فرنسا تشن حملات ضد «مؤثرين» جزائريين وسط أزمة حادة بين البلدين

«مجلس الأمة» اتهم ماكرون بـ«الجرم السياسي» بحق الجزائر

قضية الكاتب صنصال فاقمت الخلافات بين الجزائر وفرنسا (أ.ف.ب)
قضية الكاتب صنصال فاقمت الخلافات بين الجزائر وفرنسا (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تشن حملات ضد «مؤثرين» جزائريين وسط أزمة حادة بين البلدين

قضية الكاتب صنصال فاقمت الخلافات بين الجزائر وفرنسا (أ.ف.ب)
قضية الكاتب صنصال فاقمت الخلافات بين الجزائر وفرنسا (أ.ف.ب)

تتواصل الاعتقالات والتبليغات ضد «مؤثرين» جزائريين يقيمون بفرنسا، بشبهة «التحريض على العنف»، في مؤشر قوي على مستوى غير مسبوق في الخصومة، التي تشهدها العلاقات الثنائية، وذلك منذ اعتراف باريس بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء في شهر يوليو (تموز) الماضي.

محمد تاجديت ضحية تحريض بالقتل من مؤثر جزائري مقيم بفرنسا (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

فبعد توقيف ثلاثة جزائريين في محافظات مختلفة، يومي الجمعة والسبت الماضيين، أكدت وسائل إعلام فرنسية، الأربعاء، نقلاً عن مصادر بالشرطة، إطلاق بلاغات ضد «مؤثرين» آخرين، أبرزهم صوفيا بن لمان، التي يتابعها مئات الآلاف من الأشخاص على حساباتها بالإعلام الاجتماعي، حيث رصدت الشرطة دعوة لها لممارسة العنف ضد نشطاء معارضين للحكومة الجزائرية، يعيشون في فرنسا وإيطاليا.

المؤثرة الجزائرية صوفيا بن لمان (متداولة)

وتعرف المرأة الخمسينية حالياً بدفاعها القوي عن سياسات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بعد أن قادت حملة حادة ضد ترشحه للرئاسة عام 2019، ومنعت الناخبين في مدينة ليون (وسط فرنسا)، حيث تقيم منذ سنوات طويلة، من التصويت في الاقتراع باستعمال القوة.

كما تم، حسب الإعلام الفرنسي، رصد فيديو لـ«مؤثر» آخر ناشط على منصة «تيك توك»، يسمي نفسه «عبد السلام بازوكا»، حيث وصف المعارضين للحكومة الجزائرية بأنهم «خونة» وهدد بذبحهم. وتضمن فيديو لمؤثر ثالث، يكنى «لكصاص 06» يقطن في مدينة ليون، وصف الجزائريين المقيمين في فرنسا، بأنهم «جنود نائمون مستعدون ليصبحوا شهداء للدفاع عن الجزائر».

منشور لوزير الداخلية الفرنسي حول اعتقال مؤثر الجزائري يدعى يوسف

وحقق فيديو «لكصاص 06» أكثر من 1.2 مليون مشاهدة على الشبكة الاجتماعية الصينية، وهو يتماشى مع مقاطع فيديو أخرى، خاصة بثلاثة «مؤثرين» جزائريين، تم اعتقالهم في نهاية الأسبوع الماضي في مدن بريست (شمال غرب) وإشي رول، ومونبلييه (جنوب) وغرونوبل (جنوب شرق)، بتهم «الدعوة لارتكاب هجمات في فرنسا والجزائر».

ومنشأ هذه الدعوات، وفق ما جاء في حسابات ناشطين بالإعلام الاجتماعي بفرنسا، مساعٍ مفترضة لمعارضين لتنظيم مظاهرات في باريس للتنديد بسياسة السلطات الجزائرية في مجال الحقوق والحريات والديمقراطية. وقالت صحيفة «لوفيغارو»، ذات التوجه اليميني، إن «هذه الهجمات الرقمية من المؤثرين ليست معزولة»، وإنها «أعراض لعلاقة فرنسية - جزائرية تتدهور بشكل مستمر».

