الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان الترميمي

امكانات واعدة في تحسين وظيفة الفم والمظهر الجمالي

الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان الترميمي
TT
20

الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان الترميمي

الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان الترميمي

حقق الذكاء الاصطناعي تقدمًا كبيرًا في مجالات متعددة، بما في ذلك طب الأسنان، في مجال طب الأسنان الترميمي ، الذي يسمى في بعض الدول العربية فرع معالجة الاسنان، هو فرع طب الأسنان يركز على إعادة بناء واستعادة الأسنان التي تضررت أو فقدت نتيجة للتسوس، او الإصابات، أو لأسباب أخرى.

والهدف الأساسي من طب الأسنان الترميمي هو تحسين وظيفة الفم والمظهر الجمالي، بالإضافة إلى تعزيز صحة الفم بشكل عام. وقد أظهر الذكاء الاصطناعي إمكانيات واعدة في تحسين التشخيص، تخطيط العلاج، وتوقع نتائج العلاج.

تطبيقات رئيسية للذكاء الاصطناعي

• تشخيص تسوس الأسنان. تم استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد لتشخيص تسوس الأسنان. وهذه النماذج قادرة على تحليل الأنماط المعقدة في الصور الشعاعية للأسنان، ما يتيح الكشف المبكر والدقيق عن التسوس.

وكانت دراسة سابقة نشرتها مجلة "طب الأسنان الرقمي" في 2022 ، أظهرت أن استخدام الذكاء الاصطناعي قد حسّن دقة تشخيص التسوس بنسبة تصل إلى 95%. في حين ان عيون طبيب الاسنان يمكن ان تشخص فقط 65% من نخر او تسوس الاسنان.

• اكتشاف خط حدود تحضير الأسنان. في إجراءات ترميم الاسنان مثل وضع التيجان السنية، تُعتبر دقة اكتشاف خط التحضير أمرًا حاسمًا وهو الخط الذي يمثل نقاط التماس بين التركيبات والسن الذي يتم تحضيره (كما في الشكل المرفق).

ويمكن ان يؤدي هذا الخط الى فراغ ما بين التركيبة كالتيجان والاسنان المحضرة مم يؤدي الى رائحة فم كريهة وتسوس الاسنان وفشل التركيبة بسبب تجمع بقايا الطعام في هذه الفراغات وتعفنها، ويؤدي الى فقدان السن. ويمكن للذكاء الاصطناعي تحديد هذه الخطوط بدقة عالية، ما يؤدي إلى تحسين شكل التركيبة ليكون الفراغ بينها وبين الاسنان تقريبا صفر، والى الى طول عمر التركيبة السنية.

واظهرت الدراسات ان استخدام الذكاء الاصطناعي في تحديد خطوط التحضير قد حسّن دقة الترميم بنسبة 30%. ما يزيد من عمر تركيبات الاسنان الى اكثر من 20 سنة.

• التنبؤ بفشل التركيبات. يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي التنبؤ بفشل الترميمات او التركيبات السنية من خلال تحليل عدة عوامل مثل نوع التركيبة، خصائص المريض ,عاداته الغذائية وحالة صحة الفم.

وهذا يساعد أطباء الأسنان في اختيار المواد والتقنيات الترميمية الأكثر ملاءمة لكل مريض، ما يقلل من الحاجة إلى العلاجات المستقبلية. في دراسة حديثة، أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي قدرة على التنبؤ بفشل الترميمات بنسبة دقة تصل إلى 88%. .وهو رقم عال جدا حيث ان الطبيب يمكن ان يحقق فقط 10% من مثل هذا التنبؤ.

إمكانات وتحديات المستقبل تشمل فوائد وامكانات الذكاء الاصطناعي:

• تحسين دقة التشخيص. نماذج الذكاء الاصطناعي يمكنها تقديم تشخيصات دقيقة لتسوس الأسنان والتهابات اللثة وأمراض الفم الأخرى. وهذا يساعد في الكشف المبكر وتقديم العلاج المناسب في الوقت المناسب، ما يؤدي إلى تحسين النتائج الصحية للمرضى.

