«اجتياح» إسرائيل الهدنة يرفع منسوب الخوف اللبناني

لقاء مرتقب بين بري والجنرال الأميركي

رئيس البرلمان اللبناني خلال اجتماع سابق مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان اللبناني خلال اجتماع سابق مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)
TT

«اجتياح» إسرائيل الهدنة يرفع منسوب الخوف اللبناني

رئيس البرلمان اللبناني خلال اجتماع سابق مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)
رئيس البرلمان اللبناني خلال اجتماع سابق مع الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين (أ.ف.ب)

تمادي إسرائيل في تدميرها للبلدات اللبنانية الواقعة على تخوم حدودها وتحويلها أرضاً محروقة ومهجورة، أخذ يُقلق رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري الذي سيلتقي قريباً الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز، رئيس هيئة الرقابة الدولية المولجة مواكبة تطبيق وقف النار.

وما يقلق بري أيضاً أن إسرائيل تلوح أيضاً بتمديد حالة الطوارئ في المنطقة الشمالية بذريعة عدم جاهزية الجيش اللبناني للانتشار في القرى التي تنسحب منها بانتهاء فترة الهدنة في مهلة أقصاها في 27 يناير (كانون الثاني) المقبل، وفق ما نص عليه اتفاق وقف النار تمهيداً لتطبيق القرار 1701، وحاجتها إلى مزيد من الوقت لاستكمال تدمير البنى التحتية العسكرية لـ«حزب الله».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن منسوب المخاوف من «اجتياح» (مواصلة خرق) إسرائيل للهدنة وتفلتها من الاتفاق الذي توصل إليه الوسيط الأميركي آموس هوكستين مع بري لتثبيت وقف النار في الجنوب، أخذ يرتفع لدى الأخير في ضوء مواصلة إسرائيل لخرقه وتوغلها في عدد من القرى؛ كونها تقع في جنوب الليطاني، وهي منطقة العمليات المشتركة للجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية (يونيفيل) لبسط سلطة الدولة ومنع أي وجود عسكري فيها.

اجتماع خلال ساعات

وكشف مصدر نيابي، أن بري سيلتقي قريباً الجنرال الأميركي في حضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون فور عودتها إلى بيروت. وقال إن اللقاء سيُعقد في الساعات المقبلة وعلى جدول أعماله النظر في الخروق الإسرائيلية ووقفها شرطاً لوضع حد لتمادي تل أبيب في تدميرها البلدات الواقعة جنوب الليطاني على نحو يؤدي إلى تحويلها منطقة مهجورة من أهلها يستحيل العيش فيها، إضافة إلى استيضاحه حول عزمها على تمديد فترة الهدنة، وإنما على طريقتها، لاستكمال مشروعها التدميري لشبكات المياه والكهرباء والاتصالات والطرقات بما يمكّنها من عزل 22 بلدة حدودية عن العمق الجنوبي امتداداً إلى شمال الليطاني.

ولفت إلى أن بري يود اختبار مدى استعداد الجنرال الأميركي للتدخل التزاماً منه بتطبيق الاتفاق ومنع تل أبيب من تماديها في خرق وقف النار، خصوصاً أنها تصرّ على توغلها في عدد من القرى التي لم تسيطر عليها طوال فترة اجتياحها جنوب الليطاني. وقال إنه يود وضعه أمام مسؤوليته بإلزام إسرائيل التقيد حرفياً ببنود الاتفاق واضعاً حداً لتلويحها بتمديد الهدنة بما يمكنها من تدمير مزيد من القرى.

وأكد المصدر أن قيادة الجيش اللبناني تواصل تدعيم وتعزيز وحداتها العسكرية التي يُفترض أن تنتشر في جنوب الليطاني بمؤازرة «يونيفيل»، لكن توسيع انتشارها يتوقف على انسحاب إسرائيل من القرى التي تحتلها، خصوصاً أن انسحابها من بلدة الخيام بقي ناقصاً بإصرارها على الاحتفاظ بعدد من المواقع الاستراتيجية بداخلها، وهذا ما حال دون سيطرة الجيش بالكامل على البلدة.