الكاتب الفرنسي - الجزائري بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

وهاجم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين الماضي، الجزائر بشدة، خلال «مؤتمر السفراء والقناصلة» السنوي بقصر الإليزيه؛ حيث قال إن الروائي الجزائري الفرنسي، بوعلام صنصال، المسجون منذ شهرين، «يحتجزه الجزائريون بشكل تعسفي». كما قال إن الجزائر «تسيء إلى نفسها» بعدم إطلاق سراح الكاتب السبعيني، المتهم بـ«المس بالوحدة الترابية للبلاد»، إثر تصريحات أطلقها في فرنسا، مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عدّ فيها أن «محافظات من غرب الجزائر تعود تاريخياً إلى المغرب».

وردت وزارة الخارجية الجزائرية، الثلاثاء، على ماكرون، في بيان، قائلة إن تصريحاته «تهين في المقام الأول من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المستهترة». وشددت على أنه «لا يمكن لهذه التصريحات إلا أن تكون موضع استنكار ورفض وإدانة، لما تمثله من تدخل سافر وغير مقبول في شأن جزائري داخلي».

وأضاف البيان أن «ما يقدمه الرئيس الفرنسي، زوراً وبهتاناً، كقضية متعلقة بحرية التعبير، ليست كذلك من منظور قانون دولة مستقلة وذات سيادة. فالأمر يتعلق أساساً بالمساس بالوحدة الترابية للبلاد، وهي جريمة يعاقب عليها القانون الجزائري».

مجلس الأمة شجب «جنوح وتهور الرئيس الفرنسي بحق الجزائر» (البرلمان)

من جهته، شجب مجلس الأمة (الغرفة البرلمانية العليا)، الأربعاء، في بيان، «جنوح وتهور الرئيس الفرنسي، بل هو جرم سياسي وعمل عدائي، يؤكد جلياً فقدان فرنسا لمعالمها، وابتعادها عن اللباقة الدبلوماسية والقواعد الأساسية للعلاقات الدولية، وبقية أدبيات الممارسة الدبلوماسية».

وشدد البيان على أن ما صدر من ماكرون ضد الجزائر «يخالف مبدأ احترام سيادة الدول على نحو خطير، ويشكل اعتداء على سيادة الجزائر واستفزازاً سياسياً سافراً».



«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
TT

«قوات الدعم السريع» السودانية أخفت أدلة على فظائع في الفاشر

سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)
سودانيون خلال مظاهرة الأسبوع الماضي في مروة ضد «قوات الدعم السريع» (إ.ب.أ)

قامت «قوات الدعم السريع» السودانية بتدمير وإخفاء أدلة على عمليات قتل جماعي، ارتكبتها بعد اجتياحها مدينة الفاشر في إقليم دارفور بغرب البلاد، وفق ما كشف تقرير جديد.

وقال «مختبر الأبحاث الإنسانية» بجامعة ييل، الذي يستخدم صوراً للأقمار الاصطناعية لرصد الفظائع منذ بدء الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، الثلاثاء، إن هذه الأخيرة «دمرت وأخفت أدلة على عمليات القتل الجماعي واسعة النطاق، التي ارتكبتها» في عاصمة ولاية شمال دارفور.

وأثارت سيطرة «قوات الدعم السريع» العنيفة على آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، غضباً دولياً بسبب تقارير تحدثت عن عمليات إعدام خارج إطار القضاء، واغتصاب ممنهج واحتجاز جماعي. وأكد «مختبر الأبحاث الإنسانية» أنه حدد في أعقاب سيطرة «الدعم السريع» على المدينة 150 أثراً يتطابق مع رفات بشرية. وتتطابق عشرات من هذه الآثار مع تقارير عن عمليات الإعدام، كما تتطابق عشرات أخرى مع تقارير تفيد بأن «قوات الدعم السريع» قتلت مدنيين أثناء فرارهم.

