التقلبات تسود الأسواق مع ارتفاع الدولار وانخفاض أسهم التكنولوجيا

بعد تطورات في الذكاء الاصطناعي الصيني

لوحة تعرض أسعار أسهم مجموعة «سوفت بنك» في بورصة طوكيو (رويترز)
لوحة تعرض أسعار أسهم مجموعة «سوفت بنك» في بورصة طوكيو (رويترز)
TT
20

التقلبات تسود الأسواق مع ارتفاع الدولار وانخفاض أسهم التكنولوجيا

لوحة تعرض أسعار أسهم مجموعة «سوفت بنك» في بورصة طوكيو (رويترز)
لوحة تعرض أسعار أسهم مجموعة «سوفت بنك» في بورصة طوكيو (رويترز)

استقرت العقود الآجلة للأسهم الأميركية، وارتفع الدولار، بينما انخفضت أسهم التكنولوجيا في آسيا في تداولات متوترة يوم الثلاثاء، بعد أن أثارت التطورات التي حققتها شركة صينية ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي شكوكاً حول هيمنة الولايات المتحدة وإنفاقها في أحد أكثر قطاعات السوق سخونة.

وشهدت شركة «إنفيديا»، المتخصصة في صناعة الرقائق، تراجعاً حاداً بنسبة 17 في المائة يوم الاثنين، مما أسفر عن خسارة تقارب 593 مليار دولار في أكبر انخفاض للقيمة السوقية في التاريخ. ورغم انتعاش سهم الشركة قليلاً في تداولات ما بعد ساعات العمل، وارتفاع العقود الآجلة لمؤشر «ناسداك 100» بنسبة 0.1 في المائة، فإن الأجواء بقيت متوترة، وفق «رويترز».

وسجل مؤشر أشباه الموصلات في فيلادلفيا، الذي انخفض بنسبة 9.2 في المائة، أكبر خسارة له منذ مارس (آذار) 2020. وأوضح برنت دونيلي، رئيس شركة «سبيكترا ماركتس» للتداول والتحليلات، قائلاً: «نحن على حافة إعادة تقييم عاجلة لرواية سيطرت على السوق لمدة عامين تقريباً، وهو ما يجعل من الصعب التخلص منها بعد 36 ساعة فقط».

وانخفضت العقود الآجلة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.1 في المائة يوم الثلاثاء، في حين ظلت العقود الآجلة الأوروبية مستقرة. بينما ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «فوتسي» بنسبة 0.2 في المائة.

وشكلت خسارة «إنفيديا» 3 في المائة من تراجع مؤشر «ناسداك» يوم الاثنين، رغم أن عمليات البيع طالت جميع أنحاء السوق، بدءاً من طوكيو وصولاً إلى نيويورك، بما في ذلك سلسلة توريد الذكاء الاصطناعي، من صناع الكابلات إلى مراكز البيانات ومرافق الطاقة وشركات البرمجيات.

وفي اليابان، تضررت شركة «أدفانتست»، الشركة الموردة لـ«إنفيديا» بشكل كبير، حيث انخفضت أسهمها بنسبة 11 في المائة، لتخسر 19 في المائة في يومين. كما انخفضت أسهم مجموعة «سوفت بنك»، الداعمة للذكاء الاصطناعي، بنسبة 5 في المائة، بينما شهدت شركة «فوروكاوا إلكتريك» لصناعة كابلات مراكز البيانات تراجعاً بأكثر من 8 في المائة لتصل خسائرها إلى 20 في المائة في جلستين.

وتراجع مؤشر «نيكي» الياباني بنسبة 1.3 في المائة، في حين بقيت بقية أسواق آسيا هادئة؛ نظراً لإغلاق الصين وتايوان وكوريا الجنوبية بمناسبة رأس السنة القمرية الجديدة، فضلاً عن تقصير ساعات التداول في هونغ كونغ قبل العطلة.

واستقرت سندات الخزانة الأميركية بعد ارتفاعها يوم الاثنين، مع بقاء العائد على سندات السنوات العشر عند 4.55 في المائة. كما فقدت شركة «إيه إس إم إل»، التي تصنع معدات تصنيع الرقائق، 7 في المائة من قيمتها يوم الاثنين، وقد تواجه مزيداً من الضغوط يوم الثلاثاء.