وسأل: ما الجدوى من اجتياح إسرائيل قرية القنطرة والقرى المجاورة لها، ما دام أنها اضطرت إلى الانسحاب منها بضغط أميركي، علماً أنه لم يسبق أن دخلت إليها طوال فترة الحرب؟ وهل تتوخى من توغلها استدراج «حزب الله» للعودة بالوضع إلى المربع الأول، أي إلى ما قبل الاتفاق على الهدنة، مع أنه أخذ على عاتقه ضبط النفس وعدم الرد تاركاً لهيئة الرقابة الدولية التدخل لوقف كل خروقها؟

عدم انجرار الحزب

ورأى أن الحزب بعدم انجراره للرد يأتي في سياق مراعاته المزاج الشعبي الجنوبي الذي هو في حاجة إلى التقاط أنفاسه استعداداً لعودة الجنوبيين إلى قراهم، رغم أن هناك استحالة للعيش فيها، خصوصاً تلك الواقعة على امتداد الخطوط الأمامية التي حولتها إسرائيل أنقاضاً يستحيل الإقامة فيها لانعدام أبسط مقومات البقاء. وقال إن الجنرال الأميركي كان تحدث أثناء اجتماعه برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عن تباطؤ وحدات الجيش في الانتشار جنوب الليطاني، وكان يُفترض فيه الضغط على إسرائيل لتسريع انسحابها؛ ما يضع قيادة الجيش أمام مسؤوليتها لاختبار مدى قدرتها على ملء الفراغ بمؤازرة «يونيفيل».

وأكد أن الجنرال الأميركي أبدى تفاؤله بانسحاب إسرائيل إلى حدودها الدولية التزاماً منها بتطبيق الاتفاق، مع أنها تحاول الآن كسب الوقت بإجراء مسح أمني لعلها تتمكن من وضع يدها على أنفاق جديدة للحزب لتدميرها.

الثقل الأميركي

ونقل عن دبلوماسي غربي، كما علمت «الشرق الأوسط»، قوله إن تطبيق الاتفاق يقع على عاتق الجنرال الأميركي الذي ينزل بكل ثقله للضغط على إسرائيل للالتزام به بلا أي تعديل؛ تمهيداً لتثبيت وقف النار، خصوصاً أنه كان وراء انسحابها من وادي الحجير، وجزم بأن عودة هوكستين وإن كانت مطروحة فإن جهات رسمية لبنانية لم تتبلغ حتى الساعة بموعد مجيئه.

أجهزة التنصت

في هذا السياق، سأل المصدر النيابي عن صحة ما يتم تداوله حول قيام إسرائيل بزرع أجهزة للتنصت والتصوير موصولة بالأقمار الاصطناعية في عدد من المواقع؛ بما يسمح لها بمراقبة المنطقة للتأكد من عدم قيام المجموعات المسلحة، في إشارة إلى «حزب الله»، بالتسلل إليها لتهديد أمنها مع انسحابها منها، سيما وأنها من أصحاب السوابق في هذا المجال.

تعدد التفسيرات

في المقابل، لفت مصدر في المعارضة إلى ضرورة تدخل الحكومة لوضع حد للالتباس الناجم عن تعدد تفسيرات البنود الواردة في الاتفاق وما إذا كانت تشمل خلو منطقة شمال الليطاني من المسلحين، أو أنها محصورة بجنوبه امتداداً لحدود لبنان الدولية مع إسرائيل، كما يقول «حزب الله» استناداً إلى ما تبلغه من الحكومة؛ لأن شمال الليطاني ليس مشمولاً بالاتفاق وهو شأن لبناني داخلي ولم يسبق لهوكستين أن طرحه في مفاوضاته مع بري، وبالتالي يبقى، من وجهة نظر الحزب، خاضعاً، كغيره من المناطق، للحوار المرتقب للتوصل إلى توافق على الاستراتيجية الدفاعية للبنان.