وأضاف المختبر، حسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنه في غضون شهر اختفى ما يقرب من 60 من تلك الآثار، بينما ظهرت 8 مناطق حفر قرب مواقع القتل الجماعي، لا تتوافق مع ممارسات الدفن المدنية. وخلص التقرير إلى أن «عمليات قتل جماعي، وتخلص من الجثث على نطاق واسع ومنهجي قد حدثت»، مقدراً عدد القتلى في المدينة بعشرات الآلاف. وطالبت منظمات إغاثة والأمم المتحدة مراراً بالوصول الآمن إلى الفاشر، حيث لا تزال الاتصالات مقطوعة، ويُقدر عدد الناجين المحاصرين بعشرات الآلاف، وكثير منهم محتجزون لدى «قوات الدعم السريع».

وأمس الثلاثاء، أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها إزاء تقارير تفيد باحتجاز أكثر من 70 من أفراد طواقم صحية، ونحو خمسة آلاف مدني بشكل قسري في نيالا بجنوب غربي السودان.

وأسفرت الحرب المتواصلة في السودان، منذ 15 أبريل (نيسان) 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو، عن مقتل عشرات الآلاف. ودفعت الحرب نحو 12 مليوناً إلى النزوح داخل البلاد أو اللجوء إلى خارجها، وأدت إلى تدمير البنية التحتية، مما جعل السودان يعاني «أسوأ أزمة إنسانية» في العالم، حسب الأمم المتحدة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، على «إكس»: «نشعر بالقلق إزاء التقارير الواردة من نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور السودانية، التي تفيد باحتجاز أكثر من 70 عاملاً في مجال الرعاية الصحية، بالإضافة إلى نحو خمسة آلاف مدني». مضيفاً أن المعتقلين «محتجزون في ظروف غير صحية، كما هناك تقارير عن تفشي الأمراض».


مصر: «هيئة الانتخابات» تنشد إقبالاً أكبر وسط مؤشرات على «تراجع» المشاركة

ناخبة قبل الإدلاء بصوتها في محافظة دمياط بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)
ناخبة قبل الإدلاء بصوتها في محافظة دمياط بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)
TT

مصر: «هيئة الانتخابات» تنشد إقبالاً أكبر وسط مؤشرات على «تراجع» المشاركة

ناخبة قبل الإدلاء بصوتها في محافظة دمياط بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)
ناخبة قبل الإدلاء بصوتها في محافظة دمياط بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)

مع انطلاق عملية التصويت في جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب المصري، الأربعاء، ولمدة يومين، جددت الهيئة الوطنية للانتخابات دعوتها المواطنين إلى الإقبال على صناديق الاقتراع، وسط مؤشرات على «تراجع» المشاركة في جولات سابقة شهدتها الانتخابات ذاتها.

وخاطب القاضي أحمد بنداري، رئيس غرفة العمليات المركزية بالهيئة الوطنية للانتخابات، الناخبين قائلاً: «لا تفرّطوا في أحد أهم حقوقكم التي كفلها لكم الدستور والقانون، وهو حق التصويت والاقتراع»، مؤكداً أن «الهيئة تقف على مسافة واحدة من جميع المترشحين، ولن تسمح بأي تجاوزات».

وكان بنداري قد دعا، خلال مؤتمر صحافي عقده الاثنين، المواطنين، «شيوخاً وشباباً»، إلى المشاركة بشكل أكبر والتصويت بحرية كاملة.

وتأتي هذه الدعوات في ظل مؤشرات رصدها مراقبون وحقوقيون، استناداً إلى محاضر الفرز في جولات إعادة سابقة، على ضعف الإقبال على التصويت، في وقت لم تعلن فيه الهيئة الوطنية للانتخابات أرقاماً رسمية لنسب المشاركة.

غيَّر أن بنداري سعى إلى التقليل من شأن الحديث عن ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التصويت كان مُرْضِياً في عدد من المحافظات، خصوصاً في المناطق الريفية»، مرجعاً تفاوت الإقبال في جولات الإعادة إلى «قدرة المترشحين على حشد أنصارهم».