مفاجأة محدودة

أثارت شركة «ديب سيك»، وهي شركة ناشئة من هانغتشو في الصين، زلزالاً في الأسواق بعد أن كشفت عن مساعد ذكاء اصطناعي مجاني قالت إنه تم تطويره بتكلفة منخفضة باستخدام رقائق أقل تكلفة وبيانات أقل مقارنة بمنافسيها الأميركيين.

وفي تعليق له، قال جوش مايرز، المتخصص في قطاع التكنولوجيا في «جيه بي مورغان»، في مذكرة للعملاء: «الرواية التي تثير القلق هي أن (ديب سيك) قدمت نماذج متفوقة على الأداء بميزانية محدودة للغاية».

وأضاف مايرز: «هذا يُعتبر مفاجأة للشركات الكبيرة التي تنفق مليارات الدولارات مثل (أوبن إيه آي) و(غوغل) و(أنثروبيك)، ويثير تساؤلات حول ما إذا كنا بحاجة إلى مليارات الدولارات في رأس المال الحوسبي عندما يمكن تشغيل نماذج (ديب سيك) المبسطة القادرة على العمل بشكل أصلي على جهاز (آيفون)».

وتسبب هذا الحدث في موجة بيع واسعة في أسواق الأسهم، حيث انتشرت التقلبات عالمياً. وفي أستراليا، شهدت أسهم شركات مراكز البيانات انخفاضاً حاداً، كما تسببت أسعار اليورانيوم المنخفضة في تراجع أسهم شركات التعدين.

كما تراجع الين الياباني والفرنك السويسري، وهما من الملاذات الآمنة، عن بعض مكاسب يوم الاثنين، ليظل الدولار عند 155.61 ين، مع ارتفاعه على نطاق واسع مقابل العملات الرئيسية الأخرى.

وتترقب أسواق الصرف الأجنبي اجتماعات البنوك المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا هذا الأسبوع، ولكن من المرجح أن تكون نتائج الأرباح لشركات «مايكروسوفت» و«تسلا» و«ميتا» يوم الأربعاء هي المحرك الرئيسي للسوق. ومن المتوقع أن يُسأل المديرون التنفيذيون عن خططهم المتعلقة بإنفاق رأس المال على الحوسبة.

وفي ختام تعليقه، قال كريستوفر وود، رئيس استراتيجية الأسهم العالمية في «جيفريز»: «ستتسبب أخبار (ديب سيك) في ضغوط على سلسلة توريد أجهزة الذكاء الاصطناعي وسط مخاوف من أن شركات مثل (ميتا) قد تغير مسارها وتقلص إنفاق رأس المال».


مقالات ذات صلة

دراسة: الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي يجعل الإنسان كسولاً وغبياً

يوميات الشرق دراسة: الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي يجعل الإنسان كسولاً وغبياً

دراسة: الاعتماد على أدوات الذكاء الاصطناعي يجعل الإنسان كسولاً وغبياً

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص الذين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل يختارون الطريق السهل من خلال جعل هذه الأدوات تفكر لهم، فيفقدون قدرتهم العقلية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد ترمب يوقع على أمر تنفيذي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض (رويترز)

ترمب يشدد القيود على الاستثمارات الصينية في القطاعات الاستراتيجية

وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب مذكرة تهدف إلى كبح الاستثمارات الصينية في قطاعات استراتيجية أميركية، بما فيها التكنولوجيا والبنى التحتية الحيوية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار «علي بابا» يظهر خارج مقر الشركة في بكين (رويترز)

إيرادات «علي بابا» في الربع الأخير من 2024 تتجاوز التوقعات

أكدت مجموعة «علي بابا»، عملاق التجارة الإلكترونية الصيني، تحقيق أسرع معدل نمو ربع سنوي في إيراداتها منذ أكثر من عام، بدعم من أعمال الحوسبة السحابية المتنامية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
تكنولوجيا رجل يصافح روبوتاً خلال مؤتمر المطورين العالميين الذي نظمته جمعية صناعة الذكاء الاصطناعي في شنغهاي (أ.ف.ب)

بينها الطهي وطي الملابس... توقعات بتطوير روبوتات للأعمال المنزلية خلال 5 سنوات

كشف العلماء أن الروبوتات التي يمكنها أداء مهام الطبخ وطي الملابس وتفريغ غسالة الأطباق قد تصبح موجودة بالمنازل في غضون خمس سنوات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا مجموعة «أوبن إيه آي» باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)