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مجتمعاً مع لجنة مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي (أ.ب)

وتردد أن اجتماع قائد الجيش العماد جوزف عون بمسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا اتسم بالإيجابية، وخُصص لمراجعة المضامين الواردة في الاتفاق، مع تأكيد عون أنه تسلم نصه من الرئيس ميقاتي وسيعمل على تطبيقه، رغم أن المصدر في المعارضة سأل ما الذي يمنع الحزب من أن يبادر فوراً إلى وضع ما تبقى لديه من أنفاق ومنشآت عسكرية وأسلحة بتصرف الجيش اللبناني، وبهذا يكون قد انتزع من إسرائيل ذريعة توغلها في البلدات بحثاً عنها لتدميرها ومهد الطريق أمام تطبيقه؟

ورأى المصدر أن ليس في مقدور الحزب الالتفاف على الاتفاق، وأن مصلحته تكمن بوقوفه خلف الحكومة لتطبيق القرار 1701 الذي وحده يعيد الهدوء إلى الجنوب ويحظى بإجماع دولي. وقال إن الحزب يقف حالياً أمام ضرورة التكيف مع المرحلة السياسية الجديدة بدءاً بانخراطه في مشروع الدولة لأن لا بدائل لديه، وهذا يتطلب منه الخروج من حال الإرباك التي ما زالت تنسحب عليه من جراء التخبط الذي يحاصر القيادة الإيرانية بعد أن افتقدت جميع أوراقها التي كانت بحوزتها للتدخل في المنطقة بغية تحسين شروطها للتفاوض مع الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

لبنان يتعامل بـ«جدية» مع تلويح إسرائيل بالبقاء جنوباً

المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في اجتماع ببيروت 24 ديسمبر الماضي مع لجنة مراقبة اتفاق وقف إطلاق النار (أ.ب)

لبنان يتعامل بـ«جدية» مع تلويح إسرائيل بالبقاء جنوباً

أعادت إسرائيل خلط الأوراق السياسية والأمنية في جنوب لبنان، عبر إعلانها عدم الانسحاب من المناطق التي احتلتها في الجنوب خلال الحرب الأخيرة.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي البرلمان اللبناني منعقداً في جلسة سابقة (أرشيفية)

غموض المواقف يحيط جلسة منتظرة لانتخاب رئيس لبنان

لا تزال صورة جلسة انتخاب الرئيس المحددة في 9 يناير المقبل غامضةً في لبنان مع عدم اتضاح توجهات معظم الكتل النيابية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي (د.ب.أ)

ميقاتي يبحث مع الشرع العلاقات بين لبنان وسوريا

أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي اتصالاً هاتفياً، اليوم الجمعة، مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، وبحث معه العلاقات بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الداخلية بسام مولوي يجول في مطار رفيق الحريري الدولي قبيل رأس السنة (الوكالة الوطنية) play-circle 01:27

لغط في مطار بيروت إثر رفض ركاب طائرة إيرانية تفتيشهم

عاد الوضع الأمني داخل مطار بيروت إلى الواجهة بعد المشكلة التي حصلت إثر وصول طائرة تابعة للخطوط الجوية الإيرانية ورفض ركابها الخضوع لإجراءات التفتيش.

يوسف دياب (بيروت)
خاص مواطنون ينتظرون عند معبر المصنع على الحدود اللبنانية - السورية إثر اتخاذ السلطات السورية قراراً بفرض قيود على دخول اللبنانيين (أ.ف.ب)

خاص حادث بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين يهدد بأزمة حدودية

فرضت سوريا قيوداً غير مسبوقة على اللبنانيين الذين يرغبون في دخول أراضيها، وذلك على خلفية إطلاق نار بين عناصر من الجيش اللبناني ومسلحين سوريين.