مركز اقتراع في كفر الشيخ بشمال مصر (تنسيقية شباب الأحزاب)

وأعاد الجدل حول تدني نسب المشاركة إلى الواجهة ما أظهرته أوراق الفرز في نتائج جولات الإعادة في 19 دائرة سبق إلغاء نتائجها، التي كشفت عن تراجع كبير في أعداد المقترعين. ففي دائرة إمبابة بمحافظة الجيزة، حضر نحو 27 ألف ناخب فقط من أصل قرابة نصف مليون مسجل، بنسبة لم تتجاوز 5.1 في المائة.

وفي دوائر أخرى بمحافظة الجيزة أيضاً، شملت 24 دائرة ألغت محكمة القضاء الإداري نتائجها، تراوحت نسب الإقبال في جولات الإعادة التي جرت في وقت سابق من الشهر الحالي بين 1.7 و3.6 في المائة في مناطق مثل الدقي وأكتوبر والواحات والهرم وبولاق الدكرور.

الخروقات وأثرها

ويتوقع عماد جاد، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تسجل جولات الإعادة نسب مشاركة أقل، مرجعاً ذلك إلى ما وصفه بـ«فقدان الثقة لدى قطاع من المواطنين في جدوى العملية الانتخابية»، بعد ما شابها من خروقات وإعادة لجولاتها، فضلاً عن علامات الاستفهام المتعلقة بتقسيم الدوائر الانتخابية ونظام القائمة الحزبية.

رئيس غرفة العمليات المركزية بالهيئة الوطنية للانتخابات في مصر (لقطة مثبتة)

ويرصد جاد، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، مفارقة تعكس عزوف الناخبين، مشيراً إلى أن «فوز نائب في دائرة الدقي والعجوزة بمحافظة الجيزة بنحو 7 آلاف صوت فقط من أصل أكثر من 700 ألف ناخب مسجل، يعكس تراجعاً حاداً في المشاركة مقارنة بانتخابات 2011 وانتخابات 2015».

وتُجرى جولة إعادة المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب لعام 2025 في الداخل، وتشمل 4494 لجنة فرعية موزعة على 13 محافظة، و55 دائرة انتخابية، للتنافس على 101 مقعد.

وجرى تصويت المصريين في الخارج بهذه الجولة يومي الاثنين والثلاثاء، ومن المقرر أن تُعلن النتائج الرسمية في 25 ديسمبر (كانون الأول).

وفي ظل الحديث المتزايد عن مؤشرات ضعف الإقبال، دعت أحزاب، كانت ضمن الأغلبية البرلمانية السابقة، المواطنين إلى المشاركة، حيث شددت قيادة غرفة العمليات بحزب «حماة الوطن» على كوادرها، الأربعاء، على ضرورة حث المواطنين على التصويت؛ فيما دعا حزب «الجبهة الوطنية» إلى «مشاركة إيجابية وفعالة» في الاستحقاق البرلماني.

ماراثون اقتراعي

ولم تخلُ هذه الجولة من اتهامات بمحاولات استخدام «المال السياسي» للتأثير في إرادة الناخبين، إذ أعلنت الأجهزة الأمنية القبض على 33 شخصاً بتهم تتعلق بمخالفات انتخابية، من بينها الدعاية غير المشروعة، وتجميع البطاقات الشخصية، وتوزيع أموال وكوبونات مواد غذائية لحث الناخبين على التصويت لصالح بعض المرشحين.

مركز اقتراع لانتخابات مجلس النواب المصري بحي المطرية في القاهرة (أ.ش.أ)

من جهته، قال الائتلاف المصري لحقوق الإنسان والتنمية إنه رصد «تكرار أساليب الحشد الجماعي القائم على الدعم الجهوي والعشائري»، متحدثاً عن «حالة استنفار واسعة» في القرى ومقار الاقتراع التي ينتمي إليها مرشحو جولة الإعادة، مع الاعتماد على وسائل نقل جماعي ومنسقين من داخل العائلات، واتخاذ نقاط تجمع بعيدة عن نطاق اللجان لتفادي تدخل قوات التأمين.