• تحسين تخطيط العلاج.يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تخطيط إجراءات العلاج، مثل وضع التيجان والجسور وزرع الأسنان. وهذا يقلل من الأخطاء ويزيد من دقة الإجراءات، ما يساهم في تحسين جودة العلاج وتقليل التكاليف.

• توقع نتائج العلاج. من خلال تحليل البيانات الصحية للمرضى، يمكن للذكاء الاصطناعي تقديم توقعات دقيقة لنتائج العلاج. هذا يساعد الأطباء على تقديم رعاية مخصصة لكل مريض، مما يزيد من فرص نجاح العلاج.

وعلى الرغم من الإمكانيات الكبيرة للذكاء الاصطناعي في طب الأسنان الترميمي، لا تزال هناك تحديات تواجه هذا المجال:

• توحيد البيانات. هناك حاجة إلى توحيد البيانات المستخدمة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي لتحسين دقتها وأدائها، حيث ان لا يزال طب الاسنان الرقمي غير متوفر في اكثر من 70% من عيادات ومستشفيات طب الاسنان في العالم ما يجعل صعوبة في تدريب الذكاء الاصطناعي على البيانات.

• التقييم السريري. هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات والبحوث لتقييم الأداء السريري لنماذج الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان الترميمي.بالرغم من تفوقه على تشخيص وأداء طبيب الاسنان.

في الختام، ومع استمرار تطور وتحسين نماذج الذكاء الاصطناعي، نتوقع رؤية تأثير أكبر في هذا المجال، ما يعزز الأمل في تحسين الرعاية الصحية وجودة الحياة للمرضى حول العالم.



حيّ باريسي بيئي قد يكون نموذجاً لمدن أفضل

حيّ باريسي بيئي قد يكون نموذجاً لمدن أفضل
TT
20

حيّ باريسي بيئي قد يكون نموذجاً لمدن أفضل

حيّ باريسي بيئي قد يكون نموذجاً لمدن أفضل

بني أحدث أحياء باريس على مدى العقدين الماضيين فوق ساحة لسكة حديد سابقة، وقرب محطة جديدة على خط مترو باريس رقم 14، كما كتبت ليز ستينسون(*).

ينقسم حي كليشي-باتينيول، الواقع في الدائرة السابعة عشرة، إلى ثلاثة أحياء تقريباً، تحتضن منطقتان متطورتان منه حديقة مارتن لوثر كينغ الضخمة والرائعة.

تطل شوارع الحي الهادئة، الخالية في معظمها من السيارات، على متاجر ومقاهٍ ومدارس. وتشغل الشركات والمؤسسات الطوابق الأرضية من مباني الشقق والمكاتب المصممة بمجموعة مذهلة من الأشكال والمواد. إذ تجد بعض الهياكل منحنية بشكل خفيف، والبعض الآخر ذا زوايا حادة؛ بعضها مغطى بالجص، والبعض الآخر بالخيزران. وكل مبنى فريد من نوعه ضيق ومتناسق، وجيرانه متنوعون... على مقربة منه.

سمات خفية لحي بيئي

وتعتمد المباني في الحي على مصدر طاقة حرارية أرضية للتدفئة، وألواح شمسية للكهرباء. ويتم جمع القمامة وإعادة تدويرها عبر نظام أنابيب هوائية. و50 في المائة من منازل كليشي-باتينيول Clichy-Batignolles، البالغ عددها 3400 منزل، هي مساكن اجتماعية لأفراد مختلطي الدخل، و20 في المائة إيجارات خاضعة للرقابة، و30 في المائة شقق سكنية بأسعار السوق.

