وضع خطط وإصدار توجيهات عامة لحظر منح الجنسية بالولادة إذا اجتازت جهود ترمب في النهاية المعايير القانونية.

وكتبت هاريس أن «الأوامر القضائية الشاملة وصلت إلى أبعاد كبيرة منذ بداية الإدارة الحالية»، في إشارة إلى أوامر واسعة النطاق أصدرها قضاة لوقف سلسلة من التحركات السياسية الأولية التي اتخذها ترمب على المستوى الوطني، ريثما تبتّ المحاكم في دعاوى تطعن في قانونية إجراءات ترمب.

إلغاء «غير دستوري»

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» عن المدعي العام في نيوجيرسي، ماثيو بلاتكين، الذي يقود الدعوى القضائية في ماساتشوستس، أنه يتوقع رفض طلب إدارة ترمب. وقال: «وجدت كل محكمة نظرت في جهود الرئيس ترمب لإنهاء حق المواطنة بالولادة بقرار تنفيذي أنها غير دستورية بشكل صارخ، ورفضتها جميع محاكم الاستئناف الثلاث التي تراجع طلبات وزارة العدل الطارئة». وتوقع أن «ترفضها المحكمة العليا أيضاً».

ويعتقد خبراء قانونيون أن قرار القضاة بإلغاء الأوامر على مستوى البلاد قد يكون له تداعيات على مجموعة من الطعون القانونية على تصرفات ترمب. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن أستاذة القانون بجامعة فرجينيا، أماندا فروست، التي كتبت باستفاضة عن الأوامر القضائية على مستوى البلاد، أن النظام القانوني قد يُثقل كاهله إذا لم يعد لدى القضاة الفيدراليين سلطة وقف سياسة مؤقتة على مستوى البلاد أثناء سير التقاضي في المحاكم الأدنى.

ويرجع ذلك إلى أن الأشخاص المتأثرين بهذه السياسة، في الولايات غير المشاركة في الطعن على إدارة ترمب، سيرفعون على الأرجح طعوناً قانونية فردية. وأضافت أن هذا النهج قد يضيف آلاف القضايا إلى النظام القضائي، ولن يمتلك كل من تأثر بهذه السياسة الوسائل اللازمة لتقديم طعن. وقالت: «أنت تطلب من كل عائلة من هذه العائلات رفع دعوى قضائية. لمدة عام أو عامين أو ثلاثة أعوام، بينما تشق القضية طريقها إلى المحكمة العليا، قد يعاني الكثير من الأفراد».

تشكيك قضائي

الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى توقيع أحد القرارات التنفيذية في 7 مارس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب لدى توقيع أحد القرارات التنفيذية في 7 مارس (رويترز)

شكّك بعض القضاة في الأوامر القضائية الوطنية، ولكن من غير الواضح ما إذا كانوا سينظرون في القضية بوصفها مسألة طارئة. وحتى إذا رفضوا طلبات إدارة ترمب الطارئة، فقد تقرر المحكمة في النهاية النظر في النزاع والنظر في المسألة الأكثر جوهرية، وهي ما إذا كانت الجنسية بالولادة مضمونة في الدستور، بمجرد أن تصل الدعاوى القضائية إلى محاكم الاستئناف.

ولطالما عُدّت المواطنة بالولادة مبدأً أساسياً في الولايات المتحدة، إذ ينص التعديل الرابع عشر، الذي صودق عليه بعد الحرب الأهلية، على أن «جميع الأشخاص المولودين أو المتجنسين في الولايات المتحدة، والخاضعين لولايتها القضائية» هم أميركيون. في قضية الولايات المتحدة ضد وونغ كيم آرك التاريخية عام 1898، أكدت المحكمة العليا ضمان الجنسية التلقائية لجميع الأطفال المولودين في البلاد تقريباً. ومنذ ذلك الحين، أيدت المحاكم هذا التفسير الموسع.

لكن مجموعة صغيرة من خبراء القانون، وبينهم المحامي جون إيستمان المعروف بصياغة خطة لمنع التصديق على الانتخابات الرئاسية لعام 2020، دفعت باتجاه إعادة تفسير قضية وونغ كيم آرك. ويجادل ترمب وحلفاؤه بأنه ما كان ينبغي تفسير التعديل الرابع عشر لمنح الجنسية لكل من وُلد في البلاد. ويشيرون إلى عبارة في التعديل الرابع عشر تحصر حق المواطنة بالولادة في «الخاضعين للولاية القضائية» للولايات المتحدة.