وتُعد هذه الانتخابات أطول ماراثون اقتراعي في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، حيث جرى التصويت عبر سبع جولات غير مسبوقة، عقب إلغاء نتائج نحو 30 دائرة بحكم من المحكمة الإدارية العليا، و19 دائرة بقرار من الهيئة الوطنية للانتخابات بسبب مخالفات، ما أدى إلى تأجيل إعلان النتيجة النهائية من 25 ديسمبر (كانون الأول) إلى 10 يناير (كانون الثاني).

ويرجح جاد أن يكون البرلمان المقبل «قصير العمر» في ضوء احتمالات الطعن على النظام الانتخابي وتوزيع الدوائر أمام المحكمة الدستورية العليا.


الجزائر: سلاح تشريعي جديد لمواجهة الانفصاليين و«عملاء» الخارج

البرلمان الجزائري (متداولة)
البرلمان الجزائري (متداولة)
TT

الجزائر: سلاح تشريعي جديد لمواجهة الانفصاليين و«عملاء» الخارج

البرلمان الجزائري (متداولة)
البرلمان الجزائري (متداولة)

عرض نائب جزائري من «الأغلبية الرئاسية»، اليوم (الأربعاء)، مقترحاً على لجنة برلمانية خاصة، يتمثل في تعديل قانون الجنسية، موجَّهاً بصيغة العقاب، ضد عدد كبير من الناشطين المعارضين في الخارج، بوصفهم «إرهابيين» أو «عملاء لأعداء».

جاءت المبادرة بعد 3 أيام من إعلان «دولة القبائل المستقلة» من طرف تنظيم انفصالي على لائحة «الإرهاب».

النائب صاحب نص تعديل قانون الجنسية (البرلمان)

ويتضمن مقترح تعديل القانون، الذي بادر به النائب هشام صفر عن حزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، تجريد المواطنين الجزائريين من جنسيتهم الأصلية أو المكتسَبة، على خلفية أفعال تُرتكب داخل البلاد أو خارجها، وتمسّ بالمصالح العليا للدولة. وقد تم عرض هذا المقترح على «لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات» بـ«المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية السفلى)، بحضور وزير العدل لطفي بوجمعة. وسيُحال على النقاش العام، السبت المقبل، وفق ما نشرته صحيفة «المساء» الحكومية، في عدد اليوم (الأربعاء).

وينصّ المقترح على إمكانية سحب الجنسية من كل جزائري «إذا ارتكب خارج التراب الوطني أفعالاً من شأنها إلحاق ضرر جسيم بمصالح الدولة الجزائرية، أو المساس بالوحدة الوطنية، أو إظهار نية واضحة للإضرار بالدولة، أو التخلي الصريح عن الولاء لها، خاصة في حال تقديم خدمات، أو تلقي أموال أو امتيازات من دولة أجنبية، بهدف الإضرار بمصالح الجزائر، مع الاستمرار في هذه الأفعال رغم توجيه إنذار رسمي من السلطات العمومية».

جرم «التبعية لجهات أمنية أجنبية»

تشمل الأفعال المعنية أيضاً، حسب النص، «العمل لصالح جهات عسكرية أو أمنية أجنبية، أو تقديم أي شكل من أشكال الدعم لها، بما يضرّ بمصالح الدولة الجزائرية». إضافة إلى «التعامل مع دولة أو كيان معادٍ للجزائر». كما يطال سحب الجنسية كلَّ مَن ينشط ضمن جماعة أو منظمة إرهابية، أو تخريبية في الخارج، مهما كان شكلها أو تسميتها، أو يموّلها أو يروّج لها أو ينخرط فيها، إضراراً بالمصالح الحيوية للبلاد».

