الجزائر: «حوار الرئيس» مع الطبقة السياسية سيبحث قانونَي الأحزاب والبلدية

تبون يعرض الأحد حصاد 2024 وخطة العام الجديد على البرلمان

جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)
جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)
TT

الجزائر: «حوار الرئيس» مع الطبقة السياسية سيبحث قانونَي الأحزاب والبلدية

جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)
جولة حوار الرئاسة مع الأحزاب في 21 مايو 2024 (الرئاسة)

بينما أكد رئيس حزب جزائري مؤيد لسياسات الحكومة أن «الحوار السياسي مع الأحزاب»، الذي تعهدت به رئاسة الجمهورية، «سيبدأ في الأيام المقبلة»، جمع الرئيس عبد المجيد تبون، صباح الأحد، غرفتَي البرلمان ليلقي على أعضائهما «الخطاب السنوي الموجه للأمة»، ويعرض فيه حصيلة أعمال العام الماضي، ومشروعاته للعام الجديد.

وأبلغ عضو البرلمان ورئيس حزب «صوت الشعب»، الأمين عصماني، قياديي حزبه في اجتماع بهم، مساء السبت، بأن تبون «سيلتقي قريباً قادة الأحزاب السياسية، ذات التمثيل والفاعلية على الساحة»، من دون تحديد الأحزاب المعنية بـ«لقاء الرئيس».

تبون مع وزيره الأول (على يمينه) ومدير الديوان بالرئاسة قبل انطلاق جولة الحوار السابقة (الرئاسة)

وأكد عصماني، وفق صحافيين حضروا الاجتماع، أن تبون «يعتزم عقد لقاءات فردية مع رؤساء الأحزاب السياسية، في مقر رئاسة الجمهورية، وسيباشر هذه العملية خلال الأيام القليلة المقبلة»، لافتاً إلى أن تبون «تعهد بإطلاق حوار وطني، وهو يعمل حالياً على وضع الآليات اللازمة لتحقيق هذا الهدف... نحن في مرحلة الانتقال الدستوري»، ويقصد بذلك أن تبون بصدد وضع هيئات ومؤسسات نصَّت عليها وثيقة الدستور، في نسختها الجديدة التي صدرت في 2020 عن طريق الاستفتاء الشعبي.

وستتناول لقاءات الرئيس مع الأحزاب، وفقاً لما أفاد به عصماني، مناقشة قانون جديد يخص الأحزاب السياسية، ومشروع القانون الجديد المتعلق بالبلدية والولاية، الذي سلَّمته الحكومة للأحزاب والبرلمانيين، منذ أسبوعين، لإبداء الرأي وتقديم مقترحات بشأنه.

وتم تشكيل «مجموعات عمل» و«لجان»، بـ«المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) و«مجلس الأمة» (الغرفة الثانية)، وفي الأحزاب التي تملك تمثيلاً في المجالس المنتخبة؛ لبحث النص الجديد المتعلق بالجماعات المحلية، الذي يُرتقب أن يعطي صلاحيات واسعة لرئيس البلدية، ويقلل من «هيمنة» الوالي (المحافظ)، بوصفه ممثلاً للحكومة، على تسيير الشأن المحلي.

مقابلة صحافية في أكتوبر 2024 أعلن فيها تبون جولة جديدة من الحوار السياسي (الشرق الأوسط)

وتم تكليف هذه المجموعات بصياغة اقتراحات وملاحظات، تهدف إلى إثراء هذا النص بالتحديد، في انتظار أن تكشف السلطة التنفيذية عن مشروع قانون الأحزاب السياسية الجديد، أو على الأقل خطوطه العريضة، خلال لقاء الرئيس المنتظر مع الأحزاب.

وأعلنت الأحزاب الموالية للرئيس: «جبهة التحرير الوطني» و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«حركة البناء الوطني»، و«صوت الشعب»، في وقت سابق، إطلاق «لجان» لـ«إثراء مشروع قانون البلدية والولاية»، على أن تقدم اقتراحاتها بهذا الخصوص، الشهر المقبل. كما أعلن الحزب المعارض «جبهة القوى الاشتراكية»، أنه مهتم بعرض أفكار حول المشروع الذي توليه الحكومة أهمية كبيرة.

رئيس حزب «حركة البناء الوطني» خلال جولة الحوار السابقة (الرئاسة)

ويرجح أن تكون هذه الأحزاب، من ضمن المشاركين في «حوار الرئيس» المنتظر، زيادة على «حزب العمال» المعارض، في حين ستغيب المعارضة الراديكالية، ممثلة في «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، عن الحدث، مثلما غابت عن جولة الحوار التي نظَّمتها الرئاسة في 21 مايو (أيار) الماضي، وبحثت «رئاسية» السابع من سبتمبر (أيلول) 2024.