400 مليون مستخدم شهري لـ«شات جي بي تي»

أفادت مجموعة «أوبن إيه آي» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم الخميس، بأنها باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

«كبح الديون» ورقة في صندوق الانتخابات الألمانية

شخص يدلي بصوته خلال الانتخابات العامة في ميسباخ بألمانيا (رويترز)
شخص يدلي بصوته خلال الانتخابات العامة في ميسباخ بألمانيا (رويترز)
TT
20

«كبح الديون» ورقة في صندوق الانتخابات الألمانية

شخص يدلي بصوته خلال الانتخابات العامة في ميسباخ بألمانيا (رويترز)
شخص يدلي بصوته خلال الانتخابات العامة في ميسباخ بألمانيا (رويترز)

مع توجه الألمان إلى مراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التشريعية يوم الأحد، يبرز الاقتصاد المحتضر والوعود بإصلاحه على رأس اهتماماتهم.

فإعادة تشغيل النمو ورفع مستويات المعيشة هي القضية الرئيسة على ورقة الاقتراع، في ظل دخول البلاد في حالة ركود فعلي بعد انكماش اقتصادها عامين متتاليين، في 2023 و2024، وللمرة الثالثة فقط منذ الخمسينات.

لقد وعدت الأحزاب الرئيسة كلها بإحياء الاقتصاد، من خلال سياسات متعددة إما بخفض الضرائب وإما بزيادة الإنفاق بشكل كبير لضخ النمو. هذه الخيارات تتطلب تخفيف كبح الديون.لقد كانت هذه الآلية المالية المعروفة باسم «كبح الديون»، والتي تحد بشكل صارم من الاقتراض الحكومي، بمثابة خط صدع في السياسة الألمانية. إذ أدى شح المال إلى انهيار الحكومة الاتحادية السابقة التي كانت مكونة من «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» و«حزب الخضر»، و«الحزب الديمقراطي الحر» (الليبرالي). فعند إعداد موازنة عام 2025، كان هناك نقص بقيمة 25 مليار يورو (26 مليار دولار). ولذلك، أراد «الديمقراطيون الاجتماعيون» و«الخضر» تعويض هذا العجز من خلال القروض، وهو ما رفضه «الحزب الديمقراطي الحر» رفضاً تاماً، وأراد التوفير في النفقات الاجتماعية. وعندما لم هذه الأحزاب الثلاثة من الاتفاق، انهار الائتلاف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

و«كبح الديون» هو قاعدة دستورية ألمانية تم إدخالها خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2009، في عهد المستشارة أنجيلا ميركل، لضمان الاستقرار المالي للبلاد، بعدما تكبدت الحكومة تكاليف باهظة لبرامج الإنقاذ بلغت نحو 464 مليار يورو، مما تسبب في ارتفاع الدين العام إلى نحو 81 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2010.

فقد وضع نظام «كبح الديون» حداً أقصى للاقتراض الجديد للحكومة الاتحادية عند 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا -باستثناء حالات الطوارئ- ويمنع الولايات الـ16 من الاقتراض الجديد. وهو مصمم لمنع الإنفاق الحكومي غير المسؤول؛ حيث لا يجوز أن تنفق الدولة إلا ما تحصل عليه.

ودخلت القاعدة حيز التنفيذ في عام 2016، ليصار إلى تعليقها خلال جائحة «كوفيد-19»، ومرة أخرى بعد الحرب الروسية - الأوكرانية. وأُعيد العمل بهذا التشريع العام الماضي.

العلم الوطني الألماني يرفرف أمام مبنى «الرايخستاغ» في برلين (إ.ب.أ)
العلم الوطني الألماني يرفرف أمام مبنى «الرايخستاغ» في برلين (إ.ب.أ)