رئيس ماك فرحات مهني مستهدف بخطوة سحب الجنسية الجزائرية (ناشطون)

ويجيز المقترح سحب الجنسية الجزائرية المكتسبة في حال ارتكاب الأفعال ذاتها داخل التراب الوطني، مع التأكيد على حصر هذا الإجراء في الحالات المذكورة دون سواها، ومراعاة الحقوق القانونية للأشخاص المعنيين ووضعهم القانوني.

وفيما يخص الإجراءات والضمانات، يشترط المقترح أن يتم إلغاء الجنسية بموجب مرسوم رئاسي، بعد توجيه إنذار مسبق للشخص المعني يدعوه إلى التوقف عن الأفعال المنسوبة إليه خلال أَجَل لا يتجاوز 60 يوماً. كما يفرض تبليغ قرار التجريد بكل الوسائل القانونية المتاحة، بما في ذلك وسائل الاتصال الإلكترونية والنشر في الصحافة، مع ضمان حق المعني في تقديم ملاحظاته والدفاع عن نفسه.

ويشير التعديل إلى إمكانية استرجاع الجنسية الجزائرية الأصلية، بعد مرور مدة لا تقل عن 24 شهراً من تاريخ الإلغاء، وذلك بناءً على طلب يقدّمه المعني بالأمر، على أن يتم البتّ فيه بموجب مرسوم رئاسي. كما ينص المقترح على تجريد كل شخص اكتسب الجنسية الجزائرية، إذا صدر ضده حكم قضائي نهائي، بسبب «ارتكاب جناية أو جنحة تمسّ بالمصالح الحيوية للدولة، أو بالوحدة الوطنية»، شريطة أن تكون الأفعال قد ارتُكبت خلال عشر سنوات من تاريخ اكتساب الجنسية، وألا يُعلن قرار سحب الجنسية إلا في أجل أقصاه خمس سنوات من تاريخ ارتكاب تلك الأفعال.

وزير العدل (الوزارة)

وربط مراقبون طَرْح هذا التعديل للتداول في البرلمان في الوقت الراهن بخطوة أثارت قلقاً بالغاً لدى الجزائر، تتعلق بـ«حركة تقرير مصير القبائل» التي أعلنت، الأحد الماضي، من فرنسا، ما سمّته «دولة القبائل المستقلة»، حيث يقيم زعيم التنظيم فرحات مهني، بصفته لاجئاً سياسياً، كما يقيم هناك أغلب ناشطيه، وهم بضع مئات.

ومنعت محافظة إيفلين بغرب باريس قيادة التنظيم، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، من تنظيم حفل إعلان مشروعه. وفي النهاية تم عقد الاجتماع، في اليوم ذاته، داخل فندق يملكه أحد الانفصاليين، في وقت أبدى فيه غالبية سكان محافظات القبائل الجزائري (شرق العاصمة) تمسُّكهم بالوحدة الترابية، وعبَّروا عن ذلك برفع العلم الجزائري في بيوتهم، وعلى واجهات المرافق العمومية.

«خاين الدار»

في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أطلق البرلماني هشام صفر فكرة إدخال تغيير على قانون الجنسية، وذلك على خلفية تصريحات مثيرة للرئيس عبد المجيد تبون، دعا فيها الجزائريين إلى «التعاون ضد خاين الدار». وكان يقصد الكاتب الجزائري - الفرنسي بوعلام صنصال، الذي دانه القضاء بالسجن 7 سنوات بتهمة «المس بالوحدة الوطنية». وتعود متابعته إلى مقابلة أجراها مع منصة إخبارية موالية لليمين الفرنسي المتطرف، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، قال فيها إن «محافظات من الغرب الجزائري تابعة تاريخياً للمغرب اجتزأها الاستعمار الفرنسي منه».

الكاتب بوعلام صنصال (حسابات ناشطين متعاطفين معه)

وأفرجت السلطات الجزائرية عن صنصال في 12 نوفمبر الماضي، وفق إجراءات عفو رئاسي، ونزولاً عند طلب الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، الذي التمس من نظيره الجزائري عفواً لصالح الكاتب السبعيني لـ«دواعٍ إنسانية».