ويختلف هذا المكان تماماً عن أي مشروع تنمية حضرية معاصر في الولايات المتحدة. إنه أحد أفضل الأمثلة على مجموعة ناشئة من أفضل ممارسات التخطيط الحضري التي تنتشر في أوروبا. يمكنك تسمية هذه الأحياء «المناطق البيئية».

وفي كتاب جديد بعنوان «البناء من أجل الناس» Building for People، يُعرّف المهندس المعماري مايكل إلياسون الأميركيين على المبادئ التي يقوم عليها هذا النموذج الجديد للتنمية الحضرية. ويُقرّ بعدم ملاءمة مصطلح «المناطق البيئية ecodistricts»، تماماً كما هو الحال مع مصطلح «العمران الموجَّه نحو التنقل العام» transit-oriented development (أحياء يتاح فيها للسكان الانتقال بسرعة دون الحاجة إلى المواصلات - المحرر) قبله، وبصعوبة إيصال الصورة الحقيقية لهذه الأحياء للجمهور الأميركي.

يكتب إلياسون في الكتاب: «الكثير من جوانب التنمية الحضرية الحديثة، وخاصةً التنمية على مستوى المناطق، في بلدان أخرى مجهول تماماً حتى للمهنيين الممارسين».

ما هي المنطقة البيئية حقاً؟

تُعدّ محاولة إلياسون للتعريف بهذه الرؤية الجديدة لبناء المدن خطوةً منطقيةً تاليةً من مناصرته لـ«العمارة ذات الدرج الواحد single-stair architecture»، وهو مفهومٌ آخر يصعب شرحه وله آثارٌ عميقة على البيئة العمرانية (عادة لمبانٍ من 4 إلى 6 طوابق بسلم واحد وآخر للحريق- المحرر).

ولسنوات، دأب إلياسون على إقناع كل من يستمع إليه بأن المباني ذات الدرج الواحد، بدلاً من المباني ذات الدرجين التي تفرضها قوانين البناء الأميركية، يمكن أن تجعل الشقق أرخص وأكثر اتساعاً وراحة. والآن، تم إنجاز جزء كبير من هذه المهمة المتمثلة في رفع مستوى الوعي، فقد أقنع إلياسون وعدد من المناصرين المتفانين الآخرين عشرات المدن والولايات في جميع أنحاء البلاد باعتماد قوانين بناء جديدة تُقنن هذا النوع من المساكن، وكان آخرها لوس أنجليس وأوستن. وأصبح مصطلح «عمارة الدرج الواحد» شائعاً بين فئة معينة من المهتمين بالسياسات.

أحياء بيئية بمبان اقتصادية وبلا سيارات

في كتابه الجديد، يُوسّع إلياسون نطاق دعوته ليشمل ليس فقط المباني، بل الأحياء أيضاً. تُجسّد الأحياء البيئية مثل كليشي-باتينيول مفاهيم التصميم الحضري التي تتيحها عمارة الدرج الواحد، لا سيما عند دمجها مع شوارع خالية من السيارات، ومساحات خضراء واسعة، ومجتمعات متنوعة اقتصادياً. لطالما انبهرتُ بهذه المشروعات التنموية واسعة النطاق التي تُبنى في الصين أو أوروبا، وكيف تختلف اختلافاً كبيراً عن مشروعات التطوير الموجهة نحو النقل التي نُنفذها في الولايات المتحدة، يقول إلياسون لشركة فاست كومباني: «أحاول الآن استكشاف بعض الأسباب».

مدن الـ«15 دقيقة»

إحدى طرق فهم الحي البيئي هي اعتباره مدينةً بُنيت من الصفر، على بُعد 15 دقيقة. يقول كارلوس مورينو، وهو مُخطط حضري في باريس ساهم في وضع نظريات لكلا المفهومين. وبينما يُمكن وصف مدن الـ15 دقيقة بالأحياء التقليدية أو الحديثة، «فعندما نستحضر مفهوم الحي البيئي، فإننا نتحدث عن مشروعات عمرانية جديدة»، كما يقول: «في الوقت نفسه، فإن الحي البيئي، بهذه العناصر الثلاثة - الحي، والاستدامة، والتنوع - يتماشى تماماً مع مفهوم مدينة الـ15 دقيقة».

