«سعد الراشد» حياة في الآثار ودراسة حضارات الجزيرة العربية

أُعلن فوزه بجائزة الملك فيصل للدراسات الإسلامية لعام 2025

نال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية عام 2017 (واس)
نال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية عام 2017 (واس)
TT

«سعد الراشد» حياة في الآثار ودراسة حضارات الجزيرة العربية

نال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية عام 2017 (واس)
نال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية عام 2017 (واس)

مسيرة مهنية فذّة للبروفيسور سعد بن عبد العزيز الراشد، في مجال الآثار ودراسات الحضارة والنقوش في الجزيرة العربية، انطلاقاً من جوهرة أعماله في استكشاف طريق الحج من الكوفة إلى مكة الكرمة، من خلال دراسة تاريخية وحضارية أثرية لـ«درب زبيدة»، مروراً بالعديد من الأعمال والجهود العلمية التي بذلها رفقة نخبة من الأكاديميين والباحثين لاستظهار القيم الإنسانية والحضارية لتاريخ السعودية والجزيرة العربية.

وجدّد إعلان فوزه بجائزة الملك فيصل للدراسات الإسلامية لعام 2025، عن موضوع «دراسات آثار الجزيرة العربية»، التذكير بأعماله وجهوده التي جعلته من رواد الآثاريين السعوديين، مع خبرة أكاديميّة نمت منذ ترأس قسم الآثار وعمادة مكتبات جامعة الملك سعود بالرياض، وفي تحكيم البحوث ورعاية جيل من الآثاريين السعوديين، ودوراً مهنيّاً لا يقل قيمة، مثل مساهمته في إصدار موسوعة آثار المملكة، ونشر الأبحاث المتخصّصة.

يمثل «درب زبيدة» قيمة تاريخية كبيرة بوصفه طريقاً للحجاج والتجارة في عصور الإسلام القديمة (واس)

«درب زبيدة» جوهرة أعمال الراشد

ذاعت شهرة العالم الأثري السعودي البروفيسور سعد بن عبد العزيز الراشد، المولود في محافظة صبيا عام 1946، بعد أن انبرى لدراسة هذا الممر التاريخي، الذي عدّ أهم طرق الحج السبعة في الجزيرة العربية التي يزيد عمرها على 1000 عام. وقاد الراشد فريقاً من الباحثين لإجراء أعمال التنقيب عن الآثار في درب زبيدة عام 1979م، وأسفرت جهوده تلك عن نتائج غير مسبوقة، ومن بين ذلك اكتشاف «قرية الربذة»، وانتهى جهده العلمي الرصين بإصدار مطبوع مزوّد بشواهد مصورة من الدرب وتفاصيله وأمياله، وصور لما وجد فيه، وفي موقع «الربذة» الذي ألف عنه البروفيسور الراشد كتاباً آخر.

وحرص الراشد على تضمين الكتاب، ملحقاً يشتمل على تعريف بمحطات ومنازل الطريق وفروعه، مثل البرك والعيون وأطلال المنازل والمحطات، حيث بقي الدرب شاهداً على حضارة إسلامية زاهية ومجيدة، وضمّ الكتاب عدداً كبيراً من الصور التي تعبر عن أبرز تفاصيل الطريق بمختلف ما كتب عنه أو تم تداوله، وما كتب على آثاره من نقوش، وما تم تداوله من عملات.

وعاصر الراشد خلال بحثه الميداني وجهده العلمي، مشاق كثيرة، ولاقى تحديات في الأرض التي قرر أن يفحص تاريخها وشواهدها، وقد أضحت قفراً يندر أن تطأها قدم إنسان، وأصبحت مرتعاً للثعابين والعقارب والثعالب والذئاب.

غلاف طبعة مبكرة من كتاب الراشد عن درب زبيدة (الشرق الأوسط)

زيادة المعرفة بتاريخ الحضارة الإسلامية

الراشد ألّف 9 كتب في الأبحاث التاريخية، منها كتابات إسلامية غير منشورة من رواة المدينة المنورة، وكتاب «درب زبيدة: طريق الحج من الكوفة إلى مكة المكرمة دراسة تاريخية وحضارية أثرية»، وقراءة جديدة لنقش شعري من السوارقية بمنطقة الحجاز، وكتابات إسلامية من مكة المكرمة، ودراسات في الآثار الإسلامية المبكرة بالمدينة المنورة، وكتاب «الصويدرة الطرف قديماً: آثارها ونقوشها الإسلامية».

ونال الراشد منحة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لتاريخ الجزيرة العربية، تقديراً لجهوده المميزة في أعمال التنقيب عن الآثار والتراث بالسعودية عام 2017، كما منح وسام الملك خالد من الدرجة الثالثة عام 2020 لإسهاماته الكبيرة في تأسيس قطاع التراث الوطني في السعودية، وفي عام 1998 حصل على جائزة أمين مدني للبحث في تاريخ الجزيرة العربية بدورتها الثامنة.