وصرَّح الرئيس تبون، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بأن جولة «الحوار الوطني» الجديدة، ستتم في أواخر 2025 أو بداية 2026. وصدرت الأسبوع الماضي دعوات حزبيه لتقديم الحوار، وجرى ربط ذلك بالأحداث التي عاشتها سوريا مع انهيار نظام بشار الأسد، علماً بأن الخطاب الحكومي يرفض بشدة أن يُرمى بـ«التضييق على الحريات»، أو أن يوصف بأنه «ديكتاتوري».


مقالات ذات صلة

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

يبحث وفد من الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين جزائريين، مطلع العام الجديد، «أزمة اتفاق الشراكة»، بغرض حل «تعقيدات إدارية» تواجه صادرات دول الاتحاد إلى الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

وزير خارجية الجزائر: نتعامل مع الدول وليس الحكومات

شدد على «وحدة التراب السوري وضرورة شمول الحل لجميع السوريين دون إقصاء، وإشراف الأمم المتحدة على أي حوار سياسي للحفاظ على مستقبل سوريا».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون أثناء خطابه أمام أعضاء البرلمان (الرئاسة)

الجزائر: تصعيد غير مسبوق واتهامات خطيرة لباريس

حملَ خطاب تبون دلالات على تدهور كبير في العلاقات الجزائرية - الفرنسية، تجاوز التوترات والخلافات الظرفية التي كانت سمتها الغالبة منذ استقلال الجزائر عام 1962.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري (وكالة الأنباء الجزائرية)

تبون للفرنسيين: اعترفوا بجرائمكم في الجزائر إن كنتم صادقين

شنّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون هجوماً شديد اللهجة على فرنسا وتاريخها الاستعماري في بلاده، وخاطب قادتها قائلاً: «اعترفوا بجرائمكم إن كنتم صادقين».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا تبون خلال إلقائه كلمته أمام البرلمان (وكالة الأنباء الجزائرية)

تبون للفرنسيين: اعترِفوا بجرائمكم في الجزائر إذا كنتم صادقين

«لقد تركوا لنا الأمراض. كانوا يريدون الانضمام إلى نادي الدول التي تمتلك القنبلة الذرية على حسابنا. تعالوا نظفوا ما تركتموه. لسنا بحاجة إلى أموالكم...».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع»

شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

توسع أحكام الإعدام في السودان بمزاعم التعاون مع «الدعم السريع»

شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
شاحنة تحمل مسلحين تابعين للجيش السوداني في أحد شوارع مدينة القضارف (شرق) في نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت هيئة حقوقية سودانية إن الأجهزة الأمنية المُوالية للحكومة في العاصمة المؤقتة بورتسودان، احتجزت أخيراً، 5 نساء تعسفياً، بمزاعم التعاون مع قوات «الدعم السريع»، مِن بينهن محامية، مشيرة إلى امتلاء المعتقلات والسجون بأعداد كبيرة من السجناء والسجينات بالتهم نفسها.

وأفادت عضو المكتب التنفيذي لهيئة «محامو الطوارئ»، رحاب مبارك، بأن الخلية الأمنية بمدينة الدمازين، عاصمة ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي البلاد، ألقت القبض على النساء، يوم الاثنين الماضي؛ لأسباب «جهوية وعرقية بحتة». وقالت، لــ«الشرق الأوسط»، إن النساء معتقلات في «وضع سيئ جداً ويمارَس بحقِّهن الابتزاز والتهديد بالسجن لفترة لا تقل عن 10 سنوات؛ لإجبارهن على الاعتراف قسراً بتعاونهن مع قوات (الدعم السريع)».

وأضافت أن الجيش السوداني ظل يرفض كثيراً من طلبات اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة المعتقلات، علماً بأن غالبيتهن أمهات لا يجري السماح بزيارتهن. ولم يتسنَّ الحصول على تعليق من المتحدث باسم الجيش حول هذه الاتهامات.