ما وراء العمران الموجَّه نحو التنقل العام؟

لم أدرك تماماً آثار هذا النموذج من التنمية الحضرية إلا بعد أن أتيحت لي فرصة زيارة كليشي باتينيول شخصياً. ومن الناحية النوعية، يبدو الحي مختلفاً عن أي مكان زرته في الولايات المتحدة، وخاصةً أي حي حديث البناء.

تُسهّل الشوارع الخالية من السيارات وذات حركة المرور المنخفضة الوصول إلى الحديقة، ومحطة المترو، والمتاجر، ومباني المكاتب، أو المدارس ودور الحضانة المنتشرة في الحي، بكل سهولة وأمان. وعلى الرغم من أن جميع المباني شُيّدت أخيراً، فإن تنوعها المعماري، ومساحتها الضيقة نسبياً، تُضفي على مشهد المدينة طابعاً بصرياً مُحفزاً.

كانت هناك سمات تصميمية أخرى غير عادية، بنظري الأميركي. لاحظتُ انتشار الشرفات في هذه المباني السكنية ذات الدرج الواحد. بدلاً من أن تكون هذه المساحات الخارجية الخاصة مُدمجة في الواجهة، كما تبدو غالباً في المباني السكنية الأميركية، فإنها مُدمجة في غلاف المبنى كعنصر واعٍ في التصميم العام.

يوضح مورينو أن جزءاً مما يجعل كليشي باتينيول، حياً مُنعشاً معمارياً هو وقوعه بين الأحياء التقليدية في وسط باريس، وأحياء الضاحية التاريخية التي تُحيط بالمدينة. ويضيف: «هذه هي سمة الحي البيئي، إنها هندسة معمارية حديثة للاستدامة».

انتشار عالمي للأحياء البيئية

يصف كتاب إلياسون أماكن مُماثلة في ألمانيا والنمسا والسويد، إلى جانب عدد قليل من الأحياء البيئية قيد الإنشاء في كندا. وقد بدأت بعض المشروعات في الولايات المتحدة في الاقتراب من هذا النموذج المثالي.

يُسلّط إلياسون الضوء على كولديساك، المجتمع الخالي من السيارات في تيمبي، أريزونا، لإظهاره أن الشوارع الداخلية المخصصة للمشاة يمكن أن تنجح في الولايات المتحدة. يستخدم مشروع تطوير ميشين روك الذي اكتمل مؤخراً في سان فرانسيسكو شوارع خالية من السيارات على نطاق أوسع، ويقوم بعمل أفضل في دمج الهندسة المعمارية الجذابة ومساحات الحدائق ومزيج متنوع من استخدامات الأراضي والسكان.

التحضّر... من دون سيارات

لكن هذه الأمثلة قليلة ثمينة، وهي تتضاءل مقارنة بكليشي باتينيول. يقول إلياسون: «لدينا هذه الفكرة حول التحضر في الولايات المتحدة بأن السيارات يجب أن تذهب إلى كل مكان». بعد التحرر من هذه الفكرة، تزداد كمية المساحات المفتوحة والعامة المتاحة للعمل بشكل كبير.

ويأسف إلياسون على أن مفهوم «مدينة الـ 15 دقيقة» في الولايات المتحدة يُفهم عموماً على أنه مجرد مسافة سير على الأقدام من المتاجر والمقاهي. وكما هو الحال مع العمران الموجَّه نحو النقل العام، فقد تمكنا من استيعاب أفضل ممارسات التخطيط الحضري هذه بشكل سطحي للغاية. ويضيف: «نحن منخرطون بشدة في الجانب الاستهلاكي لمدن الـ15 دقيقة لدرجة أننا لا نستطيع حتى التحدث عن تلك الأمور الأخرى».

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».