بيد أنَّ إيرادات الضرائب لم تعد كافية من أجل سداد تكاليف جميع المهام الحكومية المطلوبة؛ للنفقات العسكرية المتزايدة، ودعم أوكرانيا، وإعادة إصلاح البنية التحتية التالفة، والرقمنة المتعثرة وغيرها. وهو ما يتطلب الاقتراض لتغطية هذا النوع من النفقات.وكان كبح جماح الديون موضوعاً مركزياً في الحملة التي سبقت الانتخابات المبكرة للبرلمان الألماني، بين مؤيد ومعارض. ففي حين دعا «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» و«الخضر» و«حزب العمال الاشتراكي الألماني» إلى تخفيف كبح جماح الديون وزيادة الإنفاق الاستثماري والحفاظ على مزايا الرعاية الاجتماعية الحالية، دعم «حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (الاتحاد الاجتماعي المسيحي)، و«الحزب الديمقراطي الحر»، و«حزب البديل من أجل ألمانيا» تقليص أو إلغاء بعض المزايا مع الحفاظ على القواعد المالية القائمة.

الركود الاقتصادي

ثم إن المشكلة الأكثر إلحاحاً التي تواجه ألمانيا هي توقف نموها الاقتصادي. وتتوقع المفوضية الأوروبية نمو ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 0.7 في المائة فقط في عام 2025، وهو ما يمثل أبطأ وتيرة بين دول الاتحاد الأوروبي. ومنذ عام 2017، نما الاقتصاد الألماني بنسبة 1.6 في المائة فقط، وهو أقل كثيراً من متوسط ​​الاتحاد الأوروبي البالغ 9.5 في المائة.

وقد أدت نقاط الضعف البنيوية، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة، وانخفاض الاستثمار العام، والإفراط في الاعتماد على الصادرات، إلى ترسيخ الركود.

كما أن القاعدة الصناعية الألمانية التي كانت ذات يوم العمود الفقري لاقتصادها، تتآكل. في وقت باتت فيه الشركات الألمانية البارزة تنقل بعض الإنتاج إلى الخارج، بحجة انخفاض التكاليف وقلة العقبات البيروقراطية.

الواقع أن الإنتاج الصناعي انخفض بشكل مطَّرد؛ حيث بلغ الناتج في عام 2024 نحو 90 في المائة فقط من مستويات عام 2015. وعلى النقيض من ذلك تماماً، نما الإنتاج الصناعي في بولندا إلى 152 في المائة من مستواه في عام 2015، وهو ما يعكس تحولاً أوسع نطاقاً في قدرات التصنيع إلى أوروبا الوسطى والشرقية.

ضربة ترمب

على مدى أشهر، كان ترمب يهدد بفرض رسوم جمركية أعلى على السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة. ومنذ توليه منصبه في يناير (كانون الثاني)، أثبت أنه على استعداد للمضي قدماً في تنفيذ تهديداته؛ حيث أعلن فرض رسوم بنسبة 25 في المائة على جميع واردات الصلب والألمنيوم، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في مارس (آذار). ثم أمر بإجراء تحقيق فيما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة فرض رسوم جمركية متبادلة على السلع المستوردة، ما يعني فرض رسوم جمركية مماثلة للرسوم التي تفرضها الدول الأخرى على المنتجات الأميركية. وقال أيضاً إنه يخطط لفرض رسوم بنسبة 25 في المائة على السيارات المستوردة، ورقائق أشباه الموصلات والمستحضرات الصيدلانية في وقت مبكر من شهر أبريل (نيسان).

ومن شأن ذلك أن يضر بالمصدِّرين الألمان على وجه الخصوص؛ حيث إن الولايات المتحدة هي أكبر سوق لهم؛ حيث تمثل 10 في المائة من إجمالي الصادرات الألمانية، وفقاً للأرقام الرسمية.

امرأة ترتدي زياً كرنفالياً تدلي بصوتها خلال الانتخابات في كولونيا (رويترز)
امرأة ترتدي زياً كرنفالياً تدلي بصوتها خلال الانتخابات في كولونيا (رويترز)

كما تعتمد نحو 1.2 مليون وظيفة في ألمانيا، بشكل مباشر أو غير مباشر، على الصادرات إلى الولايات المتحدة، وفقاً لشركة «بروغنوس» السويسرية للأبحاث. ويمثل هذا الرقم 2.6 في المائة من جميع الوظائف في البلاد، وفقاً لأحدث البيانات الحكومية.

وقال جاكوب كيركيجارد، وهو زميل بارز في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن العاصمة، لشبكة «سي إن إن»: «إن العالم الذي لا تكون فيه التجارة الحرة هي الشعار الاقتصادي السائد يمثل مشكلة بالنسبة لألمانيا».