تجدد الاشتباكات بين قوات «الدعم السريع» والجيش أجبرت آلاف السودانيين على الفرار من مساكنهم (أ.ف.ب)

وعدَّت القانونية ما يحدث للنساء في مدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق وغيرها من مناطق السودان، أنه «يدخل ضمن الجرائم ضد الإنسانية ترتكبها الاستخبارات العسكرية والخلية الأمنية التابعة للجيش، وفقاً لتصنيفات عرقية». وقالت رحاب مبارك إن المعتقلين بمزاعم التعامل مع «الدعم السريع» يتجاوز عددهم المئات، حيث تصدر يومياً في محاكم الطوارئ والمحاكم الجنائية بمختلف ولايات البلاد أحكام بالإعدام والسجن المؤبد أو السجن لفترة تتراوح بين 6 و10 سنوات.

محاكمات سياسية

وأكدت مبارك أن هذه الأحكام، التي صدرت بحق المئات من المواطنين السودانيين، «محاكمات سياسية» لا يتوفر فيها أدنى مقومات الشفافية والعدالة بحقِّ مَن يجري اعتقالهم بهذه التهم.

وألقت السلطات الأمنية القبض على المئات من السودانيين في المناطق التي استردّتها من قوات «الدعم السريع»، ووجَّهت لهم تُهماً تحت مواد من القانون الجنائي تتعلق بالتعاون مع «منظومة إرهابية».

ويواجه الجيش السوداني والميليشيات التي تُقاتل في صفوفه اتهامات بارتكاب أعمال قتل خارج نطاق القانون، وانتهاكات واسعة ضد المدنيين العُزل في مناطق النزاع.

ورصدت هيئات حقوقية مستقلة، خلال الأشهر القليلة الماضية، توسع السلطات السودانية في إصدار أحكام الإعدام شنقاً حتى الموت ضد عشرات من الرجال والنساء؛ لإدانتهم، بموجب المواد 50 و51 و65 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991، المتعلقة بإثارة الحرب ضد الدولة، والمشاركة مع قوات «الدعم السريع» في ارتكاب جرائم جنائية ضد المدنيين.

وقال قاضي درجة أولى، لــ«الشرق الأوسط»، إن «أغلب الأحكام يتأسس على بلاغات بالتعاون أو التخابر، أو شخص جرى تجنيده من قِبل (الدعم السريع)، بالإضافة إلى الأشخاص الذين تثبت عليهم تُهم الاشتراك في أعمال العنف أو النهب، مثلما حدث في كثير من مناطق النزاعات».

وأضاف القاضي، الذي طلب حجب هويته، أن كثيراً من هذه الأحكام تسقط في درجات الاستئناف، وقد لا تجد التأييد في المحاكم العليا. وأوضح أنه إذا لم تثبت للنيابة بيِّنة لانخراط المتهم في موجبات الاتهام فوق مرحلة الشك المعقول لنشاطه مع قوات «الدعم السريع»، يُخلى سبيل المتهم دون محاكمة. وقال القاضي إن أغلب البلاغات والأحكام، التي صدرت ضد الأشخاص بالتعاون مع «الدعم السريع»، سُجّلت في ولايات البحر الأحمر ونهر النيل والولايات الشمالية.

القضاء الحالي غير معتمد

بدوره قال قانوني وخبير في حقوق الإنسان إن العقوبات الصادرة من القضاء الحالي لا يُعتدّ بها قانوناً؛ لكونها تتلقى الأوامر من الأجهزة الرسمية والحكومية. وأضاف القانوني، الذي فضل عدم ذكر اسمه لوجوده داخل البلاد، «أن هذه الأحكام ذات طابع سياسي، وأصبحت من أدوات الحرب، وطالت كثيراً من الأبرياء». وأشار إلى أنه منذ اندلاع الحرب، درجت السلطات الأمنية، التابعة للجيش السوداني، على القبض بالاشتباه على الفارّين من العاصمة الخرطوم وغيرها من الولايات، مما عرّض كثيراً من الأشخاص للاعتقال والتعذيب دون وجه حق.

وقال إن الغرض من هذه الأحكام مخاطبة الخارج بالانتهاكات التي ترتكبها قوات «الدعم السريع»، لتحقيق مكاسب سياسية، وليس لها أي علاقة بالقانون والعدالة. وأشار، في هذا الصدد، إلى البلاغات «الكيدية ذات الطابع السياسي»، التي سبق أن دوَّنتها النيابة العامة في مواجهة قادة «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)»، التحالف السياسي الأكبر في البلاد، وخاطبت الإنتربول الدولي بالقبض عليهم.

وأصدر قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، في مطلع أغسطس (آب) من العام الماضي، قراراً بتشكيل لجنة لجرائم الحرب وانتهاكات «الدعم السريع» برئاسة النائب العام، وعضوية ممثلين عن القوات المسلحة، والمخابرات العامة، والداخلية، والشرطة، ومفوضية حقوق الإنسان، ووزارتي العدل والخارجية.