وفي مطلع هذا العام، مُنح البروفيسور سعد بن عبد العزيز الراشد جائزة الملك فيصل العالمية في فرع الدراسات الإسلامية، التي جاء موضوعها لعام 2025 عن الدراسات التي تناولت آثار الجزيرة العربية، وأعلنت أمانة الجائزة (الأربعاء) وبالاشتراك مع الدكتور سعيد السعيد، منح الراشد الجائزة وذلك لتميز أعماله العلمية، التي كانت أساساً في دراسات الآثار والنقوش الإسلامية في الجزيرة العربية، حيث أرسى الأسس العلمية والمنهجية للباحثين والدارسين، كما أضافت الكثير إلى المعرفة العلمية لتاريخ الحضارة الإسلامية، وأسهمت في فهم أعمق لكثير من المواقع والنقوش الإسلامية في الجزيرة العربية، وأصبح إنتاجه العلمي من المصادر الأساسية غير المسبوقة لأجيال الباحثين على المستوى العربي والعالمي.


مقالات ذات صلة

السعودية: تأهيل آلاف المعلمات في الفنون الموسيقية

ثقافة وفنون خطة لتأسيس النشء في المهارات الموسيقية وتأهيلهم عبر المناهج الدراسية (وزارة الثقافة)

السعودية: تأهيل آلاف المعلمات في الفنون الموسيقية

فتحت وزارتا «الثقافة» و«التعليم» في السعودية، الأحد، التسجيل للمرحلة الثانية من برنامج تأهيل معلمات رياض الأطفال للتدريب على مهارات الفنون الموسيقية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان مترئساً الاجتماع الوزاري الموسَّع بشأن سوريا في الرياض (الخارجية السعودية) play-circle 01:52

«اجتماع الرياض»: العقوبات تعرقل التنمية... ومستقبل سوريا يصوغه السوريون

أكد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، أهمية رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وأن استمرارها يعرقل طموحات الشعب السوري في تحقيق التنمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج المهندس وليد الخريجي يرحب بالوزير أسعد الشيباني لدى وصوله إلى الرياض (الخارجية السعودية) play-circle 00:42

الرياض تستقبل المشاركين في الاجتماع الوزاري بشأن سوريا

بدأ، مساء السبت، توافد المشاركين في الاجتماع الموسّع لوزراء خارجية دول عربية وغربية بشأن سوريا، الذي تستضيفه العاصمة السعودية الأحد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج كاميرات المراقبة تظهر مسلحين حاولوا اقتحام القصر الرئاسي في إنجامينا (أ.ف.ب)

السعودية تدين استهداف القصر الرئاسي في تشاد

دانت السعودية، السبت، هجوماً استهدف القصر الرئاسي في العاصمة التشادية إنجامينا، وأسفر عن مقتل جندي وإصابة آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق جاءت القفزة الكبرى في عدد الزوار تزامناً مع إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني (واس)

«موسم الرياض» يستقبل 16 مليون زائر

أعلن المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه السعودية، عن تحقيق «موسم الرياض 2024» إنجازاً كبيراً في عدد الزوار بلغ 16 مليوناً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هل تستطيع الروبوتات الجراحية تعويض نقص الأطباء في مصر؟

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
TT

هل تستطيع الروبوتات الجراحية تعويض نقص الأطباء في مصر؟

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)
وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)

أثار إعلان وزارة الصحة المصرية اعتزامها التوسع في استخدام الروبوتات الجراحية جدلاً، إذ اعتبره البعض تحركاً من الحكومة نحو تقليل الاعتماد على الأطباء، تزامناً مع الخلاف الحادث حالياً مع نقابة الأطباء حول مشروع قانون «المسؤولية الطبية».

لكن الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة المصرية، قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن سعي الوزارة للتوسع في استخدام الروبوتات الجراحية هدفه معاونة الجراحين وتسهيل مهمتهم وزيادة إنتاجيتهم، وليس من أجل تقليل الاعتماد على الأطباء أو الاستغناء عنهم.

واجتمع وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار، الثلاثاء الماضي، مع ممثلي إحدى الشركات الصينية الرائدة في مجال الروبوتات الجراحية، وكشفت الوزارة في بيان أن الاجتماع بحث آفاق التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات الجراحية بمستشفيات وزارة الصحة.

«اتجاه الوزارة للتوسع في استخدام الروبوتات الجراحية ليس له علاقة بالخلاف حول قانون أو غيره، ولا يهدف لاستبدال الأطباء»، بحسب حسام عبد الغفار، الذي أكد «أن الروبوت لا يعمل مستقلاً، لكنه يحتاج لطبيب ماهر ومحترف لتشغيله، والهدف من ذلك جعل الطبيب الجراح الماهر يجري الجراحات في أي مكان عن بعد دون أن يتحرك الطبيب من مكانه الموجود فيه».

مصر تعاني من نقص في عدد الأطباء (وزارة الصحة المصرية)

من جانبه، قال يحيى دوير، عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الروبوتات الجراحية موجودة بمصر بأعداد قليلة، ولا يتم العمل أو التدريب عليها؛ لأنها تحتاج إلى فترة تدريب طويلة».