بولا أسطيح (بيروت)

أنفاق في دمشق تربط القصر الرئاسي بمقر الحرس الجمهوري

مقاتل يتبع الإدارة السورية الجديدة ينظر إلى إحدى فتحات التهوية في نفق يؤدي لقاعدة تتبع الحرس الجمهوري في دمشق (أ.ف.ب)
مقاتل يتبع الإدارة السورية الجديدة ينظر إلى إحدى فتحات التهوية في نفق يؤدي لقاعدة تتبع الحرس الجمهوري في دمشق (أ.ف.ب)
TT

أنفاق في دمشق تربط القصر الرئاسي بمقر الحرس الجمهوري

مقاتل يتبع الإدارة السورية الجديدة ينظر إلى إحدى فتحات التهوية في نفق يؤدي لقاعدة تتبع الحرس الجمهوري في دمشق (أ.ف.ب)
مقاتل يتبع الإدارة السورية الجديدة ينظر إلى إحدى فتحات التهوية في نفق يؤدي لقاعدة تتبع الحرس الجمهوري في دمشق (أ.ف.ب)

على أحد سفوح جبل قاسيون الذي يشرف على مدينة دمشق، توجد شبكة أنفاق تربط المجمع العسكري للحرس الجمهوري الذي كان مكلّفاً الدفاع عن العاصمة السورية، بالقصر الرئاسي، وفق ما أفاد مراسل من «وكالة الصحافة الفرنسية» تمكن، السبت، من دخول الموقع.

وقال محمد أبو سليم (32 عاماً)، وهو مسؤول عسكري في «هيئة تحرير الشام» التي قادت فصائل معارضة وأطاحت ببشار الأسد مع دخولها دمشق في 8 ديسمبر (كانون الأول)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هذا اللواء هو ثكنة عسكرية تابعة لباسل الأسد، ثكنة ضخمة جداً دخلناها بعد التحرير».

مقاتل يتبع الإدارة السورية الجديدة يقف داخل نفق يؤدي لقاعدة تتبع الحرس الجمهوري في دمشق (أ.ف.ب)

وأضاف: «بها أنفاق طويلة تصل حتى القصر الجمهوري» الواقع على تلة مجاورة.

ودخل مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» إلى غرفتين محصنتين تحت الأرض تضمان غرفاً كبيرة مخصصة للحرس، ومزودة بمعدات اتصالات وكهرباء ونظام تهوية، بالإضافة إلى مكان لتخزين الأسلحة. وهناك أنفاق أخرى أكثر بدائية، حفرت في الصخر، تحتوي على ذخيرة.

مقاتل يتبع الإدارة السورية الجديدة ينظر إلى إحدى فتحات التهوية في نفق يؤدي لقاعدة تتبع الحرس الجمهوري في دمشق (أ.ف.ب)

كان الحرس الجمهوري مكلّفاً حماية دمشق، لكن الجيش السوري انهار عندما دخلت الفصائل المسلّحة إلى دمشق يوم 8 ديسمبر في هجوم خاطف انطلق من شمال سوريا. وإثر ذلك، فرّ بشار الأسد إلى موسكو.

مقاتل يتبع الإدارة السورية الجديدة يسير بجوار مدخل يؤدي لأنفاق تنتهي في قاعدة للحرس الجمهوري بدمشق (أ.ف.ب)

وتم تخريب تمثال ذهبي لباسل الأسد، شقيق الرئيس السابق، على ظهر خيل، فيما أزيل رأسه ورمي بعيداً. وقضى باسل الأسد في حادث عام 1994 في حين كان يُعد الخلف المفترض لوالده حافظ الذي حكم سوريا بقبضة من حديد حتى وفاته عام 2000.

في هذا المجمع الضخم، يتدرب مقاتلون على إطلاق النار نحو صور لبشار الأسد ووالده حافظ الذي سلمه السلطة بعد وفاته، في حين تصطف دبابات ومدافع في الموقع. كذلك، يمكن رؤية عدد كبير من البراميل الفارغة ومتفجرات مرصوصة في مكان أبعد.

مقاتل يتبع الإدارة السورية الجديدة يطلق النار باتجاه صورة لبشار الأسد ووالده داخل قاعدة للحرس الجمهوري في دمشق (أ.ف.ب)

وأكد محمد أبو سليم أن «النظام سابقاً كان يستخدم هذه البراميل ليقصف بها المدنيين في الشمال السوري».

وندّدت الأمم المتحدة باستخدام سلاح الجو، زمن حكم بشار الأسد، البراميل المتفجرة ضد مناطق مدنية كان يسيطر عليها خصومه خلال الحرب الأهلية.