ونوه دوير إلى أن «استبدال الطبيب المصري بالروبوت والعلاج عن بعد مسألة مستبعدة؛ نظراً لبعض العوامل، منها الخوف من عدم استقرار الإنترنت والتيار الكهربائي داخل المستشفيات، بالإضافة إلى عدم وجود الغطاء القانوني اللازم لإتمام الجراحات بالروبوت عن بعد، فنحن بالأساس ليس لدينا غطاء قانوني يسمح بمناظرة المريض عن بعد، فكيف ستتم جراحات عن بعد؟... ناهيك على التكلفة الباهظة لمثل هذه التطبيقات، وموازنة وزارة الصحة في مصر لا تسمح بذلك».

ورداً على تلك النقاط، قال متحدث الصحة: «نحن قلنا إننا منفتحون على العرض الذي قدمته لنا الشركة الصينية؛ نظراً لما سيحققه من فوائد، ولكن آليات التنفيذ على أرض الواقع ستكون في مرحلة لاحقة، وسيتم توفير اللازم، وجزء من الخطة حال تنفيذها سيكون بناء الكوادر الطبية القادرة على تشغيل الروبوتات واستخدامها بشكل صحيح».

وأوضح: «لدينا روبوتات جراحية بالفعل في معهد الأورام ومعهد ناصر، وأثبتت كفاءة عالية، أي أن الأمر ليس جديداً علينا».

وبحسب آخر رصد صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء في مصر، فقد انخفض عدد الأطباء بالبلاد إلى 97.4 ألف طبيب في عام 2022، مقابل 100.7 ألف طبيب في عام 2021، بانخفاض بلغت نسبته 3.3 في المائة.

وزير الصحة المصري في جولة تفقدية لأحد المستشفيات (وزارة الصحة المصرية)

وتفيد الأرقام بأن مصر لديها طبيب لكل 1162 شخصاً، بينما المعدل العالمي، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية، هو طبيب لكل 434 شخصاً.

وشهدت السنوات الماضية هجرة العديد من الأطباء إلى خارج مصر، بقصد العمل والاستقرار في أوروبا أو أميركا، وكذلك بعض الدول العربية وخاصة الخليجية، بحسب نقابة الأطباء المصرية.

ويقول يحيى دوير إن هجرة الأطباء من الأسباب الرئيسية لما يمكن وصفه بـ«التصحر الطبي» في مصر، والسبب في رأيه بحث العديد من الأطباء المصريين عن فرص عمل أفضل خارج البلاد؛ «نظراً لضعف الأجور مقارنة بدول أخرى، حيث لا يتجاوز راتب الطبيب بمصر بعد 10 سنوات من الخبرة 120 دولاراً أميركياً شهرياً».

ومن الأسباب الأخرى لهجرة الأطباء، بحسب دوير: «بيئة العمل غير الصحية، حيث نقص المعدات الطبية الحديثة، وغياب الدعم الإداري في عدد من المنشآت الصحية، وضعف الاستثمار في التعليم الطبي المستمر مع صعوبة التفرغ للعمل البحثي والتطوير، وتأجيج العلاقة بين المريض والطبيب، حيث ترسخ بعض المسلسلات والأفلام ثقافة خاطئة بين الطبيب والمريض وتصور الطبيب بصورة غير لائقة»؛ وفق تعبيره.

مصر تدرس الاستعانة بالروبوتات لمساعدة الجراحين (وزارة الصحة المصرية)

وعن مشروع قانون المسؤولية الطبية، يقول دوير إن «مصر تعد آخر دولة في العالم تقوم بصياغة مشروع قانون المسؤولية الطبية، حيث كان يحاكم الأطباء بقانون العقوبات مثلهم مثل المجرمين الجنائيين، وللأسف مشروع القانون الجديد لا يفرق ما بين الخطأ الطبي والخطأ الطبي الجسيم، ولا يعترف بالمضاعفات الوارد حدوثها والمنصوص عليها في أدلة العمل الإكلينيكية العالمية».

وبحسب دوير، فإن ما يقرب 62 في المائة؜ من أطباء مصر هاجروا أو يعملون خارج البلاد، فضلاً عن أعداد كبيرة داخل مصر مقيدة بالنقابة ولا تمارس الطب.

وزير الصحة في زيارة لمنشأة طبية (وزارة الصحة المصرية)

في المقابل، أكد حسام عبد الغفار، متحدث وزارة الصحة، «أن مشروع قانون المسؤولية الطبية تم إعداده بناء على مطالبات الأطباء أنفسهم وليس هناك خلاف حوله سوى في نقطة واحدة تتعلق بما يقولون إنه يسمح بحبس الأطباء، وهذه النقطة تحتاج فقط للتوضيح لإنهاء الجدل، فيما عدا ذلك فنحن منفتحون على جميع مطالب الأطباء، طالما لا تخالف الدستور».